المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : امريكا وسجلها الناصع


غريب وعاشق
21 / 10 / 2002, 30 : 08 PM
للإدارة الأمريكية سجل في الإرهاب لا يُنَافَس ، ولأنها الدولة الأهم ، والأولى في العالم ؛ فقد تولّد لديها نزعة إمبراطورية متعاظمة ، تمثلت في غمس يدها في الصراعات الدولية ؛ لبسط نفوذها، وحماية مصالحها على حساب: العدالة ، والخير ، والأخلاق .
ولو أننا بنينا أهراماً من جماجم قتلى العدوان الأمريكي في بلاد العالم ؛ لكان شموخها يفوق شموخ برج التجارة العالمي المنهار بضع مرات .
وإذا اعتقدت في هذا شيئاً من المبالغة ؛ فواصل قراءة هذا المقال .
وقد أظهرت الإدارة الأمريكية بسلوكها الشائن أنها تفتقر إلى الخبرة ، والحسّ التاريخي ، وستدفع ثمن ذلك على المـدى البعيـد !
وهذا ما يؤكده الباحثون الأمريكيون المرموقون ، من أمثال: (بول كندي) ، و (جيمس دفدسون)، و (ليسترثرو) الذي يرى: أن الولايات المتحدة قد انهارت بالفعل .
فضلاً عن الفصول والتحليلات الجادة ، التي دونها المفكر الشهير ( نعوم تشومسكي ) ، ومن آخرها "تشريح الإرهاب" في كتاب .
وقد هممت أن أدون جرائم أمريكا ، فوجدتني أحاول محالاً ! واستعيد آلاف الملفات الملئية بالأرقام ، والإحصائيات ، والحقائق الدامغة .
وإذا كانت العرب تقول: يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق . فدعونا نستذكر – فقط - بعض عنوانات هذه الجرائم الإرهابية الغادرة ، كمقدمة فيما نريد أن نخلص إليه :
1 ـ 1899م التدخل الأمريكي في الفليبين ، وراح ضحيته مئات الألوف من الفليبينيين ، الذين دفعوا حياتهم ثمناً لنداء : ( الحرية والعدالة ) على حد تعبير الصحافة الأمريكية ذاتها .
2 ـ في الذكرى السابعة والخمسين للقصف الذريّ على مدينة هيروشيما ؛ ذكر راديو اليابان الدولي أنه: تم إضافة 4977 اسماً ، تم التأكد حديثاً من أن وفاتهم كانت إثر القصف !!
في ( القبر الأجوف ) يرقد فقط مائتان وست وعشرون ألف وثمانمائة وسبعون ضحية ! الرقم صحيح !
وكان القصف في 6 أغسطس 1945م ، وهذه أول قنبلة نووية شهدتها البشرية .
3 ـ 1951م في كوريا ، بدعوى صد العدوان الشيوعي الشمالي ضد كوريا الجنوبية ، ولا يزال في كوريا الجنوبية ثلاثين ألف جندي أمريكي .
4 ـ 1954م في إيران ؛ وقتل الآلاف من الجماهير ، وأعلن مسؤول في الخارجية الأمريكية أنه:كان علينا أن نتدخل لحماية مواردنا !
نعم ! لحماية مواردهم ، التي وجدت اتفاقاً في أراضي الغير !!
5 ـ 1965م في إندونيسيا ؛ انقلاب مدعوم أمريكياً ، المجازر تصل إلى قريب من مليوني قتيل ، من الفلاحين ، والفقراء ، وقد شبهت أجهزة الاستخبارات الأمريكية ما حدث هناك بالجرائم التي اقترفها هتلر وستالين ، وقامت مظاهرات الفرح في أمريكا ، ولم تخف الصحافة الوطنية سرورها بما جرى !!
6 ـ 1973م في تشيلي ؛ انقلاب أمريكي ، ومصرع الآلاف فيما عرف بـ ( استاد الموت ) .
7 ـ فيتنام ؛ التي غزاها نحو مليون جندي ، ولمدة أحد عشر عاماً ، واستخدمت فيها أنواع الأسلحة المحرمة دولياً ، وامتدت إلى عام 1975م .
وبعد ثلاثين عاماً من توقف الولايات المتحدة عن رش المواد الكيماوية هناك ؛ كشف حديثاً عن معاناة مليون شخص ، من بينهم مائة وخمسون ألف طفل مشوه ، من آثار المواد الكيماوية ، التي كانت تلقيها الطائرات الأمريكية على الغابات ؛ لحرمان المقاتلين من الاحتماء بها .
8 ـ تدخلات عديدة في نيكاراجوا ، منذ 1912م ، راح ضحيتها نحو مائتي ألف من السكان ، وشهدت البلاد حالات تعذيب بشعة ، ومجازر وحشية ، وتدميراً هائلاً !
وقد أدانت المحكمة الدولية الولايات المتحدة بهذا العدوان دون جدوى .
9 ـ نظام جنوب إفريقيا العنصري ، بدعم من الغرب ؛ يقتل مليوناً ونصف مليون إنسان ، ويمارس عمليات تخريب ، كانت كلفتها ستين مليار دولار ، خلال حكم الرئيس ريجان .
10 ـ ذكرت مصادر رسمية أن: نحو مليون طفل عراقي ماتوا بسبب الحصار ، ونقص الأغذية ، والأدوية والمستلزمات الإنسانية . ( وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (التكوير) .
وقد بات في حكم المؤكد إطلاق قنابل مشعة باليورانيوم المنضب ، وذكرت تقارير عدة ، منها تقارير منظمة اليونيسيف: أن عدد الإصابات بسرطان الدم زاد بنسبة أكثر من ستة أضعاف ، عما كان عليه في السابق .
وحين سئلت وزيرة الخارجية الأمريكية (أولبرايت) عما يحدث قالت : إنه خيار صعب ، ولكن الثمن يستحق ذلك !
11 ـ أما في فلسطين ؛ ففي قوائم شهداء الانتفاضة الحالية ، نحو ألف وثمانمائة اسم بالتفصيل ، وحسب مصادر نقابة الأطباء ؛ فإن 25% منهم هم من الأطفال ، أما الجرحى فيزيدون عن مائة ألف .
وفي سجن (تلموند) يقبع الرجال الصغار من الأطفال الفلسطينيين ، في ظل ظروف صعبة للغـاية ، ويقدر عددهم بأكثر من مائتي طفل ، إنهم يحملون هماً أكبر من أعمارهم !
ولقد شرد العدوان الإسرائيلي أكثر مـن سبعمائة وخمسين ألف فلسطيني مـن مدنهـم وقراهـم ، ومزارعهم ، وشن حرب إبادة على هذا الشعب الأعزل ، بحيث أصبح الموت والدمار مشهدًا يتكرر كل ساعة ، فضلاً عن الحصار ، وما يستتبعه من ظروف اقتصادية ، وإنسانية مأساوية .
والولايات المتحدة هي ( الراعي الرسمي ) لهذا الإرهاب ، و( الداعم) الأكبر ، و( المحامي ) عنه في المحافل الدولية .
وإن المرء ليشعر بالعجز ! حينما يحاول أن يدلّل على الحقائق الواضحة الجلية ، أو يدون في إحصائيات حجم القتل ، والدمار ، والتخريب في فلسطين خلال أكثر من خمسين عاماً .
12 ـ وفي أفغانستان ؛ قتل وجرح أعداد ضخمة ، غير محدودة من المدنيين الأفغان ، ودمرت منازلهم ، وممتلكاتهم أثناء القصف الجوي ، من قبل قوات التحالف ، واستخدمت الأسلحة العنقودية ، وغيرها ، و قد تكشف الأيام المقبلة عما هو أكبر من ذلك !
وقد دعت المنظمات الدولية الإنسانية إلى فتح تحقيقات في الانتهاكات القائمة ، والتي منها: وفاة مئات السجناء من الطالبان ، وغيرهم في قلعة (جانجي) ، والعثور على أعداد كبيرة من الجنود المختنقين .
13 ـ ومن قبل قـامت القوات الأمريكية اعتباطاً ؛ بضرب مصنع الشفاء للأدويـة في السودان (1998م) ، وضرب أفغانستان بالصواريخ في نفس السنة .
وقد مات مئات الألوف من أطفال السودان ؛ بسبب نقص الأدوية .
14 ـ وفي جوانتانامو في كوبا ؛ يعتقل نحو سبعمائة أسير مسلم ، في ظروف غير إنسانية ، دون محاكمة ، ولا توجيه تهمة ، وتبخل عليهم الإدارة الأمريكية حتى بلقب ( أسير حرب ) ! ولا تسمح لأهلهم بزيارتهم ، ولا بالاتصال الهاتفي ، أو التحادث عبر الإنترنت !
لقد وعد الرئيس الأرعن شعبه ؛ بأنه سيجلب الإرهابيين من ( جحورهم ) إلى العدالة ! وحين عجز ؛ اختطف أعداداً من الشباب ، من باكستان ، ومن أطراف أفغانستان ؛ ليذر الرماد في عيون شعبه !
هذا شأن تطول قراءته ، إننا نستعرض تاريخاً طويلاً ، ونُطِلُّ على غابة متشابكة الأشجار ، مليئة بالوحوش الضواري والحملان الوديعة !
ولقد تجاهلت الإدارة الأمريكية كل هذا ، ثم قدمت نفسها على أنها: نموذج الخير ، والعدالة ، والأخلاق . وقال قيصرها : إن من لم ينحز إلى صف الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب ؛ فإنه ينحاز إلى الإرهابيين ، ويكون قد اختار مصيره !
وبهذا وقع في شر أعماله ، وأسس لأزمة العلاقات ، التي قد تتحول إلى صراع أيديولوجي سياسي بين الولايات المتحدة ، وبين بقية دول العالم ، كما يستشرفه المفكر الأمريكي (فوكوياما) .
فالمعركة لم تعد مع منظمة أو دولة ، بل تتجه إلى أن تكون صراعاً مريراً ، بين الولايات المتحدة والعالم الذي لم يعد يشعر بمعقولية النزعة الصدامية ، لدى القيادة الأمريكية .
وحسبما نستقرؤه في السنن الربانية ؛ فإن هذه القوة العظمى تسير في الطريق الخطأ ، ليس بالنظر إلى الحق والعدل - فهذا أمر مسلم - ولكن بالنظر إلى مصالحها المستقبلية .
إن السنة آتية لا ريب فيها ، وإن استبطأها الناس واستعجلوها : ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء * وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) (إبراهيم)

( أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ) : هذه نظرية ( نهاية التاريخ ) .
( وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ) : فها هو الدور الأمريكي ، الوريث للاستعمار ، والقوى الغاشمة قبله .
( وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ ) وهذا يتمثل الآن ، في العملية الاستخباراتية ، والعسكرية ، والسياسية التي تستخدم كل أساليب المكر ، والخبث وفنون الخداع .
ومن أعظم هذه الأساليب : ( صناعة الأحلاف ) على غرار ما حدث في حرب الخليج ، وفي الحرب الأفغانيـة .
وكأننا بدأنا نشهد بداية انفراط هذا العقد ، في الحرب الجديدة المزمعة على العراق .
كما نشهد تصاعد المعارضة الداخلية في أمريكا وبريطانيا ، للغة العنف ، والقتل ، والتهديد .
فدعونا ! نستثمر هذا المناخ على المستوى الرسمي ، والشعبي ؛ لحماية العراق ، والعرب ، والمسلمين ، ولرد الكرة إلى الملعب الأمريكي .
كيف ؟
هذا هو السؤال الذي أنتظر منكم التعليق عليه ، وسيكون محل الحديث في مقال تالٍ بإذن الله .

------------------

غريب وعاشق
21 / 10 / 2002, 31 : 08 PM
الجزء الثاني :

يبدو أن الإدارة الأمريكية حينما توزع التهديدات يمنة ويسرة تصنع نوعاً من الابتـزاز والتخويف.
فهي حيناً تتحدث عن تغيير نظام الحكم، وهذه سابقة خطيرة أن تكون المسألة بهذا الوضوح.
وحيناً عن إزالة أسلحة الدمار الشامل، دون أن تفلح في تحديد سبب هذا التصعيد المفاجئ لقضية العراق، إذ لا جديد في الموضوع.
وحيناً يتم تسريب إعلامي يقول بأن الهدف هو ضرب دول ترهب شعوبها والتأسيس لنشر الديمقراطية في المنطقة !
وهكذا تمتـزج المكيافيلية ( الغاية تبرر الوسيلة ) بالديمقراطية القائمة على الخيار الشعبي.
ومسكينة أنت أيتها الديمقراطية كم من الجرائم قد اقترفت باسمك !!
وهذا يعيد إلى الأذهان التقرير الخطير المنشور باسم ( تهديد الإسلام الاستراتيجي ) والذي كتبه المستشار اليهودي ( إهيز كل درور )، رسم فيه العناصر الاستراتيجية لمواجهة الإسلام المتمرد كما أسماه، وختم بقوله :( ومع الأسف فإنه من الضروري للغرب أن يقوم بتسوية قيمه الغربية حتى يتمكن من القـيام بأعمـال [ غير أخلاقية ] في سبيل درء المفاسـد الكبرى ) وقد قـام موقع الإسلام اليوم (www.islamtoday.net ) بترجمة ملخص لهذا التقرير .
وسيان قامت الحرب أم قعدت فإن من الواضح أن الإدارة الأمريكية جادة في خلط الأوراق في المنطقة الإسلامية، وإعادة ترتيبها على ضوء مستجداتها الأمنية ومصالحها الاقتصادية، واستراتيجياتها المتطورة، ولو استدعى الموقف قلب الخارطة وإعادة تشكيل الحدود .
وعلينا أن نستعد لسنوات من القهر والتسلط يطال المسلمين في فلسطين والعراق، ويمتد إلى دول عدة تصنف على أنها تؤوي الإرهاب أو تفرخ الإرهابيين.
وأقل ما يتوقع من ذلك هو ممارسة الضغوط الجدية عن كثب لتحقيق الشروط الأمريكية ، وهذا تحد تاريخي ليس من السهل استيعابه وتربية الناس على إدراك مقتضياته ووسائل مواجهته .
ومشاركة في البحث عن المخرج الصحيح أقدم هذه العناوين المختزلة لرؤى شمولية قد يبدو أن طلعات الخيال تكتنفها، لكن لا بأس، فأحلام اليوم حقائق الغد، وإن غداً لناظره قريب.
(1) لسنا نعلق كبير أمل على تناقضات الأحلاف بشأن العراق فالتجارب شاهدة بأن القوي في النهاية يفرض إرادته ويسكت الجميع لرغبة أو رهبة .
لكن الحرب إذا قامت ستدخل المنطقة في دوامة من الفوضى والاضطراب تستنزف المزيد من الجهد والطاقة وليس يبعد أن يكون هذا جزءاً من استراتيجية قادمة تمهد لتغييرات جوهرية .
ولهذا يتحتم علينا أن نستميت في تفادي الحرب حفاظاً على شعب العراق وعلى المنطقة كلها .
يجب أن يتبلور موقف رسمي وشعبي واضح ورافض للحرب وأن يتواصل هذا الموقف مع القوى الدولية الرافضة أو المترددة دعماً ومساندة وتهيئة لمناخ مستقبلي من التعاون ومع القوى الرافضة في الداخل الأمريكي لممارسة ضغوط شعبية وإعلامية على الإدارة الأمريكية .
وعلى الصعيد العراقي ـ مهما كانت قناعتنا بالوضع الرسمي ـ يتحتم أن يقوم القلقون على مستقبل الأمة والمنطقة بدور جاد مع النظام العراقي ، والتفاهم على صيغة تؤدي إلى تجنب الحرب وقطع الطريق على المتآمرين ، وأن تقوم كل الأطراف بمسؤلياتها بمنتهى الحكمة والحزم .
( 2) أساس كل تغيير أو إصلاح يبدأ من داخلنا " حتى يغيروا ما بأنفسهم " ، " وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً " .
وهذا منهج قرآني محكم " قل هو من عند أنفسكم " .
فعلينا أن نعود إلى الله عودة صادقة شاملة، على مستوى الأفراد والأسر والجماعات والدول، وأن نحكم شريعته في ذواتنا وعلاقاتنا وكثيرنا وقليلنا.
وهذه القاعدة العظيمة في الفرار إلى الله يتفرع عنها مفردات لا تكاد تنتهي.
أ- تبادل التصحيح الهادف الصادق القائم على النصيحة وليس الفضيحة، وعلى الإشفاق لا على الإحراج، وعلى الإدراك الميداني الممكن، لا على الرؤية المعزولة عن سياق الحدث، أو النظرة الذاتية الخاصة.
إنه لا شيء يستجمع التعرف على نقائصنا والقدرة على تجاوزها مثل التصحيح القائم على الرحمة والمحبة " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .."
ب- إيثار المصلحة الأممية العليا على المصالح الخاصة والذاتية لفرد أو طائفة أو فئة .
ج- إن العدل يجب أن يكون أساس العلاقة بين الناس في المجتمع المسلم، ولنتأمل كيف بدأ ربنا تبارك وتعالى بذاته المقدسة في تحريم الظلم فقال : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا ) رواه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه .
فالخروج من المظالم ورد الحقوق لأهلها هو ضمانة لوحدة الصف وأمان من العدو المتربص .
ومن أخص صور الظلم ما يقع على الضعفاء والفقراء والعاجزين من النساء والصبيان والعمال ونحوهم أمام القوي الذي لا يراقب فيهم إلاً ولا ذمة .
د ـ إن العالم العربي يشهد معدلاً لنمو الدخل الفردي هو الأقل في العالم ـ حسب تقرير التنمية الإنسانية لعام 2002م ـ حيث لم يتجاوز النمو نصفاً بالمائة سنوياً خلال عقدين .
وإذا استمر هذا التدني فسيحتاج المواطن إلى ( 140) سنة حتى يضاعف دخله ، بينما يستطيع الفرد في مناطق أخرى من العالم مضاعفة دخله مرةً كل عشر سنوات .
وفي مقابل هذا فإن عناصر الإنتاج تنخفض بمعدل 2،0% في حين تتصاعد وتيرتها في مناطق أخرى .
إن هذا يحتاج إلى معالجة جادة تساهم في تلبية تطلعات الناس لحياة هانئة ، وفي تطلعات المعنيين بأمر الأمة إلى رفع إنتاجية الفرد وعطائه .
والشراكة الحقيقية هي التي تحقق انتماء الفرد لأمته ، وتحول دون استغلاله أو المزايدة عليه من قوى خارجية .
هـ- الركض والهرولة نحو التطبيع الإسلامي – الإسلامي، وجعل السلام أساس العلاقة بين المؤمنين، فالمؤكد أن العدو يراهن على الصراعات البينية، وسيجتهد في خلق نـزاعات داخلية تـزيد الأمة إنهاكاً وفشلاً وذهاباً للريح.
إن ثمت مسوغات للاختلاف لكن علينا أن نجعلها أقل ضرراً ، وأن نتخير الميدان الذي نفرغ فيه طاقتنا المحدودة وألا نجعلها هشيماً تذروه الرياح .
نحن في أمس الحاجة إلى بناء علاقات متوازنة حتى مع أولئك الذين نختلف معهم .
و- تفعيل القضايا الإسلامية واستثمارها بصورة إيجابية، كقضية فلسطين والسودان وغيرها.
إن ثمت إلحاحاً ضرورياً على دعم المسلمين في هذه المواقع سياسياً ومادياً، لأنها مواطن ضعف يخطط اليهود ومن وراءهم لتوظيفها واستغلالها في تحقيق مصالحهم.
لا أحد يجهل علاقة القضية الفلسطينية بجيرانها، أو القضية السودانية بليبيا ومصر وأفريقيا ، وهكذا .
(3) أما على الصعيد الخارجي فيمكن السعي الجاد لتحريك ضحايا الظلم الأمريكي وتنظيم مطالباتهم ، وتزويدهم بما يمكنهم من إيصال صوتهم إلى العالم ومؤسساته، وفتح جميع الملفات المعلقة التي تكشف عن معاناة الشعوب ومصادرة حقوقها.
لقد رصدنا ملايين القتلى، وملايين المشوهين من ذوي العاهات وغيرهم في غير ما موطن، وهم يتجرعون آلامهم، ويلعقون جراحهم، بينما يتفنن الأمريكي ( المتحضر ) في حساباته وتكاليف معاناته، فلماذا لا تتم مشاغلته بمثل ذلك،ومطالبته بالمثول والتعويض.
( 4) وبدلاً من أن نخاطب أنفسنا بالشجب والاستنكار وهجو الخصوم، بمقدورنا مخاطبة العالم بلغته الحية ووسائل إعلامه المتجددة، كتابة وشفاهاً دفاعاً عن قضيتنا وإيماناً بعدالتها، وكشفاً للظلم الذي حاق بأمتنا، ونشراً لعار المعتدين.
إن المال، وهو طوع أيدينا، يمكن أن ينطق الساكتين بالحجة، ويحوز إلى جوار حقنا عقولاً وأقلاماً وألسنة تقول مالا نقدر نحن على أن نقوله، وتقارع عنا بغير جمجمة ولا تردد !
( 5) ثم إن فرحنا بسقوط الجدار الحديدي البلشفي لم يكد يكتمل حتى بدأنا نتجرع مرارة التفرد الأمريكي، وغرور السلطة وانتفاشها.

والشر إن تلقه بالخير ضقت به
ذرعاً وإن تلقه بالشر ينـــحسم

فلماذا لا ندفع الشر بالشر ؟! ونقيم حبالنا مع قوى عالمية أخرى قائمة أو واعدة في آسيا وأوربا وغيرهما فلدينا من الموارد والخيرات والخزائن من النفط والغاز وسواهما ما يتحلب له لعابهم مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (فبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي ) قال أبو هريرة : وقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تنتثلونها رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
ولديهم من التقنية والتقدم المادي ما نبحث عنه، والحياة تقوم على التبادل والتباذل والمقايضة.
إن الموقف بحاجة إلى إرادة جادة تستهدف توظيف الآخرين في تعزيز مواقعنا الذاتية، ومشاغلة الخصوم، وترشيد المستقبل بإذن الله.
وهذا يمكن أن يتم وفق رؤية شمولية بحيث تقوم الفعاليات المتنوعة بتحمل مسؤولياتها وأداء دورها، ولن يكون هذا حتى نودع لغة التلاوم ، ونكف عن توزيع المسؤوليات على الآخرين واستثناء ذواتنا.
ومن غير شك فإن التشاؤم والإحباط واليأس لن يصنع لنا أكثر من ديمومة العناء والتخلف والمغامرة، وافتعال المعارك الذاتية التي نفرغ بها طاقتنا المكبوتة .
فالتفاؤل هو الحادي الذي على نبراته يسير الركب مؤمناً بالله وبوعده الصادق، واثقاً بمستقبل هذه الأمة، مدركاً لإمكانياتها وقدراتها .
إن المسلمين يمتلكون ـ بفضل الله ـ إمكانية لفهم كل أساليب التعامل المناسبة ، ومواجهة الخيارات التي يرسمها طرف ما ، ومن المؤكد أنهم الأكثر استعداداً لاحترام الأخلاق والعدالة الحقيقية ، وفي الوقت ذاته هم الأكثر استعداداً للتضحية إذا اقتضى الأمر :

لي وإن كنت كقطر الطل صافي ******* قـصفة الرعد وإعصار السوافي

أتـحاشى الشــر جهــــدي فإذا ما ****** لج في عــسفي تحـداه اعتسافي

خـــلــــق ورثنـــــيه أحــــمـد ***** فــجـرى ملء دمائي وشـــــغافي

لم يــغيره على طـــول الـــمدى ****** بــطش جـــبار ولا كـيد ضعاف


والله الهادي ، وهو وحده المستعان .



بقلم / سلمان بن فهد العودة
المصدر: الإسلام اليوم

ذكر المصدر من اجل السيد محسون

فايز الحميدي
21 / 10 / 2002, 57 : 11 PM
يا اخوتي هل ممكن ان نصمم موقع عالمي نذكر فيه جرائم وضحايا إرهاب امريكا وبعدة لغات .. أمنية آمل أن تتحقق