المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العاين والحاسد!!


بريـق الماس
07 / 05 / 2001, 56 : 12 PM
العاين والحاسد

قال تعالى:( وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر)(1)

قال ابن القيم الجوزية:(قال غير واحد من المفسرين أن المراد الإصابة بالعين والعاين والحاسد يشتركان في ويفترقان في شيء فيشتركان في أن كل واحد منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو من يريد أذاه ،فالعاين تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته ؛والحاسد يحصل له ذلك عند غيب المحسود وحضوره أيضاً(2)

(قال القرطبي :قوله تعالى (ليزلقونك

أي يعتانونك فأخبر الله تعالى بشدة عداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وأرادوا أن يصيبوه بالعين فنظر إليه قوم من قريش وقالوا : ما رأينا مثله ولا مثل حجته .

وقيل :كانت العين في بني أسعد ،حتى أن البقرة السمينة أو الناقة السمينة تمر بأحدهم فيعاينها ثم يقول : يا جارية ،خذي المكتل والدرهم فأتينا بلحم هذه الناقة فما تبرح حتى تقع للموت فتنحر.

وقال الكلبي:كان رجل من العرب يمكث لا يأكل شيئاً يومين أو ثلاثة ثم يرفع جانب الخباء فتمر به الإبل أو الغنم فيقول لم أرى كاليوم إبلاً ولاغنماً أحسن من هذه فما تذهب إلا قيلاً حتى تسقط منها طائفةهالكة فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعين فأجابهم ،فلما مرُ النبي صلى الله عليه وسلم أنشد

قد كان قومك يحسبونك سيداً وأخال أنــك سيدٌ مـعيون

فعصم الله نبيه صلى الله عليه وسلم ونزلت الآية (3)

قال سيد قطب : يرسم الله تعالى مشهداً للكافرين وهم يتلقون الدعوة من الرسول صلى الله عليه وسلم في غيظ عنيف وحسد عميق ينسكب في نظرات مسمومة قاتله يوجهونها إليه ويصفها القرآن بما لا مزيد عليه .

فهذه النظرات تكاد تؤثر في أقدام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتجعلها تزل وتزلق وتفقد توازنها على الأرض وثباتها مصحوبة هذه النظرات المسمومة المحمومة بالسب القبيح ،والشتم البذيء ،والافتراء الذميم.

وهو مشهد تلتقطه الريشة المبدعة وتسجله من مشاهد الدعوة العامة في مكة ؛فهو لا يكون إلا في حلقة عامة بين كبار المعاندين المجرمين الذين ينبعث من قلوبهم وفي نظراتهم كل هذا الحقد الذميم المحموم(4)

قال عبد الرزاق بن معمر عن هشام بن فقيه قال :هذا ما حدثنا أبو هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(العين حق(5)

وروى سفيان عن عمرو بن دينار عن عروة عن عامر عن عبيد بن رفاعة أن أسماء بنت عميس قالت يا رسول الله إن ابني جعفر تصيبهم العين أفسترقي لهم قال:(نعم ،فلو كان شيء يسبق القضاء لسبقته العين(6)

والمقصود أن العائن حاسد خاص ،وهو أضر من الحاسد ولهذا والله أعلم إنما جاء في السورة ذكر الحاسد دون العائن لأنه أعم ،فكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائناً ، فإذا استعاذ من شر الحسد دخل فيه العين ، وهذا من شمول القرآن الكريم وإعجاز ه وبلاغته وأصل الحسد هو بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها .

: ويندفع شر الحسد عن المحسود بعشرة أسباب

1)التعوذ بالله تعالى من شره واللجؤ والتحصن به واللجوء إليه


2)تقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه فمن اتقى الله تولى الله حفظه


3)الصبر على عدوه وأن لا يقاتله ولا يشكوه ولا يحدُث نفسه بأذاه أصلاً فما نصر على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه والتوكل على الله .


4)التوكل على الله


5)فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه وأن يقصد أن يمحوه من باله كلما خطر له فلا يلتفت إليه ولا يخافه


6)الإقبال على الله والإخلاص له وجعل محبته وترضيه والإنابة إليه في محل خواطر نفسه وأمانيها تدب فيها دبيب تلك الخواطر شيئاً فشيئاً حتى يقهرها ويغمرها ويذهبها بالكلية فتبغي خواطره وهواجسه وأمانيه كلها في محاب الله والتقرب إليه

تجديد التوبة إلى الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه فإن الله تعالى يقول

7)( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم


8)الصدق والإحسان ما أمكنه فإن لذلك تأثيراً عجيبا في دفع البلاء ودفع العين وشر الحاسد

9)إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه فكلما ازداد أذى وشراً وبغياً و حسداً ازدادت إليه إحساناً وله نصيحة وعليه شفقة


10)وهو الجامع لذلك كله وعليه مدار هذه الأسباب وهو تجديد التوحيد والترحل بالفكر في الأسباب إلى المسبب العزيز الحكيم



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1)سورة القلم أية (51


2)بدائع الفوائد ج2 ص197 .


3)(الجامع لأحكام القرآن ( القرطبي)ج18 ص(254-255


4)في ضلال القرآن (سيد قطب)ج6 ص3671


5)(رواه البخاري ج10ص173 ،ومسلم حديث رقم (2187


6)( رواه الترمذي حديث رقم (2059) وأحمد (6/438)وابن ماجه (3510

7)(سورة الشورى آية(30

8)(بدائع الفوائد ج2ص(203-209


منقول من موقع أتمنى أن تعم الفائدة
......................

شيء في قلبي يحترق إذيمضي الوقت ونفترق ونمد الأيدي يجمعها

حب وتفرقها طرق...

[معدل بواسطة بريق الماس بتاريخ 07-05-2001 عند 12:08 PM]

مجدولين
07 / 05 / 2001, 45 : 03 PM
يقول الله تعالى:

} وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين {



يقول ابن كثير : قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما "ليزلقونك" لينفذونك "بأبصارهم" أي يعينونك بأبصارهم بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم . وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة.



ويقول سبحانه تعالى : } وَدّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الْحَقّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتّىَ يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { [البقرة :109] ويقول تعالى:}أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلَىَ مَآ آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مّلْكاً عَظِيماً{[النساء:54] ، ويقول تعالى : }وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ{ .



تعريف الحسد :
يقول ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد اصل الحسد : هو بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها أ.هـ.



ويذكر العلماء أن مراتب الحسد أربعة وهي :

الاولى : تمني زوال النعمة عن المنعم عليه ولو لم تنتقل للحاسد.

مُـداراته عَزت، وعَز مَنَالُها
داريت كُل الناسِ لكن حاسدي

إذا كـان لا يُرضيه إلا زوالها
وكيفَ يداري المرءُ حاسدَ نعمةٍ


الثانية : تمني زوال النعمة عن المنعم عليه وحصوله عليها .

الثالثة : تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه حتى لا يحصل التفاوت بينهما ، فإذا لم يستطع حصوله عليها تمنى زوالها عن المنعم عليه.

الرابعة : حسد الغبطة ويسمى حسداً مجازاً وهو تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه من غير أن تزول عنه . روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ لا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ وَرَجلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ فَقَالَ رَجُلٌ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمل .


تعريف العين:
يقول ابن القيم في الزاد " هي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطيه تارة " .

ويقول في كتابه بدائع الفوائد : العائن والحاسد يشتركان في شيء ويفترقان في شيء ، فيشتركان في أن كل واحد منها تتكيف نفسه ، وتتوجه نحو من يريد أذاه.

فالعائن : تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته .

والحاسد : يحصل له ذلك عند غيبة المحسود وحضوره أيضا .

ويفترقان في أن العائن قد يصيب من لا يحسده ، من جماد أو حيوان أو زرع أو مال وإن كان لا يكاد ينفك من حسد صاحبه أ.هـ.

ويقول في كتابه الزاد الجزء الثالث : ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية بل قد يكون العائن أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره ، وكثير من العائنين يؤثرون في المعين بالوصف من غير رؤية أ.هـ.

شيطان العين
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e الْعَيْنُ حَقٌّ وَيَحْضُرُ بِهَا الشَّيْطَانُ وَحَسَدُ ابْنِ آدَمَ . حديث ضعيف رواه أحمد في مسنده



يقول ابن القيم في كتابه بدائع الفوئد الجزء الأول : والشيطان يقارن الساحر والحاسد، ويحادثهما ويصاحبهما ، ولكن الحاسد تعينه الشياطين بلا استدعاء منه للشياطين ، لأن الحاسد شبيه بإبليس ، وهو في الحقيقة من أتباعه . لأنه يطلب ما يحبه الشيطان من فساد الناس وزوال نعمة الله عنهم أ.هـ.



فالإنسان الحاسد العائن الحاقد يكون مصحوبا بالشياطين ، إذ يجدونه بغيتهم وضالتهم ومن خلاله يتسلطون على المحسودين ، فهم عند خروج اسهم الحسد من العائن يرونها فيقترنون بها ويدخلون في بدن المعيون من خلالها ويتسلطون على جسد المحسود بما تطلبته عين الحاسد ، لأن العين في هذه الحالة تكون لشيطان الحسد كالسحر لشيطان السحر ، ويكون الشيطان مربوطا بهذه العين ولا يمكن إخراجه إلا بعد أن تنفك العين عن المعيون بالرقية أو بالاغتسال من أثر المعيون ، وهذا لا يعني أن جميع حالات الحسد تكون مصحوبة بشيطان ولكن في بعض الحالات . ومن الملاحظ والمعلوم بالتجربة أن العين المعجبة قليلا ما تكون مصحوبة بالمس أما العين الحاسدة والسمية كثيراً ما تكون مصحوبة بالمس والله أعلم .