الياور"قصة قصيرة".

الياور:كلمة تركية معناها"المرافق الشخصي".

(1)
كان الدعي سعيد الوزري قبطاناً بلا زورق،يبحر على اليابسة ويشتكي دائماً من دوّار
البحر،وحين هدّه التعب والأرهاق تراجع عن فكرة الغوص فكسّر مجاديفه،وعلّق
صنانيره،وباع القارب،وتنازل عن لقب النوخذة بعدما لفظه اليّم،فجرّب التعيس الوزري
أن يعمل رسّاماً فأتجه صوب المرسم لعله يجد ضالته وتتفجر مواهبه هناك،غير أن الحظّ
عانده كما كل مرة، فمن أول محاولة رَسَمَ سعيد صقوراً فوق الشاطيء سرعان ما
أنقلبت اللوحة إلى خطاطيف ماء تتجلى بالسّواد.حاول أن يكون شاعراً نبطياً أسوة
بغيره ففشل فشلاً ذريعاً بعدما أختلّ منه وزن الأبيات وفقد توازنه وعجز عن نظم
عجز البيت الأول.
(2)
بحث عن عمل مرة أخر..
لم ييأس...
وجد إعلاناً مُبوّباً بمجلة رؤى لشاعر يبحث عن عامل باليومية ويمكن أن يكون مرافقاً
شخصياً في بعض الأوقات،راقت له الوظيفة الجديدة فتقدم لها،أخيراً أستقر به المقام أن يعمل ياوراً عند الشاعر سعود،شاعر إحدى
قبائل الوطني القبلي المعروفة.
ودارت الأيام والسنون وشبح الخيانة يلوح في كبد السماء وتكتنفهما شخصية سعيد بكل إقتدار،أيام كان فيهن الياور سعيد
وثنياً يدعي الأعتناق،فيصلي المغرب قصراً،ويتلو سور صلوات السِّر جهراً،وتتدلى من
عنقه شارة قاطع ومقطوع.
(3)
عامان من عيش سعيد الرغيد في كنف الشاعر سعود وفي ظل ورعاية ربوع قبائل الوطن القبلي، وعلى نحو مفاجيء وغير متوقع،وعلى لقطة
لمشهد غرامي حميم جمع الممثل الكويتي داوود حسين مع الأمريكية جينفير أستون أوقفت
قناة الأفلام عرض فيلم "الفرصة الأخيرة"،وقطعت إذاعة صوت العرب من القاهرة بثّ
برامجها المعتادة لترسل عبر الأثير موسيقة جنائزية حزينة،فيما أعلنت الجميلة منتهى
الرمحي ومن على قناة العربية خبر وفاة شاعر القبيلة سعود،ونعت الأرملة السوداء من
منزلها الريفي الراحل،فيما نشرت أنثى الغراب خبر الميت في أرجاء الحي،وَدَعَتْ إمرأة
نوّاحه البواكي والنادبات إلى ساحة البيت لأقامة عزاء يليق بذلك الرمز،وعلى منبر
مسجد عمر بن الخطاب بالدوحة أجهش الشيخ الإمام ببكاء حاد حتى أبتلت لحيته وهو
يؤبِّن عميد السّاحة الشعرية،وأوكلت مهمة تنظيم السير وحركة المُعزّين لشيخ الخفر.
(4)
أستغل الياور سعيد إنشغال أهل البيت في تجهيز الجثمان،فتسلل إلى الديوانية..غالباًً ما
كان يبحث عن مفتاح الخزنة ليسرقها،وأثناء عملية التفتيش عثر على كافة مسودّات
الخواطر والقصائد وبعض من الأسرار المدونة على قصيصات ورقية والتي تعود لتلك القامة
الأدبية.
رقص في الظلام طرباً و فرحاً بما وجد....
قهقه...
همس بصوت خافت يُحدث نفسه وهو يتفحّص أرث الشاعر:
- تباً له من مخادع..يااااه..هذه مسودة خاطرة"قُطّاع الطرب" التي لهبت مشاعرنا دونما وعي.
تفحصها بشراهة..أرتشف مُخَاطهُ...أعتمد على عضلاته بدلاً من ذائقته فمزّقها بغِلَّ
دفين.ثم تابع البحث وبكراهية فظيعة:
-لَهْ..لَهْ..لَهْ..وهذه مسودة قصيدة"السّاعي البليد"والتي ترنح من عذوبتها النُّدام.
غمز بيمناه...شيّع حاجبه الأيسر ..عضّ لسانه ..ردد:
- وااااو..!!! كم كان غاوياً هذا السّعود ويتبعه الغاوون،فيماكانت جُلّ قصائده تجرّ الإناث لدروب الغاوية.
لفّهن جميعاً بعنفٍ ورماهن تحت قدميه بعدما بصق عليهن.
(5)
أخيراً وجد ضالته...وجد المفتاح...
صاح سعيد بصيحة مدوية تماماً مثلما فعل العالم الفيزيائي أرخميدس حين خرج عارياً من حمام السباحة هاتفاً بأستنباطه لنظرية "الدفع في الأحواض":
- وجدته...وجدته....وجدته...أ..أ..أ..أهووووه.
همّ بفتح الخِزانة وخياله المادي يسرح بين طيات الالوف من الاوراق
النقدية..يورو..دولار..ليرة...ريال..
غير أنه تفاجأ ...
أنصدم حين رآها خالية الا من سطحها الزنكي اللامع والذي يشعّ بضياء باهر.
تراجع إلى الخلف خطوة..
ثم خطوتان...
فثلاثة...
صدّه الحائط..
تحاصر...
دفع ببصره كرّتين إلى الأمام...أنقلب إليه بصره خاسِيئاً..
أَرْسَلتْ الخزنة في وجهه وميضاً بارقاً وخاطفاً..كان بريقاً صاعقاً..
أغشاه...
تعثر...
جثا على ركبتيه..
سَقَطَ لُعَابَهُ...
زَمّ شفتيه...
أنسلّ مسرعاً من الديوانية،ورمى المفتاح في الطريق الترابي...
ولم يذهب للصلاة عليه.
..........
بقلمي/العبدالعزيز.

الله رائع اخوي العبد العزيز لاعدمنا تواجدك وتفاعلك بقسم الشعر
رائع بكل الحروف لاعدمناك تحياتي وتقديري وكل الود

	المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابورائد الجابري

	الله رائع اخوي العبد العزيز لاعدمنا تواجدك وتفاعلك بقسم الشعر رائع بكل الحروف لاعدمناك تحياتي وتقديري وكل الود

أبى رائد...سادن الشاعر وحامل مفاتيح ديوان النبطي...رائع وربي.

اخوي العبد العزيز.دام قلمك .

وسلم فكرك وسلمت اناملك .

رائع وستبقى رائع..

تقبل مني صادق التحايا

قلم متميز وابدااااعك ترجم افكااار راااائعه
سلمت اناملك

قصة ياور جميله ،حوت فكر وخيال رائع
اخي العبدالعزيز تمتلك قلم رائع في سرد القصص بخيال واسع
واقتتباسات متعدده من القران الى حوال العلماء عند تحقق نظرياتهم
أبدعت بما كتبته ،،لاشلت يمينك اخي
دمت بكل خير وسعادة