عرض مشاركة واحدة
قديم 26 / 11 / 2018, 56 : 10 AM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي العفيف والعفيفة

على الرغم من الانطباع السائد في زمننا هذا حول الجشع والتحاسد بين فئة ليست قليلة من البشر سواء كان ذلك على مستوى الدول أو الأفراد، وما ينتج عن ذلك من تعدٍ على حقوق آخرين والاستيلاء عليها وجحد تلك الحقوق، ولا أدل على ذلك ما نشاهده ونسمعه عن القضايا الكثيرة في المحاكم الشرعية على مستوى الأفراد بين أقارب وشركاء استولى بعضهم على حقوق غيرهم بدافع الجشع وحب التملك.
أقول على الرغم من ذلك فإنه لا زالت هناك فئة ممن هم بحاجة ماسة جداً للمساعدات المالية والعينية قد أكرمهم الله بنفوس عفيفة كريمة تعانق السماء حتى وإن كانوا هم تحت مستوى الفقر، وهم ممن وصفهم القرآن الكريم بأنهم إذا نظر إليهم الجاهل بأحوالهم يظنهم أغنياء لشدة تعففهم عن سؤال غيرهم، قال تعالى: {للفقراء الّذين أحصروا في سبيل اللّه لا يستطيعون ضرباً في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التّعفّف تعرفهم بسيماهم لا يسألون النّاس إلحافا وما تنفقوا من خير فإنّ اللّه به عليم} [البقرة:273].
الانطباع السائد بأن من أشارت إليهم الآية الكريمة السابقة هم من عاشوا في أزمنة ماضية فقط، وأنها لا تنطبق على زمننا هذا الذي غلبت عليه الماديات والرفاهية المبالغ فيها أحياناً، ولكن هذا ليس صحيحاً فكما أنه توجد حالياً أمثلة سيئة للجشع، فإن هناك أيضاً أمثلة رائعة للعفاف المادي وغيره لا أملك أمامها إلّا أن أخجل من نفسي أمام سموها ونقاء سريرتها.

شاهدت البارحة مقطعاً لمذيع في برنامج تليفزيوني تبثه قناة عراقية، وفكرة ذلك البرنامج أنه يقدم بعض المعونات الخيرية للمحتاجين، حيث كان المذيع يحاور عاملاً (حمّال) يبحث في عربته اليدوية البسيطة المتهالكة عن زبائن ينقل لهم أغراضهم، وعرض عليه المذيع أن يُعطيه معونة القناة التليفزيونية ومنها المساعدة المالية فرفض، ثم عرض عليه المساعدات العينية فرفض ذلك العامل بإباء وقال له: "هناك من هم أحوج منّي للمساعدة، إذا أردتم مساعدتهم فمنهم إمراه عجوز كفيفة تسكن بجواري بحاجة ماسة للمساعدة".

وبعد أن فقد المذيع الأمل من قبول ذلك العامل لأي مساعدة منه، توجه إلى مكان تواجد المرأة العجوز الكفيفة التي اتخذت من ركن مزوي في أحد الشوارع سكناً لها حيث لا شيء هناك على الإطلاق.
عرض عليها المذيع المساعدة المادية والعينية فرفضت وكررت رفضها عدة مرات قائلة: "أنا الحمد لله بنعمه ولا أحتاج شيء، أصوم وأصلّي .. إذا لديكم مساعدات أعطوها للأيتام، أو غيرهم ممن يحتاجون للمساعدة". حاول المذيع معها عدة مرات فكررت رفضها، ثم عرض عليها أن تنتقل معه لبيته ليخدمها وزوجته، ولكنها كررت رفضها بكل عزة، فلم يتمالك المذيع إلا أن يبكي وأبكانا معه.

كم في هذا المقطع من دروس تعلمتها وجعلتني أشعر بأنني قزم جداً أمام هؤلاء العمالقة، وكيف أن الغنى هو غنى النفس، وأنهم يتعففون عن أن يقبلوا العون والمساعدة من أحد سوى من خالقهم.
سرحت بعد نهاية المقطع مع نفسي وتذكرت حال معظمنا، حيث تتكدس لدينا الأساسيات والكماليات ولا زلنا نتكلم فقط عما لدى غيرنا، نحرص على الشراء المستمر، وفات على معظمنا بأن ما ينقصنا كما أعتقد هو القناعة وشكر الله على ما أكرمنا به من نعم لا تُعد ولا تُحصى.

فما أحرانا أن نشكر ربنا على ما وهبنا من نِعم، وعلى أن نحرص على غرس ذلك في نفوس من حولنا، وأن نسعى للبحث عمن يتعففون ولا يسألون الناس إلحافاً بين الأقارب أو بالجوار لنقوم بواجباتنا تجاههم بكل سريّة لنسعدهم بإذن الله وننال الأجر منه سبحانه وتعالى.

  رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ عبدالله 12 على المشاركة المفيدة:
wafei   (26 / 11 / 2018)