الموضوع: الحنين
عرض مشاركة واحدة
قديم 13 / 08 / 2019, 27 : 10 AM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي الحنين

على الرغم من التغيّر الكبير في نمط وإمكانيات حياتنا حاليا مقارنة بالسابق وخاصة خلال الأربعين سنة الماضية، إلّا أنه غالباً ما يجذبنا الحنين إلى الماضي وذلك بعنصريه الرئيسيين وهما الأشخاص والأمكنة فلا تكاد تمر مناسبة إلّا ونتذكر ذلك الزمن الجميل بأهله وعاداتهم الأجمل.

قضيت طفولتي وما بعدها حتى المرحلة الثانوية في أحد أحياء جدة الذي كان حديثاً في ذلك الوقت وهو "حي الكَندرة". عشت فيه ذلك الزمن الذي كان أساسه المحبة والبساطة، فنتجت عنه النخوة بكل معانيها، فالجار هو سند الجار في أفراحه وأتراحه، في حضوره وفي غيابه. الكل مسئول عن أطفاله وأطفال جيرانه بدون أي حساسيات من أي طرف.
لن أتحدث في هذا الموضوع كثيراً، فأنتم أعرف مني بتفاصيله، ولكنني أود أن أشير إلى زيارة لي يوم العيد إلى نفس الحي جذبني له الحنين وخاصة لما كان يتم خلال عيد الأضحى من فرحة تعبر عنها مراجيح الأطفال، وتبادل قطع اللحم بين الجيران.
حقيقة، ندمت لأنني ذهبت إلى هناك في هذا الوقت، ولولا أنني أعرف كل بيت و"زقاق" في حينا السابق لشككت بأنني قد أخطأت طريقي. سبب ندمي أنني كنت مثل من كانت لديه صورة جميلة وغالية على النفس ثم أتي من أتى ليمزقها.
وجدت بأن منزلنا السابق والذي كان من فضل الله علينا ذو مساحة كبيرة، وجدته وقد تم تقطيعه إلى أكثر من عشرة أجزاء، وعرفت ذلك من خلال عدد الأبواب الجديدة التي تم تركيبها فيه لإسكان العمالة الأجنبية، وكذلك الحال بالنسبة لمنازل الجيران المجاورة والتي تتحدث عن أحباب قد انتقلوا منها إلى رحمة الله أو إلى أحياء أخرى.
أمضيت بعض الوقت مع أبنتي أثناء الزيارة لأخبرها بأن العم فلان كان يسكن هنا، والخالة فلانة كان هذا بيتها، وهنا كانت تُقام أفراح الجيران، وهنا كانت تُقام المراجيح في العيد. أخبرتها أيضاً بأنه لم يكن لنا أقارب في ذلك الحي، ولكن الجيران أصبحوا لنا أقرب من الأقارب.

يقول الشاعر نزار القباني وكأنما يصف ما رأيت وشعرت به بعد زيارة ما أعتبره أطلال حي الكندرة، أقتطع منه الأبيات التالية: -



يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا
واستوطن اﻷرض أغراب وأشباحُ

يا عيد ماتت أزاهير الرُّبى كمداً
وأوُصِدَ الباب ما للباب مفتــــاحُ

أين المراجيح في ساحات حارتنا
وضجَّة العيــــد والتَّكبير صدَّاحُ

الله أكبـــر تعلو كل مئــــــذنة
وغمرة الحبِّ للعينين تجتـــاحُ

أين الطُّقوس التي كنَّا نمارسها
يا روعة العيد والحنَّـــاء فوَّاحُ

وكلنا نصنع الحلـــوى بلا مللٍ
وفرن منزلنا في الليل مصباحُ

وبيت والدنـــــــا بالحبِّ يجمعنا
ووجه والدتي في العيد وضَّـاحُ

أين الذين تراب اﻷرض يعشقهم
فحيثما حطَّت الأقـــــــدام أفراحُ

أين الذين إذا ما الدَّهر آلمنــــــا
نبكي على صدرهم نغفو ونرتاحُ

هل تذكرون صلاة العيد تؤنسنا
وبعضهم نائم والبعض لمَّــــاحُ

وبعدها يذهب الإخوان وجهتهم
نحو المقــابر زوَّاراً وما ناحُوا

الوقت الذي عاش فيه الإنسان فيما مضى هو أجمل وقت يمكن أن يقضيه الشخص لما فيه من أمور جميلة وذكريات رائعة،
أجمل ما في الحياة هي أوقات الطفولة، حيث يبقى المرء متذكراً تلك الأمور التي حدثت عندما كان صغيراً،
فلا ينساها ويبقى يشعر بالحنين لذلك الزمن.
"روب شيفيلد"


كل عام والجميع بخير وإلى رضوان الله أقرب.

  رد مع اقتباس