عرض مشاركة واحدة
قديم 22 / 07 / 2006, 17 : 06 PM   #2
المهند الطيب 
وئامي نشيط

 


+ رقم العضوية » 19830
+ تاريخ التسجيل » 03 / 07 / 2005

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 822
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

المهند الطيب غير متواجد حالياً

افتراضي

وبالإضافة إلى ذلك، كانت المنظمة منقسمة إلى اتجاهات سياسية متباينة: حركة عمال صهيون (وهم الصهيونيون العماليون) وحركة مزراحي (التي تمثل الصهيونية الإثنية الدينية) والصهاينة العموميين. كذلك كان هناك تيار الصهيونية الإثنية الثقافية وعلى رأسه آحاد هعام وأنصاره.

ويجب أن نذكر، مرة أخرى، أن هذا الانقسام أو هذه الانشقاقات كانت تتم داخل إطار من الوحدة والالتزام المبدئي. ولذلك، نجد أن الإقليميين والتصحيحيين عادوا إلى حظيرة المنظمة بعد بضع سنوات، كما أن أتباع المزراحي الذين انشقوا عام 1901 تحت زعامة الحاخام إسحق راينس وأسسوا حركة مزراحي ظلوا يعملون داخل إطار المنظمة مع أعضاء عمال صهيون الماركسيين والصهاينة العموميين ذوي الاتجاهات الليبرالية.

وقد شهد انتهاء الحرب العالمية الأولى صدور وعد بلفور والبداية الحقيقية لتطبيق المشروع الصهيوني في فلسطين بفرض الانتداب البريطاني عليها، وبالتالي بدأ اتخاذ الخطوات لترجمة وعد بلفور على المستوى التنظيمي، فأكملت المنظمة جهازها المالي بإنشاء الصندوق التأسيسي الفلسطيني (كيرين هايسود) عام 1921 المختص بتمويل نشاطات الهجرة والاستيطان. كما تحولت اللجنة الصهيونية في فلسطين إلى حكومة في طور التكوين قامت بالإشراف على كل الشئون الاستيطانية والاقتصادية والثقافية للتجمع الاستيطاني اليهودي في فلسطين.

كما أسَّست المنظمة ساعدها التنفيذي المعروف باسم «الوكالة اليهودية» عام 1922، إذ نص صك الانتداب البريطاني على فلسطين على الاعتراف بوكالة يهودية مناسبة لإسداء المشورة إلى سلطات الانتداب في جميع الأمور المتعلقة بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. واعترف صك الانتداب بأن المنظمة الصهيونية هي هذه الوكالة. وفي عام 1929، نجح وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية آنذاك في إقناع أعضاء المؤتمر الصهيوني السادس عشر بضرورة توسيع الوكالة اليهودية بحيث يتشكل مجلسها من عدد من أعضاء المنظمة وعدد مماثل من غير أعضائها (وكان الغرض من ذلك استمالة أثرياء اليهود التوطينيين لتمويل المشروع الصهيوني دون إلزامهم بالانخراط في صفوف المنظمة، والإيحاء في الوقت نفسه بأن الوكالة تمثل جميع اليهود في العالم ولا تقتصر على أعضاء المنظمة). وكان من شأن هذه الخطوة أن تعطي دفعة قوية للحركة الصهيونية وتدعم الموقف التفاوضي للمنظمة الصهيونية مع الحكومة البريطانية التي كان يقلقها تصاعد الأصوات الرافضـة للصـهيونية في أوساط يهود بريطانيا.

وقد ظلت المنظمة وساعدها التنفيذي تُعرَفان بنفس الاسم على النحو التالي: المنظمة الصهيونية/الوكالة اليهودية، وذلك حتى عام 1971، إذ جرت في ذلك العام عملية مزعومة وشكلية لإعادة التنظيم بحيث أصبحت المنظمتان منفصلتين قانونياً وتعمل كل منهما تحت قيادة هيئة خاصة (سمّاها أحدهم «المنظمة ذات الرأسين»). ويمكننا أن نستخدم الجزء الأول من الاسم (أي «المنظمة الصهيونية العالمية») للإشارة إلى نشاط المنظمة بين الجماعات اليهودية في العالم من حيث تجنيدهم لدعم المُستوطَن مالياً وسياسياً، وذلك مقابل تعميق إحساسهم بالهوية اليهودية (وهو نشاط الصهيونية التوطينية الأساسي). أما حينما تكون الإشارة إلى الجانب التنفيذي أو الاسـتيطاني، فإن عبارة «الوكالة اليهـودية» هي التي تُستـخدَم وحدها.

وحتى عام 1948، كانت المنظمة الصهيونية/الوكالة اليهودية هي المسئول عن المشروع الصهيوني بشقيه الاستيطاني (أي المرتبط بالتجمُّع الاستيطاني اليهودي في فلسطين وبنشاطه الاقتصادي والعسكري) والتوطيني (أي المرتبط بالجماعات اليهودية في العالم وبنشاط بعض عناصرها في دعم النشاط الاستيطاني في فلسطين سياسياً ومادياً وضمان استمرار الدعم الإمبريالي له). كذلك ظلت المنظمة ممثلة للتيار الصهيوني الإثني العلماني وأيضاً للتيار الصهيوني الإثني الديني. ورغم وجود تناقضات أساسية بين الصهاينة الاستيطانيين والتوطينيين، وكذلك بين الاتجاهات الدينية والعلمانية (وذلك بخلاف التناقضات الفرعية داخل كل فريق)، فقد ظلت هذه التناقضات محصورة في أضيق نطاق بسبب الحاجة الماسة لدى المستوطنين إلى دعم يهود العالم وبسبب عجزهم عن الحركة بحرية على الصعيد الغربي، فهم كمستوطنين في فلسطين لم يكونوا يملكون الاتصالات اللازمة للقيام بهذه العملية. وفي الأعوام القليلة السابقة على إعلان الدولة، كان الصهاينة الاستيطانيون والتوطينيون يشعرون بضرورة وجود هيئة تمثل جميع الصهاينة وتكون المحاور الوحيدة للدولة المنتدبة والأمم المتحدة وهو الدور الذي قامت به المنظمة. ومع تعاظُم نفوذ الولايات المتحدة داخل المعسكر الإمبريالي، تصاعد نفوذ الصهاينة الأمريكيين وأصبحوا المهيمنين تقريباً على المنظمة الصهيونية. وقبل ذلك بكثير، كان وايزمان قد اهتم ببناء جسور قوية مع الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك حتى تم انعقاد مؤتمر صهيوني طارئ في نيويورك عام 1914 تشكلت فيه اللجنة التنفيذية المؤقتة للشئون الصهيونية العامة برئاسـة القاضي لويس برانديز زعـيم الصهاينة الأمريكيين آنذاك. وقد اتجهت المنظمة عقب الحرب العالمية الثانية إلى نَقْل مركز ثقلها من لندن إلى واشنطن وتم عقد مؤتمر استثنائي في بلتيمور عام 1942 صَدَر عنه برنامج بلتيمور الصهيوني الشهيرالذي نادى باستبدال كومنولث يهودي بالانتداب البريطاني في فلسطين حتى يمكن تحقيق الوطن القومي لليهود الذي وعد به تصريح بلفور. وقد ضغطت المنظمة داخل الأمم المتحدة من أجل صدور قرار التقسيم عام 1947، ثم قامت بتأسيس مجلس وطني بعد ذلك ليكون بمنزلة برلمان للدولة الصهيونية المزمع إنشاؤها وإدارة وطنية لحكومة الدولة المرتقبة. وفي مايو عام 1948، قام ديفيد بن جوريون رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة الصهيونية/الوكالة اليهودية والإدارة الوطنية (حيث لم يُنتخَب رئيس للمنظمة الصهيونية بعد أن استقال وايزمان خلال المؤتمر الثاني والعشرين عام 1946) بإعلان قيام الدولة الصهيونية.

ولكن قيام الدولة الصهيونية فجَّر التناقضات الكامنة بين الصهاينة الاستيطانيين والصهاينة التوطينيين، ودخلت العلاقة بين الدولة والمنظمة في أزمة طويلة ومتصاعدة لم تخف حدتها إلا عام 1968. بدأت ملامح تلك الأزمة تتبين مع اقتراب قيام الدولة الصهيونية، فقد سعى بن جوريون زعيم الصهيونية العمالية الاستيطانية (الذي كان يكن احتقاراً عميقاً للصهاينة التوطينيين باعتبار أن الصهيونية هي الهجرة والاستيطان) إلى اقتحام المنظمة وتسخيرها لخدمة المستوطن. وقد سنحت له هذه الفرصة خلال المؤتمر الثاني والعشرين الذي عُقد عام 1946 حينما استقال وايزمان من رئاسة المنظمة وعجز المؤتمر عن انتخاب رئيس بدلاً منه، ثم قام المؤتمر بتفويض اللجنة التنفيذية الصهيونية ورئيسها بن جوريون ومنحهما الصلاحيات كافة وهو ما كان يعني انتقال خيوط السلطة الحقيقية إلى أيدي الاستيطانيين.

  رد مع اقتباس