منتديات الوئام - القراءة الخطوة الأولى في أدب الأطفال

القراءة الخطوة الأولى في أدب الأطفال

أ / محمد ياسر الشلبي
لا يغيب عن أي أب أو أم الاحتياجات الأساسية لأطفالهم، فمنذ الأيام الأولى من ولادتهم يبدأ الوالدان بالاهتمام بصحتهم ونظافتهم وغذائهم وكسوتهم، بل ويتعدى ذلك إلى زخرفة غرفهم بالألوان الزاهية، وتوفير ما أوجدته التقنية الحديثة من وسائل السلامة والراحة لهم وكل ما يبعث في نفوسهم السعادة ويدخل البهجة في قلوبهم، ولكن قليل هم الذين يولون الأهمية لوضع برنامج الغذاء الروحي لهم الذي يبدأ بالقراءة.
لماذا يجب أن نبدأ بالقراءة المسموعة لأطفالنا، ثم نشجعهم عليها عند اكتمال قدراتهم على ذلك بأنفسهم؟
الجواب عن ذلك أن القراءة مهمة للأطفال، ولكن كيف؟

1ـ قراءة الكتب والقصص تساعد الأطفال على تنمية المهارات اللغوية المهمة:

القراءة ليست مهمة للأطفال فقط من أجل استيعاب المناهج الدراسية فيما بعد واجتيازها، بل إن الأمر يتعدى ذلك. إن القيام بالبحث عن المعلومات المفيدة في أي مرحلة من مراحل الطفولة أو الرشد يعتمد على القدرة على القراءة. وكلما أكثر الطفل من القراءة زاد اهتمامه بتمام إتقانها. كما أن القراءة المسموعة للطفل تساعده على تصحيح القواعد وضبط العبارة، وتوجد لديه الشجاعة والثقة على التعبير الشفوي عن نفسه. إن القراءة من الكتب، والمجلات، أو المواقع الالكترونية تساعد الأطفال على زيادة حصيلتهم من المفردات، وحتى في حالة عدم فهم الكلمات الجديدة فإنهم يتعلمون استشعار المعنى من مضمون النص. وفي السن المبكرة عندما يقرأ الوالدان لأطفالهم يسمع الأطفال النطق الصحيح للكلمات، ويرونها على الصفحات حتى لو لم يكونوا قادرين على قراءتها بالاعتماد على أنفسهم.

2ـ القراءة تفتح عوالم جديدة للأطفال وتثري حياتهم:

إذا نظرنا حولنا نجد ثروة من مصادر المعرفة المختلفة مثل المدارس، والمكتبات العامة والخاصة، ومحلات بيع الكتب، والشبكة العنكبوتية ( الإنترنت). فإذا أصبح أطفالنا قراءً ماهرين، تمكنوا من الوصول إلى هذا الكم الهائل من المعرفة الإنسانية، وما خزّنته العقول البشرية في الماضي أو أنتجته في الحاضر. فمن خلال الكتب، يتعرف الأطفال على شعوب وأوطان غير التي ألفوها، و يتعلمون التعاون والتعامل الحسن مع محيطهم وعناصر البيئة والطبيعة حولهم.
هذا ما يحصده الأطفال من الكتب العلمية والمواضيع غير الخيالية، ولكن يجب ألا يغيب عن بالنا أن قراءة القصص التي حدثت في أماكن وأزمان أخرى تعمّق فهم الأطفال للآخرين، من خلال التعاطف مع أبطال القصص في التغلب على محنهم. وأيضاً بقراءة القصص، يتعرفون على تجارب وأفكار جديدة. إن التفكير الإبداعي والقدرة على التحليل وإيجاد الحلول تبدأ عندما يقرأ الطفل قصة ويحاول معرفة حل لغز بطل قصته أو يتخيل النهاية، ولكن يجب على الآباء اختيار الكتب المناسبة لأطفالهم من القصص الهادفة والموضوعات المفيدة.

3ـ للقراءة دور في تطوير المهارات الاجتماعية للطفل:

مع أن القراءة نشاط فردي يقوم به الطفل وحده، إلا أنها قد تكون نشاطاً اجتماعياً، فعلى سبيل المثال عندما يقوم أحد الوالدين أو الجدَّين بالقراءة المسموعة من كتاب مطبوع أو من كتاب الكتروني، فإن هذه فرصة يتقاسمها كبير الأسرة وطفله للاسترخاء معاً بعيداً عن أجواء العمل المجهدة: يتحادثون في أفكار ذلك الكتاب أو تلك القصة، وتتوطّد العلاقة أكثر بينهم. وفي المدرسة أو المكتبة، يجتمع الأطفال لقراءة القصص، فتتهيأ فرص التعارف وتبادل الأفكار بينهم. وأثناء وجودهم فيها يتعلمون ويكتسبون العادات الحميدة و السلوك الحسن، مثل الهدوء أثناء الجلوس وأدب طلب الكتب والقراءة.

4ـ القراءة تُحسّن التفاعل التلقائي بين حركة العينين وحركة اليدين:

قد يبدو الأمر غريباً للبعض، ولكن القراءة الالكترونية المستجدة يمكن أن تُنمّي المهارات الحركية، مثل سرعة استجابة حركة اليدين أثناء التعامل مع المواقع الإلكترونية الشيقة للأطفال، فهم يستعملون أزرار التقديم والتأخير ويقومن بالنقر أثناء تصفحهم أو قراءتهم لقصة أو أجزاء من كتاب الكتروني. ومن نتاج ذلك اكتساب مهارات في استخدام الحاسب يحتاجون إليها في حياتهم المدرسية لاحقاً.

5ـ القراءة فرصة مشوقة تزود الأطفال بالترفيه والمتعة البريئة:

وهذه من أهم الفوائد التي يجب التحدث عنها، فما ذكر أعلاه لا يكفي لأن يكون مُسوِّغًاً عمليًا للقراءة في حياة الأطفال. بالقراءة، يتسنّى للأطفال قضاء ساعات طويلة من المرح والترفيه. فقراءة القصص وسيلة تطلق العنان لخيالهم وتفتح أمامهم عوالم الخيال أو الحقيقة. تسمح لهم بالحلم عندما يتكلمون عن أبطال قصصهم بشغف ومتعة، وتكون نقطة البداية على طريق القراءة بوصفها مصدرًا دائمًا للمتعة والإلهام.
ألا ترون - أيها الآباء والأمهات - أن القراءة مهمة بعد كل ذلك؟ وأن علينا مساعدة أطفالنا على اختيار أنواع متعددة من الكتب أو القصص مثل الكتب التقليدية، والعلمية، والإلكترونية، والقصص الخيالية والأساطير، والقصص الحديثة، ولا تقلقوا إذا طلب منكم فلذات أكبادكم إعادة قراءة القصة نفسها مرات عديدة على مسامعهم، أو وجدتموهم يكررون قراءة الكتاب نفسه، فذلك مصدر راحة وألفة وطمأنينة لهم. دعوني أقول لكم إن قلوبهم وعقولهم تتسع للقديم والحديث فلا تُفَوِّتوا عليهم لذّة القراءة ومتعة الاكتشاف.
@@@@@
elgrwany