يمر في حياتنا العديد من الأحباء تبقى ذكراهم عالقة في أذهاننا بل حتى في قلوبنا ..
نتفكر في لحظات عشناها واياهم ونأخذ منها العبر ونعرف منها قدرا كبيرا من حقيقة هذه الحياة ..
أحبائي هذه القصة عايشتها مع أحد أحب الناس الي أحببت أن أطلعها لكم ..
تبدأ القصة في ذلك اليوم ..
عندما بدأت الدراسة بعد نجاحي من الصف الأول الثانوي وكنا في حالة من ضيق الصدر من المدرسة
والدراسة من بعد العطلة.
تغيرت المناهج وتغير المدرسين فذهب أفضل المدرسين جاء إلينا مدرسين جدد نجهل
طبيعتهم وحتى أسمائهم،وفي يوم الأحد في الدرس الثاني كانت المادة في الجدول
توحيد ،كنا واقفين عند الباب في انتظار المعلم المجهول وبعد قليل تبيّن لنا رجل بشوش الوجه
ملامح وجهه تدل على طيبته ولكننا لم نتوقع تدريسه لنا مادة من مواد الدين
لأن شكله لا يوضح ذلك،جاء إلينا..وقال:يا شباب ادخلوا..ادخلوا..
دخلنا الفصل ونحسب مدرس المادة غائب وهذا المدرس حضر ليستلم الحصة بدلاً منه
قال:خلونا نتعرف عليكم يا شباب كل واحد يقول اسمه...بعد ما قلنا أسمائنا...
عرفنا بنفسه وقال:أنا أخوكم إبراهيم صالح العريض"من الرياض"أبدرسكم مادتي
التوحيد والفقه،جعل الطلاب يأخذون راحتهم بتبادل الكلام فبدأ الفصل يعج بأصواتهم.
زملائي الطلاب متعقدين من مدرس المادتين الذي درسنا في العام الماضي
وبعد ما توالت الأيام والأسابيع بدأنا نرتبط به اكثر واكثر وصار من أحب المدرسين
لدينا لبساطته وطيب قلبه.
في آخر النصف الأول خرج طلاب الفصل لأحد الاستراحات بمناسبة الفوز بالدوري
وطبعاً عزمنا المدرسين وهو على رأسهم، ومِن مَن لعبوا مع الطلاب المباراة
في الاستراحة وكان ذلك اليوم شديد البرد...أتصوره أمامي في الاستراحة
حينما كان يكلم في الجوال أتذكر حركاته..كلماته التي كان يرددها..،
وقبل أسبوع في درس التوحيد قال:سمعتوا عن ثلاثة شباب في الطائف صاير
عليهم حادث وماتوا الله يرحمهم...يا شباب هذي عبرة ، الآن لو حنا سائلين
الشباب الي كانوا في السيارة ليش ما تحافظون على الصلاة ؟
تلاقيهم يقولون: يا رجال تونا شباب..وهم ما يدرون انهم راح يموتون بعد خمس
دقايق..خذوها عبرة يا شباب...طلع الدرس.
وقبل القليل من الأيام قابلته عند درج المدرسة كنت نازل للإفطار فقابلني
وابتسم في وجهي ومن معي.. وقال: كيفكم يا شباب؟...كانت آخر مره أراه
لم يخطر على بال أحد منا أننا لن نلتقي معه ثانية.
ففي يوم الثلاثاء في الفسحة الأولى سمعت أحد الطلاب
يقول: شفت العريض مات؟..يرد الثاني:لا يا شيخ...صدق والله؟...،سمعت الخبر
وأنا مابين مصدق ومكذب ومن ثم تبين لي صدق القول وأنه توفي في حادث
مروري في الرياض لم اقدر أن اتمالك نفسي..أمسكتني العبرة..هلت دموعي
بدون أن اقدر السيطرة عليها..بدأت أ تذكره وهو يشرح الدرس
وتذكر كلماته والأمثلة التي كان يقولها وبدأ يرتسم في مخيلتي
وهو يبتسم لي وعيناه الواسعتان تتلامعان وتنظران إلي..رحمه الله وادخله
فسيح جناته واسأل الله أن يجمعنا به في جنات الخلد..آمين
" تبقى العبرة "
بقيت كلمات الحبيب الأستاذ ابراهيم عالقة في ذهني في تلك اللحظة تفكرت في حال هذه الدنيا وكيف أننا مسيرين فيها ولسنا مخيرين وكيف أن الانسان لا يدري متى يفارقها ؟
آه من حال الناس في هذا الزمن نجدهم يحقدون ويكرهون ويكذبون و .. و ..ولا يعتبرون !
ترى متى سيدرك الناس حقيقة هذه الدنيا ؟
هذه قصتي مع معلمي الفاضل:إبراهيم العريض"رحمه الله"
أحسن الله عزاءك في فقيدك
وجعله الله في جنان الخلد وجمعك به يارب العالمين ...
===========
كثيرون من ياتونك بكلام كالوداع وبعد يوم
او ربما ساعة لا تجده في الحياة ...
_ سبحان الله العلي العظيم _
==================
- كثيراً ما نمر وعبر محطــــــــــات الحياة بأناس كثيرين , ولكن القليل بل القليل فقط هم من تنقش الذاكره أسمائهم وتخطها بحبر من ماء الذهب . ونبقى نتذكرهم ماحيينــــا . رحم الله شيخك ولمسة وفاء رائعه .