عندما تظهر الحقيقه

بسم الله الرحمن الرحيم

عندما تظهر الحقيقة ..
بقلم : تيسير الزايد
مجلة تحت العشرين

محطات كثيرة علينا أن نقف عندها في حياتنا ثم ننطلق مرة أخرى لنقف في محطة أخرى .. وهكذا ... مجموعة من المحطات وعدد من القطارات علينا أن نستقلها وكثيراً ما نُجيد حجز مقاعدنا فيها فتكون الرحلة مريحة وأحياناً أخرى نخطئ في حجوزاتنا فتكون الرحلة متعبة وغير مريحة .


عندما التحقت بالدراسة في المرحلة الثانوية كانت تلك إحدى محطات حياتي .. كنت متفوقة في المرحلة المتوسطة وعندما جلست في مقاعد الثانوية كان لدي الكثير لأفعله .. صديقات .. أسواق .. زيارات وغيرها كثير ما عدا الدراسة فلم تكن من أولوياتي .. وكانت نهاية كل فصل ( كورس ) دراسي مفاجأة لي حيث كان يحمل معه درجات لم أعهدها أبداً .. ولكن هذا لم يمنعني أن أخبر كل من حولي أنني مازلت على قائمة الامتياز وأنني من المتفوقات !!
حتى أمي كثيراً ما كنت أمنعها من البوح بدرجاتي إذا ما سألها أحد عنها .. وأجبرها على الاعتذار بأي عذر لتدع لي أنا هذه المهمة .
مضت سنوات الدراسة الثانوية الأربع واقتربت أيام التخرج وكم كنت سعيدة بهذه الأيام وشعورنا جميعاً أننا نتعامل بطريقة مختلفة في المدرسة وفي المنزل وحتى الامتحانات كنت أجد لها طعماً خاصاً فكل ما في هذه الأيام جميل .
وانتهت الامتحانات وحان موعد إعلان النتائج وبما أننا في نظام المقررات فالنتيجة النهائية عبارة عن نتائج كل سنوات الثانوية الأربع .
واستيقظت يومها وكعادتي أول ما بدأت به هو قراءة الصحف اليومية فقد كانت هذه هي متعتي الصباحية .. وعند الصفحة الرابعة بالضبط وجدتها ما هذا .. نتائج كل طلبة المقررات .. وكذلك نتيجتي؟! يا لفضيحتي، فتقديري لم يتعد الجيد .. ماذا سأقول لمن أخفيت عنهم نتيجتي طوال تلك السنوات السابقة ولم أكد أفيق من دهشتي إلا وسمعت جرس الهاتف يرن وصوت عمي يأتي عبر السماعة ( ما بكِ؟ ، ما هذه النتيجة؟! كنت أتوقعكِ من الأوائل !! ) .
كلمات .. كلمات لا أكاد أفهمها .. وتوالت المكالمات التي كان من الممكن أن تكون مكالمات تهنئة فتحولت لمكالمات استفسار واندهاش .. فلو أن الكل كان يعلم تقديري منذ البداية لما اندهش بل كان بارك وهنأ بما حصلت عليه ولو كان بسيطاً .
خجل .. حياء .. استصغار للنفس .. بل احتقارها .. مصطلحات لا تصف نصف مشاعري الداخلية .. رميت بجسدي على سريري، حدقت في سقف الغرفة .. حاولت أن أهرب من الجميع وكلماتهم ونظراتهم وأحتمي بجدار غرفتي .
وتوالت أمامي صور حياتي غير المسؤولة فإذا كنت اليوم أهرب من العالم لمجرد أنهم علموا بدرجاتي في المدرسة .. فكيف سأتصرف غداً عندما يعرض كتابي أمام الملأ وأسأل مِـن خالق هذا الكون الواسع كيف سأشعر؟ وماذا ستكون إجابتي لكثير من الأسئلة التي سأسألها عن وقتي وشبابي ومالي؟
أخذت دموعي تتساقط رغماً عني حتى دون أن أشعر أغلقت عيني وقررت قراراً هاماً كان من أكبر محطات حياتي، نعم .. فلن أفعل شيئاً اليوم أخجل منه في الغد .
كان مجرد قرار في هذه اللحظة .. ولكنه تحول في بقية أيام حياتي إلى عمل حولني إلى إنسانة قوية أواجه الجميع دون خوف من أحد ... سوى من خالقي .

تسلم اخوي مشاري ...

مقالة تحمل رسالة في منتهى ارقي ...

اليوم نعمل وغدا نسأل (بضم النون )...فهل جهزنا انفسنا لهذا السؤال ...

...جزاك اللله خيرا وجعله الله في موازين حسناتك ..ابو معاني ...