الموضوع: وماتت جدتي ؟؟؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 13 / 05 / 2002, 57 : 05 PM   #1
الحسـام 
من مؤسسي الوئام

 


+ رقم العضوية » 2227
+ تاريخ التسجيل » 08 / 03 / 2002

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 15,246
+ معَدل التقييمْ » 84
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة

الحسـام غير متواجد حالياً

وماتت جدتي ؟؟؟

بسم الله الرحمن الرحيم


جدتي0000
جدتي 0000
جدتي حلوة البسمتي 000
لم يزل حبها ساكاناً مهجتي 000
جدتي 00 إمراءة عاصرت الدنيا وذاقت لوعاتها عاشت من العمر زمناً ليس بالقصير رأت في حياتها اصناف العذاب ، حملة همومها وهموم أبناءها ، لها قصة مع الزمن : زوجّها أبوها وهي ابنة الخامسة عشر من رجل لا تعرفه ومن قبيلة غير قبيلتها، والذي جعل والدها يزوجها من ذلك الرجل هو الجوع وقلة الزاد والجهل المطبق ، وذلك قبل مائة وخمس سنوات تقريباً وعندما تزوجها ذلك الرجل حاولت الهرب فكانت إذا غابت الشمس وأظلم الليل أخذت تجري وتجري في جهة غير معلومة لا تدري إلى أين وإنما هرباً من ذلك الرجل ومن قبيلته فإذا طلعت الشمس فإذا هي تدخل بيت زوجها الذي تهرب منه وهي لم تقف طول ليلها ولم تجلس للحظة واحده، نعم لم تقف لحظة واحدة ، قد تستغربون هذا الأمر ولكن هذه هي الحقيقة التي سمعتها منها ولم يحدثني عنها أي إنسان وإلا لما صدقت أنا أيضاً ، وفي كل ليلة تفعل ما تفعله في الليلة التي قبلها فإذا طلعت الشمس فإذا هي في مكانها الذي هربت منه ، وعندما ضاقت ذرعاً ذهبت إلى إمرأة وأخبرتها بالقصة ، فقالت لها المرأة إن زوجك قد ((( حيّر )))عليك ، والحيرة نوع من أنواع السحر أو الشعوذة كانت ولا تزال في أناس معروفين يتوارثونها ولا يأخذها إلا واحد فإذا أشرف على الموت أعطاها لمن يثق به ، وهي بلا شك حرام :
المهم :
فقالت لها المرأة خذي خيط من خيوط (( السدّو )) وتسمى (( الدرجة )) معروفة عند البادية وهي ما يعمل منها السدو والسدو يعمل لبناء بيت الشعر وبيت الشعر كانو ولا يزالون البدو الرحل يستعملونه بدل الفلل.
المهم :
فقالت خذي طرف هذا الخيط وضعيه فوق رأسك ولا تلتفتين وإذا أحسست أن الخيط ثقل عليك أو انقطع فلا تلتفتين واذهبي في طريقك ولن تعودي ، ففعلت وذهبت ولما طلعت الشمس فإذا هي في أرض لا تعرفها ، وهي لا تملك من مقومات الحياة أي شيء لا ماء ولا أكل فمشت في أرض الله تأكل من الحشائش والأعشاب لكي لا تموت واستمرت في مسيرتها خمسة عشر يوماً وقد ستر الله عليها من الذئاب ، ولم تصادف في طريقها أحد وفي اليوم الخامس عشر أنهكها المسير ولم تقدر أن تقاوم فرأت بدوٍ رحل فذهبت لهم ولما وصلتهم أعطوها الماء وقليل من الزاد ونامت تلك الليلة وهي مرتاحة نوعا ما وعندما جاء الصباح ذهبوا البدو الرحل وتركوها في مكانهم وهي متعبة مهمومة ولم يحملوها معهم .
فواصلت مسيرتها وهي تسري في الليل المظلم وتنام في النهار خوفاً من أن يلحق بها زوجها أو الأعداء وقد ستر الله عليها حتى وصلت ديار قومها وعندما وصلت ديار قومها بتوفيق من الله عز وجل رأتها أمها فاستقبلتها وجلست لمدة سنة منهكة القوام ضعيفة الجسم لم يبقى عليها من اللحم الذي لم يكن عليها اصلاً منه شيء 0

بعد ذلك عاشت حياتها وتزوجت وأنجبت أولاداً ذكوراً وإناثا ، وكانت تسرح في الغنم التي هي رأس مالها ومال زوجها وكانت الغنم قليلة وتقول لي أنها أنجبت جميع أولادها في الفلا وهي ترعى الغنم (( فكيف ببعض ببنات اليوم التي تجلس في المستشفى قبل الولادة بثلاثة أيام وفي شهرها الأخير لا تحرك ساكناً )) لم تكن هناك معادلة أبداً بين جيل الأمس وجيل اليوم 0
وقد أصيب زوجها بمرض عضال أقعده عن العمل فزادت عليها أموراً لم تكن في الحسبان وهي تربية أولادها وبناتها وجلب العيش لهم في حياة يصعب العيش فيها حيث لم تكن المعيشة في ذلك الوقت سهلة وقد يبيتون بعض الأيام بدون أكل ، إلا ما يرزقهم الله من الصيد ، ولم تكن هناك مستشفيات ولا مواصلات إلا الجمال وقلّ من يملك هذه المواصلات ، فعاشت وكافحت بقية سنين عمرها وكبروا أولادها وأعانوها على متاعب الحياة وأمضت بقية سنين عمرها وهي عزيزة النفس لم يأتي عليها يوماً من الأيام أن قصدت باب غني إلا الله عز وجل ولم تتوسل لأحد إلا الله فعاشت عيشة الأغنياء رغم الفقر والعوز ، ورغم ما مر عليها إلا أنها صمدت صمود الأقوياء ، لم تسكن طول حياتها القصور وإنما فضلت العيش في بيت من الشعر رغم محاولة أبناءها وإلحاحهم المتكرر عليها بأن ترتاح في آخر أيام حياتها إلا أنها ترفض وبشدة حياة الترف ، يا لها من إمرأة قلّ أن تلد النساء مثلها ، وفي يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من صفر للعام ثلاثة وعشرون واربعمائة وألف ، جاءها القدر المحتوم وتوفيت يرحمها الله عن عمر ناهز العشرون بعد المائة وكانت في صحة جيدة لم تراجع المستشفيات طيلة حياتها إلا في وقت لم يكاد يذكر .

رحم الله جدتي أم والدتي رحمة واسعة واسكنها فسيح جناته إنه سميع مجيب .

كل عام وانتم بخير

 

  رد مع اقتباس