المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هـل أمـريكا تـنفـذ إستراتيجـية بن لادن بالحرف الواحـد !!!


الخالد
09 / 10 / 2001, 32 : 10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

"أقسم بالله العظيم رافع السماوات بغير عمد لن تحلم أمريكا ولا من يعيش في أمريكا بالأمن قبل أن نعيشه واقعا في فلسطين وقبل أن تخرج الجيوش الكافرة من أرض محمد صلى الله عليه وسلم." لم تبق لغة مشهورة في العالم إلا ترجمت لها هذه العبارة، ولم يكد يبقى شخص في العالم إلا سمعها بلغته، لكن الوقع الأكبر لهذه العبارة كان على فريقين من الناس أصاب فيهم وترا حساسا جدا. الفريق الأول هم الأمريكان الذين جربوا بن لادن دون أن يقسم ورأوا ماذا عمل دون تعهد، فكيف وقد أقسم بالله العظيم؟ لقد كان الحلم الأمريكي رمزا للنجاح في الحياة الدنيا ببيت نظيف وسيارة فارهة وحياة مريحة ووظيفة مرموقة، وحلم ببلد مستقر متماسك آمن. والأمريكي يعرف أن شخصيته وهويته جديدة على التاريخ وأنه لم يحقق حلمه بعد حتى يطول المدى بأمريكا وأهلها لأجل أن تصل لذلك. هذا ما تعارف الناس من أمريكان وغيرهم بتسميته الحلم الأمريكي أو الأمل الوطني لكل أمريكي أو مهاجر لأمريكا وهو مبني على معطيات دنيوية ترفيهية لا على معطيات روحية أو أجر وثواب وجنة بعد الممات. كيف لهذا الأمريكي وهو يعيش بمفهوم الحلم الدنيوي أن يواجه شخصا أو جماعة تبحث عن الموت مثلما يبحث هو عن الحلم الأمريكي؟ لقد وقعت هذه العبارة وقع الصاعقة على الجمهور الأمريكي وستصبح كابوسا مخيفا يحاصرهم في صحوتهم ومنامهم. ولقد عبر الكثير منهم فعلا عن هذا الشعور بما يعني أن هناك رعب حقيقي من هذه العبارة.

أما الفريق الثاني فهم المسلمون وخاصة العرب من المسلمين الذين عاشوا عقودا تحت كنف حكام يتسابقون في النذالة والعمالة والخيانة، ورأى هؤلاء بن لادن وهو يقسم بهذه العبارة بطريقة كلها عزة وثقة بالنفس وتعال على الأمريكان وشعور بأنه هو الطرف القوي المتمكن.
هؤلاء وقعت منهم كلمة بن لادن موقعا عظيما حتى قال بعضهم إنه يفتخر لأول مرة بأنه مسلم بعد أن انتقل إليه الإحساس بالثقة بالنفس والقناعة بالنصر والتمكين والشعور بعظمة الإسلام وتفاهة أمريكا كما يقول الكثير منهم. ويصف البعض ما حصل بأنه أعظم هزة في شعور للمسلمين بهويتهم منذ سقوط الخلافة الإسلامية. ويبدو أن توقيت إعلان كلمة بن لادن المسجلة وطريقة عرضها كانت مدروسة من أجل أن تعطي أكبر تأثير نفسي ممكن

أن أمريكا تنفذ بالحرف استراتيجية بن لادن ونقول الآن إن بداية الضربة العسكرية الأمريكية ليست إلااستمرارا في تنفيذ استراتيجية بن لادن من قبل الامريكان. ولعل أشد ما كان سيحزن بن لادن أن تعدل أمريكا عن قرار القتال وتقرر تناول القضية تناولا سياسيا ودبلوماسيا. لكن مراد بن لادن تحقق وبالحرف، حيث قررت أمريكا المواجهة بطريقة عالية الصيت وجيشت الجيوش وجمعت الأحلاف لأجل ذلك. وبقدر ما تريد أمريكا أن يفهم الناس أن هذا التجييش عبارة عن حلف ضد الإرهاب فإن العالم الإسلامي وخاصة العالم العربي وباكستان سيرى ذلك اجتماعا لكل قوى الكفر والنفاق ضد رجل واحد. ويبدو أن الأمريكان يحاولون أن يتناسون أن أمريكا ودول حلف شمال الأطلسي وروسيا والصين واستراليا والدول العربية وغيرها من الدول كلها تعاونت من أجل محاربة رجل واحد هو بن لادن. فإذا كانت أقوى دولة في العالم تحشد كل هذه الجيوش والقوى العالمية لحرب رجل واحد فما هو يا ترى سر هذا الرجل الذي يستطيع أن يحارب العالم؟ وما دام هذا الرجل محاربا من العالم التابع لأمريكا فما هي رسالة هذا الرجل إذن وماذا يريد؟ ثم إذا كانت أمريكا بكل قدراتها السياسية والعسكرية والاستخباراتية والمالية غير قادرة على حربه لوحدها، أفلا يكون هذا دليلا على اعتراف منها أن الرجل أقوى منها وأنها بحاجة للاستعانة بكل دول العالم الكبرى من أجل محاربته؟ وإذا كانت أمريكا تدرك أهمية ترميز الشخص عند المسلمين الذين يعانون من نقص في الأبطال فلماذا تصر على حشد العالم كله ضده لولا أنها فعلا محتاجة لهذا الحشد؟ بمعنى أن أمريكا حين تحشد هذه الأحلاف فهي بالضرورة تعترف حقيقة أن الرجل أقوى منها. فهل هناك شك أن بن لادن هو الكاسب لحد الآن؟

حرص بن لادن أن لا يبث الفيديو الذي بث أمس إلا بعد الضربة دليل آخر على أنه لايزال يملك المبادرة ويترك للخصم رد الفعل. وإذا صحت نسبة انفجاري نيروبي ودار السلام لابن لادن وأحداث 11 سبتمبر له كذلك فإن هذا دليل على أنه هو الذي يبادر ويترك لخصمه رد الفعل. وهذا الفيديو الأخير مبادرة لا توازيها ولا كل المؤتمرات الصحفية لبوش وأعضاء حكومته. ولعل الأمريكان الآن يضربون أخماسا بأسداس في تفسير معنى القسم الذي أطلقه بن لادن. لكن الأمر الأخطر من ذلك هو أن بن لادن ما دام عنده هذه القدرة على المبادرة والتصرف إعلاميا أو عسكريا بالوقت الذي يختاره فماذا يا ترى خبأ بن لادن للمرحلة القادمة في مواجهته مع الأمريكان؟

يتـبع

Mahsoon
12 / 10 / 2001, 40 : 05 AM
مرحباً بالأخ الخـــــــــــــــــــــــــــــــالد




تحليل جميل وبه الكثير من المنطقيه





بإنتظار الحلقه القادمة أخي الكريم




تحياتي

الخالد
16 / 10 / 2001, 23 : 05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الحبيب / Mahsoon


أشـكـرك على تفاعلك مع الموضوع

الجـــزء الثانـي

لم يكن هناك شك أن أمريكا ستضرب فعلا، وما كانت دولة بحجم أمريكا وقناعتها بقوتها وتمكنها وسيطرتها على العالم وغرورها لأن تهدد كل هذا التهديد وتحرك الأساطيل والجيوش وتحزب الأحزاب وتؤلب قارات كاملة ثم يكون كل ذلك مجرد استعراض وتخويف. وعلى نفس القاعدة فإن ضربة أمريكا لن تقف عند ضربات الجو التخويفية بل سيكون حدها الأدنى هو نفس الهدف الذي وعدت به وهو تحطيم القاعدة وبن لادن والقضاء على حكم طالبان. وأمريكا لها حساباتها التي تقيسها حسب تجربتها وقدرتها العسكرية وحسب ما أعدت من عدة وتحالفات وتكنولوجيا ومعلومات ومال وسلطة ونفوذ سياسي وإعلام وتمكن. إذا قيست هذه الحسابات بالمقاييس الأمريكية أو العقلية الغربية أو حتى العقلية العربية التي تشربت بالطريقة الغربية في القياس فإن أمريكا ستنتصر قطعا وتسحق الطالبان والقاعدة. أمريكا لديها الأدوات والإمكانيات التي ترصد بها تحركات ومواقع بن لادن وقيادات الطالبان، ولديها الطائرات والصواريخ والقنابل الذكية التي تخترق الجبال وتستدل على طريقها في الكهوف والأنفاق، ولديها الأسلحة المتطورة للقتال الفردي، ولديها الوحدات الخاصة التي يعد فيها المقاتل الواحد مكافئا لفرقة كاملة. ثم إن أمريكا ليست وحدها فمعها أوربا وحلف شمال الأطلسي ومعها كندا وأستراليا ومعها مجلس الأمن ومعها روسيا والصين ومعها كل الدول المحيطة بأفغانستان بما فيها الباكستان ومعها الدول العربية التي تقمع كل من يتعاطف مع بن لادن، في حلف عالمي عظيم في مواجهة بن لادن، ومعها آخيرا ما يسمى بتحالف الشمال داخل إفغانستان. فإذا كانت كل هذه القوى متضامنة ضد بن لادن فلسان حال الأمريكان ومن معهم من العرب والعجم يقول، من هذا المجنون الذي يعتقد أن بن لادن والطالبان سيصمدون؟ ويستخف الذين يرددون هذا الرأي بمن يدعي أن الأفغان هزموا الاتحاد السوفيتي، ويقولون إن ثبات الأفغان أمام الغزو الروسي لم يكن إلا بدعم أمريكي سعودي عربي باكستاني، وأما الآن فالروس وأمريكا وباكستان والعرب والسعودية كلهم ضد الطالبان وضد بن لادن، فمن ينقذهم من هذا الحصار؟

الطرف المقابل يراهن على عدة أمور منها طبيعة جغرافيا أفغانستان ومنها طبيعة المعركة ومنها تداعيات المعركة في المناطق الأخرى التي ستربك أمريكا، ومنها الاعتقاد بتأييد إلهي. الرهان الأول لابن لادن والطالبان هو على الصعوبة التي ستلاقيها أمريكا في الحرب في بلد جبلي وعر مثل أفغانستان. ومع كثرة الوديان والجبال وبعد استبعاد خيار التدمير الشامل بقنبلة ذرية فإن الأمريكان مضطرون لإنزال بري واسع إذا أريد لمنظمة القاعدة أن تنهار وللطالبان أن يقضى عليهم. ومن المعروف إن أفغانستان من أصعب بلاد العالم من ناحية التضاريس، وقد حُفر في جبالها الآلاف من الكهوف والأنفاق خلال الحرب مع الاتحاد السوفيتي فضلا عن الكهوف الطبيعية.

أعد الأمريكان آلتهم الحربية وخططهم العسكرية للتعامل مع خصم يشبههم من حيث العدة والعتاد والبنية التحتية والحد الأدنى من التركيبة المدنية والعسكرية التي تعتمد على الطرق والجسور وخطوط التموين ومراكز القيادة والمصانع والمصافي والأدوات الإعلامية والثكنات العسكرية والمعسكرات والمطارات. أفغانستان لا يكاد يوجد فيها جسر ولا طريق سليم ولا يوجد فيها أنظمة قيادة أو أتصالات ولا ثكنات عسكرية. كل ما فيها بضع مطارات لا تستخدم ولا نية لأن تستخدم. من جهة أخرى فإن الطالبان لا يعتمدون في تموينهم ولا ترتيبهم العسكري على نظام تموين مركزي ولا يزالون يقاتلون بنظام الوحدات المستقلة التي تتصرف حسب الظروف. أمر آخر يدخل في نفس هذه المسألة هو أن حالة الطالبان والقاعدة الطبيعية هي شظف العيش وقلة الأكل وخشونة الحياة وقلة المواد الغذائية وتحولت طريقتهم في الحياة لما يمكن أن يسمى خطط الطوارئ التي لا تلجأ لها القوات الغربية إلا إذا انقطعت بها السبل، وغالبا لا يستطيع الجندي الغربي أن يعيش مثل هذه الحياة إلا أياما معدودة. إذن بناء على هذا الكلام فإن أي قصف جوي سيكون ذات دور محدود جدا في هذه المعركة وتبقى قيمته قيمة إعلامية وسياسية وليست عسكرية، ومهما عمل الأمريكان فلا مفر لهم من إنزال بري إن أرادوا لأهدافهم المعلنة أن تتحقق.

مما يراهن عليه الطالبان وبن لادن أن الشعوب المسلمة يستحيل أن تبقى صامتة ولا بد أن تتحرك بشكل أو بآخر في مناطق أخرى من العالم الإسلامي مثل المملكة والخليج أو باكستان. وربما يعتقد الطالبان وبن لادن أن استمرار الهجمة العسكرية على أفغانستان والتغطية الإعلامية لها ستتسبب في تهييج كبير للشارع المسلم وربما ثورات أو أعمال عنف ضد الحكام. لكن ربما كان هناك ما هو أخطر من مجرد التعويل على ردود الفعل الطبيعية من قبل الشعوب وهو الاستعداد من قبل منظمة القاعدة لتنفيذ عمليات نوعية كبيرة المستوى. وعلى كل حال فإن كانت القاعدة لديها القدرة على تنفيذ عملية معقدة وكثيرة التفاصيل مثل عملية 11 سبتمبر دون أن يتسرب عنها شيء لأقوى وكالة استخبارات في العالم فليس من الغريب أن تتمكن من تنفيذ عميلة أخرى لا تقل مفاجأة وقوة وتأثيرا. وربما يعتقد بن لادن أن ظهور أزمة أخرى في بلد آخر سيربك الأمريكان بطريقة خطيرة خاصة أنه ثبت أنهم لا يستطيعون إدارة أكثر من أزمة كبيرة في وقت واحد.

الطالبان والقاعدة ليس عندهم مشكلة في الموت بل لديهم استعداد نفسي لأن يموتوا جميعا في ساحة القتال. وحسب كلام من يعرف القاعدة والطالبان فإن أمنية العمر لديهم أن يقابلوا الأمريكان وجها لوجه في أفغانستان ويستمتعوا ويتلذذوا بقتالهم. يصعب المقارنة بين تدريب شباب القاعدة ورجال الكوماندوز الأمريكان لكن من الناحية النفسية لا نظن أن أحدا ينكر أن التماسك النفسي لشباب القاعدة وطالبان والإقدام والاستعداد للموت يفوق الوصف. ولعل استعداد الشباب لأن يقتلوا أنفسهم فيما يظنونه شهادة في سبيل الله من أجل أن يحاربوا الأمريكان في عمليات سابقة دليل على أن الموت خلال المعركة مع الأمريكان يصل إلى مستوى الأمنية لدى هذه المجموعات.

هناك حسابات أخرى عند الطرف الآخر يصعب على أمريكا وأحلاف أمريكا بل ربما يستحيل أن يفهموها أو يتصوروها أو يعرفوا كيف يقيسوا بها إلا إن دخلوا الإسلام!. الطالبان والقاعدة يقولون إن النصر والهزيمة لا تأتي إلا من الله كما قال تعالى {إن ينصركم الله فلا غالب لكم}، ويقولون إن تجمع الأحزاب والأحلاف دليل الصدق والإخلاص وهذه بشارة بالنصر ويحتجون لذلك بقول الله {ولما رآ المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما}، ويقولون إن المرء إن أخذ بما يستطيع من الأسباب واجتهد في الطاعة والاتباع فإن النصر حليفه قطعا كما قال الله {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}، ويقولون إن التخويف والتهويل لقوة العدو هو دليل على تأييد الله كما قال الله {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء}. وهذا الفريق يؤمن بأن الله يسلط على "الأحزاب" جندا من عنده بطريقة لا يستطيع أحد أن يتوقعها ويحتجون بقول الله تعالى {فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا}. بل إن هذا الفريق يعتقد أن الملائكة ستقاتل معه ويحتجون بقوله تعالى {إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان}. والعجيب أن عندهم ثقة بهذه الوعود بطريقة تشبه اليقين بالنصر ويقولون إن النصر حتمي حتى لو قتل بن لادن أو تحطمت القاعدة فإن المسلمين سينتصرون. وبعضهم يصر بكل وضوح على أن أمريكا ستنهار كما انهار الأتحاد السوفياتي نتيجة هذه الحرب.



أنتهى