المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موت العظماء


مجدولين
14 / 05 / 2001, 28 : 03 PM
هذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه

روى أبو المليح أن أبا بكر رضي الله عنه لما حضرته الوفاة أرسل إلى عمر رضي الله عنه: فقال : إني أوصيك بوصية ، إن أنت قبلت عني: إن لله عز وجل
حقا بالليل لا يقبله بالنهار ، وإن لله حقا بالنهار لايقبله بالليل ، وإنه لايقبل النافلة حتى تؤدي الفريضة ، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه في الآخرة باتباعهم الحق في الدنيا ، وثقل ذلك عليهم ، وحق لميزان يوضع فيه الحق أن يكون ثقيلا ، وإنما خفت موازين من خفت موازينه في الآخرة باتباعهم الباطل ، وخفته عليهم في الدنيا ، وحق لميزان يوضع فيه الباطل أن يكون خفيفا . ألم تر أن الله أنزل آية الرجاء عند آية الشدة ، وآية الشدة عند آية الرجاء ، ليكون العبد راغبا راهبا لايلقي بيديه إلى التهلكه ، ولا يتمنى على الله غير الحق فإن أنت حفظت وصيتي هذه ، فلا يكونن غائب أحب اليك من الموت ولابد لك منه ، وإن أنت ضيعت وصيتي هذه فلا يكونن غائب أبغض اليك من الموت ولا بد لك منه ولست تعجزه .وقيل : لما احتضر جاءت عائشة رضي الله عنها فتمثلت بهذا البيت :
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى .......... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
فكشف عن وجهه وقال : ليس كذلك ، ولكن قولي : (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) انظروا ثوبي هذين فاغسلوهما وكفنوني فيهما ، فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت .

وأما عمر بن الخطاب رضي الله عنه

فعن ابن عمر قال : كان رأس عمر في حجري بعدما طعن ، وكان مرضه الذي توفي فيه ، فقال : ضع خدي على الأرض ، فقلت : وما عليك إن كان في
حجري أم على الأرض ؟ وظننت أن ذلك تبرم به ، فلم أفعل ، فقال : ضع خدي على الأرض لا أم لك ، ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي .وروي أنه اما طعن وحمل إلى بيته ، وجاء الناس يثنون عليه ، جاء رجل شاب فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى من الله لك ، صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقدم في الإسلام ما قد علمت ، ثم وليت فعدلت ، ثم شهادة . فقال : وددت أن ذلك كان كفافا ،لا لي ولا علي ، ثم قال : يا عبدالله بن عمر ، انطلق إلى عائشة أم المؤمنين ، فقل : عمر يقرأ عليك السلام ، ولاتقل أميرالمؤمنين ، فإني لست اليوم للمؤمنين أميرا ، وقل : يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن عند صاحبيه . فمضى وسلم واستأذن عليها ، ثم دخل فوجدها قاعدة تبكي ، فقال: عمر يقرأ عليك السلام ، ويستأذن أن يدفن عند صاحبيه ، فقالت : كنت أريده لنفسي ، ولأوثرنه اليوم على نفسي . فلما أقبل ، قيل : هذا عبدالله بن عمر قد جاء ، قال : ارفعوني ، فأسنده رجل إليه ، فقال : ما وراءك ؟ قال : الذي تحب يا أمير المؤمنين ، أذنت . قال: الحمد لله ، ما كان شيء أحب إلي من ذلك ، فإذا أنا مت فاحملوني ثم سلم ، وقال :عمر بن الخطاب ، فإن أذنت ، فأدخلوني ، وإن ردتني ، فردوني إلى مقابر المسلمين . وفي أفراد مسلم من حديث المسور بن مخرمة أن عمر قال: والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا ، لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه . وفي حديث آخر : والله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس أو غربت ، لافتديت به من هذا المطلع .
ومن خبر عثمان بن عفان رضي الله عنه

عن نائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان رضي الله عنه ، قالت : لما كان اليوم الذي قتل فيه عثمان ، ظل في اليوم الذي قبله صائما فلما كان عند إفطاره سألهم الماء العذب فلم يعطوه فنام ولم يفطر فلما كان وقت السحر أتيت جارات لي على أجاجير متصلة ، فسألتهم الماء العذب فأعطوني كوزا من ماءفأتيته فحركته فاستيقظ فقلت :هذا ماء عذب فرفع رأسه فنظر إلى الفجر فقال: إني قد أصبحت صائما وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع علي من هذا السقف ومعه ماء عذب ، فقال : ( إشرب يا عثمان ) فشربت حتى رويت ، ثم قال : ( ازدد ) فشربت حتى نهلت ، ثم قال : ( إن القوم سينكرون عليك ، فإن قاتلتهم ظفرت ، وإن تركتهم أفطرت عندنا ) . قالت : فدخلوا عليه من يومه فقتلوه .
وعن العلاء بن الفضيل عن أبيه قال : لما قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه فتشوا خزانته ، فوجدوا فيها صندوقا مقفلا ففتحوه فوجدوا فيه حقة فيها ورقة مكتوب فيها : هذه وصية عثمان ، بسم الله الرحمن الرحيم ، عثمان بن عفان يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، وأن الله يبعث من في القبور ليوم لاريب فيه ، إن الله لا يخلف الميعاد ، عليها نحيا ، وعليها نموت ، وعليها نبعث إن شاء الله تعالى .

أما علي بن أبي طالب رضي الله عنه

فعن الشعبي قال : لما ضرب علي رضي الله عنه تلك الضربة قال : ما فعل بضاربي ؟ قالوا : أخذناه قال : أطعموه من طعامي واسقوه من شرابي
فإن أنا عشت رأيت فيه رأيي وأن أنا مت فاضربوه ضربة واحدة لا تزيدوه عليها ثم أوصى الحسن أن يغسله وقال : لاتغالي في الكفن فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لاتغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبا سريعا ) امشوا بي المشيتين لا تسرعوا بي ولا تبطئوا فإن كان خيرا
عجلتموني إليه وإن كان شرا ألقيتموني عن أكتافكم .
وروي أنه لما كانت الليله التي أصيب فيها علي رضي الله عنه أتاه ابن السياج حين طلع الفجر يؤذنه بالصلاة وهو مضطجع متثاقل فعاد الثانيه
وهو كذلك ثم عاد فقام يمشي وهو يقول :
شد حيازيمك للموت .......... فإن الموت لاقيكَ
ولاتجزع من الموت ............. وإن حل بناديكَ
فلما بلغ الباب الصغير شد عليه عبدالرحمن بن ملجم فضربه .




المصدر ( مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة )