عرض مشاركة واحدة
قديم 23 / 04 / 2019, 59 : 03 AM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي مصائب قومٍ عند قوم فوائدُ

هناك بعض الأمثال والعبارات التي نسمعها باستمرار ونعتبرها من المسلمات بدون أن نتمعّن فيها ونفهم المقصود منها، ومن تلك العبارات عبارتي "رب ضارة نافعة"، وكذلك "مصائب قومٍ عند قوم فوائدُ".
سبب طرحي لهاتين العبارتين هو ما عايشته الليلة البارحة، ففي جوار الفندق الذي ننزل فيه هذه الأيام في مانيلا في الفلبين هنالك ميدان يقع بين عدد من الفنادق والأسواق التجارية، وفي ذلك الميدان يوجد بوفيه متنقل ممن يسميهم الناس "Food Truck”، يعمل في الفترة المسائية فقط، وكنت أمر في السابق بالقرب من هذا البوفيه فلا أرى هناك أي مشترين منه.

في مساء يوم أمس أصابت مانيلا وبعض المناطق المجاورة لها هزة أرضية بمقدار 6.1 حسب مقياس رختر، ونتج عن ذلك أن تم إخلاء الساكنين والعاملين في تلك الفنادق وكذلك العاملين في الأسواق التجارية، وتوجه الجميع ومنهم أسرتي وأنا إلى نقطة التجمع المخصصة سلفاً لمثل هذه الحالات وهي الميدان الذي يوجد به البوفيه المتنقل.
مع مرور الوقت بدأ الفزع يخف ويحل مكانه الاطمئنان بين المجتمعون في ذلك الميدان والذين يصل عددهم إلى الآلاف، ومن ثم الشعور بالجوع، ولما لم يكن أمام الجائعون والجائعات سوى ذلك البوفيه المتنقل الذي تحول صاحبه من شخص حزين يبحث عن الزبائن إلى الاستعانة ببعض أقاربه لمساعدته في العمل لمواجهة طلبات المشترين الذي وقفوا في طابور يطول ويقصر خلال الثلاث ساعات التي بقينا فيها في نقطة التجمع نلك.
أكاد أجزم بأنه لم يبع في حياته من الطعام والشراب مثلما باعه الليلة الماضية، وكأنما هو يقول في قرارة نفسه " ليت الهزة الأرضية تتكرر يومياً".
الشيء الطريف أنني خرجت مبكراً صباح اليوم ومررت به فوجدته ينتظر الزبائن، فسألته: أراك متواجداً صباحاً على غير العادة"، فقال: " لم أنم من البارحة مستعداً لأي تطورات".

أعود إلى مقدمة الموضوع وهي عبارة "مصائب قوم عند قوم فوائد" لأجدها تنطبق تماماً على ما حدث البارحة مع صاحب البوفيه المتنقل، ولكن الفائدة الكبرى كانت في الخوف الذي شعر به الجميع ليتفكروا بقدرة الله سبحانه وتعالى حتى وإن لم يكونوا مسلمين، حيث كانت تلك الثلاث ساعات التي أمضيناها في نقطة التجمع فرصة لنا للحديث الودي مع من كان جلوسنا بجوارهم من الفلبينيين وغيرهم حول أهمية أن يكون كل شخص منّا مستعداً لمغادرة هذه الدنيا في أي وقت من خلال طاعة الله والابتعاد عن كل ما يُغضبه جل وعلا، وكانوا ينصتون فعلاً لنا ونحن نتحدث معهم حول هذه النقطة، بل أن بعضهم وعد بأن يُغيّروا من أساليب حياتهم إلى الأفضل.

حفظ الله الجميع بحفظه.

  رد مع اقتباس