التسامح.. بين المجتمعات

التسامح.. بين المجتمعات


عبدالحميد عيسي غازي


يقول المولي - عز وجل - : {{ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد }} .. ق .18

حينما يقرأ المؤمن هذه الآية لابد وأن يشعر علي الفور أنه بأشد الحاجة إلي الوعي التام بكل كلمة ينطقها لسانه.. وأن عليه - بأقصي ما يستطيع من طاقة - أن يزن كل كلمة ويحسبها جيداً قبل أن يخرجها من بين شفتيه خشية أن يكون فيها ما يغضب الله أو يتعارض مع دين أو خلق قويم.
هذا في الجلسات العادية فما بالنا اذا كان هذا الكلام أمام جهاز من أجهزة الإعلام مثل التليفزيون المتكلم في الجلسات العادية يسمعه عدة افراد. أما المتكلم في التليفزيون فيتابعه ملايين الافراد من هنا وجب ان يتضاعف الاهتمام بأداء هذا الواجب.. واجب مراقبة الانسان للسانه.
إن الانسان في معاملاته اليومية يتكلم بكلمات كثيرة لا يلقي لها بالا بينما قد يكون فيها ما يغضب الله عز وجل ويتعارض مع شرعه الحنيف لهذا يأتي الحديث الشريف لينبهنا حتي نأخذ حذرنا .. ينبهنا الي ان هناك من يتكلم بالكلمة من غضب الله لا يلقي لها بالا فتكون سببا في أن يقذف به في النار سبعين خريفا.
***
نسمع أحيانا من بعض ضيوف البرامج الحوارية في التليفزيون اقوالا مثل "إن المبدع لا ينبغي أن تفرض عليه قيود من أي نوع لا سياسية ولا دينية ولا اجتماعية حتي لا يعوقه شيء عن الابداع".
وهذا قول يحتاج الي مناقشة.. والمناقشة حتي تؤتي ثمارها الطيبة - بإذن الله - لابد لها من قواعد وشروط مثل ان نطرح العوامل غير الموضوعية جانبا ولا نلتزم بغير الحق.. فمتي ظهر الحق كان علينا أن نقتنع به دون حرج فالخطأ وارد وكلنا معرض له والذي يشرفنا حقاً ليس العناد والتمسك بالخطأ بل المسارعة بترك الخطأ والاخذ بالصواب.. وليس من فراغ الحكمة التي تقول :
"الرجوع إلي الحق فضيلة" .. والحكمة التي تقول .. "مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل".. فلنلتزم بالتسامح في المناقشة وليكن منطلقنا من أننا اخوة ولسنا اعداء وليكن هدفنا هو الوصول الي الحق والحقيقة المجردة بصرف النظر هل جاء مني أم من غيري.
* والتنبه الي أن المناقشة ليست معركة وغالبا ومغلوبا. بل انها عبارة عن حوار كلنا فائزون فيه ومستفيدون منه بنور الحقيقة اذا عرفنا كيف نختلف فنعرض الآراء دون أن يمس بعضنا بعضاً بما يجرح مشاعره.
والاحترام المتبادل.. وهو شرط من شروط الحوار الجيد يجب ان نضع نصب أعيننا جميعا ألا نفرط فيه مهما اختلفنا.
واتقان فن الحوار.. فنعرف متي نبدأ الحوار ومتي ننهيه .. ونعرف كيف ننتقي الفاظنا .. ونعرف الاسلوب المناسب للحوار.. ونعرف أهمية التواضع.. ونعرف كيف نحافظ علي الود بيننا وبين الآخرين مهما اختلفنا عملا بالقاعدة الرائعة التي تقول "الاختلاف لا يفسد للود قضية" ونعرف أهمية ان نتكلم بصوت هاديء .. وأهمية أن نكون علي يقين بأن هناك رباً يراقب ويجزي علي مدي نزاهة مشاعرنا.
***
والآن نبدأ المناقشة فنقول إن الذي يطالب بألا تكون علي المبدع أية قيود. يجب علينا أن نسأله هل دققت يا أخي في الذي تعنيه كلماتك؟.. إنك تطالب برفع القيود أيا كان نوعها فكيف بالله عليك تصون قيم المجتمع وثوابته من شطط وشطحات البعض؟
لنفترض أنك حضرت ندوة وقلت رأيا فرد عليك أحد الحاضرين رداً فيه إساءة أدب.. ألن تغضب وتتوقع من الحاضرين أن يردوه الي الصواب ويقولوا له: من حقك يا هذا ان ترد علي الرأي بالرأي والحجة بالحجة .. ولكن مع احترام الآخرين وباتباع اسلوب التي هي احسن؟
طبعا هذا هو ما تنتظره من الآخرين. ولو تمعنت معي - يا أخي في الله - لو جدت ان ذلك ليس إلا عبارة عن فرض قيود.. إن القيود في حد ذاتها ليست عيبا.. العيب في أن تكون قيودا جائرة وهل من الجور أن يمنع المجتمع الخطأ ويرسي دعائم الاحترام المبتادل بين كافة الاطراف؟!!
ثم إنك لو دققت لوجدت ان ما نتحدث عنه عبارة عن ضوابط وليس قيوداً.. وقل لي بالله عليك ماذا يكون الحال اذا صعدنا المثال الذي ضربناه.. لنفترض ان مبدعا كتب رواية وأساء فيها الادب في حديثه عن الذات الإلهية .. هل ترضي أنت بذلك.. وهل هذا يليق اصلا.. وهل تطالب المجتمع بأن يقف ساكتا دون ان يمنع او ينبه الي ان هذا لا يليق .. وهل لا حظت أن الذي منعه المجتمع في هذه الحالة هو الاساءة وليس حرية التعبير؟!!
اذا كان الادب مطلوبا بين الناس وبعضهم البعض افلا يكون مطلوبا في حديثنا عمن خلقنا واوجدنا من العدم.. الله الذي يحبنا وبيده ارزاقنا واعمارنا ومصائرنا وكل ما يهمنا.. الذي يغيثنا عند الكرب ويلطف بنا.. حافظنا من كل سوء وحافظ أهلنا وأحبابنا.. مجيب كل ملهوف.. والوحيد الذي يملك أن يسامحنا ويغفر لنا ويرحمنا ويجيرنا من النار ويصرفنا الي الجنة.. ملك الملوك الجامع بين صفات الجمال والكمال وصفات الجلال.
إن البعض احيانا يذكر في كتاباته أو قصصه الفاظا نابية لا تليق بأية حال من الاحوال واسمح لي بأن اذكرك ان هذه الالفاظ في حد ذاتها ليست أدبا ولا ابداعا والكاتب يمكن ان يوصل للقاريء ما يريد من معان بدونها فما الداعي لها؟!!
***
ونسمع من يقول وهو جالس في احدي قاعات البرامج : "العري هنا في هذه القاعة شيء قبيح ولكنه في المتحف يكون شيئا جميلا".. كيف يا أخي.. ألا تدري ان العري هو العري والمتحف مكان عام.. ألا تعرف أن العري يثير الغرائز ويوقظ الفتن ويدفع الي ما لاتحمد عقباه وانظر حولك فستجد ان المجتمع كلما زادت درجة العري فيه كلما كثرت فيه الجرائم وها هم الحكماء والآباء والأمهات يستغيثون لعل احداً يرحمهم من كثرة العري الذي انتشر في كثير من الافلام أو الفيديو كليبات والنوادي والصحف والمجلات والاعلانات.
إن ابليس قد عرف مصيره النهائي وهو يريد ان يجر بني آدم الي نفس المصير.. وهو يعلم أنه اذا دعانا الي الخطيئة مباشرة قد نرفض .. فماذا يفعل .. إنه يلبس علينا الأمور.. يوسوس للرسام ان يرسم صورة خليعة ويغري المثال بأن يصنع تمثالا من شأنه أن يفتن الناس ويدفع بهم الي الوقوع في مستنقع الرذيلة .. ثم يسمي هذه "المهلكات".. فنا.
إن إبليس حينما يطلق علي "الشيء المهلك والمدمر" اسماء اخري مثل فن إنما يريد منك أيها الانسان ان تبلع الطعم وتقع في الفخ الذي نصبه لك حتي يتسني له أن يهلكك وعلي أي الاحوال أظنه لا يخفي علي أحد أنه ليس كل الفن يقع منا موقع المديح والتقريظ فهناك من الفن ما هو هدام وما هو بناء.
***
من هنا وجب علي كل واحد منا أن يراقب الله في كل كلمة ينطقها لسانه ويراجع نفسه جيداً وينظر هل في كلماته ما يغضب المولي عز وجل.. بل ويتحري - ما وسعه الجهد - أن يكون في كلامه وسلوكياته متفقا غير متعارض مع ما انزل الله سبحانه وتعالي.
ولا يخفي أن في تلك الخطوة خير كثير علي من يقوم بها وعلي مجتمعه ووقاية ايضا من شر كثير.
@@@@@
elgrwany

جزاك ربي بالخير على مانقلته ..

دمت ودام نبض قلبك ..

@@ الدلع الشرقاوى @@
مشكورة عغلى الزيارة الغالية
وألف شكر لدعواتك الكريمة الطيبة
@@@@@
التحية والتقدير
elgrwany

................

...

أبدع الكاتب

وأحسنت الاختيار




سلمت يداك



كلك ذوق


...

@@ wafei @@
شرفت المتصفح
وزدته أنوار
ولا حرمنا الله من زياراتكم
@@@@@
التحية والتقدير
elgrwany