صعدت إلى التلال الرملية الواحد بعد الآخر و فوجئت بوجود نباتات خاصة تروى بماء البحر المالح و أزهار صغيرة أبرية ملونة جميلة .
كان لون الرمل رماديا يميل إلى اللون الأبيض كبلورات و كريستالات السكر أو الملح .
و في أثناء صعودي إلى تل وهبوطي منه كنت أراقب آثار مياه البحر التي خلفتها بعد عودتها في الجزر ، حيث تركت بصمات على الرمل كلوحات فنية وآثارا بديعة للغاية .
لاحظت على كل تل وجود نباتات صغيرة رفيعة ترسم أشكالا هندسية وأقواسا و دوائرا بالبرجال بسبب هبوب الرياح بتحريكها شمالا و يمينا أو إلى الأمام و الوراء .
توقفت مليا متعمقا بهذه الرسوم المرسومة على الرمل الأبيض المتأثر بأمواج البحر .
وكنت أراقب ظلال النباتات الرفيعة و تحتها الرسوم والخطوط و ظلالها المنعطفة .
قلت سبحانك يا ربي على عظمتك و على روعة مخلوقاتك و الطبيعة .
]
كم كان بودي أن تكون لدي كامرة كبيرة ذات عدسات مكبرة و مقربة لألتقط لك ذرة أو حبة رمل بلورية لكل صورة .
ثم التفت إلى الأعشاب والنباتات و زهورها الجميلة و قمت بالتقاط بعض الصور لها .
و بينما كنت منهمكا بالتصوير و السير ببطئ نحو مرتفعات التلال ، برز صديقي العصفور العزيز من العشب و نظر إليّ بحذر ، و غرد تغريدا عذبا تصورته يحييني أو يسألني لماذا جئت إلى هنا ؟.
صديقي العصفور كيبيتس الجميل
سكت لفترة وتوقفت عن الحركة و قطعت أنفاسي لكي لا يطير بسرعة
و التقطت له ألصورة الأولى ثم تلتها الصورة الثانية و الثالثة والرابعة .
وأخيرا غرد العصفور وقال لي مع السلامة وطار كما تصورت .
و بعد ذلك إتجهت إلى الساحة الكبيرة التي تقع ما بين البحر و التلال الرملية ،
حيث كان الناس و الأطفال يتنزهون و يلعبون و يركبون آلاتهم الرياضية أو يقومون بتصعيد البالونات أو الطائرات .
ومن هناك صعدت إلى المقهى المطل على البحر مباشرة لشرب القهوة و الإستراحة لفترة .
مقهى ومطعم المطل على الساحل
و بعد فترة وجيزة نزلت من سلم القهوة و اتجهت إلى ساحل البحر متمتعا بخرير الماء و أصوات طيور النورس و العصافير التي كانت تطير فوق رؤوسنا و على أمواج ساحل البحر .
وعندما كانت أمواج البحر تصعد على الساحل ثم تعود رأيت طيورا صغيرة بقدر العصافير ، لونها أسود أو بني غامق تلاحق الأمواج العائدة باحثة عن أسماك أو حشرات مائية صغيرة .
وهذه الطيور إسمها : الطيور الجارية ( السائرة ) على ساحل البحر .
ثم سرت محاذيا للجسر الخشبي الذي يبلغ طوله تقريبا كيلومترين و فجأة شاهدت صورة قلب مرسوم من الرمل تحت أعمدة الجسر مملوء بالماء .
و بعد ذلك صعدت على الجسر و قمت بالتقاط صور مختلفة للجداول و الحفر المائية و تشكيلات الجزر الرملية على جانبي الجسر .
يوجد فلاح ظريف في مدينة سانت بيتر أوردنج يملك تراكتور يقدم خدمات لأصحاب السيارت الذين يقودون سياراتهم إلى مسافة قريبة جدا من البحر ،
ثم يغادروها للقيام بممارسة هواياتهم الرياضية أو بالسير على شاطئ البحر بارتداء جزماتهم للبحث عن حجر الكهرمان أو للنزهة و استنشاق العواء الصحي العذب .
و أحيانا ينسون بأن عملية مد البحر تبدأ في الرابعة أو الخامسة لذا فإن مياه البحر تجتاح الساحل و موقف السيارات و ساحة اللعب الواسعة و قد تصل إلى الكثبان والتلال الرملية .
يقوم هذا الفلاح سحب كل سيارة و يأخذ منهم أجرا قدره 50 يورو على الأقل .
و في أثناء سيري على الجسر للتمتع بمد البحر وكنت مرتديا الجزمة الخاصة شاهدت أن تراكتور الفلاح منغمسا في مياه مد البحر .
فضحكت وقلت في نفسي من يسحب التراكتور الآن .
و في صباح اليوم الثاني حضر الفلاح مع ثلاثة أشخاص ومعهم عربة زراعية لحرث الأرض فسحبوا التراكتور ثم توقفوا أمام مطعم ومقهى سفينة نوح ليشربوا القهوة .
مقهى سفينة نوح
غروب الشمس على ساحل سانت بيتر أوردنج
ظهور الهلال على ساحل سانت بيتر أودرنج
و ختاما أتمنى أن تكون هذه الرحلة و الصور قد نالت منكم جميعا حسن الرضا و القبول
تقبلوا مني خالص ودي و احترامي
د . عدنان
ألمانيا في 18 سبتمبر 2014