عرض مشاركة واحدة
قديم 02 / 06 / 2002, 51 : 05 AM   #2
طالب العلم 
وئامي مجتهد

 


+ رقم العضوية » 2221
+ تاريخ التسجيل » 07 / 03 / 2002

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 167
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

طالب العلم غير متواجد حالياً

افتراضي

أمة الإسلام:

ومما ينبغي التحذير منه، براءةً للذمة، ونصحًا للأمة ما تعْمَدُ إليه بعض الشركات والمؤسسات السياحية من الدعوة إلى السفر إلى بلاد موبوءة، وإظهارها بدعايات مزركشة، وإعلانات مزخرفة، ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، إنها تمثل قنابل موقوتة، وألغامًا مخبوءة، لنسف المبادئ، ودَوس القيم والأخلاق والفضائل.

ألا وإن من التحدث بنعم الله، وشكر آلائه سبحانه، ما حبا الله بلادنا المسلمة المباركة -حرسها الله- من مقومات شرعية وتاريخية وحضارية، تجعلها مؤهلة لتكون بلد السياحة النظيفة النقية، فهي -بإذن الله- قادرة على إعطاء مفهوم صحيح، ووجه مشرق للسياحة، التي خُيِّل لبعض المفتونين المنهزمين، أنها صناعة الفجور والإباحية والانحلال.

أوليس الله قد منَّ على بلادنا بالحرمين الشريفين، مهوى أفئدة المسلمين، ومحط أنظارهم؟! أوليست بلادنا تنعم -بحمد الله- بالأجواء المتنوعة التي تشكل منظومة متآلفة ومجموعة متكاملة، يقلّ نظيرها في العالم؟! فمن البقاع المقدسة إلى الشواطئ الجميلة، والبيئة النظيفة السليمة من أمراض الحضارة المادية وإفرازاتها، إلى الجبال الشُمِّ الشاهقة، ذات المنظر الجميل، والهواء العليل، والأودية الخلابة، والسهول الجذابة، والجداول المنسابة، مرورًا بالمصائف الجميلة، والصحارى البديعة، والقمم الرفيعة، والوهاد الواسعة، والبطاح الشاسعة، ذات الرمال الذهبية العجيبة، وأهم من هذه المقومات المادية والحسية المقومات المعنوية، والميزات الشرعية، والخصائص الإسلامية والحضارية، والآداب العربية الأصيلة، التي تحكي عبق التأريخ والحضارة، المعطّرة بالإيمان، النديّة بالمروءة والإحسان، فهل بعد ذلك يستبدل بعض الناس الذي هو أدنى بالذي هو خير، في تأثيرات عقدية وثقافية، وانحرافات أخلاقية وسلوكية، ومخاطر أمنية، وأمراض صحية ووبائية، مما لا يخفى أمره على ذوي العقول والحِجَى؟!

وبذلك يتحقق لمن ينشدون الطهر والعفاف والنقاء، والفضيلة والخير والحياء، التمتع بأجواء سياحية مُباحة، ويُسَدّ الطريق أمام الأبواق الناعقة، والأقلام الحاقدة، التي تسعى لجرِّ هذه البلاد المباركة وأهلها إلى ما يُفقدها خصائصها ومميزاتها، ويخدش أصالتها وثوابتها، فماذا يريد هؤلاء؟ وماذا يقصد أولئك؟

فلنشكر الله على نعمه وآلائه، ولنحافظ عليها بطاعته واتباع أوامره.

حَفِظ الله لهذه البلاد عقيدتها وقيادتها، وأمنها وإيمانها، من كيد الكائدين وسائر بلاد المسلمين.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه: " إِنَّ رَبّى لَطِيفٌ لّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ " [يوسف: 100]، " وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " [النور: 31].



الخطبة الثانية
الحمد لله، أعاد وأبدا، وأنعم وأسدى، أحمده تعالى وأشكره على آلائه التي لا نحصي لها عدَّا.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهًا واحدًا أحدا فردًا صمدًا، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، أكْرِم به رسولاً وعبدا.

صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه الذين أكسبهم شرفًا ومجدًا، والتابعين ومن تبعهم بأمثل طريقة وأقوم سبيل وأهدى.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

أيها الإخوة الأحبة في الله:

ومحور سابع: مع الشباب، من الأبناء والبنات.

أهدي الشباب تحية الإكبار ** هم كنزنا الغالي وسر فخاري

هل كان أصحاب النبي محمد ** إلا شبابًا شامخ الأفكار


الشباب عماد الأمة، قلوبها النابضة، شرايينها المتدفقة، عقودها المتلألئه، هم جيل اليوم، ورجال المستقبل، وبناة الحضارة، وصُنّاع الأمجاد، وثمرات الفؤاد، وفلذات الأكباد، فلا بد من تربيتهم تربية صحيحة شاملة، وشغل أوقاتهم بطريقة متوازنة، فهذه الأشهر التي يمرون بها في فراغ من المشاغل الدراسية النظامية، لا بد أن يستثمرها أولياء أمورهم ببرامج حافلة، تكسبهم المهارات، وتنمِّي فيهم القدرات، تقوِّي إيمانهم، وتصقل فكرهم، وتثري ثقافتهم، فأين الآباء والمربون عن إعداد البرامج الشرعية المباحة، وهي كثيرة بحمد الله، كحفظ كتاب الله عز وجل، واستظهار شيء من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتعلم العلم النافع، وكثرة القراءة في كتب أعلام الإسلام قديمًا وحديثًا، والاطلاع على السير والتآريخ والآداب ونحوها، وإدخال السرور عليهم بالذهاب بهم إلى بيت الله الحرام في عمرة، أو إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة، أو إلى أحد مصائف هذه البلاد في سياحة بريئة، في محافظة على دينهم وأخلاقهم، وصلة لأقاربهم وأرحامهم، حتى لا يقعوا فريسة في دهاليز الإنترنت، وشبكات المعلومات، وضحايا في سراديب القنوات والفضائيات، وأرصفة البطالة واللهو والمغريات.

ومما يسرّ المسلمَ أن تشغل الإجازة بالزواجات للشباب والفتيات، وتلك قضية مهمة، لكننا نوصي المسلمين بالتزام منهج الإسلام في ذلك، وعدم الخروج على تعاليمه بالإسراف والبذخ والمغالاة والسهر، والتكاليف الباهظة، والحذر من منكرات الأفراح التي يفعلها بعض ضعيفي الديانة هداهم الله.

ومن المحاور المهمة في هذه القضية أن يعلم العبد أنه مراقب من قبل ربه ومولاه، فلا يراه حيث نهاه، ولا يفقده حيث أمره: " إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً " [النساء: 1].

ومنها -أحبتي في الله- أن شدة الحر في هذه الدنيا يجب أن تذكر بالآخرة، فشدة الحر من فيح جهنم، عياذًا بالله، فهل اعتبرنا؟ وهل تذكرنا -ونحن مشغولون في هذه الدنيا عن هذه النار- فعملنا على الأخذ بأسباب الوقاية منها؟ فرُحماك ربنا رُحماك.

أمة الإسلام:

وعاشر هذه المحاور وتمامُها أن المسلم المرتبط بإسلامه وإيمانه وأخوة الإسلام يكون شعوره مع شعور إخوانه المسلمين، يتذكر أحوالهم ومآسيهم، لا سيما الذين يعيشون حياة القتل والتشريد والاضطهاد، فهل من الإحساس بشعورهم إهمال قضاياهم؟!

أين الأحاسيس المرهفة، والمشاعر الفياضة؟ فأُناس يفكرون بأحوال إخوانهم في العقيدة، ويهتمون بمقدسات الأمة، وما يمر به المسجد الأقصى المبارك، وما تضجّ به فلسطين المسلمة، حيث شلالات الدم المتدفقة هذه الأيام، وليس ما فعلته وتفعله الصهيونية العالمية، واليهودية الدولية بخافٍ على ذوي النخوة والمروءة.

وقل مثل ذلك في الشيشان الصامدة، وكشمير المجاهدة، في الوقت الذي يفكر فيه كثيرون بالتمتع بإجازاتهم في منتجعات ليست للكرام ولا كرامة، فالله المستعان.

فاتقوا الله عبد الله: " وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ " [البقرة: 281].

ثم صلوا وسلموا -رحمكم الله- على خير الورى طُرّا، وأفضل الخليقة شرفًا وطُهرًا، صلاةً تكون لكم يوم القيامة ذُخرًا، فقد أمركم بذلك ربكم تبارك وتعالى، في تنزيل يُتلى ويُقرا، فقال تعالى قولا كريمًا: " إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي?أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً " [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبدالله، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمنَّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا وأيِّد بالحق إمامنا، وولي أمرنا، اللهم وفقه إلى ما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم كن له على الحق مؤيدا ونصيرا، ومُعينا وظهيرا، اللهم ارزقه البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه، اللهم وفق جميع ولاة المسلمين لتحكيم شرعك واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبدالله، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمنَّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا وأيِّد بالحق إمامنا، وولي أمرنا، اللهم وفقه إلى ما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم كن له على الحق مؤيدا ونصيرا، ومُعينا وظهيرا، اللهم ارزقه البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه، اللهم وفق جميع ولاة المسلمين لتحكيم شرعك واتباع سنة نبيك e، اللهم اجعلهم رحمة على عبادك المؤمنين. اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين. اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين وكشمير والشيشان وفي كل مكان يا ذا الجلال والإكرام. اللهم عليك باليهود المعتدين وسائر أعداء الدين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم اهتك أستارهم وافضح أخبارهم وأدِم عوارهم، يا ذا الجلال والإكرام. اللهم إنا نسألك عيش السعداء ونزل الشهداء والنصر على الأعداء يا سميع الدعاء. اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر. اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسائر الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله: " إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون " ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

خطبة الجمعة في المسجد الحرام بمكة المكرمة
لفضيلة الشيخ : عبدالرحمن السديس
بتاريخ : 1- 4-1422هـ

  رد مع اقتباس