المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضائـــــح أحداث أميركا الأخيـــــــرة


blue
24 / 09 / 2001, 08 : 01 AM
قرأت الكثير من التحقيقات والتحليلات التي نشرت خلال اليومين الماضيين
>>عن خلفيات وآثار ما حدث أمس في الولايات المتحدة. غير أن المقال الذي
>>كتبه روبرت فيسك ونشر في جريدة الاندبندنت الصادرة أمس الأربعاء كان
>>مختلفا، إذ اتسم تحليل الصحافي البريطاني، كالعادة، بالصراحة والعمق
>>والمباشرة وبقدر كبير من الإنصاف والحياد والتجرد.
>>
>>
>>
>>هنا ترجمة للمقال بتصرّف يسير:
>>
>>
>>
>>
>>
>>إذن فقد وصلت الأمور إلى هذا الحد! التاريخ الحديث للشرق الأوسط بما
>>في ذلك سقوط الدولة العثمانية ووعد بلفور وأكاذيب لورنس العرب والثورة
>>العربية وإنشاء دولة إسرائيل، كل هذا تم مسحه في غضون ساعات عندما قام
>>أناس يزعمون انهم يمثلون أمة مسحوقة ومهانة بمثل ذلك الهجوم القاسي
>>والشرير!.
>>
>>
>>
>> هل من الإنصاف والأخلاقية أن اكتب مثل هذا الكلام الآن ودون أن
>>يتوفر بعد أي إثبات، خاصة وان آخر عمل بربري تم ارتكابه في أمريكا –
>>انفجار اوكلاهوما تبين انه من فعل الإرهاب المحلي الأمريكي؟! أخشى أن
>>أقول نعم! فأمريكا اليوم في حالة حرب وما لم اكن مخطئا فإن عدة آلاف
>>أخرى من البشر هم الآن على قوائم الموت في الشرق الأوسط وربما في
>>أمريكا أيضا! لقد سبق وان حذر بعضنا من انفجار قادم ولكن لم نحلم أبدا
>>بمثل هذا الكابوس!.
>>
>>
>>
>> واليوم بالذات يبرز شبح ابن لادن في الأذهان، أمواله وأفكاره
>>الدينية والتزامه المخيف بتدمير القوة الأمريكية. لقد جلست أمام ابن
>>لادن ووصف لي كيف أن رجاله ساعدوا في تدمير الجيش الروسي في أفغانستان
>>ومن ثم الاتحاد السوفيتي نفسه. لقد سمحت لهم ثقتهم اللامتناهية بأن
>>يعلنوا الحرب على أمريكا. لكن هذه ليست حرب الديمقراطية ضد الإرهاب
>>التي سُيطلب من العالم أن يؤمن بها في الأيام القليلة القادمة. إنها
>>تعني فيما تعنيه أيضا الصواريخ الأمريكية التي تدمر بيوت الفلسطينيين
>>وطائرات الهيلوكوبتر الأمريكية التي أطلقت الصواريخ على سيارة إسعاف
>>لبنانية سنة 1996 م والقذائف الأمريكية التي هشمت قرية تدعى قانا، وهي
>>تعني كذلك الميليشيا اللبنانية التي رعتها ومولتها إسرائيل الدولة
>>الحليفة لأمريكا والتي مارست أعمال القتل والاغتصاب والتدمير في
>>مخيمات اللاجئين في بيروت.
>>
>>
>>
>> ليس ثمة شك في أن ما حدث في أمريكا يوم أمس عمل شرير بما يجل عن
>>الوصف. وكون أن الفلسطينيين احتفلوا أمس بالمذبحة التي قد تسفر في
>>النهاية عن مقتل 20000 وربما 35000 شخص برئ فإن ذلك لا يرمز فقط لحالة
>>اليأس التي وصلوا إليها وانما يدل أيضا على عدم نضجهم السياسي
>>واندفاعهم لارتكاب ما كانوا يتهمون به الإسرائيليين على الدوام:
>>التصرف من خلال ردود الفعل المفرطة وغير التمييزية!.
>>
>>
>>
>> سنوات طوال من الشعارات الخطابية والوعود بالضرب في قلب أمريكا وقطع
>>عنق "الحية الأمريكية" كنا نتعامل معها باعتبارها تهديدات جوفاء،
>>ولطالما كنا نتساءل كيف أن بمقدور عدد من الأنظمة المتخلفة
>>والاستبدادية والمحافظة وبضع جماعات ومنظمات تتبنى العنف أن تنفذ مثل
>>تلك التهديدات الكبيرة؟ الآن أصبحنا نعرف الإجابة.
>>
>>
>>
>>وفي الساعات التي أعقبت عملية الإبادة الرهيبة التي حدثت بالأمس بدأتُ
>>أتذكر تلك الهجمات غير العادية على أمريكا وحلفائها، وهي الآن صورة
>>مصغرة، مقارنة بما شاهدناه بالأمس من ضحايا ودمار. وتذكرت كيف أن
>>الانتحاريين الذين قتلوا 241 جنديا أمريكيا و100 جندي فرنسي في بيروت
>>في أكتوبر 1983 م وقّتوا الهجومين بدقة وتنظيم يصعب تصديقهما. إذ لم
>>يكن يفصل بين حادثة مقتل المارينز وتفجير مقر القوة الفرنسية الواقع
>>على بعد ثلاثة أميال من الأول سوى سبع ثوان فقط. ثم كان هناك الهجوم
>>على الجنود الأمريكيين في السعودية والهجوم على البارجة كول في مياه
>>خليج عدن. وكم كان فشلنا ذريعا في التعرف على السلاح الجديد في الشرق
>>الأوسط والذي لا يعادله، قوة وفتكا، أي سلاح أمريكي أو غربي: المقاتل
>>الانتحاري المدفوع باليأس والإحباط!.
>>
>>
>>
>> واليوم سيكون هناك حتما العديد من المحاولات المتكررة وغير
>>الأخلاقية لحجب الأخطاء التاريخية والمظالم التي تكمن خلف عاصفة النار
>>التي اجتاحت الولايات المتحدة أمس! وسيحدثوننا عن " الإرهاب المجنون "
>>وكلمة المجنون هنا ضرورية طالما انه لا يراد لنا أن ندرك قدر الكراهية
>>التي اصبح ُينظر بها إلى أمريكا في الأرض التي شهدت ميلاد الأديان
>>الثلاثة الكبرى في العالم.
>>
>>
>>
>>إسأل أي عربي عن رد فعله على مقتل 20000 إلى 30000 ضحية بريئة وسيكون
>>رده رد أي إنسان مهذب وسيقول إن ما حدث كان جريمة بشعة! لكن العرب
>>سيسألونك عن السبب الذي يدفعنا نحن الغربيين إلى عدم استخدام نفس
>>الكلمات عن العقوبات التي دمرت حياة حوالي نصف مليون طفل في العراق،
>>ولماذا لم نغضب على مقتل حوالي 17500 مدني أثناء غزو إسرائيل للبنان
>>سنة 1972 م، وعن أسباب اشتعال النار في الشرق الأوسط في سبتمبر
>>الماضي: احتلال إسرائيل لأراضي العرب وتهجير الفلسطينيين وقصف بيوتهم
>>بالطائرات وعمليات الإعدام التي ترعاها الدولة الإسرائيلية! كل هذه
>>العوامل والأسباب يتعين حجبها والتغطية عليها خوفا من أن توضع في سياق
>>المقارنة، ولو جزئيا، مع ما حدث بالأمس من قتل وتدمير جماعي في
>>أمريكا!!.
>>
>>
>>
>> إن أحداث التاريخ وآثاره البعيدة والقريبة ونصيبنا – نحن الغربيين -
>>في تحمّل الكثير من تبعاتها لا بد وأنها كانت ملقية بظلالها على ما
>>حدث أمس في الولايات المتحدة. لقد موّلت أمريكا حروب إسرائيل على مر
>>سنوات طوال وكانت تعتقد أن مواقفها تلك ستكون بلا ثمن! وطبعا تريد
>>أمريكا الآن أن ترد بعنف على " الإرهاب الدولي ". ولكن من يستطيع أن
>>يشير بإصبع الاتهام اليوم إلى الأمريكيين على طريقة استخدامهم لمصطلح
>>الإرهاب بطريقة تحمل مضامين احتقارية وأحيانا عنصرية؟!!.
>>
>>
>>
>> منذ ثمان سنوات ساعدتُ في إعداد فيلم وثائقي حاول أن يجيب على هذا
>>السؤال: ما الذي يدفع الكثير من المسلمين لكراهية الغرب؟ وليلة أمس
>>تذكرت بعض المسلمين الذين ظهروا في البرنامج، وتذكرت أفراد عائلاتهم
>>الذين احترقوا بالقنابل والأسلحة ذات الصنع الأمريكي. لقد تحدثوا في
>>البرنامج وقالوا أن لا أحد مد لهم يد المساعدة إلا الله. الدين في
>>مقابل التكنولوجيا، والمحارب الانتحاري مقابل القنبلة النووية. واليوم
>>عرفنا ماذا يعني ذلك!
>>
>>(روبرت فيسك، الاندبندنت، 12 سبتمبر 2001 م)
>>
>>