عرض مشاركة واحدة
قديم 08 / 01 / 2019, 22 : 09 PM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي من نتائج الكلمات الجارحة.

علاقاتنا الاجتماعية هي جزء مهم من حياتنا، فهناك من ارتبطنا بهم بدون اختيار منّا وهم الأهل الذين نعتبرهم تيجان على رؤوسنا، وهناك من ربطتنا بهم علاقة زمالة أو صداقة بسبب الدراسة أو العمل أو الجيرة.
وكلما كانت العلاقة بين أي طرفين قوية كلما كان التأثير التبادلي بينهما في الغالب قوياً، وتكون الكلمات جزء مهم في نقل مشاعر الود والترابط بينهما.
ويختلف تأثير الكلمات على المتلقي وخاصة كلمات العتاب أو النقد باختلاف مصدر تلك الكلمات، فيكون لها وقع أكبر ومؤثر في النفس إذا صدرت ممن نحبهم. ففي حالة الأبناء على سبيل المثال يتأثرون كثيراً بما يقوله لهم الوالدان، فرب كلمة قيلت لنا في الصغر بقي تأثيرها في نفوسنا حتى الكبر، وانعكست على نفسياتنا وتبلورت عليها شخصياتنا سواء بالإيجاب أو السلب، فقد تكون كلمة طيبة ومحفزة للنجاح، وربما تكون كلمة وقعها علينا كوقع الجرح الذي لا يندمل.
وعندما ننتقل إلى العلاقات خارج الأسرة وخاصة تلك العلاقات التي أخترناها برغبتنا مع أشخاص ارتحنا لهم فأصبحت لهم مكانة خاصة في قلوبنا يسعدنا كلامهم، نثق بآرائهم، ونفرح بالتواصل معهم. وبقدر تقديرنا ومحبتنا لهم فإن العتب والتأثر من كلامهم الجارح والسلبي سيكون أكثر من تأثرنا من كلام غيرهم.

قرأت قبل أيام تقريراً عن أثر الكلمات الجارحة على النفس وخاصة عندما تكون من القريبين، وتضمن التقرير بعضاً من القصص الحقيقية عن تأثير مثل تلك الكلمات على من قيلت فيهم.
يقول شخص ممن تضرروا من الكلمات الجارحة: بعد زواجي بأيام سأل عمي والدي عنّي بعد الزواج، ولقد صُدمت من جواب والدي الذي قال لعمي: "لقد أعطاه الله زوجة طيبة ومثقفة، والله إنه ما يستأهلها .. خسارة فيه هذه الزوجة". يقول الزوج أنه تأثر كثيراً نتيجة ذلك الكلام الذي قاله عنه والده، فأنعكس على تصرفاته مع زوجته لعدة أشهر ليحاول أن يُثبت للآخرين أن فيها عيوباً غير مرئية. وبقي زواجه غير مستقر، حتى هداه الله وعاد إلى صوابه بعد أن كان على وشك الطلاق منها.

وممن تضرروا أيضاً، سيدة تقول أن جدتها ووالدتها كانتا تهينانها وهي شابة أمام الأقارب والأصدقاء بالكلمات الجارحة، ومن تلك الكلمات أنها "غبية .. لا تفهم"، إضافة إلى تهديدهما لها أمام صديقاتها بحبسها وحرق أصابعها بالكبريت، فكانت النتيجة أن انتهى بها الأمر إلى أن تعزل نفسها وتترك دراستها وتتحول إلى رقم في الأسرة بلا هوية.

أمّا الضحية الثالثة فكانت فتاة خجولة بطبعها تقول إن معلمتها التي كانت تحترمها قالت عنها أمام زميلاتها أنها "فاشلة"، فانعكس ذلك على نفسيتها سلبياً، حيث تقول الفتاة: "لقد زرعت تلك المعلمة الرهبة في داخلي إلى يومنا هذا وربما لذلك لم أستطع إكمال دراستي."

ونحن أيضاً قد توجه إلينا كلمات جارحة في زمن ما فتترك تأثيرها المؤلم في نفوسنا لسنوات طويلة جروحاً تنزف لا يشعر بها سوانا. الشيء الغريب إن من يقول تلك الكلمات على الرغم مما نتج عنها من آثار سلبية قد لا ينتبه لتأثير ما قاله بل قد ينساها، وينسى أنه قالها ذات يوم، بينما يظل الألم يتجدد في كل ذكرى أو موقف مشابه، لأنها صدرت من أشخاص يفترض بهم أن يكونوا هم مصدر أمان نفسي فإذا به يحدث العكس ويكونون مصدر ألم لا يبرح.
وحتى لا تحدث منّا الأخطاء تجاه من نحبهم، فنجرحهم بكلمة أو تصرف قد يصدر منّا بقصد أو بغير قصد، يجب أن نتأكد من كلماتنا قبل أن نقولها ونتأكد بأنها لن تجرح غيرنا.


يقول جبران خليل جبران:
قد لا يزعجــنا القول .. ولكن يؤلمــنا القـائل
وقد لا يؤثر فينا الفعل .. ولكن يصدمنا الفاعل

  رد مع اقتباس