حضرت مجلساً معظم الحاضرين فيه من الرجال ممن تجاوزت أعمارهم الأربعين عاماً. وكما هي العادة في معظم المجالس يتم تناول الكثير من المواضيع وخاصة مواضيع الساعة العامة والتي تتوزع بين الاقتصاد، الطقس، والمرور وغيرها.
وكان اللافت هو مشاركة أغلب الحاضرين في كل حوار مهما كان موضوعه، حيث كانت معظم العبارات المتداولة في الحوارات من الألفاظ والعبارات الحادة والقاطعة والتي يغلب عليها الحماس والانفعال، ويُصر قائلوها على أن كلامهم فقط هو الصح، بل كانت تتخللها بعض المفردات البعيدة جداً عن أي نقاش مفيد، أو فيها احترام للطرف الثاني في الحوار مثل (حرام عليك ... ايش فهمك أنت ... أخصرك منهم ...)، فيتطور الحوار إلى انفعالات متبادلة قد لا تأتي بخير.
ويزيد الاستغراب عندما نعلم بأن هؤلاء المتشنجون ليسوا من المتخصصين في أي موضوع من المواضيع التي يتصدون لها، بل أن مصادرهم في كل ما يقولون غير محددة ومعروفة.
لا يزال أكثرنا متأثر بالعاطفة أكثر من العقل، لا تزال في أحكام بعضنا نزعة من الانفعال الشخصي البعيدة عن الأسلوب العلمي، لا نزال عبيد المفردة والعبارة بدلاً من أن تكونا (المفردة والعبارة) أداة ووسيلة نسيطر عليهما لنستخدم المفيد منها في مكانه المناسب.

أعتقد بأنه يمكن التقليل من هذه الحوارات الانفعالية بالمزيد من التعلّم والاطلاع، عدم التسرع في إبداء الرأي، حسن الاستماع للأطراف الأخرى، أمساك اللسان عن الاندفاع قبل تبيّن الأمور واتضاحها، فالذي يتكلم والأمور من كافة زواياها القريبة والبعيدة واضحة أمامه قلما يندفع أو يبالغ، وقلما يعمد إلى العبارات القاطعة والحادة لأنه يستند إلى الحقيقة العلمية والمرجع المؤكد الذي يُغنيه عن أي ضجيج.
أتمنى أن نكف عن هذا المنهج الحاد والمتشنج إلى منهج يغلب عليه الفهم الشامل، النظرة الموضوعية، والاستماع لما يقوله الطرف الآخر بدون فرض رأينا عليه.

الله يسلمك أستاذي وافي
ما شاء الله عليك أستاذي .. مداخلتك غطت على الموضوع الأصلي وزادت عليه،

جميع ما ذكرت أستاذي هو الحاصل فعلاً في معظم المجالس العامة،
فعندما يكون الحديث حول موضوع ديني، نجد أن أكثر المشاركين في الحوار يتحولون إلى أعضاء في هيئة الإفتاء بالمملكة.
وإذا كان الموضوع حول الاقتصاد، يتحوّل المشاركون في الحوار إلى محللين اقتصاديين ..
ولو تسألهم وش معنى الناتج المحلى جلس الواحد يسوي نفسه يتكلم بالجوال.
أما عند الكلام عن الرياضة فسيتحوّل الجميع إلى "مورينهو" وغيره من أشهر المدربين العالميين.

طبعاً هذه الحوارات يسمعها الجيران أيضاً بسبب ارتفاع الأصوات،
وتتخللها فواصل لطيفة في حالة اختلاف الآراء مثل (قم يا واد أصلك ما تفهم ...).

على فكرة حتى المختصون ممن يسمون أنفسهم محللين اقتصاديين، برضه بعضهم من جنبها ...
كنت سابقاً أستمع إلى برنامج إذاعي يومي عن سوق الأسهم، وكان فيه سؤال
في نهاية كل حلقة للمحلل وهو: ما هي توقعاتك لسوق الأسهم؟،
ولم يحدث أن تطابقت توقعاتهم مع ما حدث فعلاً.

تقبل جزيل شكري لجميل مداخلتك.

أبدعتِ أختي الكريمة رانيا في مداخلتك حول وصف كيفية الحوارات التي تتم في بعض المجالس النسائية،

فعلاً، نتضايق كثيراً عندما يتحدث اثنان أو أكثر في نفس الوقت،
وعندها فلن نستطيع فهم مضمون كلامهم، فما بالك لو كانوا أكثر من ذلك من النساء،
وهذا يمكن ملاحظته أحياناً كثيرة في المقابلات التلفزيونية التي تتم عن طريق الأقمار الاصطناعية عندما يستطرد
الضيف في كلامه ويقاطعه المذيع / المذيعة فتمر ثواني طويلة وهما يتحدثان بدون أن نفهم منهما أي شيء.

تقول زوجتي أنه أثناء حج العام الماضي، وعندما كانت في المُخيم سألتها إحدى الحاجات عن مسألة دينية،
فأجابتها زوجتي الجواب الصحيح لتلك المسألة وذلك بناء على تخصصها وشهادتها،
وهنا تدخلت إحدى الحاضرات وقالت للسائلة بأن جواب سؤالك هو كذا وكذا، وليس كما قالت لكِ الدكتورة.
وهنا احتارت السائلة فخرجت إلى أحد مكاتب الإفتاء هناك، فأجابوها بنفس رد زوجتي،
وعندما عادت السائلة لتنبه تلك المرأة صاحبة الإجابة الخطأ، أصرت رغم ذلك على أن جوابها هو الصح
على الرغم من عدم منطقيته، وقالت لها: (هدولا أيش فهمهم في الدين!).

ما قصدته من هذا المثال، هو أن البعض قد يُعطي معلومات خاطئة،
ويصر على أنها صحيحة رغم ثبوت العكس.

أمّا بالنسبة لنقاش المواضيع، اعتقد بأن هذا المنتدى هو مكانها
وكما هو موضح في تعريف منتدى "المتنفس العام".
أشكرك أختي المتميزة على جميل مداخلتك،

دمتِ بحفظ الرحمن.