الخيال الواسع
28 / 06 / 2006, 29 : 03 AM
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
والله ياجماعه دخلت في نوبه من الضحك ولازلت فيها من البارحه
من القصه هذي واللي عنوانها
الفاتنة و الدلخ ..
كنت جالسا في غرفة المعيشة أشرب الشاي و أقراء الجريدة بهدوء و سكينة و أداعب رأس كلبي الوفي بيتر ،
و بينما أنا كذلك إذ سمعت تصبيخ أبواب في الردهة الخارجية فذهبت لأستطلع الأمر و إذا بوالدي قد قدم من الخارج و معه أكياس
فأخذتها منه و قلت له : أتمنى أن يكون يومك سعيد يا والدي .. رد علي والدي وهو يخلع حذائه :
وين أمك بس ؟ .. قلت له بابتسامة خبيثة لم أتمكن من إخفائها : هل أشتقت إليها ؟ .. قال لي وهو يصعد الدرج :
من زينك أنت و أمك .. وينها فيه قلها تحط الغدا .. قلت له : أظنها كانت في الحديقة تقطف بعض البلح ..
هل تريد أن أناديها ؟ قال لي وهو يصعد إلى الأعلى : لاحوووول قايل لذا المرة لا تقربين النخل بس الظاهر ما يفيد فيها الكلام ..
المهم بس لا تنسى و أنا أبوك ترى موعد الدكتور اليوم ..
أشرت إليه بالإيجاب .. ثم عدت إلى غرفة المعيشة و جلست أرتب الزهور على المنضدة و أتاملها بابتسامة
بريئة تنم عن طيبة متأصلة و قلب نقي و مصالة متعدية لكن صراخ والدتي قطع علي تأملي : يالله يا أبوبس و أنا أمك الغدا ..
قمت من مكاني و أنا أربت على رأس بيتر ثم ذهبت إلى حيث تتحلق عائلتنا السعيدة و جلست جوار والدتي على الغداء ..
و بدأت أأكل بأناقة و هدوء .. قال لي والدي وهو يلحس أصبعه : مد لي التمر و أنا أبوك ..
أخذت الشوكة و غزيتها بأحد التمرات ثم وضعتها في صحن والدي إلا أن والدي ألتفت إلي و قال :
لاحول و لا قوة إلا بالله .. يا ولدي حرام اللي تسويه فيني .. قلت لوالدي و قد تلاشت الابتسامة التي أرسمها
دائما على خشتي : أتمنى أن لا أكون قد أغضبك ! .. ما كان من والدي إلا أن أخذ التمرة و صنها في راسي
و قال وهو يقوم من السفرة : لا تنسى موعد الدكتور بس ..
قمت خلف والدي من السفرة و جلست في الحديقة حزينا .. فأحسست بقدوم أمي من خلفي فبادرتها بالكلام :
أرجوك يا أمي لا تقولي أي شيء .. فقط أحتاج الخلوة بنفسي .. إلا أن والدتي سفهتني فلما ألتفت إليها وجدتها تتشمس
و ما جابت خبري .. و لكنها ردت بعد دقائق : لا تنسى و أنا أمك ترى موعدك عقب صلاة العصر مع الدكتور ..
خرجت مع والدي بعد الصلاة إلى عيادة نفسية .. فدخلت مع والدي العيادة و جلس في الانتظار و جلست جانبه
بعد أن ألقيت التحية على الجلوس .. و إذا بشيخ كبير في السن و معه أبنه جالس بجانبه يبادر أبي بالكلام :
سلامات وش اللي جايبكم .. رد أبي بعفوية شيابنا دون أدنى اعتبار لوجودي :
أبد و الله الولد الله يصلحه مهبول و جايين نعالجه ( الله من زين الأسلوب ) ..
حزت تلك الكلمات القاسية في نفسي إلا أن رد الشيخ أشغلني عن مشاعر الحرقة :
حتى أنا ولدي مهبول قبل كم يوم الله يصلحه قاشع باب البيت و لافعن به سواق الجيران ..
قهقه أبي و الشيخ الكبير على ذلك التصرف الأرعن و قال أبي وهو يخاطب أبن الشيخ :
عاد وراك و أنا عمك مالفعت السواق بشي خفيف .. لازم يعني باب ؟؟ .. رد الشيخ ضاحكا وهو يشير إلى أبنه :
على حسب الواحد .. إذا صار الواحد مهوب يكرهه مرة فك حدى درايش البيت و لفعه بها .. قال أبي ضاحكا :
أجل شكل الولد الله يصلحه إذا زاد كرهه للواحد فك باب البايكة و جدعه عليه .. فقال الشيخ وهو يغالب ضحكاته :
الله يصلحه قايل لي أنه يبي يجاهد في أفغانستان بس ما رده إلا قل البيبان ..
و هكذا استمر الشياب يذبون على الفتى المسكين الذي يتوارى خلف أبيه من شدة الخجل أما أنا فجلست متوجسا خائفا
مرتبكا أن يأتيني الدور .. و حدث ذلك عندما وضع أبي يده على ظهري ( من زود الحنية يقاله ) و قال :
لا الحمد لله .. هبال ولدي مافيه عدوانية مثل ولدك .. فقال الكهل متسائلا : وش فيه ؟ .. قال أبي :
الله يصلحه كل فترة يتقمص شخصية .. و الحين يقولنا الدكتور اللي يعالجه انه متقمص دور دوق فرنسي و أنا
يابومحمد مندري وش الدوق .. التفت إلي الشيخ و بدا يتأملني مما أصابني بالخوف وقال لي :
وش تبي بالفرنسيين و أنا عمك ( الله من زين السؤال ) .. قلت له بأدب :
عفوا يا سيدي أتمنى أن تعفيني من الإجابة .. فما كان من أبي إلا أن لفعني مع مقفاي و قال :
رد على عمك .. فقلت له : لا أعتقد أني أتقمص الأدوار فهذه طبيعتي .. نط أبي بالسالفة و قال بضيق :
هذي عوايده يابومحمد .. مبهذلني بهذله .. يتقمص و لا يدري .. فقال أبامحمد :
أقول يأبوأبوبس دام عيالنا مهبل ورى ما نخليهم يجتمعون مع بعض منها ينسون الهبال اللي هم فيه و منها نطلعهم من الوحده
اللي يعيشون فيها .. تدخلت في الحوار قائلا : أسف ياسيدي لن أتعرف على أبنك فأنا
أخشى أن يؤذيني بتصرفاته الرعناء .. التفت علي أبي و قال : عاد من زين تصرفاتك ..
ثم استطرد حديثه وقد وجهه لأبومحمد : و الله زين يابومحمد خلاص بكره أن شاء الله أجيب ولدي عند محمد ..
لا تهاوش مع ولدهم و أنا أبوك لا يصنك في باب .. نطق أبي بتلك الكلمات و أنا أهم بالنزول من السيارة لبيت أبومحمد ..
فقلت لوالدي : لم أقتنع بمحاولتكم جعلي صديقا لمحمد قسرا و لكن احتراما لمقامك سأحاول تقبل الوضع ..
قال لي أبي و علامات الاشمئزاز بادية على محياه : رح رن الجرس و لا تكثر بربرتك ..
ذهبت لرن الجرس و فتح لي محمد و ذهبت معه و جلسنا في ملحق بيتهم حول الربع ساعة و محمد يبحلق بي بمنتهى
السباهة دون أن ينطق بكلمة .. فقلت لمحمد : مابك ؟ .. كان رد محمد أشكلا لم أتمكن من إخفاء إمتعاضي منه ..
فقلت له مرة أخرى : أرجوك تكلم .. إلا أن الفرج جاء أخيرا بدخول أبومحمد علينا قائلا :
روحوا يا عيال أقعدوا فوق بيجيني ناس الحين ..
ذهبت أنا و محمد إلى الأعلى و جلست على أحد الكراسي و جلس محمد على المنضدة المقابلة و أستمر في البحلقة بي
( يسمع بالصداقة ) .. و بينما نحن كذلك إذ مرت من أمامنا فتاة ذات حسن و جمال لم ترى عيني مثلها ،
جلست بجانب محمد و قالت له و ابتسامتها الرقيقة لا تفارق محياها : يالله ياحمودي جا موعد الدواء ..
زاد صوتها الناعم و رقتها المتناهية و تمايلها الفطري من خقتي معها فقلت لها : هل أنت أخت محمد ؟ ..
التفت إلي بسرعة ثم جلست تتأملني للحظات ثم قامت من مكانها كالغزال مغطية بيديها الرقيقتين وجهها بينما تكفل شعرها
الناعم الطويل بتغطية باقي الوجه وهي تقول : هووو شكله عاقل .. إلا أن أباها الذي كان يصعد الدرج تداركها
و قال لها لا يهمتس يابنت الحلال مافي الحمض أحد .. روحي عطي أخوتس الدواء .. عادت الفتاة و جلست
بتوجس مرة أخرى بجانب أخاها السبهة الذي لم يتوقف عن تأملي .. ثم أعطته الدواء و شرب الماء بسرعة حتى
لا يضيع وقته في تأملي .. ثم غادرت إلى غرفتها ..
قمت من مكاني لألحق الفتاة بعد أن وضعت مركا مكاني كي ينشغل محمد بتأملها و لا يلحقني ..
ثم ذهبت لغرفة الفتاة و طرقت الباب ثم دخلت الغرفة و أغلقت الباب خلفي .. إلا أن صرخة مدوية انطلقت من فم
البنت بعد أن رأتني فقلت لها محاولا تهدئتها : أرجوك يا أنستي لا تصرخي .. قالت لي : اطلع برا غرفتي يا ثور ..
قلت لها : حسنا و لكني أريد أن أقول لك كلمتين .. قالت لي وهي تسفني بنعلة : اطلع منيب ناقصة مهبل ..
قلت لها بعد أن حل صمت مريب لبرهة : مهبل !! حسنا يا سيدتي سأخرج .. ثم انحدرت دمعة حارة من خدي
و قلت لها و أنا أهم بالمغادرة : لا أدري لمن أبث شكواي و حزني .. قالت بعصبية : بثها على القناة الثانية ..
بس اطلع من غرفتي .. نظرت إلى الفتاة شزرا ثم أمسكت مقبض الباب إلا أن الفتاة عاجلتني بقولها :
قلي وش تبي ؟ .. كدت أسطر الفتاة بكف من شدة الفرح .. إلا أني تماسكت و قلت لها و أنا ألتفت لها :
أقسم بالله لك يا سيدتي أني لست مجنونا .. أريد فقط من يسمعني .. لا أريد أكثر من السمع ..
كنت جالسا على فراش الفتاة و أنا أعطيها كلام مدري من وين جبته بينما الدمعات الحارة تتخلل كل كلمة أقولها ..
فقالت لي الفتاة و هي تغالب دموعها : بصراحة يا أبوبس قصتك مأساوية ..
ما توقعت أن كتب الأدب و الفكر خلت هذا تفكيرك و ما توقعت أنك مستحيل تنازل عن
مبدأ تؤمن به حتى لو حسبوك أهلك مهبول .. قلت لها و أنا أخز بعض ملابسها المنثرة :
الحديث بالفصحى و حب الطبيعة و انفتاح الروح و إطلاق الفكر أصبح ضرب من الجنون في هذا المجتمع
و أنا مصر على هذا المبدأ و ما دمت على حق فلن أبرح ما أنا به .. فقالت لي :
بس عاد لازم تكيف مع المجتمع يا أبوبس .. لازم تنازل شوي عن مبادئك ..
قلت لها و أنا أشير على إحدى اللوحات المعلقة في الغرفة : أرأيتي لو قلبنا تلك اللوحة الجميلة ؟ آلا تفقد جمالها ؟ ..
قالت لي : ايه بيصير شكلها بايخ .. قلت لها : و أنا كذلك لا أريد ان اكون معلقا بالعكس فيكون شكلي بايخ
( الله من زين المثال ) .. قالت لي الفتاة و هي تنظر حولها : الله يخليك يا أبوبس اطلع برا غرفتي ..
مالها داعي تقعد عندي .. أعتقد عطيتك الوقت الكافي .. قلت لها و أنا أهم بالمغادرة متحسسا شعرها الناعم بأطراف أصابعي :
شكرا على هذه اللحظات .. لن أنساها لك ما حييت ..
خرجت من الغرفة فوجت محمد يحاول أن يلقم المركى شاهي ( يحسبها أنا ) فتداركته بأن أبعدت المركى
و جلست مكانها ثم تناولت الشاهي من محمد و بدات اشربه برواقة إلى أن رن الجرس فذهبت بسرعة إلى الباب
لا يصير ابوي اللي عنده و يقعد يجرجرني قدام البنت ..
ركبت السيارة مع والدي و أخبرته بتلك اللحظات الرائعة التي جعلتني أشعر بتحسن فوعدني أبي بتكرار الزيارة ..
و هكذا عدت الزيارة بعد يومين و تقابلت مع الفتاة و توطدت علاقتي معها بعد أن أهديتها مجموعة من الكتب
التي شلحتها من إحدى المكتبات العامة .. و أصبحت أتقابل معها باستمرار بعد أن تأكدت أني لست مجنونا
و إنما صاحب مبدأ يرفض التزحزح عنه ..
و في إحدى المرات استيقظت باكرا من النوم .. فوجت نفسي تدفعني أن أذهب للمسجد للأذان ..
فلبست الثوب و الشماغ و شلحت سواك أمي و ذهبت للمسجد ففتحت المكرفون و أذنت بصوت شجي يلين
القلوب القاسية و لما أنتهيت من الأذان قلت : لكم أحلى مايك ( مذن يدخل تشات واجد )
إلا أن أحد جيران المسجد تداركني فطردني من المسجد وهو يقول : مدري ورى أهلك مهيتينك علينا ..
مرتن تبنشر كفراتنا و مرتن تكتب على بيوتنا للبيع لعدم التفرغ و مرة تطلطل علينا باسم الحرية و الحين
جاي تذن الساعة تسع الصبح .. مدري ورى أبوك ما يجدعك في شهار و يريحنا منك ..
عدت إلى البيت و طلبت من أمي أن تقصر ثيابي و نصحتها بأن تتغطى عني اتقاءا للشبهات ..
والله ياجماعه دخلت في نوبه من الضحك ولازلت فيها من البارحه
من القصه هذي واللي عنوانها
الفاتنة و الدلخ ..
كنت جالسا في غرفة المعيشة أشرب الشاي و أقراء الجريدة بهدوء و سكينة و أداعب رأس كلبي الوفي بيتر ،
و بينما أنا كذلك إذ سمعت تصبيخ أبواب في الردهة الخارجية فذهبت لأستطلع الأمر و إذا بوالدي قد قدم من الخارج و معه أكياس
فأخذتها منه و قلت له : أتمنى أن يكون يومك سعيد يا والدي .. رد علي والدي وهو يخلع حذائه :
وين أمك بس ؟ .. قلت له بابتسامة خبيثة لم أتمكن من إخفائها : هل أشتقت إليها ؟ .. قال لي وهو يصعد الدرج :
من زينك أنت و أمك .. وينها فيه قلها تحط الغدا .. قلت له : أظنها كانت في الحديقة تقطف بعض البلح ..
هل تريد أن أناديها ؟ قال لي وهو يصعد إلى الأعلى : لاحوووول قايل لذا المرة لا تقربين النخل بس الظاهر ما يفيد فيها الكلام ..
المهم بس لا تنسى و أنا أبوك ترى موعد الدكتور اليوم ..
أشرت إليه بالإيجاب .. ثم عدت إلى غرفة المعيشة و جلست أرتب الزهور على المنضدة و أتاملها بابتسامة
بريئة تنم عن طيبة متأصلة و قلب نقي و مصالة متعدية لكن صراخ والدتي قطع علي تأملي : يالله يا أبوبس و أنا أمك الغدا ..
قمت من مكاني و أنا أربت على رأس بيتر ثم ذهبت إلى حيث تتحلق عائلتنا السعيدة و جلست جوار والدتي على الغداء ..
و بدأت أأكل بأناقة و هدوء .. قال لي والدي وهو يلحس أصبعه : مد لي التمر و أنا أبوك ..
أخذت الشوكة و غزيتها بأحد التمرات ثم وضعتها في صحن والدي إلا أن والدي ألتفت إلي و قال :
لاحول و لا قوة إلا بالله .. يا ولدي حرام اللي تسويه فيني .. قلت لوالدي و قد تلاشت الابتسامة التي أرسمها
دائما على خشتي : أتمنى أن لا أكون قد أغضبك ! .. ما كان من والدي إلا أن أخذ التمرة و صنها في راسي
و قال وهو يقوم من السفرة : لا تنسى موعد الدكتور بس ..
قمت خلف والدي من السفرة و جلست في الحديقة حزينا .. فأحسست بقدوم أمي من خلفي فبادرتها بالكلام :
أرجوك يا أمي لا تقولي أي شيء .. فقط أحتاج الخلوة بنفسي .. إلا أن والدتي سفهتني فلما ألتفت إليها وجدتها تتشمس
و ما جابت خبري .. و لكنها ردت بعد دقائق : لا تنسى و أنا أمك ترى موعدك عقب صلاة العصر مع الدكتور ..
خرجت مع والدي بعد الصلاة إلى عيادة نفسية .. فدخلت مع والدي العيادة و جلس في الانتظار و جلست جانبه
بعد أن ألقيت التحية على الجلوس .. و إذا بشيخ كبير في السن و معه أبنه جالس بجانبه يبادر أبي بالكلام :
سلامات وش اللي جايبكم .. رد أبي بعفوية شيابنا دون أدنى اعتبار لوجودي :
أبد و الله الولد الله يصلحه مهبول و جايين نعالجه ( الله من زين الأسلوب ) ..
حزت تلك الكلمات القاسية في نفسي إلا أن رد الشيخ أشغلني عن مشاعر الحرقة :
حتى أنا ولدي مهبول قبل كم يوم الله يصلحه قاشع باب البيت و لافعن به سواق الجيران ..
قهقه أبي و الشيخ الكبير على ذلك التصرف الأرعن و قال أبي وهو يخاطب أبن الشيخ :
عاد وراك و أنا عمك مالفعت السواق بشي خفيف .. لازم يعني باب ؟؟ .. رد الشيخ ضاحكا وهو يشير إلى أبنه :
على حسب الواحد .. إذا صار الواحد مهوب يكرهه مرة فك حدى درايش البيت و لفعه بها .. قال أبي ضاحكا :
أجل شكل الولد الله يصلحه إذا زاد كرهه للواحد فك باب البايكة و جدعه عليه .. فقال الشيخ وهو يغالب ضحكاته :
الله يصلحه قايل لي أنه يبي يجاهد في أفغانستان بس ما رده إلا قل البيبان ..
و هكذا استمر الشياب يذبون على الفتى المسكين الذي يتوارى خلف أبيه من شدة الخجل أما أنا فجلست متوجسا خائفا
مرتبكا أن يأتيني الدور .. و حدث ذلك عندما وضع أبي يده على ظهري ( من زود الحنية يقاله ) و قال :
لا الحمد لله .. هبال ولدي مافيه عدوانية مثل ولدك .. فقال الكهل متسائلا : وش فيه ؟ .. قال أبي :
الله يصلحه كل فترة يتقمص شخصية .. و الحين يقولنا الدكتور اللي يعالجه انه متقمص دور دوق فرنسي و أنا
يابومحمد مندري وش الدوق .. التفت إلي الشيخ و بدا يتأملني مما أصابني بالخوف وقال لي :
وش تبي بالفرنسيين و أنا عمك ( الله من زين السؤال ) .. قلت له بأدب :
عفوا يا سيدي أتمنى أن تعفيني من الإجابة .. فما كان من أبي إلا أن لفعني مع مقفاي و قال :
رد على عمك .. فقلت له : لا أعتقد أني أتقمص الأدوار فهذه طبيعتي .. نط أبي بالسالفة و قال بضيق :
هذي عوايده يابومحمد .. مبهذلني بهذله .. يتقمص و لا يدري .. فقال أبامحمد :
أقول يأبوأبوبس دام عيالنا مهبل ورى ما نخليهم يجتمعون مع بعض منها ينسون الهبال اللي هم فيه و منها نطلعهم من الوحده
اللي يعيشون فيها .. تدخلت في الحوار قائلا : أسف ياسيدي لن أتعرف على أبنك فأنا
أخشى أن يؤذيني بتصرفاته الرعناء .. التفت علي أبي و قال : عاد من زين تصرفاتك ..
ثم استطرد حديثه وقد وجهه لأبومحمد : و الله زين يابومحمد خلاص بكره أن شاء الله أجيب ولدي عند محمد ..
لا تهاوش مع ولدهم و أنا أبوك لا يصنك في باب .. نطق أبي بتلك الكلمات و أنا أهم بالنزول من السيارة لبيت أبومحمد ..
فقلت لوالدي : لم أقتنع بمحاولتكم جعلي صديقا لمحمد قسرا و لكن احتراما لمقامك سأحاول تقبل الوضع ..
قال لي أبي و علامات الاشمئزاز بادية على محياه : رح رن الجرس و لا تكثر بربرتك ..
ذهبت لرن الجرس و فتح لي محمد و ذهبت معه و جلسنا في ملحق بيتهم حول الربع ساعة و محمد يبحلق بي بمنتهى
السباهة دون أن ينطق بكلمة .. فقلت لمحمد : مابك ؟ .. كان رد محمد أشكلا لم أتمكن من إخفاء إمتعاضي منه ..
فقلت له مرة أخرى : أرجوك تكلم .. إلا أن الفرج جاء أخيرا بدخول أبومحمد علينا قائلا :
روحوا يا عيال أقعدوا فوق بيجيني ناس الحين ..
ذهبت أنا و محمد إلى الأعلى و جلست على أحد الكراسي و جلس محمد على المنضدة المقابلة و أستمر في البحلقة بي
( يسمع بالصداقة ) .. و بينما نحن كذلك إذ مرت من أمامنا فتاة ذات حسن و جمال لم ترى عيني مثلها ،
جلست بجانب محمد و قالت له و ابتسامتها الرقيقة لا تفارق محياها : يالله ياحمودي جا موعد الدواء ..
زاد صوتها الناعم و رقتها المتناهية و تمايلها الفطري من خقتي معها فقلت لها : هل أنت أخت محمد ؟ ..
التفت إلي بسرعة ثم جلست تتأملني للحظات ثم قامت من مكانها كالغزال مغطية بيديها الرقيقتين وجهها بينما تكفل شعرها
الناعم الطويل بتغطية باقي الوجه وهي تقول : هووو شكله عاقل .. إلا أن أباها الذي كان يصعد الدرج تداركها
و قال لها لا يهمتس يابنت الحلال مافي الحمض أحد .. روحي عطي أخوتس الدواء .. عادت الفتاة و جلست
بتوجس مرة أخرى بجانب أخاها السبهة الذي لم يتوقف عن تأملي .. ثم أعطته الدواء و شرب الماء بسرعة حتى
لا يضيع وقته في تأملي .. ثم غادرت إلى غرفتها ..
قمت من مكاني لألحق الفتاة بعد أن وضعت مركا مكاني كي ينشغل محمد بتأملها و لا يلحقني ..
ثم ذهبت لغرفة الفتاة و طرقت الباب ثم دخلت الغرفة و أغلقت الباب خلفي .. إلا أن صرخة مدوية انطلقت من فم
البنت بعد أن رأتني فقلت لها محاولا تهدئتها : أرجوك يا أنستي لا تصرخي .. قالت لي : اطلع برا غرفتي يا ثور ..
قلت لها : حسنا و لكني أريد أن أقول لك كلمتين .. قالت لي وهي تسفني بنعلة : اطلع منيب ناقصة مهبل ..
قلت لها بعد أن حل صمت مريب لبرهة : مهبل !! حسنا يا سيدتي سأخرج .. ثم انحدرت دمعة حارة من خدي
و قلت لها و أنا أهم بالمغادرة : لا أدري لمن أبث شكواي و حزني .. قالت بعصبية : بثها على القناة الثانية ..
بس اطلع من غرفتي .. نظرت إلى الفتاة شزرا ثم أمسكت مقبض الباب إلا أن الفتاة عاجلتني بقولها :
قلي وش تبي ؟ .. كدت أسطر الفتاة بكف من شدة الفرح .. إلا أني تماسكت و قلت لها و أنا ألتفت لها :
أقسم بالله لك يا سيدتي أني لست مجنونا .. أريد فقط من يسمعني .. لا أريد أكثر من السمع ..
كنت جالسا على فراش الفتاة و أنا أعطيها كلام مدري من وين جبته بينما الدمعات الحارة تتخلل كل كلمة أقولها ..
فقالت لي الفتاة و هي تغالب دموعها : بصراحة يا أبوبس قصتك مأساوية ..
ما توقعت أن كتب الأدب و الفكر خلت هذا تفكيرك و ما توقعت أنك مستحيل تنازل عن
مبدأ تؤمن به حتى لو حسبوك أهلك مهبول .. قلت لها و أنا أخز بعض ملابسها المنثرة :
الحديث بالفصحى و حب الطبيعة و انفتاح الروح و إطلاق الفكر أصبح ضرب من الجنون في هذا المجتمع
و أنا مصر على هذا المبدأ و ما دمت على حق فلن أبرح ما أنا به .. فقالت لي :
بس عاد لازم تكيف مع المجتمع يا أبوبس .. لازم تنازل شوي عن مبادئك ..
قلت لها و أنا أشير على إحدى اللوحات المعلقة في الغرفة : أرأيتي لو قلبنا تلك اللوحة الجميلة ؟ آلا تفقد جمالها ؟ ..
قالت لي : ايه بيصير شكلها بايخ .. قلت لها : و أنا كذلك لا أريد ان اكون معلقا بالعكس فيكون شكلي بايخ
( الله من زين المثال ) .. قالت لي الفتاة و هي تنظر حولها : الله يخليك يا أبوبس اطلع برا غرفتي ..
مالها داعي تقعد عندي .. أعتقد عطيتك الوقت الكافي .. قلت لها و أنا أهم بالمغادرة متحسسا شعرها الناعم بأطراف أصابعي :
شكرا على هذه اللحظات .. لن أنساها لك ما حييت ..
خرجت من الغرفة فوجت محمد يحاول أن يلقم المركى شاهي ( يحسبها أنا ) فتداركته بأن أبعدت المركى
و جلست مكانها ثم تناولت الشاهي من محمد و بدات اشربه برواقة إلى أن رن الجرس فذهبت بسرعة إلى الباب
لا يصير ابوي اللي عنده و يقعد يجرجرني قدام البنت ..
ركبت السيارة مع والدي و أخبرته بتلك اللحظات الرائعة التي جعلتني أشعر بتحسن فوعدني أبي بتكرار الزيارة ..
و هكذا عدت الزيارة بعد يومين و تقابلت مع الفتاة و توطدت علاقتي معها بعد أن أهديتها مجموعة من الكتب
التي شلحتها من إحدى المكتبات العامة .. و أصبحت أتقابل معها باستمرار بعد أن تأكدت أني لست مجنونا
و إنما صاحب مبدأ يرفض التزحزح عنه ..
و في إحدى المرات استيقظت باكرا من النوم .. فوجت نفسي تدفعني أن أذهب للمسجد للأذان ..
فلبست الثوب و الشماغ و شلحت سواك أمي و ذهبت للمسجد ففتحت المكرفون و أذنت بصوت شجي يلين
القلوب القاسية و لما أنتهيت من الأذان قلت : لكم أحلى مايك ( مذن يدخل تشات واجد )
إلا أن أحد جيران المسجد تداركني فطردني من المسجد وهو يقول : مدري ورى أهلك مهيتينك علينا ..
مرتن تبنشر كفراتنا و مرتن تكتب على بيوتنا للبيع لعدم التفرغ و مرة تطلطل علينا باسم الحرية و الحين
جاي تذن الساعة تسع الصبح .. مدري ورى أبوك ما يجدعك في شهار و يريحنا منك ..
عدت إلى البيت و طلبت من أمي أن تقصر ثيابي و نصحتها بأن تتغطى عني اتقاءا للشبهات ..