عرض مشاركة واحدة
قديم 17 / 09 / 2002, 13 : 05 PM   #1
طالب العلم 
وئامي مجتهد

 


+ رقم العضوية » 2221
+ تاريخ التسجيل » 07 / 03 / 2002

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 167
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

طالب العلم غير متواجد حالياً

افتراضي من وسائل الثبات على دين الله

من وسائل الثبات على دين الله .. لقراءة الموضوع بالالوان - اضغط هنا-

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله , نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور انفسنا , ومن سيئات اعمالنا , ومن يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له , واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له , واشهد ان محمد عبده ورسوله .. وبعد :

إليك – أخي – جملا من النصائح الثمينه ... ترشد الحيران في زمن الفتنه .. وتهدي التائه في دروب الشبهات .. وتسلي المستوحش في حياة الغربة .. وتنير طريق الإيمان في خطوات رصينة بينه في وقت تثاقلت فيه الخطا إلا عن الغي والعمى .

الكل يعرف الله .. لكن : قل من يثبت !

والكل يوقن بالموت .. لكن قل من يحسب له حساب !

والكل يدرك انه لم يخلق سدى .. لكن قل من يذكر فلا ينسى .

انك في زمن فتنه .. واحوج ما تكون فيه الى الثبات .. الا ترى ان القلوب قد سكنتها الغفله .. واعمتها الشهوه .. واظلمتها الشبهه !
وان الدنيا اينعت زهراتها .. و فاحت مغرياتها .. حتى اصبح اهل الثبات بالأمس فيها اليوم صرعى .. فهل تامن على نفسك ؟

طبعا لا .. لانك لا تعيش عاريا عن الاعداء !
فنفسك نفسها عدوك ! والشيطان عدوك !
والدنيا بفتنتها عدوك !

ولهؤلاء الاعداء .. انصار يدعونك .. ويعرضون لطريقك .. ويتفننون في اغوائك : يستهدفون فيك الثبات .

وانت في هذا الحال لا محيد لك عن طريقين :

الاول: طريق استسلام وخضوع .. تبيع فيه دينك وتطيع هواك ودنياك وشيطانك .. وقد وعدت فيه بالخزي والذل في الدنيا والاخره .

والثاني: طريق مجاهده وثبات .. ومغالبة ومكابده .. وقد وعدت فيه بالنصر والظفر والسعاده في الدنيا والاخره .
قال تعالى : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع الحسنين ) {العنكبوت :69} .. فاي الطريقين تختار ؟!

تسلح بالعلم

على قدر العلم تكون الخشية لله ! قال تعالى(انما يخشى الله من عباده العلماء) { فاطر:28} .
وعلى قدر الخشيه يكون الثبات . قال تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياه الدنيا وفي الاخره) {ابراهيم:27} .
فالعلم ينور القلب بمعرفة الله جل وعلا , ومعرفة دينه وشرعه , ومعرفة حقائق الحياه غيبها وشهودها .. وهذا النور به تنجلي ظلم الشكوك والحيره , والريبه والظن , وبه يستقر اليقين ويحصل الثبات .

قال تعالى : ( فاعلم انه لا اله الا الله ){ محمد :19}, فدلت هذه الايه على ان العلم هو اساس الايمان .
وقال سبحانه : ( ومن يؤمن بالله يهد قلبه ) { التغابن : 11 } , فدلت هذه الايه على ان ثبات القلب اساسه الايمان .
وقال سبحانه ( فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) { الحج: 46}, فالثبات على الدين منوط في الاصل ببصيرة القلوب وهداها .. وكذلك منوط بالايمان بالله جل وعلا والذي قاعدته واصله هو العلم , ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ".

وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم العالم افضل من العابد الجاهل , فقال : " وفضل العالم على العابد كفضلي على ادناكم " , وذلك لأن العابد الجاهل لا يثبت في وقت الفتنه ؛ لقلة علمه بحقائق الامور ؛ ولضعف بصيرته عن ادراك الفتنه و التمييز بين الحق والباطل , بينما العالم راسخ في التمييز بين حقائق الاشياء , فتجده في الفتنه اثبت الناس ؛ لانه يرى بعين عقله وقلبه ما لا يرى الناس .

فتسلح اخي بسلاح العلم .. وتعلم اصول الايمان .. واعكف على كتاب الله دراسه وحفظا وتجويدا .. واطلب علم الفرائض والسنن .. وزاحم العلماء في المجالس .. فان فقهك في الدين مخرج لك في زمن الفتنه .. وزاد لك الى الله .. وقوة لك على الدعوه والبيان .. ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات ) { المجادله :11}.

احفظ الله يحفظك


اذا عرفت الله .. عرفت كل شي .. وتبينت لك حقيقة كل شي .. لان المعرفة بالله نور يكسو القلوب .. فيجلو صدأها ورانها .. فاذا بصرها حديد !
عند الفتنه .. عند الفتنه تظهر ثمار المعرفه .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تعرف الى الله في الرخاء يعرفك الله في الشدة " ..وهل الفتنه في الدين الا اشد الشدائد على المرء !

اخي .. فتعرف الى الله في خلواتك .. ولازم مراقبته بقلبك .. فهو اقرب اليك من حبل الوريد .. كما قال تعالى : ( ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن اقرب اليه من حبل الوريد){ق:16}.

تعرف اليه باستحضار عظمته .. وتعظيم معيته .. وذكر اطلاعه ومراقبته .. تعرف اليه بالوقوف عند نهيه ..
والالتزام بامره .. والمسابقه اليه .. فانك ان كنت كذلك .. كنت اثبت الناس في الفتن .. وابعد عن الوقوع في الشبهات والشهوات.

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال :" يا غلام , اني اعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك , احفظ الله تجده تجاهك , اذا سالت فاسأل الله , واذا استعنت فاستعن بالله , واعلم ان الامه لو اجتمعت على ان يضروك بشيء لم يضروك الا بشي قد كتبه الله عليك , رفعت الاقلام وجفت الصحف "{رواه الترمذي واحمد }.

قال بعض الصالحين :" اذا اردت ان توصي صاحبك او اخاك او ابنك فقل له : احفظ الله يحفظك ".
وقال احد العلماء :" تاملت في هذا الحديث , فكدت ادهش لما فيه من المعاني الجليله ".
وقال سليمان بن داود عليهما السلام :" تعلمان مما تعلم الناس , ومما لم يتعلم الناس , فما وجدنا كحفظ الله في الغيب والشهادة ".
فاحفظ الله في شرعه ودينه .. يحفظك من شرور الفتن .. ويثبت قلبك على الحق .


لا يضرك انك وحدك

أخي .. لا يضرك إذا كنت على طريق الطاعة والالتزام .. أن تكون فيه وحدك .. فطريق الطاعة طريق غربه .. فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدا فطوبى للغرباء "{ رواه مسلم }.

وعند الترمذي قال صلى الله علية وسلم : " ان الدين بدا غريبا , وسيرجع غريبا فطوبا للغرباء ، الذين يصلحون ما افسد الناس من سنتي ".
فالغربه صفه لازمه للمؤمن الصادق في زمن الفتنه !.. لا تضره ولكن ترفع قدره .. وتزيد اجره عند الله جل وعلا .. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم :" فطوبى للغرباء ".

والمؤمن الغريب .. هو من يثبت على الطاعة إذا تذبذب الناس .. ويسابق إلى الفرائض إذا تخلف عنها الناس ..ويسارع إلى الخيرات إذا تقاعس عنها الناس .. يريد مراد الله في كافة شانه .. ولا يلتفت إلى مراد الناس من حوله .. لا يفتنه قلة السائرين .. وكثرة المعارضين .. بل يزيده ذلك إيمانا وتمسكا وثباتا لأنه يدرك أن الأيمان قليل أهله .. والعصيان كثير اتباعه .. قال جل وعلا :( وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) , وقال تعالى : (ولكن اكثر الناس لا يعلمون).

اخي .. انت ومن حولك في امتحان .. مكانة الارض .. ومجاله هذه الحياه .. ومادته التقوى .. ونتيجته في المعاد ! فاذا كان يسرك ان تكون من الفائزين يوم القيامة .. فاحرص على ان لا يضرك كثرة المخالفين اليوم ..(فاعبدوا ما شئتم من دونه قل ان الخاسرين الذين خسروا انفسهم واهليهم يوم القيامه الا ذلك هو الخسران المبين ){الزمر :15}

الا ترى ان العصاة انفسهم يشهدون على انفسهم بقلة العقل اذا راوا حقيقة اعمالهم يوم القيامه اذ قالوا (وقالوا لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقا لاصحاب السعير ){ الملك :10,11}.

وقال ابن رجب رحمه الله :" فالمؤمن في الدنيا كالغريب المجتاز ببلده غير مستوطن فيها يشتاق الى بلده وهمه الرجوع اليها, التزود بما يوصله في طريقه الى وطنه , ولا ينافس اهل ذلك البلد المستوطنين فيه عزهم , ولا يجزع مما اصابه عندهم من الذل "{ كشف الكربه ص 23 }.

وقال الحسن :" المؤمن في الدنيا كالغريب ؛ لا يجزع من ذلها ولا ينافس في عزها , له شان وللناس شان ".

اخي الكريم : انه لحقيق بمن آمن بالقران .. واعتقد انه حق من عند الله .. وهو يتلو قول الله جل وعلا ( يا قوم انما هذه الحياة الدنيا متاع وان الاخره هي دار القرار ) { غافر :39 }.. ان يحيا في الدنيا غريبا مسافرا ... وان يوطن نفسه للرحيل .. وان لا يغتر بمن اتخذ الدنيا دار القرار ..

قال الاوزاعي رحمه الله :" اما انه ما يذهب الاسلام , ولكن يذهب اهل السنه حتى ما يبقى في البلد منهم الا رجل واحد ".

وكان الحسن يقول لاصحابه :" يا اهل السنه ترفقوا – رحمكم الله – فانكم من اقل الناس ".
وقال ابن رجب رحمه الله :" ولهذا وصف اهلها أي –اهل السنه – بالغربه في اخر الزمان لقلتهم وغربتهم فيه , ولهذا ورد في بعض الروايات تفسير الغرباء:" قوم صالحون قليل في قوم سوء كثير من يطيعهم ".

وفي هذا اشارة الى قلة عددهم , وقلة المستجيبين لهم والعابدين منهم , وكثرة المخالفين لهم والعاصين لهم , ولهذا جاء في احاديث متعدده مدح المتمسك بدينه في اخر الزمان , وانه كالقابض على الجمر , وان للعامل منهم اجر خمسين ممن قبلهم , لانهم لا يجدون اعوانا في الخير "{ كشف الكربه ص 12 }.


كن مع مراد الله حيث كان

فان الله جل وعلا قد وعد المخلصين من عباده بالكفايه من سائر الشرور , فقال تعالى : ( اليس الله بكاف عبده ).

فتحقيق العبوديه لله جل وعلا من وسائل الثبات على الحق في زمن الفتنه , وبحسب العبوديه تكون الكفايه .
فمن كانت عبوديته تامة .. كانت كفايته تامه ..
ومن كانت عبوديته ناقصه .. كانت كفايته ناقصه .

والمؤمن المسدد هو الذي يعبد الله بما يريده سبحانه .. ويتقلب في مرضاته كما اراد من ربه .. " فهذا العبد المطلق , الذي لم تمتلكه الرسوم , ولم تقيده القيود , ولم يكن عمله على مراد نفسه , وما فيه لذتها وراحتها من العبادات , بل هو على مراد ربه , ولو كانت راحه نفسه ولذتها في سواه , فهذا هو المتحقق بـ"اياك نعبد واياك نستعين " حقا , القائم بها صدقا , ملبسه ما تهيا , وماكله ما تيسر , واشتغاله بما امر الله به في كل وقت بوقته , ومجلسه حيث انتهى به المكان ووجده خاليا , لا تملكة اشاره , ولا يتعبده قيد , ولايستولي عليه رسم , حر مجرد دائر مع الامر حيث دار , يدين بدين الامر انى توجهت ركائبه , ويدور معه حيث استقلت مضاربه , يأنس به كل محق , ويستوحش منه كل مبطل , كالغيث حيث وقع نفع , وكالنخله يسقط ورقها , وكلها منفعه حتى شوكها , وهو موضع الغلطه منه على المخالفين لامر الله , والغضب اذا انتهكت محارم الله , فهو لله , وبالله , ومع الله ,وقد صحب الله بلا خلق , وصحب الناس بلا نفس , بل اذا كان مع الله عزل الخلائق عن البين , وتخلى عنهم , واذا كان مع خلقة , عزل نفسه من الوسط وتخلى عتها , فواها له ! ما اغربه بين الناس ! وما اشد وحشته منهم ! وما اعظم انسه بالله وفرحة به وطمانينته وسكونه اليه , والله المستعان " {تهذيب مدارج السالكين 1/104}

  رد مع اقتباس