عرض مشاركة واحدة
قديم 07 / 04 / 2014, 54 : 11 AM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي إخفاء الأجل وصلاح المجتمع


بعد مرور حوالي ساعة من الحديث مع شخص أوربي كان يجلس في الكرسي المجاور لي في الطائرة الغير السعودية القادمة من خارج المملكة، والتي كانت تُقدم للركاب المشروبات الكحولية وغير الكحولية، سألني ذلك الشخص عن سبب عدم شربي للمشروبات الكحولية.

قلت له: إنها محرمة في ديننا لأسباب عديدة منها أنها تؤدي بالعقل فيفقد الإنسان قدرته على التحكم فيما يقول ويفعل، فتكون من نتائج ذلك الإضرار بالآخرين.
قال: ولكني رأيت الكثير ممن هم على دينك يشربونها.
قلت له: كما أن من المسيحيين من يخالفون تعاليمكم الدينية فكذلك الحال في ديننا، ولهذا وضع الله العقوبات لكل من يعصي أوامره ولا يجتنب نواهيه.
قال لي: يمكنك أن تشرب إذا أردت ثم تتوب.

ثم قلت له: هل تعلم متى ستموت حتى تتوب قبل ذلك؟
قال: لا أعلم متى سأموت، ولا أعلم ما هي الحكمة من عدم معرفتنا لساعات آجالنا، ولماذا لا يعلم كل منّا متى وأين سيموت.
قلت له: أن من نِعم الله علينا أن جعل آجالنا غير معروفة لنا.
قال: كيف تكون نعمة وأنت لا تعرف إن كنت ستعود إلى بيتك عندما تخرج منه أو لا؟!.

قلت له: تخيل بأن كلُ منّا يعرف متى سيموت، فمن المتوقع لدى نسبة كبيرة من الناس أنهم سيعيشون حياتهم كما يشاؤن بدون ضوابط، ويكون الخاسر في هذه الحالة هو المجتمع الذي ستشوبه الفوضى، ثم عندما يقترب موعد رحيلهم عن هذه الدنيا الذي يعرفونه سلفاً نجدهم يعودون إلى الله ويتوبون.
بينما هناك قسم من الناس إذا علموا بموعد موتهم سيعيشون حياتهم بكدر وخاصة عندما تقترب أوقات آجالهم، فتكون النتيجة هي تعطل حركة إعمار الأرض بالأعمال الصالحة والتي خلقنا الله لها.
قال معقباً: من الممكن أن يحدث هذا فعلاً.

قلت له: أليس معلوماً في الأديان السماوية بأن هناك جنة وهناك جهنم، بحيث تكون الجنة مثوى من يعبدون الله ويعملون الصالحات ويشملهم الله برحمته، بينما تكون جهنم مصير العاصين والظالمين لغيرهم.
قال: نعم.

قلت له: من الطبيعي عندما تكون ساعة رحيلك عن هذه الدنيا غير معروفة لك لأنك لا تعلم إن كنت ستموت خلال دقائق أو بعد عدة أعوام، فأنت ستحرص على أن تكون ممن يعملون الصالحات في كل وقت حتى لا يداهمك الموت فجاءه وأنت على غير ذلك فتكون من الخاسرين.
قال: فعلاً، هذا هو المنطق.

قلت له: وإذا حرص جميع أفراد المجتمع على تطبيق هذا المفهوم في حياتهم وحرصوا على عمل الصالحات وابتعدوا عن السيئات لحرصهم على أن تكون وفاتهم وهم لا يعملون السيئات فسنجد بأن المجتمع سيخلو بنسبة كبيرة من السلبيات والتجاوزات.

قال لي : من أين أتيت بهذه الفلسفة؟
قلت له: إن الأمر ليس فيه اجتهاد شخصي وإنما يفرضه المنطق والعقل على كل مؤمن بالله العظيم، وقبل ذلك تعاليم الأديان السماوية التي تنص على ذلك ومنها ما ورد في القرآن الكريم عن الموت مثل: { وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا * فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }.

وطالما عرف الإنسان منّا ذلك، فإنه يجب أن يكون مستعداً لحلول أجله في أي لحظة حتى وإن كان نائماً، فيترك غروره الدنيوي ويعود إلى خالقه في كل الأوقات.

  رد مع اقتباس