عرض مشاركة واحدة
قديم 25 / 02 / 2013, 45 : 12 PM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي البعض يقول ما لا يفعل


يختلف الناس فيما بينهم من حيث تطابق أفعالهم مع أقوالهم، فمنهم من تتطابق أفعاله مع ما يدعو إليه، بينما هناك فريق أخر يقول شيئاً ويفعل عكسه، مثلهم مثل الأب الذي يحث ابنائه ليلاً ونهاراً على التحلي بالصدق بينما يطلب منهم أن يكذبوا إذا سأل أحد الأشخاص عنه.
ويكون وقع التناقض علينا أكبر إذا كان ذلك التناقض صادراً ممن يفترض أنهم يقومون بدور الريادة في المجتمع وخاصة إذا كانوا من المسئولين والمربين والمعلمين، حيث ينتج عن ذلك نزع الثقة منهم، ويتحول توجه الناس إلى التشكيك في مصداقية كل ما يقولونه.
ولتوضيح ذلك اسمحوا لي بذكر هذه الأمثلة لحالات فعلية حدثت من قبل ثلاثة من مقدمي الدورات التدريبية في مجالات مختلفة سنحت لي الفرصة من قبل عملي لحضورها حيث كانت مضامين واتجاهات تلك الدورات في وأدي وبعص تصرفات مقدميها في أودية أخرى.

الحالة الأولى:
دورة كان عنوانها "التعامل المثالي مع الآخرين"، حيث كان المحاضر وهو دكتور خليجي يركز خلال الثلاثة أيام الأولى من الدورة على أهمية ضبط النفس في كافة الظروف وذلك لضمان حسن التصرف وبالتالي اتخاذ القرار العقلاني المناسب، وقد أورد لنا العديد من الأمثلة القديمة والحديثة لتأكيد كلامه.
في اليوم الرابع تأخر المحاضر عن التواجد في مكان المحاضرة لمدة عشرين دقيقة، وعند ذلك قام مندوب الشركة المنظمة للدورة بالاتصال بالمحاضر عدة مرات ليطمئن عليه ولكنه لم يرد على مكالماته.
بعد ربع ساعة من أخر اتصال وصل المحاضر إلى القاعة وكان يبدوا عليه الغضب ، وبمجرد وصوله بادر بالتهجم بكلام قاسٍ على مندوب الشركة المنظمة للدورة، وحينما تدخل بعضنا لتهدئة المحاضر، قال لنا بانفعال: "كيف يقوم هذا بالاتصال عليّ ليقول لي أني تأخرت".
المهم هدأت الأمور نسبياً بعد أن ضاع أكثر من نصف زمن المحاضرة الأولى، ولكن ذلك الموقف ترك لدينا تساؤلاً واضحاً وهو " كيف يُطالبنا بضبط النفس وهو لم يستطع أن يتحكم بأعصابه في ذلك الموقف البسيط الذي لم يخطئ فيه مندوب الشركة!!!!"، ولهذا لم نعد نثق أو نقتنع بما قاله ويقوله لنا حول ضبط النفس.

الحالة الثانية:
دكتور سعودي كان يقدم دورة باسم " وسائل الإقناع السليم"، وكانت محاور الدورة تدور حول أساليب الإقناع التي يجب أن نتبعها لإقناع غيرنا بوجهة نظرنا، وقد كرر لنا أكثر من مرة انه يعمل أيضاً مستشاراً لدى بعض الشركات الكبيرة لمساعدتها بحل المشاكل الصعبة التي تعترضها. وقد ضرب لنا بعدد من الأمثلة لبعض المشاكل التي سبق وأن حلها لهم، والتي لم نستطع تصديقها بسبب المبالغة في أحداثها "والثغرات الواضحة فيها، ولكننا "عدينّاها له".
الشيء الذي فهمناه منه خلال أيام الدورة هو أنه قد تزوج مؤخراً الزواج الثالث بالنسبة له لأنه وحسب قوله وجد صعوبة كبيرة في التعامل مع زوجتيه السابقتين قبل أن يطلقهما، مع العلم بأن بعض المواقف التي استشهد بها كمبررات للطلاق كانت من الأمور العادية التي تحدث في البيوت، وهذا قد أعطانا انطباعاً بأن ذلك الدكتور "من جنبها" من حيث قدرته على حل المشاكل.
وكما في حالة الدكتور الأول لم نعد نتقبل كلامه ما دام أنه لم يستطع إقناع زوجتيه السابقتين والتعايش معهما.

الحالة الثالثة:
دكتور أخر أعطانا دورة كنا بشوق لها من السابق وهي عن "إدارة الوقت"، والتي تهدف إلى تزويد المتدرب بالمعلومات والمهارات اللازمة للاستفادة الإيجابية من كافة فترات الوقت، وكيفية التغلب على مضيعات الوقت التنظيمية والاجتماعية، والشخصية.، ولكن مع الأسف لم نسعد بتلك الدورة لأن المحاضر كان يتأخر يومياً بالحضور نصف ساعة تقريباً، ثم يُضيع ربع ساعة أخرى في تناول القهوة وملحقاتها، ومثلها في اتصالاته الهاتفية. " طبعاً غسلنا أيدينا وأقدامنا منه ومن محاضراته اللي ما عمرها بدأت وانتهت في موعدها".

ولو حاولنا معرفة سبب التناقض بين الأفعال والأقوال، فإننا سنجد بأن السبب الرئيسي لذلك هو عدم القناعة التامة بما نقوله أحياناً، وكذلك تقديم الهوى على ما يدعو إليه الحق والمنطق السليم، وهذا ما يُطلق عليه علماء النفس بازدواج الشخصية، وهي باختصار أن يأتي الشخص في نفس الوقت بتصرفين أو أكثر تتناقض مع بعضها البعض، أو أن يكون الإنسان مزدوجا في تصرفاته أو أقواله أو أفعاله.

إن عدم استشعارنا لعظمة الله ولمراقبته لنا في السر والعلن يؤدي إلى أن يقول بعضنا عكس ما يفعل فتكون النتيجة ذلك الفارق الكبير بين أقوال وأفعال بعضنا.
لهذا فنحن مُطالبون بأن نستحضر الله دائماً أمامنا، وأن نعلم بأننا محاسبون على أفعالنا وأقوالنا، وأن نكون أكثر قناعة بصحة ما نقول حتى تتطابق الأقوال مع الأفعال فيما يُرضي الله.



دمتم سالمين.

  رد مع اقتباس