عرض مشاركة واحدة
قديم 28 / 07 / 2013, 30 : 04 PM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي لماذا يُمنع غير المسلمين من دخول مكة؟


طرح الدكتور حامد الرفاعي رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار نموذج من النماذج الإيجابية للحوار بين الأديان، وقد نُشر هذا النموذج في جريدة المدينة في عددها الصادر بتاريخ 23/8/1429هـ. وأجاب الدكتور الرفاعي جزأه الله خير على سؤال طرحه المستر تومس فار/ رئيس لجنة الأديان في وزارة الخارجية الأمريكية عن سبب منع غير المسلمين من دخول مكة المكرمة.
وقد أعجبني الحوار، وودت أن نتشارك في الاستفادة مما ورد فيه.
قال السائل: أرجو ألا أزعجكم إن سألتكم: لماذا المملكة العربية السعودية تمنع غير المسلمين من دخول مكة..؟
فأجابه الدكتور حامد ( والذي سأشير إليه لاحقاً بمسمى الدكتور) قائلاً: أستأذن الزميل السائل بإدخال تعديل على صيغة السؤال ليكون بنظرنا أكثر دقة وموضوعية.. وإلاَّ سأجيب عليه كما ورد ولا حرج..
فابتسم السائل قائلاً: لا مانع من التعديل ما دام لا يلغي الغاية من السؤال.
قال الدكتور : التعديل لن يلغي غاية السؤال بل سيؤصلها من الناحية الدينية.. والتعديل كما يلي: ما هي المبِّررات الدينية التي تلزم السعودية باتخاذ قرارها بمنع غير المسلمين من دخول مكة..؟
ومبِّرُر التعديل أن قرار المنع بشأن هذه المسألة يقوم على مبررات ونصوص دينية، ليس للمسلمين بعامة ولا للسعودية بخاصة تجاهها خيارٌ إِلاَّ الالتزام والتنفيذ، فالمنع ليس كما يتصوره البعض قراراً سياسياً من القيادة السعودية..
فالقيادة السعودية تجاه مثل هذه المسائل الدينية شأنها شأن كل مسلم، لا تملك إلا الالتزام بالقواعد الدينية من غير زيادة أو نقصان..
وهذا التوضيح هو المبرر لطلب التعديل في السؤال إن كان مقبولاً ليكون البحث والحوار مركزاً حول معرفة المبررات الدينية ومقاصدها وغاياتها، ومن ثمّ فهم موقف المسلمين منها باعتباره موقفاً دينياً بحتاً، تمليه ضرورات الإيمان والاعتقاد الديني، شأنهم في ذلك شأن أهل الأديان الأخرى في موقفهم من مسائل الاعتقاد لديهم.. وليس كما يتوهم البعض أنه موقف بشري تعصبي أو موقف سياسي تمليه مفاهيم خاصة.
فابتسم السائل ثانية قائلاً: لقد تفهمت التعديل ومبرراته.. وأنا جاهز للتعرف على المبررات الدينية لقرار منع غير المسلمين من دخول مكة.

قال
الدكتور:
أولاً: إن مكة المكرمة مكان عبادة، لا يقصدها المسلمون من غير أهلها ولا يدخلونها من حيث الأصل إلا للعبادة، وما يترتب للمسلم مع العبادة من مصالح أو منافع أخرى، إنَّما هي بسبب ما تتطلبه خدمات هذه العبادة وليست مقصودة لذاتها، فلولا عِلَّة العبادة والتعبد بسبب وجود بيت الله فيها، ولولا دعوة الله جلّ شأنه للمسلمين بالحج واعتبار الحج فريضة وركناً من أركان الإسلام، لما طمع أحد من المسلمين بسكنى مكة أو زيارتها، ولما قامت مكة من حيث الأصل ولما كان لها وجود، لأنها بكل المعايير المدنية والحضارية لا تمتلك مقومات الوجود الحيوي المادي بالأصل،
فهي بوادٍ جاف تطوِّقه جبال عالية جرداء قاسية المراس، فمبرِّر وجودها كان دينياً، وتطوُّرها على مَرِّ الزمان كان لحاجات دينية، وزيارتها والتوجه إليها لمقاصد دينية، والسكن فيها لأسباب مرتبطة بأمور دينية خالصة، وهذا كله مؤكد بنصوص دينية من القرآن الكريم والسنة النبوية، وها هي اليوم من أجمل وأجل مدن العالم بسبب من الحرص الشديد والعناية الخاصة من القيادة السعودية، التي عملت بجد وبذلت الكثير ولا تزال تعمل وتبذل كل ما بوسعها لتكون هذه المدينة الربَّانية بالوضع الحضاري، الذي يليق بقدسيتها ومكانتها في قلوب المسلمين قاطبة.

ثانياً: ولعظمة هذا المكان وعظمة قدسيَّته ولاعتباراته الدينية، فقد اختصه الله تعالى بآداب وأحكام ومراسيم محدَّدة، ورسم له حدودا جغرافية دينية تعبدية، وفق دوائر جغرافية متعددةٍ تحيط بمكة المكرمة، لكلِّ دائرة منها أحكامها الشرعية والتعبدية بما يتعلق بمكة، وهذا ما يمـكن تسميته بالإنجليزية (Geo-religious) أي أن لكل دائرة جغرافية أحكامها الدينية، على كل مسلم أن يلتزم بتلك الأحكام والآداب والقواعد، وأيُّ مخالفةٍ لذلك يترتب على المسلم بموجبها عقوبات دينية ومادَّيةٍ محددةٍ، مع وجوب التوبة إلى الله والاستغفار، أما الدوائر أو الحدود الجغرافية الدينية لمكة المكرمة هي:

أ دائرة المسجد الحرام.
ب دائرة مكة المكرمة.
ج دائرة الحدود المحلية للحرم المكي.
د دائرة الحدود الدولية للحرم المكي.
هـ دائرة ما وراء الحدود الدولية للحرم المكي.

هذه الدوائر الخمس لكلٍّ منها أحكامها الدينية والتعبدية، التي ينبغي على المسلم التزامها واحترامها وعدم مخالفتها، وعلى سبيل المثال: إذا رغب مسلم بزيارة مكة للعمرة فعليه أن يعرف حدود المنطقة التي سينطلق منها لأداء هذه العبادة، ومن ثمّ معرفة الأحكام الدينية والشروط المطلوب توفرها لتكون زيارته صحيحة، فلو كان مثلاً يعيش في دائرة ما وراء الحدود الدولية لمكة، ورغب في زيارة مكة فعليه إذا وصل الحدود الدولية أن يقوم بالأعمال التالية:

1- يخلع ملابسه العادية.
2- يغتسل.
3 - يلبس لباس الإحرام المعروف.
4 - يتوضأ ويصلي ركعتين سنة الوضوء.
5 - يعلن قصده من الزيارة أهي للعمرة أم الحج؟
6 - يبدأ ـ وبصوت مسموع لمن حوله بترداد النص الشرعي للتلبية وهو (لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إنَّ الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك).
وفي حالة المخالفة لهذه الشروط أو لأحدها، يترتب على المسلم عقوبة بقدر نوع المخالفة، مع التوبة والاستغفار.
وهذا يعني وبكلِّ وضوح أن مكة المكرمة ليست مدينة مفتوحة على الإطلاق وبدون شروط للمسلم نفسه، فمن باب أولى ألاّ تكون مفتوحةً على الإطلاق لغير المسلم.

فمن أراد دخولها فلابد أن يلتزم شروط وأحكام وآداب الدخول إليها.
فقال السائل: لو قمت أنا شخصياً بامتثال وتنفيذ هذه الشروط هل بإمكاني دخول مكة؟
قيل له: نعم ولن يستطيع أحد أن يمنعك من دخولها إذا قمت بأداء هذه الشروط، ونحن لسنا مكلفين أن نتقصى حقيقة ما في قلبك، فيما إذا عملت بهذه الشروط عن إيمان بها أو بدوافع أخرى، وذلك لسبب بسيط هو أن المسلمين مأمورون بالتعامل في قضية الإيمان مع ما يعلنه الإنسان بلسانه ويؤديه من أعمال، أما حقيقة سريرته وما يحيك في صدره فهذا أمر يترك إلى الله تعالى، فهو سبحانه الذي يحكم على السرائر.

فقال السائل لقد بدأت أتفهم حقيقة موقفكم من منع غير المسلم من دخول مكة.. بل إنه موقف مبرَّرُ دينياً ومقنع».

( استفدت كثيراً من هذا الحوار، فقد استفدت منه بعض المعلومات المتعلقة بموضوع السؤال، واستفدت منه أيضاً عن كيفية إدارة حوار إيجابي بين طرفين وهو ما كان عليه الدكتور الرفاعي جزأه الله خير الجزاء).

  رد مع اقتباس