عرض مشاركة واحدة
قديم 06 / 10 / 2001, 15 : 07 AM   #1
الحارث 
عضو شرف

 


+ رقم العضوية » 783
+ تاريخ التسجيل » 04 / 08 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 752
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

الحارث غير متواجد حالياً

افتراضي رقعة الشطرنج الكبرى

رقعة الشطرنج الكبرى


أنور علي العسيري


الكتاب : رقعة الشطرنج الكبرى ( الأولويّة الأمريكية ومتطلباتها الجيوستراتيجية ) .
المؤلف : زبغنيو بريجنسكي .
التاريخ : 1997م
الترجمة : أمل الشرقي .
الطبعة العربية : دار الأهلية للنشر والتوزيع.
كتاب ينبغي أن يُقرأ وأن يُتعامل معه بجدّية ... لقد وضع " بريجنسكي " كتاباً آسراً يضم الكثير من التحليلات والتقديرات الدقيقة .
هكذا رأى " هلموت شميدت " المستشار الألماني السابق كتاب " رقعة الشطرنج الكبرى " .
الكتاب الذي خطه مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق " زبغنيو بريجنسكي " متميز في دقته , في طرحه .. نعم.... انه مستفز وفي بعضه متصادم مع رُؤانا بل قد تلمح في تعرُّجاتِ محاور طرحه رائحة عنجهية بتربع الولايات المتحدة الأمريكية للقمة.. .
الكتاب محاولة تنظيرية للإجابة عن السؤال المزعج لأمريكا...
- كيف تحافظ كقوة مركزية على سيطرتها العالمية لأطول فترة ممكنة ؟
- إذاً ما الذي دفعني إلى نثر هذه النصوص للسياسية الأمريكية ؟
لا يساورني شك في أن هذا الكتاب قد تداولته أروقة الإدارة الأمريكية بل قد استفادت كثيراً من تحليلاته واستراتيجياته المؤطرة ؛ بغية الحفاظ على السيطرة الأمريكية على العالم أطول مدة ممكنة..وهذا ما نأمله من أروقة صناع القرار السياسي الإسلامي في توجيه اهتماماتهم بتحليلات أبنائهم ذوي العقول الناضجة ، لكن الأهم من ذلك أنني أحاول أن أقرأ أهم إشعاعات هذا الكتاب من نافذة فهم العقلية السياسية الأمريكية وموقفها تجاه العالم ؛ لأن معرفة استراتيجيات إدارة العالم الجديد سيقدم للقارئ المفكرفرصة كبيرة لإبداع رؤاه واستنطاق فهمه وتحليل أدوات أمته بغية الوقوف بوجه العاصفة ، خاصة ونحن الجزء الفاعل والأهمَّ في تركيبة هذا العالم الحضارية رغم غيابنا ـ المؤقت ـ قسرا .
الكتاب الذي صدر عام 1997م لمستشار الأمن القومي الأمريكي السابق " بريجنسكي " تحت عنوان رقعة الشطرنج الكبرى نسج في سبعة فصول ، سمته بعض الصحف بالكتاب " المقلق " وهو ـ حقاً ـ كذلك .
يقدم " برينجسكي " التاريخ سرداً ، والتحليل فهماً ، والتوقع أداة ، والحلول نتائج .
المقدمة :
بدأ مقدمته بسرد تاريخي لمرحلة ما قبل الحرب الباردة ، وصراع القوى العالمية آنذاك للسيطرة على العالم حتى وقوفه على بوابة الوصول الأمريكي إلى القيادة العالمية ، معللا بناء أمريكا لإمبراطوريتها الديمقراطية على حد زعمه باختلافها عن الإمبراطوريات التقليدية السابقة .عرض بعدها لمراكز النفوذ العالمية في أزمنة مختلفة من الشعوب التي تقطن أوراسيا ( يقدم أطروحته باعتبار أوروبا وآسيا قارة واحدة يسميها أوراسيا ) وبالأخص القادمة من طرفها الغربي وإخضاعها بقية العالم لسيطرتها وبذلك تحصل على مكانة خاصة وتتمتع بامتيازات كونها القوة الأولى في العالم ... وهو يؤكد أهميتها الجيو بوليتيكية ليس لأن طرفها الغربي ( أوروبا ) مازال موطناً لجزء كبير من القوة الاقتصادية والسياسية في العالم ؛ إنما يعود ـ أيضا ـ إلى أن الطرف الشرقي ( آسيا ) مركزٌ حيوي للنمو الاقتصادي والسياسي ... ومن هنا وحسب رأي الكاتب فإن الكيفية التي تتعامل بها أمريكا المشتغلة بشؤون العالم تظل مهمة في هذا الجزء من العالم للحفاظ على سيطرتها فأوراسيا بالنسبة لـ " بريجنسكي " هي رقعة الشطرنج التي تدور عليها المعركة المستمرة من أجل الحصول على الزعامة السياسية العالمية .
ينتقل بعد ذلك للهدف النهائي للسياسة الأمريكية ـ كما يرسمه ـ وهو تشكيل جماعة دولية متعاونة بموجب التوجيهات بعيدة المدى والمصالح الجوهرية للإنسانية ..
المهم وعلى ـ لسان حرفه ـ ألا يظهر أي متحد ( أوراسي ) قادر على السيطرة على أوراسيا وبالتالي قادر على تحدي أمريكا . ومن ذلك يلحظ المتابع في هذا المنعـــــطـف وضووووح هذه السياسة فليس هناك تدخل ولا دعم ولا تعاون مع أي دولة في العالم تقدمه أمريكا بهدف دعم الإنسانية كما يزعم إعلامها من خلال المنظمات التي تسيطر عليها ، بل كل دولار لابد أن يتأكد المقرر الأمريكي إنه سيحقق منفعة مضاعفة لصالح السيد الرئيس الأمريكي !ثم يحق لنا أن نتساءل هل فعلاً ستفكر أمريكا في إخراج نفسها من الدور الأول لتقدم شركاء جدد ينافسونها ولو على أساس صياغة نظام عالمي جديد ؟ الحقيقة وإن هذه الفكرة وان صدرت من مستشار سابق لكنها قد لا تدور سوى في رأسه ؛ فأمريكا ليست بهذا الكرم الديمقراطي الذي يظن وهي أيضا ليست بهذا الغباء السياسي للتنازل الطوعي عن موقعها من أجل نظام عالمي جديد يتصوره ..!
تحت ستار هذه المقدمة السردية التطلعية يدفع المؤلف بقارئه للدخول إلى فصله الأول والذي خطه تحت عنوان :
هيمنة من نوع جديد :
طرح في هذا الفصل سر الظهور السريع لأمريكا كقطب أوحد للعالم معللاً ذلك بالتصنيع السريع الذي وفر لاقتصاد البلاد الأساس لطموحاته الجيوبوليتيكية المتوسعة ثم الدينامية وترعرعها في ظل ثقافة ترجح التجريب والابتكار ؛ مما وفر هذا المناخ فرصاً غير مسبوقة للمبدعين الطموحين في العالم فأصبحت بذلك أمل الشباب ، بعد ذلك عرج إلى حقيقة سقوط الاتحاد السوفيتي ، ويظهر لي انه أراد بذلك تنبيه متخذ القرار الأمريكي للاستفادة من هذه الأخطاء ثم طرح مقارنة حاول فيها إثبات التفوق الأمريكي على كل الإمبراطوريات السابقة ، فشخص ملامح إمبراطورية الرومان التي اعتمدت على تنظيم عسكري متفوق وجاذبية حضارية ...
ثم الصين واعتمادها الشديد على بيروقراطية كفؤة كانت تحكم إمبراطورية تستند إلى هوية عرقية تشعر بالتفوق الحضاري ، ولا غرو أنه في تلمسه لهذه المقارنات نجح في إثبات التفوق الأمريكي فمدى النفوذ العالمي الأمريكي مميز يتضح ذلك في تحليله إذ إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تسيطر على جميع محيطات العالم وبحاره فحسب بل إنها تمتلك قدرة عسكرية حاسمة للسيطرة البرمائية تمكنها من فرض رؤاها السياسية ، كما أنها تسيطر على الخليج ( الفارسي) مما يتيح لأمريكا لعب دور مركزي فى نصف الكرة الغربي خاصة بعد الترتيبات الأمنية المتخذة فى الخليج الفارسي جراء الهجمة التأديبية ضد العراق عام 1999 والتي أتاحت فرصاًمهمة للعمل والسيطرة.
لقد كان صادقا وهو يحاول إبراز هوية السيادة الدولية الأمريكية حينما قال : إنها تتم من خلال نظام أمريكي مصمم أمريكياً ليعكس التجربة المحلية الأمريكية على العالم نعم ففرض هموم الشارع الأمريكي ومعايير فهمه للأشياء وثقافته الهزيلة بل وحتى النمط ؛ من الإشكاليات التي قد تواجهه في حياته وكذا أسلوب علاجها بفرض هذه المحليات الأمريكية على العالم هي محاولة لتحقيق هذه السيادة الغازية للعالم ..
الفصل الثاني : رقعة الشطرنج الأوراسية :
يعتبر المؤلف أن أوراسيا هي الجائزة الجيوبوليتيكية الرئيسية .. اعترف بقوة الحضارات القادمة من هناك وأكد أن ظهور قوة غير أوراسية تبرز في العالم يعتمد استمرار يته على مدى فعالية هذه القوة في السيطرة على أوراسيا ... لكنه ألمح في موقف جريء أن هذه السيطرة تظل ظرفاً مؤقتاً رغم اعتقاده أن الفوضى ستعم العالم في حال غياب أمريكا عن الساحة الدولية وهو هنا يوافق رؤية " صموئيل هنتجتون " في قوله : إن عالماً بدون سيادة الولايات المتحدة الأمريكية سيكون عالما اكثر عنفاً وفوضى واقل ديمقراطية وأدنى في النمو الاقتصادي ! ولا ادري شخصياً كيف وصلت هذه العنجهية بهؤلاء المفكرين الأمريكيين لان يطمسوا حقائق طغيان الأقلية الغنية في العالم بفضل عوامل الفائدة وتزايد تعداد من يعيشون تحت خط الفقر !! ثم هذه الحالات من الانهيار الأخلاقي التي تبثها ثقافة أمريكا إلى شعوب العالم ... كذا التعامل مع المسائل الإنسانية بمعايير مزدوجة ، لقد نسي هؤلاء أن سيادة " منطق القوة " يتمثل في أوضح تجلياته في هذا العصر الذي تتربع على عرشه أمريكا ، في المقابل طمسوا جهلاً حقيقة انتشار قيم العدل وسيادة الفضيلة وارتقاء الإنسانية فقط عندما وصل المشروع الإسلامي إلى أقصى الأرض يلفها تحت جناح قيمة النبيلة يخرجها من فرضيات العبودية نحو معيار قدم بعد ذلك ذكر خطوتين أساسيتن لما اسماه صياغة الجيوستراتيجيا اللازمة للإدارة طويلة الأمد لمصالح أمريكا الجيوبوليتيكية في أو راسيا وهي كالتالي :
- تحديد الدول الأوراسية التي تملك القوة لإحداث تحول في التوزيع الدولي للقوى ومعرفة أهدافها.
- ثم صياغة سياسات أمريكية محددة لمعادلة ومشاركة الدول أعلاه أو السيطرة عليها على النحو الذي يحافظ على المصالح الحيوية الأمريكية.. وفي اعتقادي : إن هذا المنهج تمارسه أمريكا بشكل سافر عبر سياسات التدخل في شؤون الدول الداخلية تحت ستار منظمات غير رسمية مقرها واشنطن !
اعتبر بعد ذلك أن التحدي الذي سيفوق أزمة يوغسلافيا هو الناشئ عن الأصولية الإسلامية ضد سيادة أمريكا وبعبارة واضحة يقول ( بوسع الأصولية الإسلامية أن تستغل العدائية الدينية لطريقة الحياة الأمريكية ، وأن توظف النزاع العربي الإسرائيلي لتقويض تحالفات أمريكا في منطقة الشرق الأوسط لكنه يعتبر أن هذا التهديد لا يبدو جدياً بدون تلاحم سياسي ، وفي غياب دولة قوية كمركز جيوبوليتيكي مما سيقوده للتعبير عن نفسه في حركات عنف موزعة ) .
وشخصياًُ أرى أنه يخشى من حالة تلاحم إسلامي شعبي حكومي لأنه يعني : الاستناد على تاريخ وإرث حضاري قوي وينطلق من عقيدة صلبة وتطلعات عالمية ، ستحرك هذا التلاحم ليقتحم العالم ، لكنه يحتاج فيما لو بدأ لفترة طويلة تعاد فيها صياغة الأمة ...
وهذا يتطلب وعياً جلياً للهدف ومشاركة في الطموح وبذل قبل الاقتحام .
ينتقل بعد ذلك إلى صياغة أسئلة مستفزة من نوع - ما نوع أوروبا التي تفضلها أمريكا؟
- ما نوع روسيا التي تلائم أمريكا ؟
- أي دور للصين يجب أن يشجع في الشرق الأقصى ؟
وفي محاولته الإجابة عن هذه الأسئلة والاحتمالات يرسم في إجاباته حدوداً خططية مهمة لصانع القرار السياسي الأمريكي يقوم بطرحها من خلال تحديد أهمية وعي المقرر الأمريكي بأمرين :
- خطورة تحالف بين الصين وروسيا وربما إيران وإن كان تحالفاً مضاداً للهيمنة الأمريكية لا توحده أيديولوجيا بل التذمر المشترك .
- التحدي الآخر وقد يكون أضيق جغرافيا ، لكنه أكثر فاعلية وهو قيام محور صيني ياباني غداة انهيار المواقع الأمريكية في الشرق الأقصى وحصول تطور انقلابي في موقف الصين العالمي فقط ثم ذكر احتمال آخر بعيداً ولكنه لا يستبعد وهو : إمكانية حدوث اصطفاف أوروبي يشتمل على تواطؤ ألماني روسي أو حلف فرنسي روسي ، فهناك سوابق تاريخية لكلتا الحالتين ، ثم يختم فصله هذا بالعودة لحقيقة أن النظام الأمريكي عرضة لتحديات جديدة وأن استقراره قد لا يكون إلا في أجزاء العالم التي تستند فيها السيادة الأمريكية على أنظمة اجتماعية – سياسية متجانسة متناسقة ترتبط فيما بينها بأجزاء متعددة الأطراف خاضعة للسيطرة الأمريكية .

  رد مع اقتباس