هل بإمكانك تخيل استخدام الكمبيوتر بدون شاشة؟ كيف يمكنك معرفة أين تنقر، أين تكتب أو ماهي الصور المعروضة في الصفحة؟”
كل التحديات السابقة حقيقية بالنسبة للأشخاص المكفوفين أو المصابين بإعاقات بصرية. معظمنا لم يفكر مطلقا كيف بإمكاننا استخدام الكمبيوتر، ناهيك عن الإنترنت بدون حاسة البصر. بالرغم من أن الإنترنت في بداية ظهوره كان يتكون من شاشة لعرض الملفات النصية أو البريد الإلكتروني، ولكن مع سرعة تطور الإنترنت، استولت الصور والفيديوهات والرسوميات على التصميم العام للشبكة العنكبوتية. رغم أن المصابين بإعاقات بصرية محرومون من الكثير مما نعتقد أنه يمثل الإنترنت بالنسبة لنا، إلا أنهم يستطيعون وبالفعل استخدامه بطرق مختلفة كالآخرين. الكمبيوترات تشكل تحديا بدون القدرة على الإبصار، ولكن الحلول التي ظهرت مبتكرة، وتتطور بثبات. بعض من التقدم التكنولوجي مؤخرا، مثل الهواتف الذكية، المنتجات القابلة للارتداء والمتصلة بالإنترنت، بإمكانها نفع الأشخاص ذوي الإعاقات البصرية أكثر من المبصرين.
ولكن بدون مساعدة المبصرين، فإن معظم خصائص الإنترنت التي نستمتع بها ستبقى صعبة المنال للأشخاص ذوي الإعاقات البصرية. الخطوة الأولى هي فهم تلك التحديات. سيأخذك هذا المقال في جولة داخل عالم الإنترنت الذي لا يستطيع المبصرون رؤيته، بمساعدة من يعرفونه أفضل.
تكبير الشاشة (Screen Magnification)
الإعاقة البصرية لها عدة درجات، من هؤلاء الذين لديهم القدرة على الرؤية بشكل بسيط إلى هؤلاء الذين فقدوا أبصارهم تماما. بالنسبة للأشخاص الذين يستطيعون الرؤية إلى حد ما، تكبير الشاشة عادة هي الطريقة المتبعة عند استخدام الكمبيوتر. برنامج تكبير الشاشة يسمح للمستخدمين بتكبير أجزاء من الشاشة عند الوقوف بالمؤشر على هذا الجزء. يتعرف البرنامج أيضا على أوامر لوحة المفاتيح ويقوم بالانتقال إلى تلك النافذة أو القائمة من خلال الأمر.
قارئ الشاشة (Screen Reader)
يعتبر قارئ الشاشة أكثر تكنولوجيا منتشرة وضرورية لفاقدي البصر من فئة مستخدمي الكمبيوتر والإنترنت. قارئ الشاشة يمثل الوسيط بينهم وبين الكمبيوتر، كما تعتبر الشاشة هي الوسيط للمبصرين.
عندما يتحرك المستخدم خلال صفحة الإنترنت باستخدام الأسهم، يقوم قارئ الشاشة بترجمة الرمز المصدري للصفحة، وبناء على تلك الترجمة تتم قراءة محتويات الصفحة. عندما يصادف البرنامج رابطًا خارجيًّا في صفحة الإنترنت، يقوم بنطق “Link” متبوعًا بنص توضيحي للرابط. مثلا This Link ستقرأ بهذه الطريقة “link: this link”، كذلك الأزرار، القوائم المنسدلة وعناصر الصفحة الأخرى تتم قراءتها بنفس الطريقة. هذه هي التلميحات التي يستخدمها الأشخاص ذوي الإعاقات البصرية للتفاعل مع صفحات الإنترنت. يخبرنا “ريان جونز”: “الكلمات التي يسمعها المستخدم أثناء التصفح هي ما توضح له ما هو الرابط، أو الزر”، جونز يعمل في قسم التدريب في مؤسسة Freedom Scientific، وهي الشركة المسؤولة عن تطوير JAWS قارئ الشاشة الأكثر تقدما وشعبية.
بالرغم من أن قارئ الشاشة يعمل صوتيا، إلا أن المستخدمين يتفاعلون معه من خلال أوامر لوحة المفاتيح. الكثير من تلك الأوامر هي اختصارات نعرفها جميعا، مثل CTRL+S للحفظ أو CTRL+P للطباعة. في حالة وجود أمر لا يتعرف عليه نظام التشغيل، يقوم قارئ الشاشة باختراع واحد جديد. الأوامر الجديدة يجب تعليمها للمستخدمين الذي قد استخدموا الكمبيوتر في الماضي وهم مبصرون.
من مميزات JAWS أنه قابل للتعديل ليوائم تفضيلات المستخدمين. لغة برمجته المدمجة، لغة JAWS، تسمح للمستخدمين بإعادة برمجة قارئ الشاشة ليناسب احتياجاتهم. يخبرنا جونز: “لغة البرمجة تخبر JAWS (برنامج قارئ الشاشة) كيف يتصرف، ماذا يفعل في أي برنامج لمساعدتي على التفاعل بشكل أفضل”. وهذا شيء مفيد للأشخاص ذوي الإعاقات البصرية الذين يحتاجون الى ضبط كمبيوتراتهم التي يستخدمونها في مكان العمل، والتي عادة ما يستخدمون فيها برامج مختلفة عن تلك المستخدمة في المنزل. JAWS والذي تم تطويره ليعمل في نظام تشغيل Windows، فعال، ولكنه مكلف: 895$ للنسخة المنزلية، و1095$ للنسخة الاحترافية. تعد الكمبيوترات عديمة الفائدة لفاقدي البصر بدون قارئ الشاشة، لذلك يقوم العديد بشراء برنامج قراءة الشاشة. ولكن هناك اختيارات أخرى. هناك مثلا قارئ للشاشة مفتوح المصدر يدعى (NVDA (NonVisual Desktop Access، تم تطويره في أستراليا وهو متوفر للتحميل الكامل بشكل مجاني. يقول دان بيرك ممثل العلاقات العامة في مركز Colorado Center for the Blind: “البرنامج قريب جدا من JAWS من حيث الخصائص الوظيفية”، “أعتقد أنه يمكنك القول أنها شركة بديلة.”
” 15% من التعداد العالمي لديهم إعاقة، 285,000,000 شخص لديهم إعاقة بصرية، 39,000,000 شخص في العالم مكفوفون”.
كيف تقوم شركة أبل بتغيير قواعد اللعبة لتسهيل استخدام الحاسب لذوي الإعاقات البصرية؟
خلال العقد الماضي، ابتكارات شركة أبل بدأت تبعد الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية عن ويندوز، والذي كان عادة الاختيار الوحيد للفئة التي تحتاج قارئ للشاشة (JAWS يعمل فقط في نظام تشغيل ويندوز). منذ عام 2، حواسب أبل أصبحت تحتوي على قارئ شاشة مدمج يدعى VoiceOver، ومنذ عام 2009، VoiceOver أصبح متوفرًا على هواتف الأيفون، وهو شيء قد أعاد تشكيل الحياة بشكل جذري لفاقدي البصر.
لأن الهواتف الذكية تعمل بشكل كامل من خلال اللمس، بأزرار قليلة أو بدون، ستصبح تلك الهواتف عديمة الجدوى للأشخاص ذوي الإعاقات البصرية بدون قارئ للشاشة. ولكن من خلال VoiceOver، أصبح الأيفون اختيارًا أساسيًّا لتسهيل استخدام الهاتف. تطبيقات الملاحة والخرائط (GPS) لفاقدي البصر، مثل Sendero GPS Lookaround، توفر فائدة خاصة لأن استخدامها يعني اعتمادًا أقل على العالم الخارجي. من التطبيقات المميزة الأخرى تطبيق TapTapSee، والذي يستطيع التعرف على أي صورة مأخوذة من خلال الهاتف، بدءًا من الملابس إلى الأوراق النقدية.
شاشات عرض برايل (Braille Display)
على عكس الاعتقاد المنتشر، لا يستطيع جميع فاقدي البصر قراءة النصوص المكتوبة بلغة برايل. غالبا ما يتعلم الذين فقدوا أبصارهم في أعمار مبكرة لغة برايل في المدرسة. بينما الكبار في السن الذين بدأ نظرهم بالتدهور أو فقدوه بالفعل قد لا يتعلمون كيفية قراءة اللغة في المطلق. ولهذا يمكننا القول إن شاشات عرض برايل القابلة للتحديث، وهو جهاز يمكّن المستخدمين من قراءة الموجود على الشاشة بلغة برايل، ليس للجميع. شاشة عرض برايل مقسمة إلى مجموعة من الوحدات، تلك الوحدات عبارة عن مستطيلات صغيرة تحتوي على ثقوب يتراوح عددها من 6 إلى 8، ودبابيس دائرية بلاستيكية ترتفع خلال الثقوب لتشكّل حروف برايل. تتواصل شاشة عرض برايل مع قارئ الشاشة لتكوين النص بلغة برايل – ولا يمكن استخدام شاشة العرض بمفردها.
بالرغم من أن شاشات عرض برايل مفيدة، أخبرنا كل من دان بيرك وريان جونز أنها لا تستخدم بكثرة في مجتمع ذوي الإعاقات البصرية. يقول دان بيرك: “أعلم أنها بالنسبة للقادر على أن يدفع ثمنها، ذات شعبية كبيرة”. شاشة عرض برايل تعتبر استثمارًا: تلك التي تباع عن طريق Freedom Scientific يتراوح سعرها ما بين 1.295$ للجهاز الذي يحتوي على أربعة عشر وحدة وتصل إلى 7,795$ للجهاز الذي يحتوي على ثمانين وحدة. حاجز السعر يقلل من عدد المستخدمين لهذا الجهاز، حتى ولو كانوا يستطيعون قراءة لغة برايل. بيرك نفسه يمتلك شاشة عرض برايل تعمل بالبلوتوث تحتوي على 14 وحدة، ليستخدمها مع هاتف الأيفون. عادة الصفحة الواحدة من الكتاب تحتوي على 40 وحدة، وبالتالي العارضات ذات 14 وحدة تستطيع بصعوبة عرض تغريدة على تويتر.
تعليق على الصورة: شاشة عرض برايل
أول شاشة عرض برايل القابلة للتحديث كانت VersaBraille، والتي تم إنتاجها عن طريق شركة Telesensory في عام 1982. ومنذ ذلك الوقت، قامت العديد من الشركات بعرض العديد من الأشكال المختلفة والقائمة على المبدأ الأساسي لفكرة الجهاز. في الوقت الحالي، عارضة برايل القابلة للتحديث تعتمد تقنية قراءة الشاشة لتحويل النصوص الرقمية الى نصوص مكتوبة بلغة برايل محدثة باستمرار. في حين أن تلك العارضات ليست واسعة الانتشار بسبب تكلفتها العالية، إلا أن هناك أمل أن تصبح بسعر معقول مع مرور الوقت. تم أيضًا إنتاج شاشة كمبيوتر بنظام برايل ولكنها لم تدخل في خط الصناعة إلى الآن. لعل أكثر تطور مثير في عارضات برايل هو ظهور نماذج أولية لقارئ برايل الإلكتروني والذي بإمكانه جعل ملايين الكتب الإلكترونية متوفرة لقارئي لغة برايل. ويمكن تصنيع القارئ بسعر مناسب وتوفيره بشكل مشابه لقارئ الكيندل في أيدي المستخدمين المتطلعين لتوسيع مداركهم من تلك الفئة.
هاتف برايل الذكي
قام المصمم Sumit Dagar باستلام جائزة من شركة رولكس عام 2013 على تصميمه أول هاتف ذكي يدعم لغة بريل، وكان قد بدأ في العمل على تصميمه منذ سنين، وأخذ الجائزة المالية لدعم تطويره لهذا الهاتف.
تحديات
على الرغم من زيادة توافر التكنولوجيا التي يسهل الوصول إليها، أصبح استخدام الإنترنت أصعب لأصحاب الإعاقات البصرية خلال العقد الماضي. الاتجاه في التصميم أصبح يتحرك إلى وسائط بصرية أكثر مثل الصور المتحركة والفيديوهات، زاد استخدام المواقع للرسوم المتحركة وعناصر أخرى في التصميم والتي تكون في الأغلب غير متاحة للوصول لهذه الفئة. العديد من الصور لا يمكن ترجمتها عن طريق قارئ الشاشة إذا لم يتوافر مع الصورة نص بديل يوضح وصفها.
المربون فاقدو البصر يقولون أنهم عادة تحت رحمة تحديثات أي برنامج، لأن أي تحديث قد يعني تغييرًا وظيفيًّا في خيارات الوصول التي يوفرها الموقع لتلك الفئة. شركات مثل جوجل تطلق منتجات عديدة كنسخ تجريبية، وتلك الإصدارات الأولية عادة تفتقد خصائص الوصول لذوي الإعاقات البصرية. حتى استخدام نفس الموقع أو التطبيق على الهواتف مقابل استخدامها على الحاسب قد يعني تجربة مختلفة تماما، من ناحية تسهيل الوصول والاستخدام. يقول بيرك: “كل شيء في حالة تغير مستمر”،”facebook أفضل بكثير الآن، ولكنه يتغير بشكل كبير خصوصا عند استخدامه على الهاتف أو المتصفح العادي. الخصائص الوظيفية قد تتغير في أي وقت”. حتى عند توافر الأدوات باهظة الثمن، لا يزال الإنترنت وسيلة لا يمكن الاعتماد عليها لذوي الإعاقات البصرية.
أعلنت شركة Google في مايو 2015 أنها ستقدم 20$ مليون دولار للمؤسسات غير الربحية للعمل على تطوير تقنيات تساعد في تحسين الحياة لذوي الاحتياجات الخاصة.
المستقبل
عديد من مجالات الابتكار تحمل وعودًا مشرقة لذوي الإعاقات البصرية. شركة أبل كانت الأولى في بناء قارئ للشاشة ودمجه في منتجاتها، وما زالت مستمرة في تطوير برامجها، ونأمل أن يتحسن VoiceOver مع الوقت. هذا النوع من التغييرات قد يقلل الحاجة إلى برامج باهظة مثل JAWS. كذلك المشاريع مفتوحة المصدر قد تفعل نفس الشيء. وكما بدأ الإنترنت في غزو الأشياء المحيطة بنا، الفوائد التي سيمنحها “إنترنت الأشياء” لذوي الإعاقات البصرية قد تتجاوز تلك التي قد يمنحها للمبصرين. أجهزة البيوت الذكية مثل Nest أو الفرن المتاح بخاصية WiFi سيسمح لفاقدي البصر بالتفاعل مع أجهزة لم يكن من الممكن التعامل معها من قبل إلا من خلال حاسة الإبصار.
الأدوات القابلة للارتداء مثل ساعة أبل أيضا تأتي بخاصية VoiceOVer أو أي برنامج قراءة شاشة آخر، قد تساعدهم في معرفة الاتجاهات بدون حتى استخدامهم للهاتف. إمكانيات الذكاء الاصطناعي كبيرة لمساعدة فاقدي البصر، برامج مثل Siri عادة مصممة لتعمل من خلال الأوامر الصوتية. وكما بدأت خوارزميات Google وFacebook بالتحسن في التعرف على الصور، لن يصبح من الصعب التخيل أن يتم ابتكار نوع من نظارات Google تستطيع أن تصف مباشرة وبدقة لفاقد البصر ما ينظر إليه. الطابعات ثلاثية الأبعاد قد تقلل من الأسعار المرتفعة لشاشات عرض برايل. ابتكار مثل السيارات بدون سائق بإمكانها توفير التنقل لفاقدي البصر ليصلوا إلى مستوى اعتماد على النفس مكافئ لأي فرد من مالكي السيارات من فئة المبصرين.
المستقبل واعد لذوي الإعاقات البصرية باستخدام التكنولوجيا. ولكن هناك بعض الأشياء البسيطة التي يمكننا فعلها لجعل هذا الواقع أقرب، إضافة توصيفات للمواقع وإيقاف استخدام الرسوميات غير القابلة للقراءة قد يصنع فارقًا عظيما. بينما أصبح الإنترنت يستوعب الكثير من أجزاء حياتنا، ذوي الإعاقات البصرية سيصبح لديهم الفرصة للبدء في السيطرة على حياتهم عند صنع تلك الابتكارات. التكنولوجيا، بخلاف البشر، يمكن تشكيلها لتناسب احتياجات أي فرد.
ممااستوقفني
هل بإمكانك تخيل استخدام الكمبيوتر بدون شاشة؟ كيف يمكنك معرفة أين تنقر، أين تكتب أو ماهي الصور المعروضة في الصفحة؟”
كل التحديات السابقة حقيقية بالنسبة للأشخاص المكفوفين أو المصابين بإعاقات بصرية. معظمنا لم يفكر مطلقا كيف بإمكاننا استخدام الكمبيوتر، ناهيك عن الإنترنت بدون حاسة البصر. بالرغم من أن الإنترنت في بداية ظهوره كان يتكون من شاشة لعرض الملفات النصية أو البريد الإلكتروني، ولكن مع سرعة تطور الإنترنت، استولت الصور والفيديوهات والرسوميات على التصميم العام للشبكة العنكبوتية. رغم أن المصابين بإعاقات بصرية محرومون من الكثير مما نعتقد أنه يمثل الإنترنت بالنسبة لنا، إلا أنهم يستطيعون وبالفعل استخدامه بطرق مختلفة كالآخرين. الكمبيوترات تشكل تحديا بدون القدرة على الإبصار، ولكن الحلول التي ظهرت مبتكرة، وتتطور بثبات. بعض من التقدم التكنولوجي مؤخرا، مثل الهواتف الذكية، المنتجات القابلة للارتداء والمتصلة بالإنترنت، بإمكانها نفع الأشخاص ذوي الإعاقات البصرية أكثر من المبصرين.
ولكن بدون مساعدة المبصرين، فإن معظم خصائص الإنترنت التي نستمتع بها ستبقى صعبة المنال للأشخاص ذوي الإعاقات البصرية. الخطوة الأولى هي فهم تلك التحديات. سيأخذك هذا المقال في جولة داخل عالم الإنترنت الذي لا يستطيع المبصرون رؤيته، بمساعدة من يعرفونه أفضل.
تكبير الشاشة (Screen Magnification)
الإعاقة البصرية لها عدة درجات، من هؤلاء الذين لديهم القدرة على الرؤية بشكل بسيط إلى هؤلاء الذين فقدوا أبصارهم تماما. بالنسبة للأشخاص الذين يستطيعون الرؤية إلى حد ما، تكبير الشاشة عادة هي الطريقة المتبعة عند استخدام الكمبيوتر. برنامج تكبير الشاشة يسمح للمستخدمين بتكبير أجزاء من الشاشة عند الوقوف بالمؤشر على هذا الجزء. يتعرف البرنامج أيضا على أوامر لوحة المفاتيح ويقوم بالانتقال إلى تلك النافذة أو القائمة من خلال الأمر.
قارئ الشاشة (Screen Reader)
يعتبر قارئ الشاشة أكثر تكنولوجيا منتشرة وضرورية لفاقدي البصر من فئة مستخدمي الكمبيوتر والإنترنت. قارئ الشاشة يمثل الوسيط بينهم وبين الكمبيوتر، كما تعتبر الشاشة هي الوسيط للمبصرين.
عندما يتحرك المستخدم خلال صفحة الإنترنت باستخدام الأسهم، يقوم قارئ الشاشة بترجمة الرمز المصدري للصفحة، وبناء على تلك الترجمة تتم قراءة محتويات الصفحة. عندما يصادف البرنامج رابطًا خارجيًّا في صفحة الإنترنت، يقوم بنطق “Link” متبوعًا بنص توضيحي للرابط. مثلا This Link ستقرأ بهذه الطريقة “link: this link”، كذلك الأزرار، القوائم المنسدلة وعناصر الصفحة الأخرى تتم قراءتها بنفس الطريقة. هذه هي التلميحات التي يستخدمها الأشخاص ذوي الإعاقات البصرية للتفاعل مع صفحات الإنترنت. يخبرنا “ريان جونز”: “الكلمات التي يسمعها المستخدم أثناء التصفح هي ما توضح له ما هو الرابط، أو الزر”، جونز يعمل في قسم التدريب في مؤسسة Freedom Scientific، وهي الشركة المسؤولة عن تطوير JAWS قارئ الشاشة الأكثر تقدما وشعبية.
بالرغم من أن قارئ الشاشة يعمل صوتيا، إلا أن المستخدمين يتفاعلون معه من خلال أوامر لوحة المفاتيح. الكثير من تلك الأوامر هي اختصارات نعرفها جميعا، مثل CTRL+S للحفظ أو CTRL+P للطباعة. في حالة وجود أمر لا يتعرف عليه نظام التشغيل، يقوم قارئ الشاشة باختراع واحد جديد. الأوامر الجديدة يجب تعليمها للمستخدمين الذي قد استخدموا الكمبيوتر في الماضي وهم مبصرون.
من مميزات JAWS أنه قابل للتعديل ليوائم تفضيلات المستخدمين. لغة برمجته المدمجة، لغة JAWS، تسمح للمستخدمين بإعادة برمجة قارئ الشاشة ليناسب احتياجاتهم. يخبرنا جونز: “لغة البرمجة تخبر JAWS (برنامج قارئ الشاشة) كيف يتصرف، ماذا يفعل في أي برنامج لمساعدتي على التفاعل بشكل أفضل”. وهذا شيء مفيد للأشخاص ذوي الإعاقات البصرية الذين يحتاجون الى ضبط كمبيوتراتهم التي يستخدمونها في مكان العمل، والتي عادة ما يستخدمون فيها برامج مختلفة عن تلك المستخدمة في المنزل. JAWS والذي تم تطويره ليعمل في نظام تشغيل Windows، فعال، ولكنه مكلف: 895$ للنسخة المنزلية، و1095$ للنسخة الاحترافية. تعد الكمبيوترات عديمة الفائدة لفاقدي البصر بدون قارئ الشاشة، لذلك يقوم العديد بشراء برنامج قراءة الشاشة. ولكن هناك اختيارات أخرى. هناك مثلا قارئ للشاشة مفتوح المصدر يدعى (NVDA (NonVisual Desktop Access، تم تطويره في أستراليا وهو متوفر للتحميل الكامل بشكل مجاني. يقول دان بيرك ممثل العلاقات العامة في مركز Colorado Center for the Blind: “البرنامج قريب جدا من JAWS من حيث الخصائص الوظيفية”، “أعتقد أنه يمكنك القول أنها شركة بديلة.”
” 15% من التعداد العالمي لديهم إعاقة، 285,000,000 شخص لديهم إعاقة بصرية، 39,000,000 شخص في العالم مكفوفون”.
كيف تقوم شركة أبل بتغيير قواعد اللعبة لتسهيل استخدام الحاسب لذوي الإعاقات البصرية؟
خلال العقد الماضي، ابتكارات شركة أبل بدأت تبعد الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية عن ويندوز، والذي كان عادة الاختيار الوحيد للفئة التي تحتاج قارئ للشاشة (JAWS يعمل فقط في نظام تشغيل ويندوز). منذ عام 2، حواسب أبل أصبحت تحتوي على قارئ شاشة مدمج يدعى VoiceOver، ومنذ عام 2009، VoiceOver أصبح متوفرًا على هواتف الأيفون، وهو شيء قد أعاد تشكيل الحياة بشكل جذري لفاقدي البصر.
لأن الهواتف الذكية تعمل بشكل كامل من خلال اللمس، بأزرار قليلة أو بدون، ستصبح تلك الهواتف عديمة الجدوى للأشخاص ذوي الإعاقات البصرية بدون قارئ للشاشة. ولكن من خلال VoiceOver، أصبح الأيفون اختيارًا أساسيًّا لتسهيل استخدام الهاتف. تطبيقات الملاحة والخرائط (GPS) لفاقدي البصر، مثل Sendero GPS Lookaround، توفر فائدة خاصة لأن استخدامها يعني اعتمادًا أقل على العالم الخارجي. من التطبيقات المميزة الأخرى تطبيق TapTapSee، والذي يستطيع التعرف على أي صورة مأخوذة من خلال الهاتف، بدءًا من الملابس إلى الأوراق النقدية.
شاشات عرض برايل (Braille Display)
على عكس الاعتقاد المنتشر، لا يستطيع جميع فاقدي البصر قراءة النصوص المكتوبة بلغة برايل. غالبا ما يتعلم الذين فقدوا أبصارهم في أعمار مبكرة لغة برايل في المدرسة. بينما الكبار في السن الذين بدأ نظرهم بالتدهور أو فقدوه بالفعل قد لا يتعلمون كيفية قراءة اللغة في المطلق. ولهذا يمكننا القول إن شاشات عرض برايل القابلة للتحديث، وهو جهاز يمكّن المستخدمين من قراءة الموجود على الشاشة بلغة برايل، ليس للجميع. شاشة عرض برايل مقسمة إلى مجموعة من الوحدات، تلك الوحدات عبارة عن مستطيلات صغيرة تحتوي على ثقوب يتراوح عددها من 6 إلى 8، ودبابيس دائرية بلاستيكية ترتفع خلال الثقوب لتشكّل حروف برايل. تتواصل شاشة عرض برايل مع قارئ الشاشة لتكوين النص بلغة برايل – ولا يمكن استخدام شاشة العرض بمفردها.
بالرغم من أن شاشات عرض برايل مفيدة، أخبرنا كل من دان بيرك وريان جونز أنها لا تستخدم بكثرة في مجتمع ذوي الإعاقات البصرية. يقول دان بيرك: “أعلم أنها بالنسبة للقادر على أن يدفع ثمنها، ذات شعبية كبيرة”. شاشة عرض برايل تعتبر استثمارًا: تلك التي تباع عن طريق Freedom Scientific يتراوح سعرها ما بين 1.295$ للجهاز الذي يحتوي على أربعة عشر وحدة وتصل إلى 7,795$ للجهاز الذي يحتوي على ثمانين وحدة. حاجز السعر يقلل من عدد المستخدمين لهذا الجهاز، حتى ولو كانوا يستطيعون قراءة لغة برايل. بيرك نفسه يمتلك شاشة عرض برايل تعمل بالبلوتوث تحتوي على 14 وحدة، ليستخدمها مع هاتف الأيفون. عادة الصفحة الواحدة من الكتاب تحتوي على 40 وحدة، وبالتالي العارضات ذات 14 وحدة تستطيع بصعوبة عرض تغريدة على تويتر.
تعليق على الصورة: شاشة عرض برايل
أول شاشة عرض برايل القابلة للتحديث كانت VersaBraille، والتي تم إنتاجها عن طريق شركة Telesensory في عام 1982. ومنذ ذلك الوقت، قامت العديد من الشركات بعرض العديد من الأشكال المختلفة والقائمة على المبدأ الأساسي لفكرة الجهاز. في الوقت الحالي، عارضة برايل القابلة للتحديث تعتمد تقنية قراءة الشاشة لتحويل النصوص الرقمية الى نصوص مكتوبة بلغة برايل محدثة باستمرار. في حين أن تلك العارضات ليست واسعة الانتشار بسبب تكلفتها العالية، إلا أن هناك أمل أن تصبح بسعر معقول مع مرور الوقت. تم أيضًا إنتاج شاشة كمبيوتر بنظام برايل ولكنها لم تدخل في خط الصناعة إلى الآن. لعل أكثر تطور مثير في عارضات برايل هو ظهور نماذج أولية لقارئ برايل الإلكتروني والذي بإمكانه جعل ملايين الكتب الإلكترونية متوفرة لقارئي لغة برايل. ويمكن تصنيع القارئ بسعر مناسب وتوفيره بشكل مشابه لقارئ الكيندل في أيدي المستخدمين المتطلعين لتوسيع مداركهم من تلك الفئة.
هاتف برايل الذكي
قام المصمم Sumit Dagar باستلام جائزة من شركة رولكس عام 2013 على تصميمه أول هاتف ذكي يدعم لغة بريل، وكان قد بدأ في العمل على تصميمه منذ سنين، وأخذ الجائزة المالية لدعم تطويره لهذا الهاتف.
تحديات
على الرغم من زيادة توافر التكنولوجيا التي يسهل الوصول إليها، أصبح استخدام الإنترنت أصعب لأصحاب الإعاقات البصرية خلال العقد الماضي. الاتجاه في التصميم أصبح يتحرك إلى وسائط بصرية أكثر مثل الصور المتحركة والفيديوهات، زاد استخدام المواقع للرسوم المتحركة وعناصر أخرى في التصميم والتي تكون في الأغلب غير متاحة للوصول لهذه الفئة. العديد من الصور لا يمكن ترجمتها عن طريق قارئ الشاشة إذا لم يتوافر مع الصورة نص بديل يوضح وصفها.
المربون فاقدو البصر يقولون أنهم عادة تحت رحمة تحديثات أي برنامج، لأن أي تحديث قد يعني تغييرًا وظيفيًّا في خيارات الوصول التي يوفرها الموقع لتلك الفئة. شركات مثل جوجل تطلق منتجات عديدة كنسخ تجريبية، وتلك الإصدارات الأولية عادة تفتقد خصائص الوصول لذوي الإعاقات البصرية. حتى استخدام نفس الموقع أو التطبيق على الهواتف مقابل استخدامها على الحاسب قد يعني تجربة مختلفة تماما، من ناحية تسهيل الوصول والاستخدام. يقول بيرك: “كل شيء في حالة تغير مستمر”،”facebook أفضل بكثير الآن، ولكنه يتغير بشكل كبير خصوصا عند استخدامه على الهاتف أو المتصفح العادي. الخصائص الوظيفية قد تتغير في أي وقت”. حتى عند توافر الأدوات باهظة الثمن، لا يزال الإنترنت وسيلة لا يمكن الاعتماد عليها لذوي الإعاقات البصرية.
أعلنت شركة Google في مايو 2015 أنها ستقدم 20$ مليون دولار للمؤسسات غير الربحية للعمل على تطوير تقنيات تساعد في تحسين الحياة لذوي الاحتياجات الخاصة.
المستقبل
عديد من مجالات الابتكار تحمل وعودًا مشرقة لذوي الإعاقات البصرية. شركة أبل كانت الأولى في بناء قارئ للشاشة ودمجه في منتجاتها، وما زالت مستمرة في تطوير برامجها، ونأمل أن يتحسن VoiceOver مع الوقت. هذا النوع من التغييرات قد يقلل الحاجة إلى برامج باهظة مثل JAWS. كذلك المشاريع مفتوحة المصدر قد تفعل نفس الشيء. وكما بدأ الإنترنت في غزو الأشياء المحيطة بنا، الفوائد التي سيمنحها “إنترنت الأشياء” لذوي الإعاقات البصرية قد تتجاوز تلك التي قد يمنحها للمبصرين. أجهزة البيوت الذكية مثل Nest أو الفرن المتاح بخاصية WiFi سيسمح لفاقدي البصر بالتفاعل مع أجهزة لم يكن من الممكن التعامل معها من قبل إلا من خلال حاسة الإبصار.
الأدوات القابلة للارتداء مثل ساعة أبل أيضا تأتي بخاصية VoiceOVer أو أي برنامج قراءة شاشة آخر، قد تساعدهم في معرفة الاتجاهات بدون حتى استخدامهم للهاتف. إمكانيات الذكاء الاصطناعي كبيرة لمساعدة فاقدي البصر، برامج مثل Siri عادة مصممة لتعمل من خلال الأوامر الصوتية. وكما بدأت خوارزميات Google وFacebook بالتحسن في التعرف على الصور، لن يصبح من الصعب التخيل أن يتم ابتكار نوع من نظارات Google تستطيع أن تصف مباشرة وبدقة لفاقد البصر ما ينظر إليه. الطابعات ثلاثية الأبعاد قد تقلل من الأسعار المرتفعة لشاشات عرض برايل. ابتكار مثل السيارات بدون سائق بإمكانها توفير التنقل لفاقدي البصر ليصلوا إلى مستوى اعتماد على النفس مكافئ لأي فرد من مالكي السيارات من فئة المبصرين.
المستقبل واعد لذوي الإعاقات البصرية باستخدام التكنولوجيا. ولكن هناك بعض الأشياء البسيطة التي يمكننا فعلها لجعل هذا الواقع أقرب، إضافة توصيفات للمواقع وإيقاف استخدام الرسوميات غير القابلة للقراءة قد يصنع فارقًا عظيما. بينما أصبح الإنترنت يستوعب الكثير من أجزاء حياتنا، ذوي الإعاقات البصرية سيصبح لديهم الفرصة للبدء في السيطرة على حياتهم عند صنع تلك الابتكارات. التكنولوجيا، بخلاف البشر، يمكن تشكيلها لتناسب احتياجات أي فرد.
ممااستوقفني