عرض مشاركة واحدة
قديم 16 / 09 / 2018, 47 : 04 AM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي الحزن والفرح لوفاة صديق.

قد يكون هذا العنوان متناقضاً لأنه وكما يعلم الجميع فإن خبر وفاة من نعرف وخاصة إذا كان خبراً مفاجئاً، فإن له وقعه وتأثيره المحزن على المتلقين بسبب الشعورة بمرارة الفقد، وهذا ما حدث حينما تلقيت مساء الاثنين الماضي عندما كنت خارج المملكة خبر وفاة صديق عزيز وزميل عمل سابق عرف الجميع فيه التزامه الديني الحسن ومشاركته الفعالة في أعمال الخير المتنوعة، ولم يكن أمامي إلا تعزية أهله هاتفياً، وكنت متأثراً جداً مما جعلني أعود إلى المملكة في اليوم التالي.
بعد ذلك توجهت لتعزية أقارب الفقيد حيث أمضيت معهم بعض الوقت عرفت أثنائه بعضاً مما كان يعمله الفقيد في أيامه الأخيرة. ولكن ما أفرحني على الرغم من المناسبة الحزينة هو ما قام به يوم وفاته، حيث كان صائماً في ذلك اليوم، ثم شارك بعد صلاة ظهر اليوم نفسه بتشييع ودفن امرأة توفت في ذلك اليوم، وبعد صلاة العصر توجه مع ابنه لزيارة مريض في منزله، ثم إلى مغسلة الموتى التي نذر نفسها لتأمين كل مستلزماتها الاستهلاكية، وقام بإيصال احتياجات المغسلة المتوقعة لمدة شهر، وبعد صلاة المغرب أسلم الروح إلى باريها ليتم تغسيله في المغسلة التي قام بتأمين احتياجاتها قبل ساعات قليلة.
حقيقة، تحول حزني الشديد إلى فرح لهذه الخاتمة الحسنة، وقد تذكرت حديث رسولنا صلّ الله عليه وسلم في صحيح مسلم والذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (مَن أصبح منكم اليوم صائمًا؟)، قال أبو بكر: أنا، قال: (فمَن تَبِعَ منكم اليوم جنازة؟)، قال أبو بكر: أنا، قال: (فمَن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟)، قال أبو بكر: أنا، قال: (فمَن عاد منكم اليوم مريضًا؟)، قال أبو بكر: أنا، فقال صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمعْنَ في امرئ إلا دخل الجنَّة) .
كيف لا أفرح، وكل ما ورد في الحديث الشريف قد قام به ذلك الصديق في يوم واحد، وكأنه يعلم بأن يوم الاثنين الماضي كان أخر يوم في حياته.
تذكرت حينها بعض حواراتنا السابقة معاً حينما كان يؤكد على أن نستغل حياتنا القصيرة نسبياً لنعمل لحياة البرزخ الطويلة، ولحياة الآخرة الخالدة. رحمك الله يا أبا بندر، فأنت وكما نقول بالعامية "قد حسبتها صح".
وبقدر هذه المشاعر المتناقضة بين حزن وفرح، إلّا أن ما حدث منه يرحمه الله في آخر يوم من حياته كان درساً وحافزاً لكل من سمع بقصته لنحرص جميعاً على أن نبادر بالأعمال الصالحة وبقدر إمكانيتنا في كل يوم، وكأنما كل يوم هو آخر يوم في حياتنا.
رحمه الله، ورحم أمواتنا وأموات المسلمين، وأطال أعماركم وجعلها عامرة بالأعمال الصالحة.

  رد مع اقتباس