لم يشعر الأستاذ مقرود بالفرح الذي يشعر به الآباء عند زواج أبنائهم أو بناتهم، فقد كان تفكيره بعد خطبة ابنه منصباً على تكاليف الزواج، وهذا طبيعي لأن كل من يعرف مقرود باشا يعرف أنه تصيبه أزمات قلبية إذا دفع أي مبلغ ولو كان خمسة ريالات، فما بالكم بتكاليف زواج شاملة أجرة قاعة الزواج، وجبة العشاء، وما يتبع ذلك من "تحابيش".
وهنا اتجه إلى صديق عمره ورفيقه في رحلة البخل الأستاذ ناشف لبحث كيفية التعامل مع هذا الحادث الجلل بالنسبة لمقرود باشا.
ابتسم ناشف وقال للمقرود: لا تشيل همّ، تراها محلولة بس أنت هونها تهون.
بعد ذلك دار بينهما الحوار التالي:-
مقرود: كيف تقول محلولة، وهي فيها دفع فلوس؟.
ناشف: اسمع كلامي، وأنا أخليك تزوج ولدك بدون ما تخسر ولا ريال.
هنا عادت الروح إلى وجه مقرود وقفز إلى جوار محدثه ناشف، متسائلاً: كيف؟؟
ناشف: أول خطوة نحدد تاريخ الزواج في وسط الأسبوع وفي وقت غير موسم الزواجات المعتاد علشان تكون أسعار القاعات أرخص، ثاني خطوة ندور قاعة رخيصة في حي شعبي. وبكذا تلاقي لك قاعة أفراح بحدود خمسة أو ستة آلاف ريال.
مقرود: حلو .. وبعدين؟.
ناشف: نروح إلى عم يحي العجلاتي (راعي البنشر) اللي جنبنا، ونتفق معاه على أن يكون هو الراعي الرسمي للزواج، على أن يدفع لنا 5 آلاف ريال مقابل نسوي له دعاية في الصالة أثناء الزواج.
مقرود: ممتاز .. يعني كذا جبنا قيمة القاعة. طيب وبعدين؟.
ناشف: فيه واحد أعرفه يوزع كراتين موية للمساجد. نروح مع بعض ونطلب منه 20 كرتون مويه علشان نوصلهم لمشروع خيري، وبعدين نجيب الكراتين لقاعة الزواج.
مقرود: أنت معلم يا ناشف ..، كذا وفرنا قيمة الموية، طيب والعمال كيف نوفر قيمتهم؟.
ناشف: لا مشكلة ... جيب عيال إخوانك، وعيالك حتى العريس خليه يباشر على المعازيم المهمين، والباقين أنساهم. .
مقرود: أنت مصيبة .. طيب والعشاء؟.
ناشف: يوم الزواج نشتري خروفين سواكني وزن الواحد أكثر من 30 كيلو، وكرتونين من الدجاج المجمد، ونوديهم للطباخ يطبخهم، ويكثّر الرز.
ويستمر ناشف: قاعة الأفراح فيها صالتين للرجال، نخلي الفخمة منها للمعازيم اللي يناولونك ظروف فيها فلوس (رفد)، والصالة الثانية "الدمرانة" للمعازيم اللي ما يقدمون رفد. طبعاً العشاء "اللحم" لجماعة الدرجة الأولى (أهل الظروف اللي فيه فلوس)، بينما الدجاج لدرجة الضيافة.
تم الزواج كما خطط له المستشار ناشف، وكان زواجاً شاحباً كله نصب في نصب، وفي اليوم التالي للزواج وجد مقرود بأن الفائض من الرفد الذي قدمه بعض المعازيم، وكذلك مبلغ الرعاية لعم يحي العجلاتي بعد خصم كافة المصروفات كان 32 ألف ريال.
ولذا فإنه بعد أن وجد أن الشغلة مربحة توجه مقرود إلى ابنه الذي يدرس في المرحلة الابتدائية ليسأله إذا ما كان يريد أن يتزوج؟.