بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن الأولاد هم زهرة الحياة الدنيا وفي صلاحهم قرّة عين للوالدين.
أحبتي في الله:-
إن أجيال المستقبل أمانة عظيمة في أعناقنا فمع تطور الحياة المدنية للإنسان، وتشابك العلاقات، وتعدّد أنواع التفاعل والتأثير الاجتماعي والثقافي، تعددت العوامل والوسائل المؤثرة في تربية الإنسان، وتوجيه سلوكه، وصياغة شخصيته و تكمن الخطورة في هذا الانهماك الرهيب في قضايا التنمية المعاصرة وعدم الاهتمام الكافي بمشاكل الأجيال القادمة خاصة موضوع التربية والتنشئة الذي يعد ساحة مترامية الأطراف يصعب استقصاء أبعادها في هذه العجالة .
فإني أذكر نفسي وأرباب الأسر ممن حملوا الأمانة بقول الله عز وجل في محكم التنزيل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواقُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُعَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْوَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ[التحريم:6]
وبحديث الرسول : {كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عنرعيته.. } [متفق عليه].
وإن أولادنا لهم حقوق علينا!فمن حقوقهم أن نحسن تربيتهم وتأديبهم.. ليكونوا لنا ذخراً وثواباً عند الله،ولكي نرفع عن أنفسنا مغبة السؤال!
قال رسول الله: {إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً،ولأهلك عليك حقاً، [ ولولدك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه } [رواهمسلم].
وقال النبيفي بيان مسؤولية التربية: {كلكم راع ومسؤول عن رعيته،والرجل راع في أهله، ومسؤول عن رعيته } [رواه البخاري ومسلم].
وقد حمّل رسول اللهمن فرط في تلك الأمانة إثماً عظيماً فقال: {ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليهالجنة } [رواه البخاري].
وقال: {كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت }.
يقول ابن القيّم رحمه الله: ( وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة،بإهماله، وترك تأديبه وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمهوقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرتالفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء ) [تحفة المودود بأحكام المولود].
وفي هذا المعنى قال رسول الله: {كل مولود يولد على الفطرةفأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه }.
أبي.. تذكر!
ليس اليتيم من انتهى أبواه *** من همّ الحياة وخلّفاه ذليلاً
إن اليتيم هو الذي تلقى له *** أمّا تخلّت أو أباً مشغولاً
ولنعلم أن من أفضل ما يتركه المرء في هذه الدنيا ولد صالح يدعو له ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم وغيره
أحبتي في الله:-
- أن الاهتمام بتعليم العقيدة للناس ودعوتهم لها ولاسيما الصغار هو منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والمصلحين من بعدهم ومن ذلك قوله تعالى عن نوح في دعوته لولده وتحذيره من مصاحبة أهل الضلال ( يَا بَنِيَّ اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ) وكذلك يقول تعالى عن إبراهيم حين وصى بها أبناءه (ووَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ ويَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُم مُّسْلِمُونَ) وفي أول وصايا لقمان لأبنه تحذيره له من الشرك قال تعالى (يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوصي ابن عباس رضي الله عنهما فيقول ( يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ........... ).
ولقد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بأمر العقيدة في مرحلة متقدمة جداً من مراحل الطفولة وهي مرحلة الولادة, كما في حديث التأذين في أذن المولود , قال ابن القيم (رحمه الله) في بيان سر ذلك :
(وسر التأذين والله أعلم أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها.... وفيه معنى آخر وهو أن تكون دعوته إلى الله وإلى دينه الإسلام وإلى عبادته سابقة على دعوة الشيطان كما كانت فطرة الله التي فطر عليها سابقة على تغيير الشيطان لها ونقله عنها) (1) تحفة المودود ص31
وللسلف إهتمام كبير في تربية الأبناء فان القارئ للتاريخ الإسلامي ليعجب أشد العجب من حرص السلف رضوان الله عليهم في تربية أبناءهم تربية دينية حقه, يتخللها قدر كبير من سعة البال والحلم والأناة , متطلعة نفوسهم , ومشرئبة أعناقهم .. لإنشاء جيل إسلامي بكل المقاييس!
وللأسرة دور كبير في التربية فالأسرة المرتبطة والمتماسكة هي أول اللّبنات في بناء المجتمع السليم. فالأبناء قرّة أعين الآباء وبهذه المحبّة لا يرضون لهم منزلة أدنى من إمامة المتّقين والسير في موكب الصالحين.
قال تعالى :{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}. (74) سورة الفرقان.
أحبتي في الله:-
مع بداية الصيف وموسم الإجازة للإبناء حفظهم الله ورعاهم برعايته وعنا معهم، المطلوب مني أولا ومنك ثانيا ومن كل رب أسرة حريص علي دينه وتربية أبناءه التربية الصحيحة أن يضع برنامجا لهم في الإجازة ، بل يضع برنامجا حياتيا لهم للعمر كله ما حيينا ، وإنني أعجبت بموقع صيد الفوائد وخصوصا ركن تربية الأبناء ووجدت فيه مئات المقالات التي تدور حول تربية الأبناء التربية الصحيحة ، فأحببت أن يطلع أحبتي في الله عليه ويقوموا بالتلخيص لها فإنها فيها من الخير الشئ الكثير وإليكم الرابط:-
http://saaid.net/tarbiah/index.htm
.................................................. .................................................. .......
بعض الروابط المتعلقة بالموضوع
لا شكَّ أن المهمة صعبة ، لكن ما من عملٍ أعظم ولا أجدى ولا أدوم في حياة المؤمن من أن يربِّي أولاده ، هم بضعةٌ منه ، هم ثمرة قلبه ، هم استمرار وجوده ، وأنا أرى وأسمع وأعاين أن هناك آباءً على مستوىً عالٍ من الفهم ، وعلى مستوىً عالٍ من الكمال ، وعلى مستوىً عالٍ من الإيمان ، لكنَّهم يَشْقَون بشقاء أولادهم ، فالابن يحتاج إلى انتباه شديد وهو في سنٍ صغير ، ويحتاج إلى وقتٍ مديد ، إلى معاينةٍ ، إلى مراقبةٍ ، إلى توجيهٍ ، إلى وعظٍ ، إلى اصطحابٍ ، يحتاج إلى جهد كبير .. لكن والله الذي لا إله إلا هو ، حينما ترى ابنك كما تتمنى ديناً وصلاحاً واستقامةً وتفوّقاً تشعر بسعادةٍ . والله لو أعطي الدنيا بأكملها من الذهب والفضة وكان من أهل الدنيا لا يشعر بسعادةٍ كتلك التي يشعرها حينما يرى ابنه كما يتمنى