عرض مشاركة واحدة
قديم 18 / 03 / 2013, 12 : 12 PM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي الاحتراسِ في اللغة


الاحتراس بمفهومه العام عند أهل البلاغة هوأسلوب يلجأ إليه المتكلم عندما يتكلم بكلام قد يُفهم منه غيرُالمراد منه، فيضيف المتكلم مفردة أو عبارة معترضة؛ ليُخرج الظن، أو الشك ، أو سوء الفهم ، أونحو ذلك من أذهان المستمعين.
وقد جاء في لسان العرب: "حرس الشيء: يحرسه، وتحرسّت من فلان واحترست منه بمعنى: تحفظت منه" .
ولتوضيح المقصود من معنى الاحتراس، نستعرض بعض الأمثلة التي وردت في القرآن الكريم وفي بعض نصوص الأدب العربي التي تضمنت على احتراس في نصوصها.

المثال الأول: نلاحظه في قوله تعالى:{ أسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء} (القصص:32 ) وردت (من غير سوء) في الآية الكريمة للتأكيد على أن اليد البيضاء ليست بسبب مرض أصابها مثل البهاق أو البرص.

ونلاحظ الاحتراس أيضاً في قوله تعالى:{ لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّل َاللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِين َدَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}(النساء-6).
فقوله عز وجل (غير أولي الضرر) احتراس يدفع التوهم أن القاعد بعذر داخل في مفهوم عدم التساوي الذي أشارت إليه الآية الكريمة؛ لأن المتخلف بعذر له ليس مثل من تخلف بدون عذر.


ونلاحظ في قوله تعالى:{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ}( الفتح) نوع من أنواع الاحتراس حيث تتحدث الآية الكريمة عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم يظهرون لمن خالفهم في الدين الشدة والصلابة ، ولمن وافقهم فيه الرحمة والرأفة . وقد جمع سبحانه وتعالى بين الوصفين على سبيل الاحتراس ؛ فهم ليسوا أشداء مطلقًا ، ولا رحماء مطلقًا ؛ وإنما شدتهم على أعدائهم ، ورحمتهم لإخوانهم في العقيدة . أي : هم غلاظ أقوياء لا تأخذهم في أعدائهم رأفة ، وهم متعاطفون متوادُّون بعضهم لبعض.

ومن الأمثلة على الاحتراس في الشعر قول الشاعر طرفة بن العبد وهو يمدح قتادة بن مسلم الحنفي:
فسقى ديارك – غير مفسدها
صوب الربيــــع وديمة تهمي
ولما كان نزول المطر بكثرة يؤدي إلى فساد الديار وخرابها، فقد احترس طرفة من وقوعه في هذا العيب، وأتى بقوله: (غير مفسدها) احتراس عن المطر المسترسل الذي يسبب الخراب والدمار.

ومن أمثلة الاحتراس في الشعر أيضاً قول أبو الطيب المتنبي:
ويحتقر الدنيا احتقـــــــار مجرب
يرى كل ما فيها , وحاشاك, فانيا
فقوله ( وحاشاك) احتراس من دخوله في كل من فيها.

كما نلاحظ الاحتراس في قول الشاعر
ولست بذاخر أبدا طعـــاما
( حذار غد) لكل غد طعـام
الشاعر هنا يريد الاحتراس بعبارة ( حذار غد) فهو لا يريد أن يدخر طعاما خوفا لما يأتي به الغد ، إنما يريد أن يعيش يومه، أما غده فأمره إلى الله .

وبعد فقد كانت هذه بعض المعلومات والأمثلة المحدودة عن هذا الفن الجميل في اللغة العربية والذي يدل على فطنة المتكلم وحرصه على صيانة كلامه من أن يُفهم منه ما لا يريد المتكلم؛ وذلك مبالغة في الحيطة والحذر، ولزوما للدقة في تحرير المعنى المراد.

  رد مع اقتباس