|
أحلام الفتى الطائش.
http://www.d56d.org/uploads/images/d...c0dcfe63fb.jpg منذ صباه كان يحلم أن يصبح صبياً يعمل في مقهى تُشْرِفُ عليه وتُديره أمعلمه،هي أحلام فتى طائش من الجنوب،وتحقق الحلم في أواخر سنوات عمره الدراسية،حين دعت الحاجة لمصروف جيب يسد ثمن مراجعه وكتبه،فكان أنشط النّدال في المقهى وأكثرهم حركة،كسب ودّ أغلب الرّواد،وكان في محل ثقة أمعلمته،قهوتها الوسط لاتستطعمها الا من يديه،ولاتستسيغ البن الا من مزيج يعده عزو بخلطة مميزة،يقدم لها كل مساء فنجان قهوة بتركيبه سحرية،ماء زهر وحبهان وقطعة مطحونة من سكر النبات وقصيدة شعرية على وزن البحر الوافر،كان مزيجاً رائعاً،وترتشفه هي بلذة فائقة وعبر شفاه لذيذة هي الأخرى. في ذات مساء أغبر أسود غاب عنه النور،وعلى غير عادتها حضرت إلى المقهى متهجمة.. متوترة.. منفعلة،واتخدت ركنها القصي المعتاد من أطراف المقهي،جهّز الواد عوض كرسي الأريجيلة لها بمعسل فاخر بطعم الكرز،ونفخ عزو من روحه في فحم الكرسي ليتّقد جمره ويَسَّتَعِرّ،أشعل الجمر لهيباً وعاد إلى تلبية طلبات الزبائن. نادت عليه بلهجة غاضبة: -عزوز الزفت..أرمي اللي في يدك وتعال بسرعة. ترك ما بيده، وهرول مسرعاً صوبها: -نعم أمعلمتي ..أمري. امرته بصوت عسكري مزلزل: -حك ظهري..حك...وأحكي لي وش صار بعدي. راقه ما سمعه،كأس من الثلج سُكَِب على حرارة فؤداه،صار يمشي فوق هامات السحاب، أنتابه أحساس مفعم بالنشوة،غير أنه توجس من أن يكون واشي صغير. ردد في سرّه: - جميل حد الأغماء أن تُدَلِك يداك ظهر سيدتك، فهذا يعني أنها راضية عنك تمام الرضى. وتابع بثقة مفرطة: - من يسلمك ظهره للحك قد وثق فيك فعلاً،ومن يصل لظهر سيدته ونيته خالصة لوجهة الله ولها ونظيفة من كل الشوائب حتماً سيكون له دراع واقي من كل مصائب ونوائب الدهر. هكذا تخيّل،وهذا ماقاده له تفكيره السادج السطحي،فالجنوبي أنسان مخلوق من مضغة،ولايمكن ان تتنبأ بسلوكه. وما أن مرر كفه بحنو على ظهرها الهرقلي حتى بدأ مواسياً في الخفاء: -أهِ من ظهر أمعلمتي مثخن بالجراح،كم تعرّض هذا الظهر للطعنات من أقرب الناس إليها،حين كانت تحميهم وتذوذ في الدفاع عنهم. دقائق بهية مرت على مخيلته،صار يتخيل مشهد الشعراء الرومان الرومانسين وهم يرددون : ستنامين في حضني ذات ليلة وحين يصير القمر بدراً تتوسديني ركبتي وتعبث أناملي بخصلات شعرك الذهبية. أستمرّ في تمرير راحة يده على ظهر أمعلمته بأنسيابة ماهرة وتفنن في ذلك كأمهر مساج أيطالي متخصص في فنون اللياقة البدنية ،وهي ترشده بإزدراء عنيف: -حك فوق شوي يازفت..خليك على الكتف..أيه تحت الرقبة بالضبظ..زيد يسار..لا لا..يمين شوي..ايوه خليك هنا..حك..حك. أحتكاك راحة يد الصبي الجنوبي المدقع على ظهر سيدة ناعمة ثرية من العاصمة أحدث شرارة لامست روحه،وفي عزّ الأندماج الروحي،والأسترسال العاطفي تجاسر ونطق بعفوية: -واخيراً يا امعلمتي رق قلبك لي،خفق في أخر لحظة،أعلم أنها حجة واهية قصة الحك..أليس كذلك..؟ لاتكابري،ودعي الغرور عنك وتكلمي. -حك يا عزوز الزفت، وأحترم نفسك،وألتزم حدودك،ظهري يهرشني من خدوش الحجامة..مو حجّمت أول أمس..!! في صباح اليوم التالي ،كان صباحاً أسوداً هو الأخر، جاء الواد عوض مهرولاً شامتاً وبنفس لاهثة: -عزو..ياعزو..أستلم جوازك، وورقة ألغاء كفالتك، وخروجك النهائي من البلد،وأستعد في المساء ليتم ترحيلك. سلّم عزو ما في عهدته من فناجين وأبريق ومسوّدات خواطره والجاكيت الأبيض،ووضع قلبه على الطاولة وتركه ينبض متوسلاً له: -عزو..لاتتركني أرجوك... http://www.d56d.org/uploads/images/d...cf4358eb9b.jpg ............ بقلمي/العبدالعزيز. |
رد: أحلام الفتى الطائش.
اخي العزيز العبدالعزيز
لله درك تكتب بحرفنه وقدرة فائقة على اجبار القارئ على متابعة ادق التفاصيل دون كلل او ملل وقليل هم الذين يجيدون هذه المقدره فلا تبخل علينا ايها العزيز تقبل تحياتي وتقديري |
رد: أحلام الفتى الطائش.
شكراً أخي حسن المحمدي على قراءتك البهية للنص...وعظيم أمتناني على مدحك الذي رفع معنوياتي...
لك جنائن من ورد. |
رد: أحلام الفتى الطائش.
ابداع وعزف رائع على اوتار الحروف
لايجيدها سوى المبدعون وهم قلة وانت منهم تجيد الغوص في اعماق الجمل لتختار افضل المكنون وتجبر القارئ على متابعة ذلك القلم، سلمت يمينك اخي العبدالعزيز دمت ودام ابداعك |
رد: أحلام الفتى الطائش.
اقتباس:
لن يكون إبداعاً بدون حضوركم المميز..دعمكم يدفعني للكتابة.. لك كل التقدير ياشموع. |
رد: أحلام الفتى الطائش.
اخوي العبد العزيزابداع رائع كل حرف اللهيعطيك العافيه تحياتي وكل الود
|
رد: أحلام الفتى الطائش.
اقتباس:
|
رد: أحلام الفتى الطائش.
الله الله
كتبت فاابدعت ولايجيدهذا الا المبدعوون وسوف نكون دوما في شوق لهذا الابداع يسعدك ربي |
رد: أحلام الفتى الطائش.
العبدالعزيز
تمتلك قلماً من ذهب سجل اعجابي سوف انتظر جديدك بكل شوق تحياتي |
رد: أحلام الفتى الطائش.
اقتباس:
راقية بكل ماتعني الكلمة... لك ودي. |
| الساعة الآن 36 : 10 AM بتوقيت السعودية |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
new notificatio by 9adq_ala7sas
[ Crystal ® MmS & SmS - 3.7 By L I V R Z ]