عرض مشاركة واحدة
قديم 08 / 11 / 2012, 37 : 09 AM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي الحاضر هو الأهم


يرى المفكر الجزائري الكبير مالك بن نبي رحمه الله " بأن مثل الزمن والناس كمثل النهر الدافق الذي يمر بالعديد من المدن والبلدان . . بعض هذه الدول يمر بها . . دون أن تدرك قيمته أو تستفيد منه . . وهي الأكثر، وبعضها تستثمره في كل جوانب الحياة بما في ذلك إحياء الأرض وتوليد الطاقة وتنمية الحياة. ولهذا فإن الزمن يعتبر ثروة ثمينة عند الأمم الواعية . . بينما هو لا يعني كثيراً عند الشعوب المتخلفة التي لا تعرف كيف تقضيه ولا تحسن كيف تستغله".
ويقول الأديب الفرنسي جورج هامل عن الزمن: ( بين المستقبل والذكرى يظل في قبضة الإنسان أثمن شيء يملكه وهو الحاضر ).

والإنسان مسئول عن هذا الوقت الذي يمثل عمره، فهو رأس مال كبير، وهو مما سيُحاسب عليه في الآخرة، كما أن التفريط فيه على مستوى الأشخاص يؤدي إلى ضياع الفرص علينا في مجتمعنا كأفراد، بينما يؤدي التفريط فيه على مستوى الدول إلى التأخر في كافة المجالات مقارنة بالدول التي تستفيد من الوقت في تطورها، ولعل أكبر مثال على ذلك هي معظم الدول الأسيوية مثل كوريا وماليزيا وغيرها من الدول التي تقدمت علمياً واقتصادياً تقدما كبيراً بعد أن كانت على العكس من ذلك تماماً؛ و كان هذا التقدم نتيجة الخطط السليمة والعمل الجاد، والحرص على استغلال الوقت لحظة بلحظة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه.

فالبعض منّا يُمضى معظم وقته في الحديث عن أمجاد الماضي الذي انتهى، مضيعاً الفرص على نفسه من أن يستمتع بما في هذا الزمن من جمال، والبعض الأخر يُشغل نفسه بالتفكير بأكثر من ذلك، فهم يتغنون بالماضي ،ويتخوفون من المستقبل ناسين أن المستقبل بيد الله سبحانه وتعالى، وإن حالنا في المستقبل يعتمد بعد الله على عملنا في زمننا الحاضر، حيث يقول عن ذلك الأديب الإنجليزي تشارلز ديكنز:
(الأمس قد مضى . . فأنسه،
والغد لم يحن . . فلا تهتم به،
واليوم هنا . . . فعشه كما يجب).

فإن كان الزمن الماضي قد مضى ولم نستغله كما يجب لأي سبب من الأسباب، فلا يجب أن نمضي أوقاتنا نتحسر ونلوم أنفسنا على ذلك، وإنما يجب أن نستغل وقتنا الحاضر لنعمل ونجد، ولا نؤجل أعمالنا، وأن نستفيد من الزمن الحاضر بما فيه خير لنا ليكون هو الأجمل.
ولعل أكبر مرجع لنا في هذا هو ما يدعو إلى هذا الحديث الشريف الذي رواه ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ) أخرجه البخاري، والذي يدعونا إلى أن نعيش حاضرنا ونشغل أوقاتنا بالعمل الصالح والمفيد.

وقد توفرت في زمننا هذا كافة وسائل الراحة والتقنية التي تُعيننا بأذن الله لنستفيد ونعمل ونستمتع بوقتنا الحاضر دونما التحسر على الماضي، أو التخوّف من المستقبل، ولذا لم يتبق لنا سوى التوكل على الله ثم الاستفادة من كل ما هو متاح لنا من وسائل لتحقيق أهدافنا.
وللشاعر الراحل الهادي آدم رحمه الله في هذا المعنى أبيات شعرية "مُغناة" رائعة يتحدث فيها عن الحاضر والمستقبل ويؤكد فيها بأن الحاضر أحلى:

وغداً ننسى فلا نأسى على ماضٍ تولّى

وغداً نزهو فلا نعرف للغيب محلا
وغداً للحاضر الزاهر نحيا ليس إلا
قد يكون الغيب حلواً .. إنما الحاضر أحلى



نسأل الله أن يبارك لنا في أوقاتنا وأعمالنا وأعمارنا.

  رد مع اقتباس