عرض مشاركة واحدة
قديم 10 / 08 / 2009, 14 : 07 AM   #56
wafei 
مدير عام المنتديات

 


+ رقم العضوية » 1
+ تاريخ التسجيل » 16 / 04 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 37,653
+ معَدل التقييمْ » 10199
شكراً: 264
تم شكره 102 مرة في 99 مشاركة

wafei متواجد حالياً

افتراضي رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...


/

مذكرات مغتربة في الأفلاج (27)

رائحة الزنجبيل

جميع المغتربات هنا غاضبات من قرار فصل زهرة بل وغير المغتربات ممن يعرفن عشوائية عمل إدارة التعليم هناك بل ويعرفن معلمات يتغيبن ويتلاعبن دون أن يصدر بحق إحداهن حكم رادع، مستغربات من صحوة الأنظمة الميتة وموت الإنسانية والضمير عند حالة زهرة تحديدا ،كنا جميعا متفاعلات ايجابيا مع قضية زهرة وكأنها قضيتنا، فكنا نسأل ونستفسر ونتصل على المحامين ونقرأ لوائح الخدمة المدنية ونستشهد بفلانة وعلانة ممن كن على وشك الفصل وقد تم إنذارهن مرتين وثلاث مرات ولم يفصلن، كما كنا نحث زهرة على عدم إعطاء الظالم الشرعية لظلمنا بالسكوت عنه والرضوخ والاستسلام، كانت زهرة تقول بابتسامة ساخرة دمي مهدور يا شيخة لأن المجرمين كثر ولا أعرف على وجه الدقة من ظلمني هل هي المديرة أم الإدارة أم الظروف؟

لكن بالرغم من كل هذا.. قررنا عدم الرضوخ والاستسلام وأصبحت قضية مصير، راجعت زهرة وزارة التربية والتعليم كثيرا فأفادوها في النهاية أن الأمر بيد وزارة الخدمة المدنية فتقدمت بشكوى لوزارة الخدمة المدنية وبعد أشهر من المماطلة كذلك جاءها الرد مطابقا لرد وزارة التربية والتعليم وكأنه نسخة كربونية منه.
مرت الآن قرابة سنة ونصف أو تزيد قليلا على فصل زهرة.. ابنها يتماثل للشفاء ولله الحمد إلا أن جروح القهر لا تزال غائرة.
أعيتها الحيلة، خاصة أنها ترسل كل شكاواها بالهاتف أو الفاكس فقد تخلى عنها حتى زوجها كردة فعل محبَطة بعد أن رأى بأم عينيه مكافأة تعب وغربة السنوات الماضية في ظل مرض ابنها ومعاناتهما معه كما أنه أصيب باليأس نتيجة عدم جدوى الشكاوى التي تقدمت بها زهرة لأكثر من جهة.

لكن مالا يعرفه زوج زهرة ولا الكثيرون غيره أن لنا ولزهرة بل لكل من خاضت تجربة الاغتراب بنجاح وبعزيمة وإصرار على صنع المستحيل، لنا جميعا إرادة تكسّر الصخر وهمة لا ينال منها اليأس والفتور والإحباط. لذلك تعاهدنا أنا وزهرة وليلى على الاستمرار قدما في ابتكار الطرق التي تعيد لزهرة حقها المسلوب إيمانا منا بعدالة مطالبتها، قمت أنا بالاتصال على إحدى الصحف المحلية وشرحت لهم قصة زهرة وكأنني صاحبة الشأن وأبديت رغبتي في النشر. فاستجابوا لي وكان أن نشرت القصة كاملة من أول طلب الإجازة الذي قدمته زهرة للمديرة وحتى صدور قرار طي القيد وزودتهم بصورة من الملف الذي وزعته علينا زهرة والذي يحمل كل أوراق قضيتها. وبقينا ننتظر أسبوعا كاملا دون جدوى وأنا أتصل كل يوم على زهرة أملا في أن يكون الموضوع قد لقي استجابة من أحد المسؤولين فترد زهرة بالنفي. في إحدى المرات أشارت عليها ليلى باللجوء إلى ولاة الأمر حفظهم الله فهم لا يرضون بالظلم، استحسنت زهرة الفكرة وأخبرتنا أنها أبرقت إلى الديوان الملكي تطلب الإنصاف من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله وكان وقتها وليا للعهد. فجاءها الرد عاجلا فقد حولت البرقية إلى وزارة التربية والتعليم مع طلب فتح ملف التحقيق من جديد وإعادة النظر في موضوع الفصل ومدى مطابقته للأنظمة. وبدأت القضية تأخذ دورة جديدة من التنقل بين الجهات صاحبة الاختصاص. ونحن ندعم زهرة ببث الأمل فيها وتقوية معنوياتها وهي القوية التي تعلمنا منها معنى الثبات، من ناحية أخرى لم نكن نقضي أيامنا كلها حزنا على مصير زهرة بل كان لنا موعد مع الفرحة بعد أن نقلت سلمى إلى المنطقة الشرقية، فاحتفلنا بها وزففناها عروسا في اليوم الذي غادرتنا فيه ونحن ندعو أن نلحق بها سريعا فقد آلمتنا الغربة وأخذت منا أجمل أيام شبابنا. قالت لها ليلى ما هو شعور زوجك بعد أن قرأ اسمك في الجريدة؟ ابتسمت سلمى ثم أجابت ببرود ولا زالت الابتسامة مرفرفة على وجهها كفراشات الصباح.. لم أعد متزوجة يا ليلى منذ قرابة ستة أشهر.. سألنا معا، ماذا؟ ما زالت سلمى مبتسمة قالت لم يحتمل غيابي فبحث عمن تنادمه وتصنع له الزنجبيل الذي يحبه في ليالي الشتاء الباردة.. تعرفون؟ كلما تذكرته أشعر برائحة شراب الزنجبيل تعلق بي وتخترق حواجز الزمن لتعود بي إليه، عجبنا منها ومن ابتسامتها أحسسنا بأنها ما زالت تحبه لذلك لم تحقد عليه.. قالت عذرته لزواجه بغيري لكنني لم أستطع أن أعذر خيانته لي وكذبه علي،أخفى عني الأمر طويلا.
ثم تحركت بسرعة وهي تقول (روح قلبكم النكد والسوالف اللي تجيب الغم، يالله عدنني أول نزله لكن للشرقية تزرنني هناك) لم تدع لنا مجالا لنسألها لماذا ومتى وكيف استطاعت أن تخفي عنا هذا الأمر؟ سلمى متصالحة مع نفسها غالبا....
الآن لم يتبق في شقتنا إلا أنا وليلى والهم ثالثنا ،الوحشة والغربة تكاد تفترسنا بدأت الجدران تقترب منا وتود لو أطبقت علينا حتى نهلك ألما.

/

  رد مع اقتباس