صور من حياة الصحابه (5) ابو ايوب الانصاري

هذا الصحابي الجليل يدعى .. خالد بن زيد بن كُليب ، من بني النجار .. اما كنيته فأبو ايوب ، واما نسبته فالى الانصار

ومن منا معاشر المسلمين لايعرف ابا ايوب الانصاري ؟!

فقد رفع الله في الخافقين ( الشرق و الغرب ) ذكره ، و اعلى في الانام قدره حين اختار بيته من دون

بيوت المسلمين جميعا لينزل فيه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لما حل في المدينه مهاجرا
وحسبه بذلك فخرا ..


و لنزول الرسول صلوات الله عليه في بيت ابي ايوب قصه يحلو تردادها ويلذ تكرارها

ذلك ان النبي عليه الصلاة والسلام حين بلغ المدينه تلقته افئدة اهلها بأكرم مايتلقى به وافج وتطلعت

اليه عيونهم تبثه شوق الحبيب الى حبيبه .. وفتحوا له قلوبهم ليحل منها في السويداء ..

و اشرعوا له ابواب بيوتهم لينزل فيها اعز منزل ، لكن الرسول صلوات الله عليه قضى في قـُباء

من ضواحي المدينه اربعة ايام ، بنى خلالها مسجده الذي هو اول مسجد اسس على التقوى ، ثم خرج

منها راكبا ناقته فوقف سادات يثرب في طريقها كل يريد ان يظفر بشرف نزول رسول الله

صلى الله عليه وسلم في بيته ، وكانوا يعترضون الناقه سيّدا اثر سيّد

ويقولون : اقم عندنا يارسول الله في العَددِ و العٌددِ والمنعه

فيقول لهم : ( دعوها فانها مؤموره )

وتظل الناقه تمضي الى غايتها تتبعها العيون ، وتحف بها القلوب فاذا جازت منزلا حزن اهله واصابهم

اليأس بينما يشرق الامل في نفوس من يليهم

و مازالت الناقه على حالها هذه والناس يمضون في اثرها ، وهم يتلهفون شوقا لمعرفة السعيد

المحظوظ حتى بلغت ساحة خلاء امام بيت ابي ايوب الانصاري ، وبركت فيها ..

لكن رسول الرسول عليه الصلاة والسلام لم ينزل عنها .. فما لبثت ان وثبت و انطلقت تمشي و الرسول

صلى الله عليه وسلم مُرخٍ لها زمامها

ثم مالبثت ان عادت ادراجها وبركت في مبركها الاول .. عند ذلك غمرت فؤاد ابي ايوب الانصاري

وبادر الى رسول الله صلوات الله عليه يرحب به وحمل متاعه بين يديه وكأنما يحمل كنوز الدنيا

كلها ومضى به الى بيته


كان منزل ابي ايوب يتألف من طبقةٍ فوقها عليّه ، فأخلى العليه من متاعه ومتاع اهله لينزل فيها

رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن النبي عليه الصلاة والسلام آثر عليها الطبقه السفلى فامتثل

ابو ايوب لامره وانزله حيث احب .. و لما اقبل الليل و اوى الرسول صلوات الله عليه الى فراشه

صعد ابو ايوب و زوجه الى العليه و ما ان اغلقا عليهم بابها حتى التفت ابو ايوب الى زوجته

وقال : ويحك ، ماذا صنعنا ؟ّ ايكون رسول الله صلى الله عليه وسلم اسفل ، ونحن اعلى منه ؟!

انمشي فوق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! انصير بين النبي والوحي ؟! انا اذن لهالكون

وسقط في ايدي الزوجين وهما لايدريان مايفعلان

ولم تسكن نفسهما بعض السكون الا حين انحازا الى جانب العليه الذي لايقع فوق رسول الله

صلى الله عليه وسلم ، والتزماه لايبرحانه الا ماشين على الاطراف متباعدين عن الوسط

فلما اصبح ابو ايوب ، قال للنبي عليه الصلاة والسلام : والله ما اغمض لنا جفن في هذه الليله

لا انا ولا ام ايوب

فقال عليه الصلاة والسلام : ( ومم ذاك يا ابا ايوب ؟‍‍‍‍‍‍‍)

قال : ذكرت اني على ظهر بيت انت تحته و اني اذا تحركت تناثر عليك الغبار فآذاك

ثم اني غدوت بينك وبين الوحي

فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام : ( هون عليك يا ابا ايوب ، انه ارفق بنا ان نكون في السُفلِ

لكثرة من يغشانا من الناس )

قال ابو ايوب : فامتثلت لامر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ان كانت ليلة بارده فانكسرت

لنا جرة و اريق ماؤها في العيله فقمت الى الماء انا وام ايوب ، وليس لدينا الا قطيفه ( قطعه من المخمل )

كنا نتخذها لحافا ، وجعلنا ننشف بها الماء خوفا من ان يصل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فلما كان الصبح غدوت على الرسول صلوات الله عليه ، و قلت ...

بابي انت وامي اني اكره ان اكون فوقك وان تكون اسفل مني ثم قصصت عليه خبر الجره ، فاستجاب

لي وصعد الى العليه ونزلت انا و ام ايوب الى السٌفلِى


اقام النبي عليه الصلاة والسلام في بيت ابي ايوب نحوا من سبعة اشهر حتى تم بناء مسجده في الارض

الخلاء التي بركت فيها الناقه ، فانتقل الى الحجرات التي اقيمت حول المسجد له ولازواجه ، فغدا جارا

لابي ايوب اكرم بهما من متجاورين


احب ابو ايوب رسول الله صلوات الله عليه حبا ملك عليه قلبه ولبه واحب الرسول الكريم

صلى الله عليه وسلم ابا ايوب حبا ازال الكلفه فيما بينه وبينه ، وجعله ينظر الى بيت ابي

ايوب كأنه بيته



حدّث ابن عباس قال : خرج ابو بكرٍ رضي الله عنه بالهاجره ( نصف النهار في شدة القيظ )

الى المسجد فرآه عمر رضي الله عنه

فقال : يا ابا بكر ما اخرجك هذه الساعه ؟‍‍‍‍‍‍‍‍

قال : ما اخرجني الا ما اجد من شدة الجوع

فقال عمر : و انا والله ما اخرجني غير ذلك

فبينما هما كذلك ، اذا خرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( ما اخرجكما هذه الساعه ؟‍)

قال : والله ما اخرجنا الا مانجده في بطوننا من شدة الجوع

قال عليه الصلاة و السلام ( وانا والذي نفسي بيده ما اخرجني غير ذلك .. قوما معي )

فانطلقوا فأتوا باب ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه ، وكان ابو ايوب يدخر لرسول الله

صلى الله عليه وسلم كل يوم طعاما فاذا ابطا عنه ولم يات اليه في حينه اطعمه لاهله

فلما بلغوا الباب خرجت اليهم ام ايوب ، وقالت : مرحبا بنبي الله وبمن معه

فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام : ( اين ابو ايوب ؟)

فسمع ابو ايوب صوت النبي صلى الله عليه وسلم وكان يعمل في نخل قريب له فاقبل يسرع

وهو يقول : مرحبا برسول الله وبمن معه

ثم اتبع قائلا : يانبي الله ليس هذا بالوقت الذي كنت تجيء فيه

فقال عليه الصلاة والسلام: (صدقت) ثم انطلق ابو ايوب الى نخله فقطع منه عذقا فيه تمر ورطب وبسر

فقال : ( عليه الصلاة والسلام ما اردت ان تقطع هذا ، الا جنيت لنا من تمره ؟ )

قال : يارسول الله احببت ان تاكل من تمره و رطبه و بسره ، و لاذبحن لك ايضا

قال : ( ان ذبحت فلا تذبحن ذات لبن )

فاخذ ابو ايوب جديا فذبحه ثم قال لامرأته : اعجني واخبزي لنا وانت اعلم بالخبز ، ثم اخذ نصف الجدي

فطبخه وعمد الى نصفه الثاني فشواه

فلما نضج الطعام و وضع بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم و صاحبيه اخذ الرسول قطعة من الجدي

و وضعها في رغيف .. وقال : ( يا ابا ايوب بادر بهذه القطعه الى فاطمه ( الزهراء) فانها

لم تصب مثل هذا منذ ايام )

فلما اكلو وشبعوا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( خبز ، ولحم ، وتمر ، وبسر ، و رطب )

و دمعت عيانه ..

ثم قال : ( والذي نفسي بيده ان هذا هو النعيم الذي تسالون عنه يوم القيامه فاذا اصبتم مثل هذا

فضربتم مثل هذا بايديكم .. فقولوا : بسم الله

فاذا شبعتم فقولوا : ( الحمدلله الذي هو اشبعنا وانعم علينا فافضل )

ثم نهض الرسول صلوات الله عليه ، وقال لابي ايوب : ( ائتنا غدا )

وكان عليه الصلاة والسلام لايصنع له احد معروفا الا احب ان يجازيه عليه ، ولكن ابا ايوب

لم يسمع بذلك

فقال له عمر رضوان الله عليه : ان النبي صلى الله عليه وسلم يامرك ان تاتيه غدا يا ابا ايوب

فقال ابو ايوب : سمعا وطاعه لرسول الله

فلما كان الغد ذهب ابو ايوب الى النبي عليه الصلاة والسلام فأعطاه وليدة ( جاريه صغيره )

كانت تخدمه

وقال له : ( استوص بها خيرا يا ابوا ايوب فانا لم نرمها الا خيرا مادامت عندنا )

عاد ابو ايوب الى بيته ومعه الوليده فلما رئتها ام ايوب .. قالت : لمن هذه يا ابا ايوب ؟

قال : لنا ... منحنا اياها رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقالت : اعظم به من مانح واكرم بها من منحه

فقال : وقد اوصنا بها خيرا

فقالت : وكيف نصنع بها حتى ننفذ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

فقال : والله لا اجد لوصية رسول الله بها خيرا من ان اعتقها

فقالت : هديت الى الصواب ، فانت موفق .. ثم اعتقها ..





عاش ابو ايوب رضي الله عنه طول حياته غازيا حتى قيل : انه لم يتخلف عن غزوة غزاها المسلمون

منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم الى زمن معاويه الا اذا كان منشغلا عنها باخرى


وكانت اخر غزواته حين جهز معاويه جيشا بقيادة ابنه يزيد لفتح القسطنطينيه وكان ابو ايوب آنذاك

شيخا طاعنا في السن يحبو نحو الثمانين من عمره فلم يمنعه ذلك من ان ينضوي تحت لواء وان

يمخر عباب البحر غازيا في سبيل الله لكنه لم يمضي غير قليلٍ على منازلة العدو حتى مرض ابو ايوب

مرضا اقعده عن مواصلة القتال ، فجاء يزيد ليعوده وساله .. الك من حاجةٍ يا ابا ايوب ؟

فقال : اقرأ عني السلام على جنود المسلمين وقل لهم .. يوصيكم ابو ايوب ان توغلو في ارض

العدو الى ابعد غايه و ان تحملوه معكم و ان تدفنوه تحت اقدامكم عند اسوار القسطنطينيه ..

ولفظ انفاسه الطاهره

استجاب جند المسلمين لرغبة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكروا على جند العدو

الكره بعد الكره

حتى بلغوا اسوار القسطنطينيه وهم يحملون ابا ايوب معهم ، و هناك حفروا له قبرا و واروه فيه

رحم الله ابا ايوب الانصاري فقد ابى الا ان يموت على ظهور الجياد الصافنات غازيا في سبيل الله

وسنه تقارب الثمانين
.
.


قصص سابقه

سعيد بن عامر الجمحي .. الطفيل بن عمر الدوسي .. عبدالله بن حذافه السهمي .. ثمامه بن اثال
.
.
.

سديم


ربي يجعلها لك بموازين أعمالك

وربي يجزاك الجنة

<<<<متابع

سديم

جزاك الله خيرر

.............

...

جزيتي خيراً سديم



كلك ذوق

...

النبض الحزين .. مجنون خله .. ملكة الاحساس .. وافي

الله يعطيكم العافيه

شكرااا للمتابعه
.
.
.

سديم

كم نحتاج لتقليب صفحات حياتهم حتى نتنفس جمال الحياة
حقيقة هنين لكي هذا التوفيق في الكتابة عنهم عليهم رضوان الله

الله يكتبلك الأجر

تقبلي مروري

جزاك الله خير .. صوت السكوت ..
.
.
.