عرض مشاركة واحدة
قديم 18 / 12 / 2008, 07 : 07 PM   #2
الشامخة 
العضويه الفضيه

 


+ رقم العضوية » 35041
+ تاريخ التسجيل » 17 / 03 / 2008

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 824
+ معَدل التقييمْ » 255
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

الشامخة غير متواجد حالياً

افتراضي

يتبع


وفي الشتاء تذكرة

من اجتهد في طاعة الله سبحانه وتعالى، كان حقًّا عليه سبحانه أن يقيه برد جهنم وحرها، فقد وصف -سبحانه وتعالى- أهل النار وما يتعرضون له من عقاب أليم بقوله: "لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلاَ شَرَابًا * إِلاَّ حَمِيمًا وَغَسَّاقًا * جَزَاءً وِفَاقًا" [النبأ: 24 - 26].. والغسّاق قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما إنه "الزمهرير البارد الذي يحرق من برده"!

وأضاف مجاهد: "الذي لا يستطيعون أن يذوقوه من برده"!

لذلك كان من شيم المؤمنين الدعاء بهذا الدعاء: "اللهم أجرني من زمهرير جهنم". ففي حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم شديد البرد، فإذا قال العبد: لا إله إلا الله.. ما أشد برد هذا اليوم.. اللهم أجرني من زمهرير جهنم، قال الله تعالى لجهنم: إن عبدًا من عبيدي استجار بي من زمهريرك، وإني أشهدك أني قد أجرته" (ضعيف الإسناد، رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" برقم/ 301)، والسهمي في "تاريخ جرجان" (486) بإسناد ضعيف.

سريع دخوله بعيد خروجه

امتن الله تعالى على عباده بأن خلق لهم من أصواف بهيمة الأنعام، وأوبارها، وأشعارها، ما فيه دفء لهم، قال الله تعالى: "وَالأنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَّمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ". [النحل: 5]. كما شرع الله تعالى لعامة خلقه دفع ما يجدون من أذى البرد، باللباس وغيره مما يبعث على شعور المرء بالدفء.

روى ابن المبارك عن صفوان بن عمرو عن سليم ابن عامر قال: "كان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه إذا حضر الشتاء تعاهدهم، وكتب لهم بالوصية إن الشتاء قد حضر، وهو عدو، فتأهبوا له أُُهبته من الصوف والخفاف والجوارب، واتخذوا الصوف شعارًا ودسارًا، فإن البرد عدو سريع دخوله بعيد خروجه".

"وإنما كان عمر يكتب بذلك إلى أهل الشام لما فُتحت في زمانه؛ إذ كان يخشى على من بها من الصحابة وغيرهم ممن لم يكن له عهد بالبرد أن يتأذى ببرد الشام، وذلك من تمام نصيحته، وحسن نظره، وشفقته، وحياطته لرعيته.. رضي الله عنه". (3).

أذكار وأدعية

من الظواهر التي يحفل بها الشتاء -مقارنة بغيره من فصول العام- هطول الأمطار، ووقت هطولها من الأوقات التي يُستحب التوجه فيها بالدعاء إلى الله عز وجل، باعتباره من أوقات رجاء الإجابة، وقبول الدعاء.

كما يُستحب الذكر عند نزول المطر، وأفضل الذكر ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان يقول عند نزول المطر (الغيث): "اللهم صيبًا هنيئًا". (خرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة)، وكان يقول كذلك: "اللهم صيبًا نافعًا" (أورده الإمام النووي في الأذكار (478) ص: 253).

وعند اشتداد المطر؛ إذ علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقول: "اللهم حوالينا ولا علينا، الله على الآكام والظراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر".

أما إذا عصفت الريح فقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقول: "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أُرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أُرسلت به".

وعن الريح قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الريح من روح الله، تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها، واسألوا الله خيرها، واستعيذوا بالله من شرها".

أما عند سماع الرعد فورد عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان إذا سمعه ترك الحديث، وقال: "سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته".(4)

أنمناهم وأقمناك

إذا وفقك الله تعالى -أيها القارئ الكريم- إلى قيام بعض ليالي الشتاء، أو صيام بعض أيامه، أو غير ذلك مما ورد في هذا المقال من الطاعات، فاحمد نعمة الله على أن أيقظك لعبادته، والناس من حولك -إلا من رحم الله- نيام، واحمده كذلك على أن وفقك للصيام؛ إذ الناس من حولك -إلا من رحم الله- مفطرون.

رُوي عن داود بن رشيد، قال: "قام رجل ليلة باردة ليتوضأ للصلاة، فأصاب الماء باردًا فبكى، فنُودي: أما ترضى أنا أنمناهم، وأقمناك؟! (خرجه ابن السمعاني من رواية داود بن الرشيد).

أخيرًا: أختم بهذه الأبيات الطيبة لأحد الشعراء؛ إذ يقول:

كم يكون الشـتاء ثم المصـيف
وربيع يمضي ويأتي الخريف

وارتحال من الحرور إلى البرد
وسـيف الردى عليك منيف

يا قليل المقام في هـذه الـدنيا
إلى كـم يغرك التسـويف؟

يا طالب الزائل حتى مــتى
قلبك بالزائل مشـغـوف؟!

عجبًا لامرئ يذل لذي الـدنيا
ويـكفيه كل يوم رغـيف!!


الهوامش والمراجع:

1- الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي، لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف، ضبط وتحقيق: رضوان جامع رضوان، القاهرة، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، ط1، (1422هـ،2002م)، ص:416.

2- الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي، لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف، مرجع سابق، ص: 417.

3- الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي، لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف، مرجع سابق، ص: 421.

4- محمد ناصر الدين الألباني، صحيح الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية، المكتب الإسلامي، ط 7، (1405هـ، 1985م)، ص: 67، 68.

  رد مع اقتباس