عرض مشاركة واحدة
قديم 18 / 04 / 2012, 11 : 11 AM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي الحب وقرص العسل


نحب في حياتنا أشخاصاً ومقتنيات وغيرها بدرجات متفاوتة اعتماداً على مشاعرنا تجاهها أو أهميتها لنا، أو حاجتنا لها ، أو لأسباب أخرى.
وقد يكون هذا الحب غريزياً، وقد يكون عاطفياً، وقد يكون عقلانياً، وقد يكون غير ذلك،
وتختلف ردود أفعالنا تجاه ما يفعله الآخرون حسب نوع حبنا لهم،
فالحب الغريزي مثلاً قد يجعلنا نحب الطرف الآخر بفطرتنا وبلا حدود، وأوضح مثال على هذا الحب هو حب الأب والأم لأولادهما.

والحب العاطفي ميل وجذب يتمكن من القلب ويتحكم في هوى الشخص، وعندما يشتد هذا الهوى قد يؤثر على تصرفات صاحبه ويجعله غير مدركاً لعواقب بعض تصرفاته، وقد يصل به الأمر إلى ما وصل إليه "مجنون ليلى".

بينما الحب العقلي هو الحب المرتبط بالعقل والمبني على التحليل المنطقي لتحديد الفائدة التي ستعود عليّ نتيجة لهذا الحب، ولعل أحد أشهر الأمثلة لهذا الحب هو حب المريض للدواء المفيد حتى وإن كان ذلك الدواء شديد المرارة،
وسبب حب المريض للدواء المر لأن هذا الدواء هو الذي سيجلب له الشفاء بإرادة الله تعالى، وينطبق نفس الشيء على "حقن" دواء الأنسولين التي يأخذها بعض المصابون بداء السكري أكثر من مرة في اليوم على الرغم من أنها مؤلمة، ومع هذا يبحث عنها ويتناولها المريض بهذا الدواء لأنها علاج له، وسيحزن لو لم يجدها في الصيدلية.

الشيء الملفت للنظر هو عن كيفية تعاملنا مع أخطاء وعيوب من نحب وخاصة في النوعين الأولين،
فقد يحدث أحياناً أن يرتكب الابن المراهق خطاء جسيماً تجاه شخص أخر، وعندما يصل الأمر إلى الجهات الأمنية نجد أن الأب يحاول أن يبرر موقف الابن بتبريرات واهية مثل "طيش الشباب" أو أي مبررات أخرى، ولكنه لا يعترف بعيب أو خطأ أبنه لأنه ابنه وحبيبه.
وكذلك الحال بالنسبة للأم عندما تخطي ابنتها أو ابنها، فنراها تلتمس لهما الأعذار ولا تريد أن تعترف بأخطاء ابنتها أو ابنها،
وينطبق هذا الكلام تقريباً على كل شيء نحبه "بشغف" سواء كان هذا المحبوب إنساناً، أم حيواناً، أم جماداً فنجد أنه ينطبق علينا في هذه الحالة قول الإمام الشافعي رحمه الله في الشطر الأول من هذا البيت
عين الرضـــا عن كل عيب كليلة
ولكن عين السخط تُبدي المساويا
بل أن البعض لا يكتفون بغض النظر عن العيوب والأخطاء المؤثرة لمن يحبونهم على غيرهم، بل نراهم يحاولون مغالطة الواقع بجعل أخطاء وسيئات من يحبونهم حسنات.
أننا في حاجة إلى أن نكون عقلانيين في التعامل مع من نحب خاصة عندما يكون حبنا غريزياً، وحتى لا نضر من نحبهم بدون قصد منّا.

وقفه:
هذا البيت من الشعر للشاعر صلاح الصفدي الذي عاش في عصر المماليك، والذي يظهر أنه قد عشق امرأة اسمها "حلا" أصيبت فيما بعد بمرض الجدري، وكان هذا المرض قد أثر فيها إلى درجة أنه قد شوّه وجهها الجميل، وقد أعجبني في هذا البيت قدرة الشاعر على التصوير اللفظي لتلك التشوهات وتحويلها إلى شيء جميل هو قرص العسل، فيقول:

وخدّ "حلا" إذْ أثّر الجدريَ في
وجنــاته فكأنه قرص العسَــــل

اعتقد بإن تحويل التشوه إلى جمال شيء محبب كونه لا يمس أحداً غير المحب وليس فيه ضرر على غيره.

  رد مع اقتباس