عرض مشاركة واحدة
قديم 30 / 09 / 2001, 55 : 07 AM   #1
الحارث 
عضو شرف

 


+ رقم العضوية » 783
+ تاريخ التسجيل » 04 / 08 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 752
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

الحارث غير متواجد حالياً

افتراضي قلق الحرب لفضيلة الشيخ سلمان العودة

قلق الحرب قلق الحرب لفضيلة الشيخ سلمان العودة

فضيلة الشيخ / سلمان بن فهد العودة
12/7/1422

تدق أمريكا طبول حربها الكونية الأولى في مطلع الألفية الميلادية الثالثة ، وتحشد لها إمكاناتها السياسية ، والعسكرية ، و المخابراتية كما لم تصنع من قبل ، في الوقت الذي تكمل الانتفاضة الفلسطينية الثانية عامها الأول مخلفة أكثر من ثلاثين ألف جريح ، وثلاثة آلاف معوق ، وسبعمائة قتيل ، نسأل الله أن يتقبلهم شهداء في سبيله.
وقصارى ما يحدث هو تهدئة الوضع في الأراضي المحتلة ؛ من أجل تركيز الأنظار على المشهد الجديد ومنع التداخلات السلبية ، و هذا يعيد إلى الأذهان ازدواجية المعايير الانتقائية في سياسة الغرب وعلى رأسهم أمريكا حين التعامل مع القضايا الخارجية ، ولأن شهادتنا فيهم مجروحة ، فننقل شهادة المفكر الأمريكي اليهودي الكبير ( نعوم تشومسكي) في كتابه [ ماذا يريد العم سام ؟] وهذا المفكر وإن كان ضد سياستهم وضد إسرائيل أيضاً ، ويظهر العداوة للإسلام ، إلا أنه لخص أهداف السياسة الأمريكية في أمرين :
أولاً : حماية المجال الأمريكي ؛ إذ تستحوذ أمريكا على أكثر من 50% من ثروات العالم .
ثانياً : إعاقة عملية التقدم والنمو الاجتماعي في العالم ، و يضرب لذلك مثلاً بدول أمريكا الجنوبية .
و شاهد آخر هو المفكر الفرنسي (روجيه جارودي) في كتابه (أمريكا طليعة الانحطاط) يقول : (إن قادة الدول الصناعية السبع في قمة ليون عام 1996م ركزوا على مكافحة الإرهاب ، ولكنهم نسوا أو تناسوا أنهم أكثر الدول إرهابًا في العالم ؛ بل أكثر الدول اغتصابًا لحقوق الإنسان ، ففي راوندا قتل نصف مليون من سكانها بالسلاح الغربي ، إن موت يهودي يعتبر إرهاباً ، ولكن مجزرة بحجم صبرا وشاتيلا يتم السكوت عنها)!.
وهذا يقود إلى الإشكالية التعريفية القديمة الجديدة بشأن الإرهاب ، وعدم الاتفاق على معنى محدد له ؛ فإن الشعوب العربية والإسلامية التي تسعى لنيل استقلالها ، وطرد المستعمر كما في فلسطين حيث الاستعمار الاستيطاني المخالف حتى للقوانين الدولية ، وفي الشيشان حيث التدخل العسكري وفي غيرهما... هذه الدول لها حق مشروع في الدفاع عن نفسها ، لكنها أصبحت تصنف في قائمة المجموعات الإرهابية ، بينما الجلاد المغتصب يوصف بأنه مثال للعدل والحرية والديموقراطية .
ومع الأسف فإن كثيرًا من الإعلاميين ومن وسائل الإعلام العربية والإسلامية صاروا ينساقون مع هذه الأكذوبة والتلبيس ، فيتبعون سنن هؤلاء في مفاهيمهم ، و مصطلحاتهم ؛ لأنها هي الأخرى تفرض على أنها مفاهيم ومصطلحات عالمية يلتزم بها الجميع .
إن أخشى ما نخشاه أن يأتي الدور على المجموعات الجهادية المقاومة للاحتلال باسم مكافحة الإرهاب.
الحرب القادمة :
إن العالم يبدو وكأنه يدخل في نفق صعب في هذه الحرب ، فهناك عجز في الأدلة فيما يتعلق بالقائمين بالتفجير ؛ حيث إن عددًا يزيد عن السبعة من الأسماء تبين أنهم أحياء عند أهلهم يرزقون ، وما يزيد عن الخمسة عشر لا يوجد أدلة كافية عنهم ، وهناك شكوك عريضة حول عدد من الأسماء التي لا يعرف لها انتماء إسلامي .
وقد عودنا الإعلام الأمريكي أنه كثيرًا ما يغطي قضايا المحاكم والمرافعات، في قضايا بسيطة أو تافهة فيحشد لها عشرات الشهود ، ومئات المحامين ، وعشرات الآلاف من الصفحات، ويستغرق البت فيها سنوات ، ولم ينس الناس بعد متاهة التحقيقات الطويلة والبطيئة في مقتل الرئيس جون كيندي ثم انتهت إلى لا شيء ، أو محاكمة اللاعب الأمريكي سامبسون في قتل عشيقته والتي تمت بالحركة البطيئة وانتهت إلى تبرئته برغم تضافر الأدلة وانحصار التهمة ، بينما نرى اليوم قضية بهذا الحجم ، وهذه الخطورة يتم توجيه أصابع الاتهام فيها دون أدلة كافية ، ويصدر الحكم بعجلة متناهية ، ويُسعى في تنفيذه .
ثم إن الحرب مجهولة .. ضد من ؟! إنها كما قال بعضهم : ( ضد أشباح ) فهي غير واضحة وهذا يعطي فرصة للتحليل والتأويل ، كما أن بداية الحرب وزمانها غير واضحين ، وآلتهـا غير محددة ، فهي ليست حربًا عسكرية تقليدية ، لكنها خليط من هذا ومن الحرب السياسية والمخابراتية ، ويخشى أن يكون ميدانها المجتمعات الإسلامية في طولها ، وعرضها وفي ثقافتها .. وفي أخلاقها .. وتعليمها .. ودينها !!
لقد استغل أعداء الإسلام – وأشدهم عداوة اليهود والمتعاطفون معهم – هذا الحدث للتأليب على المسلمين ، وتحميل عقيدتهم وثقافتهم مسؤولية ما جرى ، وتعميم هذه المسؤولية بحيث تطال كل ما هو إسلامي ، مع أننا نعلم أن أمريكا لمّا شهدت انفجارات "أوكلاهوما" - التي نفذها اليمين المتطرف - ؛ اكتفت السلطات بالقبض على الجاني ثم إعدامه ، ولم يكن هناك تعميم للجرم ، ولا ملاحقة للجماعة وتجميد للأرصدة وبحث في أصول الفكر ، ولا التحقيق مع كل من قابل الجاني أو اتصل به ، أو رآه يوماً من الأيام ولو في المنام . وكذا فعل اليهود عندما اغتيل رئيس وزرائهم إسحاق رابين ، اكتفوا بالقبض على القاتل وسجنه مدى الحياة ، من غير أن يُطال اليمين المتطرف ، أو يُلاحق غير من ارتكب الجريمة ، فلماذا يراد الآن أن يحشر الإسلام في قفص الاتهام ، ويعمم جرم لم يثبت فاعله لتشمل المسؤولية مسلمين ضعفاء عزّل في بلاد فقيرة .
على أن هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يواجه فيها المسلمون تأليباً عليهم، فقد بدأ هذا التحالف منذ بداية الدعوة الأولى يوم حُصر المسلمون في الشِّعب ، وواجهه المسلمون في دويلتهم الأولى في المدينة يوم تحزبت الأحزاب ، وتظاهر عليهم المشركون واليهود والمنافقون ( إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً)
وواجه المسلمون تحالف أوروبا من أقصاها إلى أقصاها في حملات الحروب الصليبية التي اجتمعت فيها الممالك النصرانية المتفرقة ، بل والمتناحرة كلها في هجوم صليبـي جارف على بلاد الإسلام، وواجهت هذا التحالف في بداية العصور الحديثة يوم اتفق المستعمرون على المسلمين واقتسموا ديارهم ، فهذا التحالف اليوم لا يعدوا أن يكون درجة في سُلَّم مر على الأمة في تاريخها ما هو مثله أو أشد ، والشأن فينا نحن أمام هذا الحشد الضخم ، والهلع الذي ركب قلوب الكثيرين أمامهم ، إنها ساعة امتحان القلوب للتقوى كما امتحنت قلوب المؤمنين يوم تحزبت عليهم الأحزاب ، وسدت منافذ النجاة ، ولم يبق إلا السبب الواصل بمالك الملك ومدبر الأمر ، فما وهن يقينهم ولا ضعف إيمانهم، ولكن كان حالهم كما وصفهم ربهم العالم بهم (ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً ).
وأما الواهنون ومن في قلوبهم مرض فكانوا كما هم اليوم (يقولون هل لنا من الأمر من شيء ...).
قلق الحرب
إن طبول الحرب تصنع قلقًا في النفوس ، وتوترًا واضطرابًا ،حتى لتمنع الإنسان التمتع بنومه ، وطعامه ، وشرابه ، وأهله ، وتجعله مشدود الأعصاب خائفًا .. وهذا الخوف يتمثل في مظاهر منها :
1- المخاوف الاقتصادية : فأسعار الأسهم ، والنفط ، وحركة البورصات تأثرت كلها سلباً بهذا الجو من القلق والترقب .
2- اتخاذ القرارات الحاسمة غير المدروسة وفقد القدرة على التركيز والتفكير السليم ، ولهذا يوصي العلماء بأن على الإنسان ألاّ يتخذ أي قرار مهم ، أو ذي بال ، وهو في مثل هذه الحال ، بل الشريعة الإسلامية جاءت بهذا ، فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسـلم- أنه نهى أن يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان وقد قاس العلماء على الغضب كل ما شابهه من الأحوال كشدة الخوف ، أو شدة الجوع ، أو شدة العطش ، أو ما أشبه ذلك من الأحوال التي تخرج الإنسان عن توازنه وانضباطه .
3- اضطراب التفكير والتصور ، ولهذا تناول البعض أحاديث فتن آخر الزمان وأنزلوها على الوقائع الجارية بطريقة غريبة متكلفة ، علماً أن هذه من الأمور الغيبية القدرية التي نراها بعيوننا فنصدق بها قائلين : هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله ، وليست من الأمور الشرعية التي كلفنا بفعلها ، ولهذا جاء في صحيح البخاري عن معاوية - رضي الله عنه - أنه بلغه أن بعض الصحابة يحدثون بأحاديث عن مَلِكٍ من قحطان فغضب ، وخطب وحمد الله وأثنى عليه ثم قال : " إنه بلغني أن أقوامًـا يخبرون عن رســول الله - صلى الله عليه وسلم - بأحاديث ما جاءت في كتاب الله ولا نقلها الناس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأولئك جهالكم" 00 ثم قال : "إياكم والأماني التي تضل أهلها " ولا شك أن معاوية - رضي الله عنه - لا يقصد – والله أعلم – إنكار ما ثبت برواية الثقات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لكنه ربما ألمح إلى معنى آخر ، وهو خطورة وضع هذه الأحاديث وتركيبها وتنـزيلها على أحوال معينة ، أو ظروف خاصة ، أو أشخاص بأعيانهم ؛ لأن في هذا مدعاة للاضطراب في أحوال الناس وأمورهم حين ينزلون هذه النصوص على الوقائع بحسب أهوائهم ، أو نظرتهم القاصرة !
4- غياب الأهداف ، ففي أوقات الأزمات تغيب الأهداف الواقعية المحددة ، ولذلك يظل الكثيرون يسألون : ما واجبنا ؟ ما دورنا ؟ ماذا يتعين علينا أن نصنع ؟ ويريد هؤلاء السائلون أن تحدد لهم هدفًا سريعًا ومباشرًا وواضحًا وممكنًا وآنيّاً وفعالاً 00 هذا مالا سبيل إليه في كثير من الأحيان ، كما حصل في بداية الانتفاضة حيث كان بعض الشباب يقول : أريد الذهاب إلى فلسطين ، ومقاتلة اليهود 00 وهذا الشعور بحد ذاته طيب وجميل ، وعلينا أن نحافظ على ديمومته ، وعلى فاعليته وتأطيره ، وتوجيهه الوجهة الصحيحة ، إلا أن الطريق إلى فلسطين غير سالكة والإمكانية غير موجودة ، وأنت غير مؤهل في مثل هذه الظروف لهذه المهمة بالذات ، لكن لديك مهمات أخرى كثيرة يمكنك القيام بها مما سأشير إلى شيء منه بعد قليل.
وهكذا يضيع كثير من الشباب في إشكالية عجيبة ، وهي أن الأمر الذي يحلمون به ويتطلعون إليه قد يكون أمرًا محالاً ، أو صعبًا على أقل تقدير ، بينما الأمور التي بإمكانهم وقدرتهم أن يعملوها تتحول عندهم إلى جزئيات لا يقيمون لها وزنًا ، فلا تشبع طموحاتهم ولا ترضي رغباتهم.
إن دورك لم يبدأ الآن لكنه بدأ من بداية رشدك ووعيك ، ولن ينتهي بنهاية الحدث ولكن بموتك 0
ولتبدأ الآن بأداء دورك جيدًا ، شريطة ألا ينتهي هذا الشعور بنهاية الحدث مهما كانت نهايت0
إنه ليس من الرشد ولا من الحمّية الحقة لدين الله ، والغيرة لحدوده أن ننام نومة أهل الكهف ثم لا نصحو إلا عند أزمة تحل ، فنطرح هذا السؤال بقوة ثم ننام بعدها إلى مثلها 0
وصفات شرعية :
إن هذا القلق والتوتر الذي ينتاب الكثير من الناس لا يكون إلا مع ضعف الإيمان ، ولكي نستطيع أن نتغلب على هذه المشاعر لا بد من أمور :
أولاً : تجريد التوحيد وتجديده ، فإن الله - تعالى - هو رب الكون ومدبره ، ولا يقع شيء إلا بإذنه، له الخلق والأمر [ كل يوم هو في شأن ] 0


صبراً يا أقصى لن أنساك ...
ميعاد العزة في مسراك ...

 

  رد مع اقتباس