الزواج الجمااااااعي ضرورة مقبلة..!!!

جريدة الرياض >منتدى الكتّاب> مقالات عامة > منيف علي القبلان

الزواج الجماعي ضرورة مقبلة

التاريخ: 7/31/2001 م

* في مدينة الرياض وحدها تجاوزت قصور الأفراح الأربعين قصراً، حسب إحصائية قديمة أوردها أحد المهتمين بهذا الجانب.. ولا نستطيع أن نجزم بعددها اليوم ولكننا نقول ما قاله أحدهم: إن بين كل قصر وقصر، قصر آخر يتم تشييده.

أما في المدن الأخرى، فالعدد في ازدياد.. ومع ذلك يتزايد الطلب عليها ويتضاعف يوماً بعد يوم.. حتى في القرى والأرياف يصعب أن تجد يوماً شاغراً لأحد هذه المسماة (قصور أفراح) نظراً للإقبال الهائل عليها من لدن الناس وكثرة المناسبات السعيدة.. وبالذات في فصل الصيف، حيث تكثر حفلات الزواج.. وتزداد الأفراح والليالي الملاح!!

ولكن، وكنتيجة متوقعة للوعي الاقتصادي الذي أضحى يغشى الناس ويستشري في أوردة المجتمع.. بدأت تلوح في الأفق (ظاهرة) الزواج الجماعي، والمتمثلة في إقامة حفلة واحدة في مكان واحد لعدد من المتزوجين!!

وهي إحدى الأساليب الجديدة والمستحبة في زمننا الحاضر.. فحفلات الزواج، التي تكتسح المجتمع خلال أشهر الصيف بشكل لافت للنظر.. مسببة بذلك ازدحاماً منقطع النظير على الفنادق وصالات الأفراح وقصورها واستراحاتها، يجب التصدي لها، ولو من

خلال التشجيع على التخلي على الإفرادية في إقامتها والعمل قدر المستطاع على (جمعها) في مكان وزمان واحد تلافياً لتكاليفها الباهظة التي أضحت (تهد) حيل الأسرة وتعد الشاب المقبل على الزواج بمستقبل محمل بالديون والالتزامات المرهقة التي تلازمه طيلة حياته..

فمعظم أسباب العنوسة التي أخذت تدب في أوصال المجتمع (ولو اعترض البعض) مردها المبالغة في المهور والتهور والتبذير في حفلات الزواج الفردية.. فنحن (ولا فخر) قوم مغرمون بالتباهي وحب مجاراة الآخرين.. ولا نقبل أن نكون أقل من غيرنا مهما كلفنا ذلك.. فلا يجب، على سبيل المثال، أن يكون حفل زفاف ابننا أو بنتنا أقل من حفل زفاف ابن جيراننا أو جيران جيراننا.. ونتلذذ بسماع كلمات الإطراء أو المديح الفاضي.. ولذلك نبذل الغالي والنفيس ليكون (الفرح) على قد (المقام) أو أكثر قليلاً!!

ولا نكتفي بهذا القدر من التبذير والبذخ الذي يعترينا في مثل تلك المناسبات،

ولا نصحو منه إلا بعد فوات الأوان، بل نصر على أن يكون للزواج (أذيال) أخرى وملحقات باهظة التكاليف.. مثل حفلة (الخطبة) التي تسبق الزواج بأشهر أو أيام ولا تقل في تكاليفها عن تكاليف الزواج نفسه.. نظراً لإصرارنا على إقامتها في الفنادق أو صالات الأفراح الفخمة والمكلفة جداً..

ثم (الزوارة) تلك (البدعة) التي أطلت بأنفها علينا كواحدة من أساليب التبذير المبتكر حديثاً، التي يظل الشاب يدفع (التزاماتها) المادية لعدد من السنين المقبلة، وقد تكون هي إحدى معاول هدم بيت الزوجية، عندما يعجز الشاب عن الوفاء بالتزاماته المادية تجاه أسرته وبيته، نتيجة لتراكم الديون عليه وذهاب جزء كبير من دخل الأسرة لإغلاق مسارب الديون المفتوحة من كل اتجاه، فيدب الخلاف بين المتزوجين وتطل المشاكلات بأنفها المعكوف لتفرق الجمع وتهدم ما تم بناؤها وتضيع نشوة الفرح!

لقد استطاع الوعي الاجتماعي أن يحد بعض الشيء من غلاء المهور في كثير من المناطق، حتى إن بعض القبائل التي لمست المشكلة وعانت من ويلاتها، سارعت إلى تحديد المهور وألزمت أفراد القبيلة بالتقيد بها، ولكن ظلت مشكلة (الفرح) وتكاليفه، التي تفوق في معظم الأحيان ما يدفع للفتاة كمهر دون علاج! وهو في الواقع أمر مؤسف جداً ويوجب التحرك للحد من ويلاته المنظورة!

ومن هنا أضحى من الضروري المناداة بإقامة حفلات الزواج بشكل جماعي للتخفيف عن كاهل الأسرة وتجنيب المقدم على الزواج ويلات الديون وما تسببه من زعزعة لأركان البيت الجديد.. وهو واجب اجتماعي يتطلب منا التشجيع والمؤازرة لما له من فوائد اقتصادية واجتماعية..

والعمل على أن يصبح ظاهرة اجتماعية محببة يمتطيها الناس بدلاً من كونه أسلوباً ينظر إليه البعض نظرة دونية.. وتشجيعه والحث عليه يعتبر من مهام الإعلام المحلي وواجب الأئمة والخطباء الذين يستمع إليهم الناس عبر المنابر فيتأثرون بما يقولون، لعلنا نحد من هذا الهدر الاقتصادي الذي يمارسه البعض جهلاً بمردوده الديني والاجتماعي والوطني..

فالغالبية العظمى من الناس لا تزال تعتقد أن الذين يمارسون أسلوب (الجمع) هذا هم الذين لا يستطيعون إقامة الحفلة الفردية.. فإذا استطعنا أن نغير هذه النظرة فسوف نحل جزءاً من مشكلة التبذير الحاصلة في مناسبات الزواج.