وقفة مع قصة: صدوع في الذاكرة...

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنقلُ إليكم هذه القصة...للكاتبة: في الزيزفون
أتمنى أن تنال إعجابكم...
صدوع في الذاكرة...
أتأملُ شعاع الشمس تداعب جسدي..أجنحة الحرية تقترب مني لكي أحلِّق في فضاء الحياة..
غدًا سأغادر هذا المكان المكتظ بتفاصيل الحزن المضنية..وحمم الألم المتقاذفة..
غدًا..سأشتمُّ عبق الحياة، وأنفث دخان الماضي..الماضي بسمومه المميتة..
عشرون عامًا مضت وأنا أقبع في هذا المكان المسوّر بقضبان الزمن الشائكة..
أتجرع من كأس معين ألمي..كم هي طويلة هذه الثواني الليلية المميتة..متى تنسلخ، لينبلج الصبح المغسول بالضياء؟!
وتغتال ضحكات الفجر قلب الليل الحزين؟! سأغمض عينيّ لعلي أغفو لبرهة!!
ثمة طرقات..يرهف سمعه..ليتأكد أنها طرقات على الباب..يفتح وإذا بالحارس يبدو واقفًا..
ها قد حان موعد التجديف ببحر الرتابة..
يُغادر المكان..يملأ رئتيه بهواء الحرية..ويتقيأ سنوات عمره الماضية..يحتضن شعاع الشمس..
ويستقل سيارة..لكم يتمنى لو كانت بسرعة الضوء!
الطريق طويل..بل طويل جدًا..
يفتش في ذاكرته..يعثر بين أفكار قديمة مبعثرة على اسطوانة ماضٍ صدئة..تعيده إلى زمنٍ بعيد..زمن بريء..
حيث صورة الحقل والتجوال واللهو..وحيث يتفيأ ظلال الأشجار، ويقطف الورود..
تتراءى له الورود وهي تراقص الفراشات على دندنة البلابل المغرّدة..
يتذكر المطر..أواه..المطر..المطر..أما زال مطرًا؟!...
أبنية القرية من الطين والجريد..وحقول الذرة تلك التي لا يتجاوز طولها قامة إنسان..إنه يتذكرها جيدًا..وأنى له نسيانها؟!
في تلك (الأسطوانة) يختزن كثيرًا من الذكريات..
ثمة صور قاتمة تكمن بين ثناياها..يدٌ تحمل سوطًا يعلو ويدنو لينحت على جسدٍ ممد جدائل ملونة..
وصيحات مذعورة..ترسم مستقبلاً حالكًا لمذنبٍ أنهكه التشرد، والضياع..
تتوقف السيارة..يهبط منها وجه بملامح متغيرة، وعينين متورمتين، وقلبٍ مغمور بشوقٍ كبير..
ومشاعر جوعى لحبٍ قديم!!
يسير في طرقات قريته..يلحظُ تغيرًا في مبانيها..يمشي بضع خطوات..
هناك مقهى في طرف القرية..به ثلة من الرجال..يقترب منهم..يحملق في وجوههم..
يتراءى له أنه يعرفهم..ينبش ذاكرته قليلاً..
إنهم أصدقاء الطفولة (ما زالوا يحتفظون ببريقهم)..يلقي عليهم التحية..الأصوات تعلو..المكان يضجُّ بصخبهم..
المقهى ممتليء بالبشر..يدنو منهم..يصبح كأهدابهم..
(ألم تعرفوني؟! أنا..)صوته بدا مخنوقًا..صوته يحتضر..لم يعره أحد منهم أي اهتمام..
تتعالى الصرخات والضحكات..ثم يصمت المكان..وتوصد الأبواب..وتخلو المقاعد من الرواد..وتقفر الأمكنة من المارة...
تنحدر دمعة حارقة بائسة..يمشي في الطرقات..يمشي..يلهث من فرط المشي..وتتقطع أنفاسه..
يشتعل الظمأ..بيد أنه يتابع السير في دهاليز عمره المضني..قرع ذاكرته هاجسٌ ما..
- صديقي..صديق الطفولة..
يسير في الدرب المؤدي إلى منزله..يطرق الباب..ثمة رجل على مشارف الأربعين يفتح الباب..
يُحدِّق به ثم يدس يده في جيبه،،ويخرج نقودًا..يمد بها له..
يغادر المكان..يزداد لهاثه..ينظر إلى وجهه في مرآة الماء..يوجس خيفةً من نفسه..تغيرت الملامح كثيرًا.
يتابع سيره..يصل إلى منزله..مزلاج الباب يبدو صدئًا..يحاول أن يدفعه..يصرُّ الباب صريرًا قويًا..
ثمة أجساد تقطن المنزل تدفعه بقوة..ويوصد الباب مرةً أخرى!
يخلع رداء الآمال التي كان يرسمها..وإذا به يبدو عاريًا!!
سرابٌ أسود يغشى بصره..يسيرُ تحت جنح الظلام..دموعه تسيل بغزارة..وقلبه يضطرب..وسيلٌ من الرعب يسري في أوردته..
يتجرد من ذاكرته..يقذف بها في فضاء البؤس..يصبح جسدًا بلا روح..فيما يُتابع سيره الحثيث منكسرًا نحو المجهول.
أسيرة الآهات...

.......


...

كلمات رائعة ومعبرة
حلقت بنا في سماء الابداع

ومفردات جداً جميلة
واسلوب سلس وعذب

ابدعت الكاتبة
واحسنتي الاختيار


شكراً لذوقك الرفيع


كلك ذوق


...

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الفاضل: الوافي...
أشكركعلى حسن قراءتكَ للقصة التي اخترتها...
أسيرة الآهات...

"

"""""""

قصه جميله فعلا ومشوّقه
:: استمتعت بقراءتهاا.

احسنت الكاتبه

""
وانتي كلك ذوق بهذا الاختيار.

:

تحياتي

السيف

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الفاضل...السيف...
أشكرك على قراءتك...
كما أشكرك على تعليقاتك التي تثلج الصدر...
أسيرة الآهات...