عرض مشاركة واحدة
قديم 25 / 04 / 2008, 34 : 03 PM   #1
اسطورة الخريف 
عضو شرف

 


+ رقم العضوية » 33124
+ تاريخ التسجيل » 25 / 12 / 2007

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,223
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

اسطورة الخريف غير متواجد حالياً

افتراضي المباديء تتجزأ..أحيانا

السلام عليكم

تذكرت اليوم صباحا بعض المواقف التي مرت علي وجعلتني في حيرة هل أضحك أم أبكي , الانسان كائن اجتماعي بداخله صراع دائم تحتدم به نوازع الخير والشر.. الحق والباطل والمقبول والمفروض ويأتي هذا الصراع من خلال تفاعله مع البيئة المحيطة فهو يعيش داخل مجتمع يتأثر به ويؤثر عليه .

في بداية حياتي كنت معلمة فقد كان مؤهلي الدراسي وقتها يؤهلني لذلك , اشتغلت بالتدريس لمدة ست سنوات ثم تركت المهنة لعدة اسباب اقتنعت بها واقسمت ان لا أعود لها مرة أخرى وكانت بعض الاسباب تتعلق بالمباديء والقناعات .

في السنوات الأولى من عملي تم توظيفي بمدرسة صغيرة بها مجموعة من المعلمين والمعلمات حديثي التخرج مثلي وقتها .

كالمعتاد نوقع جميعا في دفتر الحضور صباحا ثم يتجه كل منا الى عمله داخل فصول المدرسة ولاحظت شيئا بعد عدة اسابيع يتكرر بصفة يومية , ثلاثة من الشباب (أ) و(ح) و(أ)هادئين ويتسمون بالأخلاقيات الراقية في التعامل , نظافة في المظهر وأناقة الى حد بعيد مع قدر من الثقافة واللباقة ولكن ........كانت المشكلة تتعلق بتعرضهم اليومي للتوبيخ في غرفة مديرة المدرسة نظرا لحضورهم بعد المواعيد المحددة مما جعل الأمر كوميديا الى حد كبير فكان الجميع اثناء التوبيخ يلقون الكلمات الساخرة ويضحك آخرون ويتم الخصم من رواتبهم أحيانا وتبدو على الثلاثة علامات اللامبالاة ويبدو ان الأمر عادي جدا وغير مزعج فقد اعتادوا ذلك .

في غرفة المدرسين والمدرسات كانوا يجلسون في صمت وكنت اصحح بعد الدفاتر ولكن اتابع صمتهم بعد ما تعرضوا لتوبيخ فاق الحدود هذا اليوم , نظرت اليهم وقلت ما المشكلة ؟

لماذا التأخير بشكل مستمر ماذا بكم ؟

وأتى الرد منهم في صوت واحد وبهدوء تام (ننام الساعة 4 الفجر ازاي نصحى الساعة 6 ؟)

و كان ردي (ما تنام بدري منك له , انتم كده معرضين للفصل , ليه السهر يوميا وليه البهذلة عاجبكم الخصم والتوقيع يوميا في دفتر التأخير ؟)

وردوا بما يفيد ان عملهم يستلزم ذلك ولا يستطيعون تركه , وطبعا استفسرت عن هذا العمل الذي يجمع مدرس لغة عربية ومدرس رياضيات ومدرس علوم .

وكان الرد كالصاعقة التي جعلتني في صمت لمدة 15 دقيقة وانا ابتسم وداخلي رغبة في البكاء

الاساتذة يعملون في فرقة موسيقية مع راقصة في الأفراح والحفلات

بعد 15 دقيقة من تبادل النظرات انفجرت في الضحك والحاضرين في الغرفة من هيئة التدريس يتساءلون (انتي مكنتيش عارفة دول شغالين ايه ؟) والثلاثة يبتسمون وانا اضحك وعيوني تذرف الدمع وأشعر بألم داخلي غريب .


فوضى كيف تجرأتم ؟ كيف وصل بكم الحال ؟ اين مبادئكم ؟

وفاجأتهم بسؤال (مش مكسوفين من نفسكم انت وهو وهو ؟)

وكان الرد مقنعا ليكشف لي كارثة ............. كارثة اصطدام المباديء مع صخرة الواقع وكيف يمكن ان يتم تجزئة المباديء على صخرة الواقع المؤلم .

الشباب قمة في كل شيء ومن اسر محترمة ولكن العمل مربح برغم حقارته فرواتبهم لا تكفي لاطعام طفلا لحاله فمن أين يمكن الحصول على شقة وأثاث ومهر للفوز بزوجة وتكوين أسرة .

جريمة في حق انفسهم ولكنه الحل الأمثل والمتاح .


تمر السنوات والتحق بالجامعة ومن الاساتذة هذا الفارس المغوار , الدكتور (م0 م) في الاربعينات من عمره راااااااائع بكل المقاييس كتبه من النوع الذي يصدر ضجة ما بين المدح والنقد والاشادة و الازدراء .

الاستاذ المذكور يهاجم في كتبه العولمة والاحتكار الاجنبي لثرواتنا والسيادة الرأسمالية وسياسة دولة عظمى داخل الوطن العربي و.........الخ .

بعد سنوات اتصل بالجامعة لأطلب موعد مع استاذي لاكمال مشوار دراسات تكميلية فأطلب مشورته كأستاذ اعتز وافتخر انني كنت يوما ما تلميذته , ويفاجأني الموظف على الهاتف بهجرة الاستاذ الى نفس الدولة العظمى التي كان يحاربها, بلا عودة بعد ما باع كل ممتلكاته وجزء من مباديء ظل سنوات مصرا عليها , لم تكن المادة هي وحدها الدافع ولكن ....... أمورا أخرى جعلته يلقي بمبادئه الى اقرب سلة مهملات ليعيش الواقع المرير بحذافيره

احداث ومواقف تحكي عن مباديء داخلنا اقتنعنا بقوة انها لا تتجرأ ولكن تم تفتيتها على أرض الواقع .

ما السبب ولم فعلنا ؟ وكيف تم ذلك لعدة أسباب وظروف وتغيرت نظرتنا لمقولة المباديء لا تتجزأ ولكن للأسف مضطرين لتجزءتها بقناعة الواقعية والتضاد بين المجرد والملموس والصراع الدائم والمستمر .

لا نؤيد ذلك ولا نرفضه

على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع والحكومات والعلاقات الداخلية والخارجية , فقد تدفع الجميع ظروفا وملابسات ومواقف تضطرهم الى ذلك ولأسباب متعددة فنجد البعض يجزؤن مبادئهم ليحظواببعض ما أفتقدوه ولم يتم الحصول عليه في ظل وجودها (المباديء) فقد تكون المباديء حاجزا يحرم الجميع من أحلامهم ومتطلباتهم فيسلكون سلوكا لا يعتبر جريمة في حق الغير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ولكنه جريمة في حق أنفسهم وفي حق قناعاتهم وما يؤمنون به .

يسعدني وجودكم ويشرفني حضوركم وبانتظار آراءكم

خالص تحياتي
اسطورة الخريف

لا تيأسن من اللبيب وإن جفا....واقطع حبالك من حبال الأحمق
فعداوة من عاقل متجمل.........أولى وأسلم من صداقة أخرق


 

  رد مع اقتباس