الموضوع: شهادة الجدار
عرض مشاركة واحدة
قديم 19 / 05 / 2012, 33 : 09 PM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي شهادة الجدار


كانت أسعد أوقاتي عندما كنت أجلس عند أبي رحمه الله وخاصة في السنوات الأخيرة، فاستمع له وهو يحكي بعضاً من ذكرياته، حيث كان يحلو له دائماً أن يُقارن بين جيلهم والجيل الحالي، ولعلكم تسمحون لي بأن أذكر في هذا الموضوع ما كان يقوله لي عن كيفية متابعة الآباء سابقاً لأداء أبنائهم للصلوات في المسجد، نظراً لحرصهم الشديد - سابقاً- على أن يؤدي أبنائهم الصلوات في المسجد.

ولهذا كان الأب يصطحب ابنائه معه إلى المسجد دائماً، ولو حدث أن الأب لم يكن موجوداً في البيت وقت الصلاة فإن الأم تنبههم إلى ذلك ليذهبوا لأداء الصلاة في المسجد، ولا تتوقف المتابعة عند ذلك، بل إنه عندما يعود الأب إلى المنزل يكون أول سؤال يوجهه لأبنائه: هل صليتم في المسجد؟.
وعندما يكون الجواب بنعم، يتبع ذلك السؤال بسؤالِ آخر هو: من صلى بجوارك؟،
وهنا يقول الابن الصادق لقد صليت بجوار فلان وأبو فلان، لأنه يعلم بأن أباه سيسأل فلاناً وفلاناً عن مدى صدق ما قاله الابن.
أما الغير صادق فيكون جوابه: لقد صليت بجوار الجدار من اليمين وكان على يساري رجل أجنبي (أي ليس من أهل الحي)، وهذا معناه محاولة من الابن للتهرب عن الإجابة لأن الأب لا يمكنه أن يسأل الجدار، ولا يمكنه معرفة الغريب حتى يسأله.
فلو قبل الأب من الابن هذا الإدعاء مرة واحدة، فإن الابن لن يجرؤ على أن يقوله مرة أخرى لأنه من النادر جداً أن يتكرر هذا الظرف مرة أخرى.

ما دعاني لذكر هذه المقدمة الطويلة هو أنني حضرت خلال الأسبوع الماضي مجلساً لفت انتباهي فيه أحد الأشخاص الذي كان أكثر المتحدثين في ذلك المجلس، وكان يعدد الكثير من القصص والأحداث الغريبة والتي كان ينسب البطولة فيها إلى نفسه فقط،
ولكن اللافت في كافة القصص التي رواها أن بقية أطرافها الذين يذكرهم في تلك القصص والأحداث قد ماتوا كلهم ولم يعد هناك مجال للاستشهاد بهم لمعرفة مدى صدق الروايات التي كان يرويها ذلك الشخص، وذلك لاستحالة الوصول إليهم بعد أن انتقلوا إلى رحمة الله ودُفنت معهم أسرارهم.

وعند ذلك تذكرت ما كان يقوله أبي رحمه الله عن شهادة الجدار والشخص الغريب الذي يصعب التعرف عليه، وقارنت ذلك بالشخص الذي كان يروي أحداثأ وأمثاله الذين لا يذكرون مراجعً لتؤكد روايتهم، لا يختلفون كثيراً عن أولئك الذين نسبوا شهادة صلاتهم في المسجد إلى الجدار والأجنبي لأنهم لا يمتلكون الدليل الذي يؤكد صدق ما يقولونه.
وقد يقودنا ذلك إلى أن نحرص دائماً على استقاء المعلومات المؤكدة وكتابة المراجع الصحيحة لما قد نطرحه من معلومات وخاصة في المواضيع الدينية وغيرها من المواضيع التي تتضمن معلومات طبية وعلمية.


دمتم سالمين.

  رد مع اقتباس