انتشر خلال يوم أمس مقطع فيديو تظهر فيه إحدى الحدائق العامة الكبيرة والجميلة وقد ملئت بالمخلفات بكافة أنواعها بعد مغادرة من يدعّون بأنهم كانوا يحتفلون بيوم الوطن.
حقيقة، أظهر المقطع المحزن عدة ملاحظات مستغربة ومنها:-
1- أن المخلفات غطت كافة مساحات الحديقة الكبيرة جداً، وكأنما ذلك العمل كان عملاً متعمداً، إذ ليس من المعقول أن يكون كل من تواجدوا بتلك الحديقة الكبيرة في ذلك الوقت كانوا عديمو الإحساس بالنظافة، وعديمو الحرص على الحفاظ الممتلكات العامة، ومما يدل على ذلك هو أن حاويات النظافة المخصصة لوضع المخلفات بها كانت خالية.
2- من الطبيعي أن يكون لكل أسرة تواجدت في الحديقة في ذلك اليوم أب أو أم أو كلاهما، فكيف يقبل رب كل أسرة أن يترك ذلك المكان وهو بتلك الحالة المزرية؟، وهل كان يرضى أن يترك مكان سكنه بتلك الصورة؟. وهنا أتذكر بيت الشعر المشهور:
3- التعبير عن حب الوطن لا يكون بإزعاج الآخرين بالأصوات، التعدي على حريات الغير، أو سد الشوارع والتراقص المخل بالآداب العامة وكأنما لا حقوق لغيرك باستخدام الطريق بسلام.
4- ولا يكون التعبير عن حب الوطن بترك المتواجدون لأماكنهم وهي مليئة بالمخلفات وهي بهذا الشكل المقزز بالفعل.
ولعله من غرائب الصدف أنه قد جرى في نفس اليوم الاحتفال في جدة بتحطيم الرقم القياسي لأكبر كيكة في العالم، بينما مع الأسف قد تم تحطيم رقم قياسي آخر يتمثل في أكبر تشويه لحديقة عامة.
قد يكون فات على البعض منّا بأن المواطنة وحب الوطن هو سلوك قبل أن يكون شعارات نحملها أو نتغنى بها بينما نفعل عكسها، وأن حب الوطن والتعبير عنه يكون طوال العام وليس مقتصراً على يومٍ واحد، وأن الأهم في ذلك أن يكون كلُ منّا سفيراً حقيقياً لوطنه بداخل الوطن وخارجه.
كما أنه قد يكون فات عليهم أيضاً بأن هناك الحاسدون لبلدنا، والذي يتربصون بكل ما يُسي للمملكة ولقيادتها الرشيدة، ويتصيدون حدوث أي حدث ليتم تأويله حسب أهوائهم.
إن ديننا الذي أكرمنا الله بأن ننتمي له وهو الإسلام يحثنا على النظافة في كل أمور حياتنا، بل جعل الأجر لكل من أزال الأذى عن الطريق وذلك تشجيعاً على التمسك بالنظافة، وعلى حب الخير لنا ولغيرنا، لا أن نتسبب بالأذى والإزعاج لهم.
أنا متأكد بأن الجميع يحبون الوطن، ويفدونه بأرواحهم، ولكن ما حدث يزيد المسئولية على الجهات المعنية بالتوعية والتثقيف لإظهار أهمية المحافظة على مكتسبات الوطن، كما ينبغي إصدار / تفعيل التنظيمات التي تُعني بتطبيق العقوبات على كل مخالف للمحافظة على النظافة والممتلكات العامة على أن يتم كتابة التحذيرات والعقوبات في أماكن بارزة في كافة الأماكن العامة، وأخيراً تشديد مراقبة تنفيذ تلك التحذيرات والعقوبات.