أنت غير مسجل في منتديات الوئام . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

صائد الفرص للأسهم الأمريكية والاوبشن 
عدد الضغطات  : 20009
مساحة اعلانية 
عدد الضغطات  : 15720


العودة   منتديات الوئام > المنتديات الترفيهية > قناة الوئام الإعلآمي

قناة الوئام الإعلآمي متابعة المستجدات على الساحة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 30 / 09 / 2001, 55 : 07 AM   #1
الحارث 
عضو شرف

 


+ رقم العضوية » 783
+ تاريخ التسجيل » 04 / 08 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 752
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

الحارث غير متواجد حالياً

افتراضي قلق الحرب لفضيلة الشيخ سلمان العودة

قلق الحرب قلق الحرب لفضيلة الشيخ سلمان العودة

فضيلة الشيخ / سلمان بن فهد العودة
12/7/1422

تدق أمريكا طبول حربها الكونية الأولى في مطلع الألفية الميلادية الثالثة ، وتحشد لها إمكاناتها السياسية ، والعسكرية ، و المخابراتية كما لم تصنع من قبل ، في الوقت الذي تكمل الانتفاضة الفلسطينية الثانية عامها الأول مخلفة أكثر من ثلاثين ألف جريح ، وثلاثة آلاف معوق ، وسبعمائة قتيل ، نسأل الله أن يتقبلهم شهداء في سبيله.
وقصارى ما يحدث هو تهدئة الوضع في الأراضي المحتلة ؛ من أجل تركيز الأنظار على المشهد الجديد ومنع التداخلات السلبية ، و هذا يعيد إلى الأذهان ازدواجية المعايير الانتقائية في سياسة الغرب وعلى رأسهم أمريكا حين التعامل مع القضايا الخارجية ، ولأن شهادتنا فيهم مجروحة ، فننقل شهادة المفكر الأمريكي اليهودي الكبير ( نعوم تشومسكي) في كتابه [ ماذا يريد العم سام ؟] وهذا المفكر وإن كان ضد سياستهم وضد إسرائيل أيضاً ، ويظهر العداوة للإسلام ، إلا أنه لخص أهداف السياسة الأمريكية في أمرين :
أولاً : حماية المجال الأمريكي ؛ إذ تستحوذ أمريكا على أكثر من 50% من ثروات العالم .
ثانياً : إعاقة عملية التقدم والنمو الاجتماعي في العالم ، و يضرب لذلك مثلاً بدول أمريكا الجنوبية .
و شاهد آخر هو المفكر الفرنسي (روجيه جارودي) في كتابه (أمريكا طليعة الانحطاط) يقول : (إن قادة الدول الصناعية السبع في قمة ليون عام 1996م ركزوا على مكافحة الإرهاب ، ولكنهم نسوا أو تناسوا أنهم أكثر الدول إرهابًا في العالم ؛ بل أكثر الدول اغتصابًا لحقوق الإنسان ، ففي راوندا قتل نصف مليون من سكانها بالسلاح الغربي ، إن موت يهودي يعتبر إرهاباً ، ولكن مجزرة بحجم صبرا وشاتيلا يتم السكوت عنها)!.
وهذا يقود إلى الإشكالية التعريفية القديمة الجديدة بشأن الإرهاب ، وعدم الاتفاق على معنى محدد له ؛ فإن الشعوب العربية والإسلامية التي تسعى لنيل استقلالها ، وطرد المستعمر كما في فلسطين حيث الاستعمار الاستيطاني المخالف حتى للقوانين الدولية ، وفي الشيشان حيث التدخل العسكري وفي غيرهما... هذه الدول لها حق مشروع في الدفاع عن نفسها ، لكنها أصبحت تصنف في قائمة المجموعات الإرهابية ، بينما الجلاد المغتصب يوصف بأنه مثال للعدل والحرية والديموقراطية .
ومع الأسف فإن كثيرًا من الإعلاميين ومن وسائل الإعلام العربية والإسلامية صاروا ينساقون مع هذه الأكذوبة والتلبيس ، فيتبعون سنن هؤلاء في مفاهيمهم ، و مصطلحاتهم ؛ لأنها هي الأخرى تفرض على أنها مفاهيم ومصطلحات عالمية يلتزم بها الجميع .
إن أخشى ما نخشاه أن يأتي الدور على المجموعات الجهادية المقاومة للاحتلال باسم مكافحة الإرهاب.
الحرب القادمة :
إن العالم يبدو وكأنه يدخل في نفق صعب في هذه الحرب ، فهناك عجز في الأدلة فيما يتعلق بالقائمين بالتفجير ؛ حيث إن عددًا يزيد عن السبعة من الأسماء تبين أنهم أحياء عند أهلهم يرزقون ، وما يزيد عن الخمسة عشر لا يوجد أدلة كافية عنهم ، وهناك شكوك عريضة حول عدد من الأسماء التي لا يعرف لها انتماء إسلامي .
وقد عودنا الإعلام الأمريكي أنه كثيرًا ما يغطي قضايا المحاكم والمرافعات، في قضايا بسيطة أو تافهة فيحشد لها عشرات الشهود ، ومئات المحامين ، وعشرات الآلاف من الصفحات، ويستغرق البت فيها سنوات ، ولم ينس الناس بعد متاهة التحقيقات الطويلة والبطيئة في مقتل الرئيس جون كيندي ثم انتهت إلى لا شيء ، أو محاكمة اللاعب الأمريكي سامبسون في قتل عشيقته والتي تمت بالحركة البطيئة وانتهت إلى تبرئته برغم تضافر الأدلة وانحصار التهمة ، بينما نرى اليوم قضية بهذا الحجم ، وهذه الخطورة يتم توجيه أصابع الاتهام فيها دون أدلة كافية ، ويصدر الحكم بعجلة متناهية ، ويُسعى في تنفيذه .
ثم إن الحرب مجهولة .. ضد من ؟! إنها كما قال بعضهم : ( ضد أشباح ) فهي غير واضحة وهذا يعطي فرصة للتحليل والتأويل ، كما أن بداية الحرب وزمانها غير واضحين ، وآلتهـا غير محددة ، فهي ليست حربًا عسكرية تقليدية ، لكنها خليط من هذا ومن الحرب السياسية والمخابراتية ، ويخشى أن يكون ميدانها المجتمعات الإسلامية في طولها ، وعرضها وفي ثقافتها .. وفي أخلاقها .. وتعليمها .. ودينها !!
لقد استغل أعداء الإسلام – وأشدهم عداوة اليهود والمتعاطفون معهم – هذا الحدث للتأليب على المسلمين ، وتحميل عقيدتهم وثقافتهم مسؤولية ما جرى ، وتعميم هذه المسؤولية بحيث تطال كل ما هو إسلامي ، مع أننا نعلم أن أمريكا لمّا شهدت انفجارات "أوكلاهوما" - التي نفذها اليمين المتطرف - ؛ اكتفت السلطات بالقبض على الجاني ثم إعدامه ، ولم يكن هناك تعميم للجرم ، ولا ملاحقة للجماعة وتجميد للأرصدة وبحث في أصول الفكر ، ولا التحقيق مع كل من قابل الجاني أو اتصل به ، أو رآه يوماً من الأيام ولو في المنام . وكذا فعل اليهود عندما اغتيل رئيس وزرائهم إسحاق رابين ، اكتفوا بالقبض على القاتل وسجنه مدى الحياة ، من غير أن يُطال اليمين المتطرف ، أو يُلاحق غير من ارتكب الجريمة ، فلماذا يراد الآن أن يحشر الإسلام في قفص الاتهام ، ويعمم جرم لم يثبت فاعله لتشمل المسؤولية مسلمين ضعفاء عزّل في بلاد فقيرة .
على أن هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يواجه فيها المسلمون تأليباً عليهم، فقد بدأ هذا التحالف منذ بداية الدعوة الأولى يوم حُصر المسلمون في الشِّعب ، وواجهه المسلمون في دويلتهم الأولى في المدينة يوم تحزبت الأحزاب ، وتظاهر عليهم المشركون واليهود والمنافقون ( إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً)
وواجه المسلمون تحالف أوروبا من أقصاها إلى أقصاها في حملات الحروب الصليبية التي اجتمعت فيها الممالك النصرانية المتفرقة ، بل والمتناحرة كلها في هجوم صليبـي جارف على بلاد الإسلام، وواجهت هذا التحالف في بداية العصور الحديثة يوم اتفق المستعمرون على المسلمين واقتسموا ديارهم ، فهذا التحالف اليوم لا يعدوا أن يكون درجة في سُلَّم مر على الأمة في تاريخها ما هو مثله أو أشد ، والشأن فينا نحن أمام هذا الحشد الضخم ، والهلع الذي ركب قلوب الكثيرين أمامهم ، إنها ساعة امتحان القلوب للتقوى كما امتحنت قلوب المؤمنين يوم تحزبت عليهم الأحزاب ، وسدت منافذ النجاة ، ولم يبق إلا السبب الواصل بمالك الملك ومدبر الأمر ، فما وهن يقينهم ولا ضعف إيمانهم، ولكن كان حالهم كما وصفهم ربهم العالم بهم (ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً ).
وأما الواهنون ومن في قلوبهم مرض فكانوا كما هم اليوم (يقولون هل لنا من الأمر من شيء ...).
قلق الحرب
إن طبول الحرب تصنع قلقًا في النفوس ، وتوترًا واضطرابًا ،حتى لتمنع الإنسان التمتع بنومه ، وطعامه ، وشرابه ، وأهله ، وتجعله مشدود الأعصاب خائفًا .. وهذا الخوف يتمثل في مظاهر منها :
1- المخاوف الاقتصادية : فأسعار الأسهم ، والنفط ، وحركة البورصات تأثرت كلها سلباً بهذا الجو من القلق والترقب .
2- اتخاذ القرارات الحاسمة غير المدروسة وفقد القدرة على التركيز والتفكير السليم ، ولهذا يوصي العلماء بأن على الإنسان ألاّ يتخذ أي قرار مهم ، أو ذي بال ، وهو في مثل هذه الحال ، بل الشريعة الإسلامية جاءت بهذا ، فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسـلم- أنه نهى أن يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان وقد قاس العلماء على الغضب كل ما شابهه من الأحوال كشدة الخوف ، أو شدة الجوع ، أو شدة العطش ، أو ما أشبه ذلك من الأحوال التي تخرج الإنسان عن توازنه وانضباطه .
3- اضطراب التفكير والتصور ، ولهذا تناول البعض أحاديث فتن آخر الزمان وأنزلوها على الوقائع الجارية بطريقة غريبة متكلفة ، علماً أن هذه من الأمور الغيبية القدرية التي نراها بعيوننا فنصدق بها قائلين : هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله ، وليست من الأمور الشرعية التي كلفنا بفعلها ، ولهذا جاء في صحيح البخاري عن معاوية - رضي الله عنه - أنه بلغه أن بعض الصحابة يحدثون بأحاديث عن مَلِكٍ من قحطان فغضب ، وخطب وحمد الله وأثنى عليه ثم قال : " إنه بلغني أن أقوامًـا يخبرون عن رســول الله - صلى الله عليه وسلم - بأحاديث ما جاءت في كتاب الله ولا نقلها الناس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأولئك جهالكم" 00 ثم قال : "إياكم والأماني التي تضل أهلها " ولا شك أن معاوية - رضي الله عنه - لا يقصد – والله أعلم – إنكار ما ثبت برواية الثقات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لكنه ربما ألمح إلى معنى آخر ، وهو خطورة وضع هذه الأحاديث وتركيبها وتنـزيلها على أحوال معينة ، أو ظروف خاصة ، أو أشخاص بأعيانهم ؛ لأن في هذا مدعاة للاضطراب في أحوال الناس وأمورهم حين ينزلون هذه النصوص على الوقائع بحسب أهوائهم ، أو نظرتهم القاصرة !
4- غياب الأهداف ، ففي أوقات الأزمات تغيب الأهداف الواقعية المحددة ، ولذلك يظل الكثيرون يسألون : ما واجبنا ؟ ما دورنا ؟ ماذا يتعين علينا أن نصنع ؟ ويريد هؤلاء السائلون أن تحدد لهم هدفًا سريعًا ومباشرًا وواضحًا وممكنًا وآنيّاً وفعالاً 00 هذا مالا سبيل إليه في كثير من الأحيان ، كما حصل في بداية الانتفاضة حيث كان بعض الشباب يقول : أريد الذهاب إلى فلسطين ، ومقاتلة اليهود 00 وهذا الشعور بحد ذاته طيب وجميل ، وعلينا أن نحافظ على ديمومته ، وعلى فاعليته وتأطيره ، وتوجيهه الوجهة الصحيحة ، إلا أن الطريق إلى فلسطين غير سالكة والإمكانية غير موجودة ، وأنت غير مؤهل في مثل هذه الظروف لهذه المهمة بالذات ، لكن لديك مهمات أخرى كثيرة يمكنك القيام بها مما سأشير إلى شيء منه بعد قليل.
وهكذا يضيع كثير من الشباب في إشكالية عجيبة ، وهي أن الأمر الذي يحلمون به ويتطلعون إليه قد يكون أمرًا محالاً ، أو صعبًا على أقل تقدير ، بينما الأمور التي بإمكانهم وقدرتهم أن يعملوها تتحول عندهم إلى جزئيات لا يقيمون لها وزنًا ، فلا تشبع طموحاتهم ولا ترضي رغباتهم.
إن دورك لم يبدأ الآن لكنه بدأ من بداية رشدك ووعيك ، ولن ينتهي بنهاية الحدث ولكن بموتك 0
ولتبدأ الآن بأداء دورك جيدًا ، شريطة ألا ينتهي هذا الشعور بنهاية الحدث مهما كانت نهايت0
إنه ليس من الرشد ولا من الحمّية الحقة لدين الله ، والغيرة لحدوده أن ننام نومة أهل الكهف ثم لا نصحو إلا عند أزمة تحل ، فنطرح هذا السؤال بقوة ثم ننام بعدها إلى مثلها 0
وصفات شرعية :
إن هذا القلق والتوتر الذي ينتاب الكثير من الناس لا يكون إلا مع ضعف الإيمان ، ولكي نستطيع أن نتغلب على هذه المشاعر لا بد من أمور :
أولاً : تجريد التوحيد وتجديده ، فإن الله - تعالى - هو رب الكون ومدبره ، ولا يقع شيء إلا بإذنه، له الخلق والأمر [ كل يوم هو في شأن ] 0


صبراً يا أقصى لن أنساك ...
ميعاد العزة في مسراك ...

 

  رد مع اقتباس
قديم 30 / 09 / 2001, 00 : 08 AM   #2
الحارث 
عضو شرف

 


+ رقم العضوية » 783
+ تاريخ التسجيل » 04 / 08 / 2001

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 752
+ معَدل التقييمْ » 10
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

الحارث غير متواجد حالياً

افتراضي تابع

فعلى المسلم أن يجدد إيمانه بربه ، وثقته به ، وتوكله عليه ، فإنه - سبحانه - أغير على دينه ، وعباده المؤمنين من كل أحد [ إن الله يدافع عن الذين آمنوا ] .
وتحقيق الإيمان المطلق بالقضاء والقدر ، وأنه لا يقع في الكون شيء دقَّ أو جلَّ كبُر أم صغُرَ إلا بقضاء الله وقدره 0 0 [ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله 00]0 [إنا كل شيء خلقناه بقدر] 0[قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون]0
ثانياً : التوبة والاستغفار والتسبيح : [ فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ] قال العباس وعلي - رضي الله عنهما - : ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة 0
ثالثاً : العبادة والعمل الصالح ، فقد روى مسلم في الفتن عن معقل بن يسار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (العبادة في الهرج كهجرة إليّ) وفي هذا إشارة إلى ملمحين مهمين :
أولهما : الاشتغال بالشيء المثمر من المحافظة على الصلاة واللهج بالذكر ، والإلحاح بالدعاء والصوم ، والبذل ، والحرص على الدعوة إلى الله ونحوها ، بدلاً من استطرادات الأحاديث ، ومداولات الأسئلة التي قد لا تؤتي ثمرة ، بقدر ما تشغل البال وتقلق النفس .
ثانيهما : إرجاع النفس إلى طبيعتها وسجيتها بهذه الجرعات المهدئة من طاعة الله وذكره حتى تفكر بشكل صحيح ، وتعمل بشكل صحيح أيضاً .
رابعاً : الصبر ، فإنه لا إيمان إلا بالصبر ، وعلينا ألاّ نملَّ من التواصي بالصبر ، بل نصبر على ذلك ، لأنه علاج لكثير من المشكلات المزمنة ( والعجلة من الشيطان ، والأناة والحلم من الله) فالأناة والتروي تجعل المرء دارسًا لقراراته ، مقبلاً على أمره بإدراك ونظر صحيح، فلا يتصرف بطريقة عشوائية ، مرتجلة ، وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (ليس الشديد بالصرعة ، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) وفي رواية ( إنما الشديد الذي يصرع غضبه) وهذا غاية الشجاعة مع النفس وهي إحدى مظاهر الكمال الإنساني .
خامساً : ترك التنازع والاختلاف [ ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ] فإن الاختلاف يحدث الفشل ويذهب الريح ويؤلب الأعداء ، ويشتت الجهود ، وربما انشغل أقوام بأنفسهم عن عدوهم من جرائه ، وقد عاب الله - تعالى - على أهل الكتاب من قبلنا وعلى من يتبعهم من هذه الأمة تفرّقَهم وتنازعَهم فقال : [ تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ] والعقل الرشيد يملي على الإنسان أن يكون في غاية الحرص على رأب الصدع بين الطوائف والشرائح التي تُكَوِّن سَدَى المجتمع الإسلامي ولحمته .
سادساً : التفاؤل ، فقد كان - صلى الله وعليه وسلم - يعجبه الفأل ، وفي الصحيحين عن أنس قال : كان النبي - صلى الله وعليه وسلم - أشجع الناس ، وأحسن الناس ، ولقد فزع أهل المدينة ليلة فخرجوا نحو الصوت ، فاستقبلهم النبي - صلى الله وعليه وسلم - وهو على فرس لأبي طلحة عري وهو يقول : (لن تراعوا ، لن تراعوا ...)
ولذا فإن من أعظم ما ينبغي أن يعالج في قلوب فئة ليست قليلة من المسلمين اليوم، هذا الشعور بالوهن والعجز ، وقلة الحيلة ، وبرغم اتفاقنا على خطورة الحدث وتداعياته إلا أننا نفزع إلى مسلمات يقينية دالة على أن هذه الأمة باقية إلى قيام الساعة ، وأنها أمة تستعصي على الفناء فقد دعا النبي – صلى الله عليه وسلم – ألا تهلك أمته بسنة بعامّة ، وقد أجيبت دعوته ، فبقيت هذه الأمة على مدار التاريخ تمرض ولكن لا تموت. ولذا فإنا نعجب من حالات الفزع والذعر الذي بدأنا نلمسه في كلام متكلمين وإرجاف مرجفين، فأين ثبات المؤمنين وعزم أولي العزائم ، إن هذه الأمة قد دهمتها خطوبٌ ومحن أعظم فصبرتْ لها وتجاوزتها ، ومرتْ بأطوار كانت فيها أشد ضعفاً وتفرقاً مما هي الآن فحفظ الله الضيعة وجبر الكسر وجمع الشَّمل، ومن يذكر ما جرى على أهل الإسلام يوم كان الإعصار التتري المدمر يطوي مدن الإسلام إلى أن طوى بساط الخلافة ، وقوَّض حاضرة الدولة ، إن من يتصور ذلك التاريخ ويحاول أن يعيش بوجدانه تلك المرحلة ، سيشعر أنها قد وقعت الواقعة والقارعة والحاقة والصاخة ، وأن بساط الإسلام قد طوي ، وأمته آذنت بالفناء ، ولكنها بعد قرنين فَتَحت القسطنطينية وطَرقَت أبواب فِيَنَّا ، فيا أهل الإسلام أبشروا وأمّلوا ما يسركم فإن أمتكم لن تموت بالضربة القاضية ، على أن التفاؤل المشروع هو التفاؤل الإيجابي الفاعل المنتج الذي يرفع المعنويات ويدفع للعمل، وليس ما رأيناه من حال فريق وجد ملاذه بالفزع إلى توقع المعجزات وانتظار الخوارق ، والتوكل بصورة مغلوطة تلغي الأسباب وتنتظر المعجزات ، ونحن نعلم أن المعجزات قد ذهبت مع الرسل ، وأننا نعيش عالم الأسباب المسخرة لنا ، نستخدمها ولا نتكل عليها ، ولذا فبين هذا وذاك موقف آخر وهو الثبات والصبر والتعامل مع الأحداث بيقين المؤمن ورضاه ، بلا عجز ولا تواكل ، وإنما في التعامل مع الحدث وفق الأسباب المتاحة ، والنظرة الواقعية ، وحساب الأرباح والخسائر ، وحفظ المصالح ، وتقليل المفاسد ، بعيداً عن الوهن والخور ، أو الرعونة والتعجل ، وابتغ بين ذلك سبيلاً ، وسنن الله جارية حتى مع الأنبياء ، فقد انتصر النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون في بدر وهم أذلة ، وهزموا في أُحد ، وعقدوا صلحاً في الحديبية ، وفتحوا مكة ، وأدبروا يوم حُنين ، والتاريخ له سنن ولكن نفسه طويل ، ونحن نعجل والله لا يعجل " بل لهم موعدٌ لن يجدوا من دونه موئلاً".
سابعاً : تحقيق مبدأ الأخوة الإسلامية في أجلى صورها ، وذلك بشعور القلب وحركة اللسان وعمل البدن وفق المعطيات المتاحة .
ومن ذلك :
1- الولاء للمؤمنين وعدم إعانة الكافرين عليهم ، إذ أن الحكم في مناصرة الكافرين على المسلمين ، وتولي اليهود والنصارى جليٌّ مُشرق لا لبس فيه ولا غموض ، تواردت عليه آيات الكتاب ، وأبدأَ القرآن فيه وأعاد " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين" وقال تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة . . "، قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - في نواقض الإسلام : "الناقض الثامن : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله - تعالى - : " ومن يتولهم منكم فإنه منهم". والمطلوب من المسلمين تحقيق الأخوة فيما بينهم ، ونصرة بعضهم بعضاً ، فإن عقد الولاء قائم في محكم التنـزيل ونصوص السنة "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه . . ".
وفي خطبة الوداع يقول -صلى الله عليه وسلم - : (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ) وليس صحيحًا أن يكون انتماؤنا لإخواننا المسلمين وقتياً لا دائماً ، أو متخاذلاً نائماً ، لا يستيقظ إلا عند الأزمات ، فنهبّ لنجدتهم ومؤاخاتهم ثم نرجع لنومنا فور ذهاب تلك الأزمة .
2- ومن ذلك السعي في إغاثة المنكوبين وإعانتهم من الأطفال والشيوخ والنساء والمشردين، وأن يكون لإخوانهم زمام المبادرة والسبق ، وليس لمنظمة الصليب الأحمر أو برنامج الغذاء العالمي أو غيرهم من الدول الشرقية والغربية ، ونحن نعلم أن ملايين من الأفغان مقيمون أصلاً في مخيمات بباكستان ، وظهرت مع الظروف المتجددة مجموعات بل ملايين أخرى منهم يوماً تلو الآخر ، وكل هؤلاء وأولئك أوضاعهم مأساوية صحياً وغذائياً ومعيشياً .
3- الحذر الشديد من الوقوع في فخاخ تنصب للمسلمين قد يوقعهم فيها ذهول الصدمة ، أو ثورة الحماس . إن أكثر ما نحتاج إليه في أمور كثيرة من حياتنا هو التوازن ، والانطلاق من الثوابت الراسخة ، من غير أن يفقدنا التأثر بالأفعال وردود الأفعال توازننا المطلوب ، ولا نحتاج إلى كبير عناء لنكتشف أن كثيراً من خطايانا وأخطائنا كانت نتيجة جنوح في النظرة بعيداً عن التوازن والاعتدال المطلوب .
إن للمشاعر حقها في أن تغلي وتفور ، أما الأفعال فلابد أن تكون مزمومة بهدي الكتاب والسنة ، ومقاصد الشرع وضوابط المصلحة، ولا يكون ذلك إلا بالرجوع إلى أهل الرسوخ من العلماء الربانيين الورعين ، الذين لا يجاملون لمصالح خاصة ، ولا يتملقون عواطف عامة، وقد كان العلماء على تعاقب العصور صمام أمان عندما تطيش الآراء وتضطرب الأمور "ولو ردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" ولذا فإن من أعظم ما يوصى به في مثل هذه الأحداث العامة كبح جماح الانفعالات ، بحيث لا تنتج اجتهادات خاصة ربما جنى بعضها أول ما يجني على المسلمين ومصالحهم ، وأن يكون عند الشباب بخاصة برغم حرارة الانفعال وشدة التأثر تبصر في معالجة الأمور ، وحسن تأتٍّ في التعامل مع أحداث خطيرة لها ما بعدها ، فينبغي ألا يخرجنا التأثر إلى التهور ، ولا الحماس إلى الطيش ، وإن حماس الشباب طاقة فاعلة منتجة إذا وجهت في الطريق الرشيد ، وعلى كل شاب ألا يجعل من حماسه صهريج وقود يمكن أن يشعلهُ أي عابث ، وإن العبرة ليست بتنفيس المشاعر ، وتفريغ العواطف ، ولكن العبرة بتحقيق المصالح ، ودرء المفاسد ، وهذا لا يخبره ولا يقدره إلا أهل العلم والورع ، لقد بينّا في بداية الأحداث حرمة ما جرى تجاه المدنيين في ديار الكفر ، ونحن اليوم أكثر تأكيداً على حرمة مثل هذه الأعمال في بلاد الإسلام ، فإن الشعوب الإسلامية لا تحتمل المزيد من المصائب والقلاقل ، ومن واجبنا أن نتصرف بمسؤولية وانضباط في مثل هذه الظروف الصعبة حتى تنجلي الغمة وتطمئن الأمة .
إن شرارة واحدة تؤجج نارًا يصبح كثيرون حطباً لها .
ودعوة الله إنما تنمو وتكبر وتنتعش وتعيش في أجواء السكينة والاستقرار 0 ولهذا قال الزهري عقب صلح الحديبية : إن الناس أمن بعضهم بعضًا فلم يكن أحد يعقل في الإسلام إلا دخل فيه ، حتى دخل في الإسلام بعد الصلح وقبل الفتح أضعاف من دخلوا فيه قبل ذلك ، حتى إن الرسول - صلى الله عليه سلم - جاء إلى الحديبية بنحو أربعة عشر مائة ثم جاء في فتح مكة بما يزيد على عشرة آلاف ، وما بينهما إلا وقت يسير .
نسأل الله – عز وجل – أن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعته ويذل فيه أهل معصيته ، وأن يعز الإسلام ، وينصر المسلمين ، ويجمع كلمتهم على الحق ، ويدفع عنهم المصائب والمحن .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .


صبراً يا أقصى لن أنساك ...
ميعاد العزة في مسراك ...

 

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الشيخ سلمان العودة : بيض الله وجه العثماني غذاء قناة الوئام الإعلآمي 1 02 / 02 / 2009 26 : 02 AM
الثَّمَــرَة المُــرّة . . لفضيلة الشيخ/ سلمان العودة سامر  نفَحَآت إيمَآنِية 0 05 / 05 / 2003 38 : 11 AM
مقابلة النيويورك تايمز مع الشيخ سلمان العودة الحارث قناة الوئام الإعلآمي 4 04 / 01 / 2002 25 : 04 AM
مقابلة النيويورك تايمز مع الشيخ سلمان العودة الحارث  نفَحَآت إيمَآنِية 1 02 / 01 / 2002 09 : 12 PM
تعليق على أحداث أفغانستان لفضيلة الشيخ سلمان العودة الحارث  نفَحَآت إيمَآنِية 0 14 / 10 / 2001 27 : 07 AM


الساعة الآن 15 : 06 PM بتوقيت السعودية


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
new notificatio by
9adq_ala7sas
[ Crystal ® MmS & SmS - 3.7 By L I V R Z ]