عرض مشاركة واحدة
قديم 26 / 09 / 2011, 01 : 09 AM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي العبادات في الإسلام ومدلولها الأخلاقي


العبادات التي شُرعت في الإسلام واُعتبرت أركاناً في الإيمان به ليست طقوساً مبهمة من النوع الذي يربط الإنسان بالغيوب المجهولة، ويكلفه بأداء أعمال غامضة وحركات لا معنى لها.
بل أن الفرائض التي ألزم الإسلام بها كل منتسب إليه، هي واجبات متكررة لتعويد المرء أن يحيا بأخلاق صحيحة، وأن يظل مستمسكاً بهذه الأخلاق، مهما تغيرت أمامه الظروف.
إنها أشبه بالتمارين الرياضية التي يقبل عليها الإنسان بشغف، ملتمساً من المداومة عليها عافية البدن وسلامة الحياة.

فالصلاة الواجبة عندما أمر الله بها أبان الحكمة من إقامتها فقال سبحانه وتعالى:{وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}( العنكبوت:45). فالابتعاد عن الرذائل والتطهير من سوء القول وسوء العمل هي حقيقة الصلاة، وكما ورد في الحديث القدسي يقول الله تعالى: [ إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي و لم يستطل على خلقي ولم يبت مصراً على معصيتي و قطع نهاره في ذكرى ورحم المسكين و ابن السبيل و الأرملة و رحم المصاب، ذلك نوره كنور الشمس , أكلؤه بعزتي , و أستحفظه بملائكتي , أجعل له في الظلمة نوراً و في الجهالة حلماً , و مثله في خلقي كمثل الفردوس في الجنة ) رواه ابن عباس.

والزكاة المفروضة ليست ضريبة تؤخذ من الجيوب، بل هي غرس لمشاعر الحنان والتراحم بين شتى الطبقات، وقد نص القرآن الكريم على الغاية من إخراج الزكاة في قوله تعالى:{ خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها}(التوبة:36). فتنظيف النفس من أدران النقص، والتسامي بالمجتمع إلى مستوى أنبل هي الحكمة الأولى.
ومن أجل ذلك وسع النبي صلى الله عليه وسلم في دلالة كلمة الصدقة التي ينبغي أن يبذلها المسلم في الحديث الذي رواه أبو ذر رضي الله عنه فقال:[ تبسمك في وجه أخيك صدقة، ونهيك عن المعروف صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال صدقة، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدق، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر صدقة]. أخرجه البخاري والترمذي.
هذه التعاليم كانت في البيئة الصحراوية التي عاشت دهوراً على التخاصم والتمزق تشير إلى الأهداف التي رسمها الإسلام، وقاد العرب في الجاهلية المظلمة إليها.

وكذلك شرع الإسلام الصوم، فلم ينظر إليه على أنه حرمان مؤقت من بعض الأطعمة والأشربة، بل أعتبره خطوة إلى حرمان النفس من شهواتها المحظورة ونزواتها المنكرة. وإقراراً لهذا المعنى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله في أن يدع طعامه وشرابه] رواه البخاري والترمذي. وقوله صلى الله عليه وسلم:[ ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد، أو جهل عليك، فقل: أني صائم] رواه بن خزيمة و ابن حبان و الحاكم.
والقرآن الكريم يذكر ثمرة الصوم في قوله تعالى:{ كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}(البقرة:183).

وقد يحسب الإنسان أن السفر إلى البقاع المقدسة لأداء الحج أو العمرة، الذي كُلف به المستطيع وأُعتبر من فرائض الإسلام، يحسب الإنسان أن هذا السفر مجرد رحلة خالية من المعاني الخلقية، ومثلاً لما قد تحتوي عليه الأديان أحياناً من تعبدات غيبية. وهذا خطأ، إذ يقول الله تعالي في الحديث عن شعيرة الحج:{ الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث، ولا فسوق، ولا جدال في الحج، وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، واتقون يا أولي الألباب}( البقرة:197).

هذا العرض مجمل لبعض العبادات التي اشتهر بها الإسلام، وعُرفت على أنها أركانه الأصيلة، نستبين منها متانة الأواصر التي تربط الدين بالخلق.
إنها عبادات متباينة في جوهرها ومظهرها، ولكنها تلتقي عند الغاية التي ذكرها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله:[ إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق] أخرجه الإمام مالك.


(الشيخ محمد الغزالي رحمه الله).

  رد مع اقتباس