عرض مشاركة واحدة
قديم 11 / 09 / 2014, 52 : 10 AM   #1
د .عدنان الطعمة 
كبار الشخصيات

 


+ رقم العضوية » 34605
+ تاريخ التسجيل » 27 / 02 / 2008

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 226
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة

د .عدنان الطعمة غير متواجد حالياً

افتراضي رحلتي الأولى السنية إلى قصر الحمراء



رحلتي الأولى السنية إلى قصر الحمراء وغرناطة البهية الحلقة الأولى

( 1 )



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



قصر الحمراء



د . عدنان جواد الطعمة






نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




باب العدل


ملاحظة : لما كان عدد الصور بالمئات رايت من الفائدة أن أقسم الرحلة الأولى إلى حلقتين أو أكثر من أجل نشر أكبر عدد ممكن من الصور المختارة عنها ، حتى يطلع القارئ الكريم عليها و يأخذ فكرة عامة عن قصر الحمراء و الفن المعماري الإسلامي الرائع . كما أود الإشارة إلى أن حوالي 240 سلايدة حولتها إلى الديجيتال الأمر الذي أدى للأسف إلى تغيير الألوان و شحوبة الصور ، لذا ارجو المعذرة سلفا . كما قمت بالتقاط عدد من الصور بكامرة الديجيتال من الكتب و المراجع الأسبانية و الألمانية.





نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


حدائق جنة العريف


نشرت في الثاني أو الثالث والعشرين من الشهر الحادي عشر عام 2007 مقالة بعنوان : " و حلقت فوق غرناطة و قصر الحمراء مرتين " ، ذكرت فيها بعض ما ورد من أخبار و روايات عن مدينة غرناطة و قصر الحمراء في بعض المراجع العربية و الأجنبية تمهيدا لهذه المقالة لجمع و تدوين ما لدي من ذكريات و مواقف و صور عن الرحلتين.




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


صالة الملوك أو قاعة لندرجة


لم يكن في خلدي أبدا عندما قمت برحلاتي الثلاثة إلى المدن الأندلسية أن أكتب عنها بالتفاصيل ، لكني بعد قيامي بتلك الرحلات و الرحلات الأخرى إلى الدول الأوروبية و أمريكا للبحث عن تراث الأجداد الأعلام و كنوزنا الخطية و آثارنا الفنية الرائعة رأيت من الواجب علي أن أنشر رحلاتي تباعا وفق ما لدي من معلومات متواضعة و صور و ملاحظات ، من أجل تسليط الأضواء عليها لهذا الجيل و الأجيال القادمة ، آملا أن أكون قد وفقت في جهودي لخدمة تراثنا المجيد و حضارتنا الإسلامية من ناحية ، و حث السادة المسؤولين في جامعاتنا و كلياتنا و معاهدنا و وزارات الثقافة و الإعلام والمعارف لتوجيه المواطنين و المواطنات و حثهم على البحث و التنقيب عن آثارنا و كنوزنا في أمهات المكتبات و المتاحف في العالم ، من أجل دراستها و استنساخها إن كانت مخطوطات و إعادتها كمصورات إلى الوطن الأم من ناحية أخرى ، إحياءا لتراثنا الذي يمثل وجودنا الحضاري ، والله و لي التوفيق .



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


قاعة السفراء



سمعت كثيرا و قرأت عن الحضارة الأندلسية التي كانت قدوة للعالم أجمع أثناء مراحل دراستي كلها . إن عملي كمحضر كيمياوي وطالب جامعي في موضوع اللغة الألمانية طوال الأيام حالا إلى توجهي إلى دراسة علم اللغة الألمانية التي أكملتها و حصلت على شهادة الدكتوراة فيها .



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



المصلى


و على الرغم من إنشغالي طول الوقت بالدراسة والعمل ، لكني كنت أغتنم كل فرصة سانحة في أوقات الفراغ للتفرغ إلى القراءة عن التراث العربي العلمي الإسلامي و فهرسة المخطوطات العربية . ثم توسعت رغباتي و هواياتي إلى مواضيع عدة بعد قيامي يوميا بزيارة المكتبات و استنساخ ما كتبه المستشرقون عن الحضارة الإسلامية و المسلمين ، فاهتممت بموضوع الترجمة و النقلة و المترجمين و قمت باستنساخ وكذلك شراء كل كتاب أو مقالة تخص موضوع الترجمة الذي سأذكر عنه في رحلتي الثالثة اكثر تفصيلا بعون الله .




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


ساحة الرياحين أو البركة

بدأت رحلتي الأولى إنطلاقا من مدينتنا بالقطار إلى فرانكفورت ومن فرانكفورت إلى مطار فرانكفورت الدولي ، حاملا معي جنطتين كبيرتين و حقيبة أو جنطة صغيرة لكامراتي و عدساتها و الأفلام و الدفاتر و كتابين . ذهبت إلى مكتب الخطوط الجوية الألمانية اللوفت هانزا في حدود الساعة الثانية عشرظهرا و سلمت الجنطتين الكبيرتين و حملت جنطة الكامرات على كتفي و بدأت بالتجوال في المطار و جلست قليلا في المقهى لشرب الشاي . وبعد ذلك توجهت إلى بوابة اللوفت هنزا .




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


أعمدة ساحة الأسود


و بعد نصف ساعة أو أكثر بقليل صعدنا إلى الطائرة و جلسنا في مقاعدنا المخصصة ، ومن حسن الحظ كان مقعدي على اليمين بجانب النافذة . هيأت إحدى كامراتي . أقلعت الطائرة في حدود الواحدة و النصف أو الثانية بعد الظهر . كان الجو حسنا و مشمسا و السماء صافية . و بعد أن طرنا مسافة و فتحنا أحزمة الأمان بدات بقراءة كتاب صغير عن غرناطة ، حيث غصت في عالم الخيال و الأشواق و اللهفة لرؤية حبيبتنا غرناطة ، حيث انتابني شعور مزيج بالحزن تارة و بالبهجة و الحبور للقاء الحبيبة غرناطة تارة أخرى .





نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


نقوش من السيراميك في قاعة السفراء


وكانت طائرتنا تحلق فوق الجبال و الغيوم احيانا . و بعد طيران ساعتين وصلنا مطار برشلونة و انتظرنا ما يقارب 20 إلى 30 دقيقة في صالة الترانسيت ثم عدنا إلى طائرتنا التي اقلعت باتجاه غرناطة ، و بعد فترة أذاع الكابتن بأننا سنصل مطار غرناطة في غضون عشرين دقيقة . كانت السماء صافية فوق غرناطة و شاهدت من بعيد الجبال و الهضاب المحيطة بها .




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


قاعة الأختين


كلما أخذت طائرتنا تقترب من أجواء غرناطة و قصر الحمرا ، كلما ازدادت دقات قلبي و نبضاته بسرعة و شعرت بالحنين إلى الفردوس المفقود ثم بدأت بالتقاط الصور عندما حلقنا فوق غرناطة و قصر الحمراء . إستدارت وحامت طائرتنا مرتين أو ثلاث مرات فوق غرناطة وخاصة فوق قصر الحمراء ، ربما أراد الكابتن أن يرينا قصر الحمراء و مدينة غرناطة أو أنه وجب عليه أن يتأخر إلى أن يسمح له بالهبوط . و بعد دقائق هبطت الطائرة بالسلامة .



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نافورة ساحة الرياحين أو البركة



و عندما فتحت المضيفة باب الطائرة هب نسيم عليل دافئ . نزلنا من الطائرة و ركبنا الحافلة المخصصة لنا ثم وصلنا مبنى المطار و ذهبنا إلى موقع استلام الحقائب . و بعد حوالي عشرين دقيقة استلمت أول جنطة و انتظرت الثانية ، إلا أنها لم تصلني .سألت المسؤول عن بقية الحقائب و الجنط ، أجابني لا توجد جنطة أخرى . ثم ذهبت معه إلى المكتب و كتب عنواني و قال أنه سيتخذ الإجراءات لجلب الجنطة .





نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مقصورة صالون الملكة


خرجت من المطار و كانت إبنة أختي و زوجها و طفليها بانتظاري . أردت أن أستأجر تاكسي فأخبروني لا داعي إلى ذلك ، توجد حافلة توصلنا إلى مركز مدينة غرناطة ساحة ده كولون . و ضعت الجنط في الحافلة و ركبنا جميعا و وصلنا مركز المدينة . ومن هناك استأجرنا تاكسي و وصلنا الشقة ، وهي مزينة بسنادين الأوراد كبقية نوافذ و شرفات البيوت المطلة على زقاق او شارع P. Cartuja Parcela 25 . وحال وصولنا البيت إتصلت على الفور بمكتب الخطوط الجوية الألمانية اللوفت هانزا بمطار فرانكفورت و سألت السيدة المسؤولة عن سبب عدم شحن الجنطة الثانية . قالت : " ما إسمك الكامل ؟ وما لون الجنطة ؟





نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

زخارف و نقوش من السيراميك و كتابات من الجص في ساحة الصالة الذهبية



أجبتها و أعطيتها أوصاف الجنطة ، فقالت هذه موجودة قرب الحائط سأبعثها إليك على الفور بأول طائرة تطير إلى غرناطة .
بدأ الطفل علاوي بالبكاء و الصياح " أريد اللعب juguetes ، أريد اللعب . والله كسر خاطري هذا الطفل ، وظل جالسا طوال الوقت معنا حتي منتصف الليل أي حتى الساعة الثانية عشر . و فجأة رن جرس الباب ، و فتحنا الباب و إذا بموظف مطار غرناطة يسلمني الجنطة الثانية المقفلة . أخذ الطفل علاوي يقفز و يضحك إلى أن فتحت الجنطة و سلمته بعض اللعب .




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

صورة علاوي وخالته الصغيرة




و في صباح اليوم التالي ، و هذا طبع الأطفال ، أخذ يقفز على المقاعد أو الكراسي و فجأة وقع على حافة الطاولة وقعة شديدة إحمر جبينه و انحبس الدم . قام يبكي و يصرخ ، حاولنا تهدئته بالماء البارد و الثلج ، إلا أن الورم ازداد و ظهرت على جبينه كرة بقدر كرة المنضدة ( عنجورة ) .




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


قبة برج الأطفال



و بعد تناولنا الفطور ذهبت مع أبي علاوي إلى جامعة غرناطة لزيارة استاذه في قسم اللغة العربية السيد خوسه ماريا فورنياس بستيرو Jose Maria Forneas Besteiro ، فرحب بنا أجمل ترحيب و دعانا جميعا إلى داره عصر يوم الأحد على قهوة و كيك ، شكرته على الدعوة الكريمة و غادرنا مكتبه .



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



واجهة محراب مدرسة يوسف الأول



و بينما كنا نسير في أروقة جامعة غرناطة لحق بنا أحد الطلاب الأندلسيين من غرناطة و أخذ يتحدث بالأسبانية مع أبي علاوي ، فقال له أنا أندلسي تائه إسم عائلتي منذ مئات السنين عربي و أنا لا أعرف العربية و أتحدث بالأسبانية فقط ، أعطوني من فضلكم نصيحة لكي أرتاح و أعود إلى نفسي . أنا أحب العرب و أحب كل حجر من قصر الحمراء و أفتخر بأني أندلسيا ، لكني ضعت بين كياني كأندلسي عربي و وجودي كأسباني . ما العمل ؟



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


نافورات جنة العريف


شكرته ، بعد أن ترجم أبو علاوي ، على هذه الروح الطيبة و قلت له يمكنك أن تتعلم اللغة العربية و تدرسها بجامعة غرناطة ، فنحن العرب نحب الأسبان أيضا ، و الدليل إشترك أجدادنا القدامي بالعيش معكم و بسلام طيلة مدة حوالي ثمانية قرون .
إبتهج الشاب و ارتاح من أجوبتنا فودعناه .




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

واجهة جناح ساحة الرياحين


ثم ذهبنا إلى المدينة إلى إحدى القيصريات ( الأسواق ) التي فيها محلات العطارين و البقالين و بائعي اللحوم و الأسماك و الفواكه و غيرها . توقف أبو علاوي أمام محل فرناندو و قدمني له بأن الدكتور عدنان قدم من ألمانيا لزيارتنا و زيارة غرناطة و قصر الحمراء و المدن الأندلسية . فرحب بي ترحيبا حارا و قال لأبي علاوي أنكم جميعا مدعوون عندنا في بيتنا الجديد خارج غرناطة في إحدى القرى و حدد موعدا للدعوة نهار الأحد القادم .



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقوش في صالة الملوك


سعدت والله بهذه المواقف النبيلة من الأستاذ و الطالب و العطار دون معرفة سابقة ، فشعرت بالسعادة لطيبتهم و نبل أخلاقهم .

كانت إجازتي لمدة شهر فأخبرت أبا علاوي أن نذهب إلى عائلة فرناندو في نهاية الأسبوع الثاني ، لأننا كنا ننتظر وصول شقيقتي الكبيرة مع بناتها الثلاثة في أول الأسبوع القادم . فوافق الجميع على هذا الإقتراح .
كان قصر الحمراء في ذلك اليوم مسدودا ، فقررت زيارته في اليوم التالي . و فعلا ذهبنا إلى قصر الحمراء حاملا معي كامراتي و الأفلام . كان الأخ ابو علاء يشرح لي تاريخ بناء القصر و كل قاعة أو صالة .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


حمامات الملوك و المستراح


وكنت ألتقط فلما بعد الآخر و أدون ملاحظاتي حول ما كنت أسمعه من الأخ أبي علاوي . وكنا نذهب من رواق إلى آخر ومن قاعة إلى أخرى و من ساحة إلى أخرى . ابهرتني و اسحرتني النقوش و الزخارف و البلاطات و قاعات السفراء و الملوك و الأختين و غيرها و ساحة الأسود و الرياحين و حدائق جنة العريف و أزهارها العبقة و مياهها الصافية و نافوراتها التي كانت ترش المياه كاللآلئ عندما تسقط أشعة الشمس عليها .




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الرواق أو الشرفة و برج السيدات والسادة


كان الهواء عذبا عليلا و الزهور و الأوراد فواحة تعبق بعطور مختلفة و كنت أسمع أزيز النحل و إيقاعات المياه الساقطة من النافورات ، و كأنها تعزف لنا سمفونية غرناطة . آه ما أعذب تلك الساعات و الأيام التي كنت أتجول في قصر الحمراء في كل يوم مسموح به . بكيت في داخلي و حزنت كثيرا على فقدان و ضياع هذا الفردوس البهي ، واعتبرت جنة العريف في حينه جنة الدنيا ، لأني لم اطلع على حدائق جيملة رائعة مثل حدائق جنة العريف . إن استنشاق هواءها منعش للروح و شم عطور أزهارها و رياحينها غذاء للفكر و الجسد .




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


بقايا القصبة


لقد تاهت علي أسماء الساحات و الصالات لأن الواحدة أجمل من الأخرى و الكتابات الجدارية و زخرفة السقوف و النقوش المحفورة على الأبواب و الأخشاب و تزيينات السيراميك و البلاطات الزاهية الألوان تذهل العقل . كان ذلك اليوم و الأيام الأخرى التي قضيتها في التجوال بقصر الحمراء من الأيام التي لا يمكنني أن أنساها أبدا ، لأن هذه الذكريات نقشت في الذاكرة و الوجدان و استوطنت القلب التواق إليها .




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مشكاة لوضع الأباريق في ساحة الرياحين أو البركة


و تفضلوا بقبول فائق ودي و احترامي

د .عدنان

ألمانيا في 11 سبتمبر 2014




نعمتان مجهولتان الصحة و الأمان

adnanaltoma@live.de

 

  رد مع اقتباس