الموضوع: مع نفسي
عرض مشاركة واحدة
قديم 18 / 02 / 2003, 11 : 11 PM   #1
الشمس 
سفير الوئام

 


+ رقم العضوية » 5
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 644
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

الشمس غير متواجد حالياً

افتراضي مع نفسي

لم يكن بوسعي تحديد سبب للقلق الذي انتابني, بل إني في الحقيقة لم أستطع تحديد ما اعتراني وقتها من شعور طاغ على الإحساس بأي فرح أو ارتياح للنجاح الذي حققته, وكأن شيئاً لم يكن, وكأنني لم أنجح, وكأنني لم أنتظر هذه اللحظات بملء ما بي من صبر وجلد!

حاولت طويلاً فهم نفسي, فكما أني لا أسعى إلى سبر أغوار الآخرين أبداً, بل أقبلهم كما يقدموا أنفسهم إلي, وأنظر إليهم كما يتمنوا أن أراهم, فإني أيضاً أثق تمام الثقة بأن نفسي تتوق لأن أبصرها كما هي حقيقة, وأعلم أيضاً بأنها تحتاج مني أن أقترب منها أكثر وأفهمها بوضوح أكبر.

في لحظات مثل تلك اللحظات أميل إلى اعتزال الآخرين "تماماً", وإن كنتُ أميل إلى اعتزالهم جزئياً على الدوام, أقول أنني في لحظات مثل تلك أميل إلى اعتزال حتى أقرب الناس لي, وأحبهم على قلبي, بل إني أشعر بفقدي الإحساس بالآخرين بصورة تجعلني لا أكترث لهم ولا لما يظنونه بي!
أبقى وحدي أحاول جاهدة أن أجد إجابة على سؤال: ما بي ؟

ثلاثة أحرف تختصر جهداً مضنياً "لو" كانت الإجابة سريعة وواضحة, لكني دائماً ما أخجل من طرح سؤال كهذا على أحد, لأنه يبدو لي وكأنه تصرف من لا يود المساعدة أو حتى مجرد الفهم, فكيف بي مع نفسي إذاً؟!

حاولت مصاحبتها وضجرها, فوجدت أن ما كان ليسعدني لن يكون كذلك لها وإلا لما تجاهلتْ نجاحي وسعيي الحثيث وراء تحقيقه, ولكنت شعرت بالسعادة إذ سعدت هي..
ولم أكن لأتقبل فكرة انفصال مطالبي عن مطالب نفسي بسهولة إلا أني أردت الخلاص من الإحساس القاتل بعدم الرضا عن وبـ أي شيء..

طالما بحثتُ عن طرائق لرقيي في الحياة وتحقيق النجاحات ظانة بأن النجاح وحده يكفل لي الراحة والرضا عن نفسي, لكن هذا ما لم يثبت لي حتى الآن, بل إني أرى أن كل ما كنتُ أطمح إليه سابقاً بات أمراً يسهل تحقيقه حتى آمنتُ أن لا شيء يستحيل علي الوصول إليه متى ما أردت ذلك.

وتحت شمس قناعتي التي رسخت في أعماق روحي نمت فكرتين, أولاها أن ما ستطلبه نفسي لن يكون مستحيلاً ولا صعباً ولا حتى بعيداً, فنفس الإنسان فيها من الضعف والبساطة ما يجعلها تـُجلّ مجرد محاولة الفهم.
أما الثانية, لعل ما سهل من طموح نفسي هو ما سيكفل لي راحة تجعلني أشعر بقيمة ووزن.

وبدأ العمل, أحاول أن أجعل يومي عادياً لا أتكلف شعوراً ولا أتصنع أمراً أرى أنه سوف يمنح نفسي شعوراً إيجابياً..

مر اليوم الأول والثاني وكذلك الثالث دون أي تغيير ..
في اليوم الرابع وقد كان يوم الجمعة, علمتُ أن هناك رجل مسن يقف على باب بيتنا يدعي أنه اعتاد القدوم إلى جدي رحمه الله ليأخذ منه ما جادت به نفسه, ولم يأتي اليوم إلا بحثاً عن من يخلفه, انتظرت الجميع حتى يقدموا ما لديهم, ثم وقفت بالباب بعد أن انتظرت ذهاب الجميع, وناديتُ الرجل أكثر من مرة حتى عاد وأعطيته مبلغاً من المال, ثم أخبرني بأن إيجار منزله قد حل وأنه في حيرة من أمره, فزدتُ له فوق المبلغ السابق حتى أكملت ما كان يحتاجه فتولى وهو يدعو الله لي بدعوات أبكتني .

في اليوم التالي صنعتُ معروفاً مع نوارة الدنيا, بأن لجمتُ نفسي وأرغمتها على إحقاق رغبتها التي لم تواتي هواي مطلقاً, ولزمتها حتى قضت حاجتها مني.

في اليوم السادس, بقيت مع أخوتي وقضينا وقتاً طويلاً نتحدث إلى بعضنا, ثم انصرفت مع الأصغر أساعده في استذكار دروسه.

في اليوم الذي يليه, شعرتُ برغبة في الخروج من المنزل, كذلك تناولتُ الهاتف لأحادث صديقتي, فعرفتُ وقتها بأني أخيراً وجدتُ الراحة التي افتقدتها.

ضاجة كطبل
وأعماقي خرساء كموجات الأعماق
" غادة السمان "

 

  رد مع اقتباس