صور من حياة الصحابه (7) عبدالله بن جحش

كان عبدالله بن جحش الاسدي وثيق الصله بالرسول صلى الله عليه وسلم و واحد من اصحاب الاوليات

في الاسلام فهو ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لان امه اميمه بنت عبدالمطلب كانت عمة

النبي عليه الصلاة والسلام

وهو صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لان اخته زينب بنت جحش كانت زوجة النبي الكريم

صلى الله عليه وسلم و احدى امهات المؤمنين

وهو اول من عقد لواء في الاسلام

وهو اول من دعي امير المؤمنين


اسلم عبدالله بن جحش قبل ان يدخل النبي صلى الله عليه وسلم دار الارقم فكان من

السابقين الى الاسلام

ولما اذن النبي عليه الصلاة والسلام لاصحابه بالهجره الى المدينه فرارا بدينهم من اذى قريش

كان عبدالله بن جحش ثاني المهاجرين اذ لم يسبقه الى هذا الفضل الا ابو سلمه


على ان الهجره الى الله و مفارقة الاهل و الوطن في سبيله لم تكن امرا جديد على عبدالله بن جحش

فقد هاجر هو وبعض ذويه قبل ذلك الى الحبشه ، لكن هجرته هذه المره كانت اشمل و اوسع فقد

هاجر معه اهله و ذووه وسائر بني ابيه رجالا ونساء وشيبا وشبانا ، وصبيه وصبيات

فقد كان بيته بيت اسلام وقبيلته قبيلة ايمان

فما ان خرجوا عن مكه حتى بدت ديارهم حزينه كئيبه وغدت خواء خلاء كأن لم يكن فيها انيس

من قبل ولم يسمر في ربوعها سامر


ولم يمضي غير قليل على هجرة عبدالله ومن معه حتى خرج زعماء قريش يطوفون في احياء مكه

ولمعرفة من رحل عنها من المسلمين ومن بقى منهم وكان فيهم ابو جهل وعتبه بن ربيعه ، فنظر عتبه

الى منازل بني جحش تتناوح فيها الرياح السافيات وتخفق ابوابها خفقا

وقال : اصبحت ديار بني جحش خلاء تبكي اهلها

فقال ابو جهل : ومن هؤلاء حتى تبكيهم الديار ؟‍‍

ثم وضع ابو جهل يده على دار عبدالله بن جحش فقد كانت اجمل هذه الدور و اغناها وجعل

يتصرف فيها وفي متاعها كما يتصرف المالك في ملكه

فلما بلغ عبدالله بن جحش ماصنع ابو جهل بداره ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( الا ترضى يا عبدالله ان يعطيك الله بها دارا في الجنه ؟)

قال : بلى

قال : فذلك لك

فطابت نفس عبدالله وقرت عينه


ما كاد عبدالله بن جحش يستقر في المدينه بعد ماتكبده من نصب في هجرتيه الاولى و الثانيه ..

وما كاد يذوق شيئا من طعم الراحه في كنف الانصار ، بعد ما ناله من اذى على يدي

قريش حتى شاء الله ان يتعرض لاقسى امتحان عرفه في حياته وان يعاني

اعنف تجربة لقيها منذ اسلم

فالنرهف السمع لقصة تلك التجربه القاسيه المره

انتدب الرسول صلوات الله عليه ثمانيه من اصحابه للقيام باول عمل عسكري في الاسلام

فيهم عبدالله بن جحش و سعد بن ابي وقاص

وقال : ( لأمرن عليكم اصبركم على الجوع و العطش ) ثم عقد لوائهم ( امر عليهم ) لعبدالله بن جحش

فكان اول امير على طائفه من المؤمنين

حدد الرسول الكريم لعبدالله بن جحش وجهته واعطاه كتابا و امره الا ينظر فيه الا بعد مسيرة يومين

فلما انقضى على مسيرة السريه يومان نظر عبدالله في الكتاب فاذا فيه ..

( اذا نظرت في كتابي هذا فأمض حتى تنزل نخله بين الطائف و مكه فترصد بها قريشا ، وقف لنا على اخبارهم .. )

وما ان اتم عبدالله الكتاب حتى قال : سمعا وطاعه لنبي الله

ثم قال لاصحابه .. ان رسول الله صلى الله عليه وسلم امرني ان امضي الى نخله لارصد قريشا حتى

اتيه باخبارهم وقد نهاني عن ان استكره احد منكم على المضى معي ، فمن كان يريد الشهاده ويرغب

فيها فليصحبني ومن كره ذلك فاليرجع غير مذموم

فقال القوم .. سمعا وطاعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، انما نمضي معك حيث امرك نبي الله

ثم سار القوم حتى بلغوا نخلة وطفقوا يدورون ويبحثون خلال الدروب ليترصدوا اخبار قريش وفيما

هم كذالك ابصرا عن بعد قافله لقريش فيها اربعة رجال هم عمرو ابن الحضرمي ، والحكم بن كيسان

وعثمان بن عبدالله ، و اخوه المغيره ، ومعهم تجاره لقريش فيها جلود و زبيب ونحوهما مما كانت

تتجر به قريش .. عند ذلك اخذ الصحابه يتشاورون فيما بينهم ، وكان اليوم اخر يوم

من الاشهر الحرم

فقالو : ان قتلناهم فانما نقتلهم في الشهر الحرام ، وفي ذلك مافيه من اهدار حرمة هذا الشهر و التعرض

لسخط العرب جميعا .. و ان امهلناهم حتى ينقضي هذا اليوم دخلو في ارض الحرم

( اي اصبح قتالهم محرما علينا بسبب دخولهم في ارض الحرم المكي ) واصبحوا في مأمن منا

ومازالو يتشاورون حتى اجمعوا رئيهم على الوثوب عليهم وقتلهم واخذ مافي ايديهم غنيمه

وفي لحظات قتلو واحد منهم و اسروا اثنين ، و فرّ الرابع من ايديهم


استاق عبدالله بن جحش وصحبه الاسيرين والعير متوجهين الى المدينه فلما قدموا على رسول الله

صلى الله عليه وسلم و وقف على مافعلوه استنكره اشد الاستنكار ، وقال لهم ..

(والله ما امرتكم بقتال ، وانما امرتكم ان تقفوا على اخبار قريش ، و ان ترصدوا حركتها )

و اوقف الاسيرين حتى ينظر في امرهما .. و اعرض عن العير فلم ياخذ منها شيئا ..

عند ذلك سقط في ايدي عبدالله بن جحش و اصحابه ، و ايقنوا انهم هلكوا بمخالفتهم لامر

رسول الله صلى الله عليه وسلم و زاد عليهم الامر ضيقا ان اخوانهم من المسلمين طفقوا يكثرون

عليهم من اللوم و يزورون عنهم كلما مروا بهم ( اي ينحرفون عن طريقهم لئلا يكلموهم )

و يقولون : خالفوا امر رسول الله صلى الله عليه وسلم


وقد ازداد حرجا على حرج حين علموا ان قريشا اتخذت من هذه الحادثه ذريعة للنيل من

رسول الله صلى الله عليه وسلم و التشهير به بين القبائل ..

فكانت تقول : ان محمد قد استحل الشهر الحرام فسفك فيه الدم و اخذ المال و اسر الرجال

فلا تسل عن مبلغ حزن عبدالله بن جحش و اصحابه على ماوقع منهم ، ولاعن خجلهم من

رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اوقعوه فيه من الحرج

ولما اشتد عليهم الكرب ، وثقل عليهم البلاء ، وجائهم البشير يبشرهم بان الله سبحانه قد رضي عن

صنيعهم ، وانه انزل على نبيه صلى الله عليه وسلم في ذلك قرآنا

فلا تسل عن مدى فرحتهم وقد طفق الناس يقبلون عليهم معانقين مبشرين مهنئين وهم يتلون ما نزل

في عملهم من قرآن مجيد فلقد نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قول الله علت كلمته

(( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ

وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ

اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ

أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ))

فلما نزلت الايات الكريمات طابت نفس الرسول الكريم صلوات الله عليه ، فأخذ العير وفدى الاسيرين

ورضى عن صنيع عبدالله بن جحش و اصحابه ، اذ كانت غزوتهم هذه حدث كبير في حياة المسلمين ..

فغنيمتها اول غنيمه اخذت في الاسلام

وقتيلها اول مشرك اراق المسلمون دمه

و اسيراها اول اسيرين وقعا في ايدي المسلمين

و رايتها اول رايه عقدتها يد رسول الله صلوات الله عليه

و اميرها عبدالله بن جحش اول من دعي بأمير المؤمنين


ثم كانت ( بدر ) فابلى فيها عبدالله بن جحش من كريم البلاء مايليق بايمانه

ثم جاءت ( احد ) فكان لعبدالله بن جحش وصاحبه سعد بن ابي وقاص معها قصه لاتنسى

فلنترك الكلام لسعد ليروي لنا قصته وقصة صاحبه

قال سعد بن ابي وقاص : لما كانت ( احد ) لقيني عبدالله بن جحش وقال : الا تدعوا الله ؟

فقلت : بلى

فخلونا في ناحة فدعووت ، فقلت : يا رب اذا لقيت العدو فلقني رجلا شديد بأسه ، شديدا

حرده (غضبه وثورته )

اقاتله ويقاتلني ، ثم ارزقني الظفر عليه حتى اقتله وآخذ سلبه

( السلب : مايؤخذ من القتيل من سلاح و متاع )

فأمن عبدالله بن جحش على دعائي

ثم قال : اللهم ارزقني رجلا شديدا بأسه ، اقاتله فيك ويقاتلني ، ثم ياخذني فيجدع انفي و اذني

فاذا لقيتك غذا .. قلت : فيم جدع انفك و اذنك ؟

فأقول : فيك وفي رسولك ، فتقول : صدقت ..

قال سعد بن ابي وقاص : لقد كانت دعوة عبدالله بن جحش خيرا من دعوتي ، فلقد رأيته آخر النهار

وقد قتل ومثل به و ان انفه و اذنه لمعلقتان على شجرة بخيط



استجاب الله دعوة عبدالله بن جحش فأكرمه بالشهاده كما اكرم بها خاله

سيد الشهداء حمزه بن عبدالمطلب

فواراهما الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم معا في قبرِ واحد ، ودموعه الطاهره

تروي ثراهما المضمخ بطيوب الشهاده


.
.
.



قصص سابقه

سعيد بن عامر الجمحي .. الطفيل بن عمر الدوسي .. عبدالله بن حذافه السهمي

ثمامه بن اثال .. ابو ايوب الانصاري .. عمرو بن الجموح



.
.
.

العفووو .. عارف ..

الله يعطيك العافيه
.
.
.

بسم الله الرحمن الرحيم

ســـــــــديم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


جزاك الله كل خير على هذا الموضوع الرائع
بارك الله فيك وفي جهووووووووودك
والله يعطيك الصحه والعافيه



اخوووك

حسام الشعر

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الله يعافيك .. ابو ابراهيم ..
.
.
.

سديم


بارك الله فيك


وربي يجزاك الجنية

الله يعطيك العافيه .. النبض الحزين ..
.
.
.