خــور الرجـــال

خــور الرجـــال

عبد الله بن صالح الخضيري / بريدة



يحقُّ للمرء أن يبحث عن السعادة ، ومن حقه أن يعيشها ، كما يحق له أن يبارك للسعداء ويستهدي طريقهم ، ومن الحقيقة ولها أن ندُّلَّ الناس عليها ، وللفضيلة وَحْدها ألا نغرز سعادتنا في خدش الفضيلة ، وألا نفقد المروءة لأجل اللذّة ، ولا الحياء لأجل الذات .
كم هي مؤلمة من الرجل السويّ السقطة في مستنقع الصبوة ، والمغامرة في السفاسف ، والتقحٌّم في موارد الرذيلة المخزية ، وكم هو مشين السفاهة بعد الحلم ، والحمق بعد العقل ، والضلالة بعد الهدى ، وكم هو محزن أن ترى حسن الظاهر والالتـزام المحافظ ، يتعثر أمام شهوة خفية ، ولذة ٍ جامحة ، وهوى فاضح ، لقد رأيت من بعض أولئك ما كان أدهشني ، بل وروعني ، فعلمت يقيناً أن بعض النفوس تأنس بالهوى ، وتُعجبُ بالعلاقة ، وتعشق الصورة و الصوت وتأوي إلى مواطنها ، فتلجأ إلى الاختفاء عن الناس والمضي قُدماً في وحل المعصية ومستنقع الرذيلة ] يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم ... [ ومن هنا كان ولا بد أن يعمى القلب عن الحق وأن يستنكف البصر عن البصيرة ، وأن يرضى الغافل بالدون ، وأي هزيمة أقسى من تلك ؟ أي حَوْبةٍ أعظم منها ؟ وأيّ سخف أقلُّ من هذا .؟.!!
وأشد من ذلك ألا يحس المصاب بجرحه وهو ينخر في جسده ، ولا يشعر المؤمن بضعفه وهو ينقض إيمانه ،ولا الوالغ في الشرف وهو يمزّق عرضه!!
إن هي إلا سقطة بعد سقطة ، وتكسر في جدار الهلكة ،وموت قبل النهاية ، كنت – ولا زلت – أنظر بإجلال إلى الذين حسروا أقوالهم عن الباطل وعفَّت أعمالهم عن الفحش والتفحش ، كما تدركني الرحمة والشفقة على نفرٍ منهم حين أبصر شرخاً في الباطن تجلَّى بعفو أو بإصرار على فلتات الظاهر ..
ومهما تكن عند امرئٍ من خليقةٍ وإن خالها تخفى على الناس تعلم ِ



ولا يملك المرء حينها إلا كلمة محب ، ونصيحة مشفق ،وهمسة رحيم ، فإن لم يكن فدعوة بظهر الغيب تشقُّ عَنان السماء ، تبين مدى العطف ، وعمق الأخوة ، واستشعاراً للسلام الذي ندعو إليه في التلازم بين الظاهر والباطن ، بعيداً عن المبالغة في المشكلة ، أو التهور في الحلول ، وقصر النظر في النتائج .
والله من وراء القصد ،،،