منتديات الوئام

منتديات الوئام (http://www.alweam.net/vb/index.php)
-    || اوْرآق مُلَوَنة .. (http://www.alweam.net/vb/forumdisplay.php?f=1)
-   -   مذكرات : مغتربة في الأفلاج ... (http://www.alweam.net/vb/showthread.php?t=72341)

wafei 26 / 07 / 2009 30 : 06 AM

مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
/
مذكرات مغتربة في الأفلاج / للكاتبة : بشائر محمد

مذكرات مغتربة في الأفلاج (1)
الرحلة رقم 627


كان مكبر الصوت في محطة النقل الجماعي صاخبا .. والصالة تعج بالمسافرين والمنتظرين لرحلاتهم . أحدهم نام متوسدا حقيبته، والآخر يحاول الاستمتاع بوجبة سريعة أبعد ما تكون عن المتعة.
ويتوالى النداء بعد النداء للرحلات المغادرة، والمضحك في الأمر أنه يعيد النداء تسع مرات، وفي كل مرة يقول إنه الأخير، لكنه ومع كل هذا يفشل في كسر حالة الجمود والملل التي تهيمن على هذه المحطة ..، ونصغي جيدا
النداء الأخير (إيه هين) لركاب الرحلة 627 والمتوجهة إلى حرض الحوطة الأفلاج وادي الدواسر السليل .. الخ
ياسلام هنا أناس آخرون يعرفون الأفلاج .
ثم ينادي بلا مبالاة على الركاب المسافرين الذين أيضا بدورهم أبدوا اللامبالاة في الالتزام بالوقت لأن تأخرك عن موعد رحلتك (موب نهاية العالم) الباص بيوقف ينتظرك الين تجي ، تسافر يعني تسافر.
الأغلبية كانت من المعلمات المغتربات على ما أعتقد
سيدات يعلقن على أكتافهن حقائب بثقل أوزانهن، وبعضهن يحملن أطفالا صغارا، وأخريات اصطحبن الخادمة. علها تساعدها في هذا الحمل الثقيل غربة وطفل ومأساة.
الرجال يتفقدون حاجات نسائهم قبل الرحيل .. هذا يحمل كيساً من الفطائر والعصير، وآخر يدس في يد ابنته نقودا، وثالث يوصي زوجته أن تنتبه لطفلتها ذات السبعة أشهر . هؤلاء الرجال هم الذين يراهم المجتمع أنصاف رجال .. أو عديمي الرجولة في أسوأ الأحوال..
فتسمع أحاديث المجالس تدور حول من ترك زوجته أو ابنته تغترب من أجل المال، ويصفونهم بأبشع الأوصاف وأحقرها.
هؤلاء الرجال ينقسمون إلى عدة فئات :
إما رجل طامع يمني نفسه بعد نقل زوجته براتبها ومزايا أخرى يحلم بها
وإما مثابر ومقتنع بحق المرأة في إثبات وجودها، ولو كان عن طريق هذا الخيار الوحيد. لذلك فهو يصم أذنيه عن توبيخ المجتمع .
وإما لا مبال أصلا سواء ذهبت زوجته أو قعدت.
وإما مستسلمون خاضعون لرغبات وإلحاح بناتهم الذي وصل إلى درجة التهديد بالانتحار، كوالدي ووالد ليلى.
وركبنا الباص وتخيلت في الدقائق الأولى أنني سوف أختنق، فقد خصصت المقاعد الخلفية للرجال والأمامية للنساء والعوائل. وكانت تنبعث من الخلف روائح الدخان والعرق والمعسل خاصة لمن أتوا من مكان بعيد، وكانت منطقتنا (الأحساء) محطة للاستراحة فقط ، وأثناء الطريق يحدث أحيانا أن يمر أحد المتطفلين مخترقا صفوف العوائل والسيدات بحجة محادثة السائق أو طلب كوب من الماء، وهو يدعي الترنح بتأثير المطبات حتى يسقط على إحدى الجالسات أو بجانبها، والنقل الجماعي مشهور عند العامة بأنه مكان هؤلاء الهمجيين. لذلك كنا نحرص أن نكون بجانب النافذة واضعين الحقائب على الكرسي الفارغ .
لكن لم أعد أملك خيار التراجع وأبي مريض الضغط والروماتيزم والمفاصل ضحى بنفسه من أجلي، وقرر مرافقتي في رحلة كهذه .. كنت أفكر به طوال الطريق ..
أعلم كم يعاني، وأعلم كم يحاول إخفاء ذلك عني. لذلك لن أسامح نفسي لو حدث له مكروه لا سمح الله .
وواصل الباص رحلة التحطيم التي بدأها الدهر في عظام والدي ووالد ليلى حيث استمرت الرحلة تسع ساعات متواصلة في طرق برية وعرة وموحشة لا يتخللها إلا التوقف لأداء الصلاة، والتي نشهد قبلها قي أغلب الرحلات عادة خلافا وملاسنة حادة بين الملتزمين وغيرهم. حيث يطلب الملتزمون من السائق التوقف للصلاة في وقتها وفي أي مكان في الصحراء. بينما يرفض السائق التوقف إلا في محطات معينة حفاظا عل أرواح وسلامة الركاب. حتى إننا شاهدنا ذات مرة أحدهم وهو يشهر سكينا في وجه السائق إن لم يتوقف. حيث استجاب له قائد الباص بالتوقف، وأدى هذا الرجل الصلاة وحده في الصحراء، ولم ينزل أي من الركاب لكنه سلّم لأول نقطة تفتيش، واحتجز هناك، وواصلنا نحن رحلتنا وصلواتنا التي يفضل الرجال فيها التيمم على دخول دورات المياه ( النتنة ) التي تسكنها الأوبئة والحشرات خوفا من الأمراض، وبينما كان الرجال يؤدون الصلاة جماعة كنا أنا وليلى نرقبهما من خلف الزجاج حيث لم نجرؤ حتى على النزول خوفا وذعرا .
هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها كيف يكابر أبي ويتجلد ، كيف يتعالى على آلامه ويصر على أن لا أنزل مع قافلة النساء إلى البقالة في إحدى المحطات ويذهب هو لإحضار ما نريد، ليقول باسما وهو على حافة الانهيار عندما أسأله ( عسى مو متكلف يابوي الطريق متعب ) أقول أنا ماعلي خوف ، خوفي عليك أنتي وزميلتك .
فيرد والد ليلى أيه والله الخوف عليهن .. وقبل أن تنحدر دمعتي تمتمت ليلى في أذني كالعادة .. وييييييييين اللي ماعليكم خوف استرح بس أنت وياه ياعسى جزاكم الجنة حرقتونا بالشاي قد ماتنافضون من التعب .
فجأة .... ارتفع صوت أحد الرجال البدو بالحداء من آخر الحافلة ، كان صوته جميلا ومؤثرا . هذه هي المرة الأولى بالنسبة لي التي أعرف فيها الخبايا المؤلمة لجملة ( سافرنا برا ). ليس لأنني لا أسافر إلا بالطائرة بل لأنني لم أسافر في حياتي قط .

wafei 26 / 07 / 2009 32 : 06 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

مذكرات مغتربة في الأفلاج (2)
في ديوان (الخدعة) المدنية

يا إلهي .. كم هي متعبة هذه الحياة
كان الطريق يهدهد أحلامنا حتى تغفو قليلا متأرجحا بنا ذات اليمين وذات اليسار.
تسلمنا الصحاري إلى التلال في رحلة أشبه ما تكون بالحلم. كنت أمد بصري بعيدا وأبكي أعاتب كل من حولي أعاتب فارس أحلامي الذي لم يأت بعد، أعاتب أمي ِلم ولدتني وأنا لا أمتلك جمالا باهرا كأختي، وأبي ليتك كنت غنيا يا أبي مثل فلان، ما كنت لأجازف بنفسي . توقفت قليلا لأسأل نفسي
هل حقا لو كان لي زوج وكان أبي غنيا لن أغترب بحثا عن وظيفة؟
لست متأكدة تماما ..
فتحت دفتر مذكراتي وقبل أن أكتب شيئا بدأت بالقراءة ......
بعد التخرج من الجامعة استجمعت كل أوراق تخرجي ووثائقي وشجاعتي وبدأت أطرق باب الوظيفة التي طالما رأيت فيها الخلاص من حالة اليأس والإحباط والحاجة والوحدة حيث لم يسعفني ما لدي من جمال قليل في أن أحظى بزوج، حتى لو كان بلا شهادة، وبدأت نظرات الشفقة تلاحقني بعد التخرج حتى من والديّ .. حيث تكون السعادة من نصيب من تحظى بإحدى الحسنيين ( الزوج أو الوظيفة ) وما عداهما فهو البؤس في صورة فتاة.
انقضت أربع سنوات أصابتني فيها الدوالي من كثرة الوقوف على قدمي عند بوابة ديوان الخدمة المدنية أو كما أسموها ( بالخدعة المدنية )علّي أحظى بوظيفة تعليمية في منطقتي حيث لا تسمح تقاليد العائلة التي بدأت أشعر أنها تلتف حول رقبتي كالحبل بالعمل في بنك أو مستشفى خوفا من مظنة الاختلاط ،قدّمت ذات مرة بدون علم أحد و بعد أن تم قبولي في وظيفة متواضعة في أحد البنوك قوبلت برفض الجميع بحجة التقاليد حتى قلت لأبي في ثورة غاضبة لا يتمسك بالتقاليد البالية إلا الفقراء أو الجهال وهذا سبب تردي أوضاعهم فأسرها أبي في نفسه إلا أنه استاء مني كثيرا. أما وظائف الديوان فكانت دائما من نصيب بعض المحظوظات واللائي تتشابه أسماؤهن كثيرا حتى أني عقدت العزم على تغيير اسمي أو جزء منه.
أمر ما أثار فضولي في ديوان الخدمة التعيس في كل المناطق هو وبعض موظفاته اللواتي أكل عليهن الدهر وشرب وأصبحن يعرفن مقاعدهن أكثر من معرفتهن أولادهن، لاشيء يقمن به في وقت الركود إلا أكل الفصفص والشاي والغيبة وفي وقت التوظيف تسمع صراخهن وتذمرهن قبل أن تدخل المبنى يميزهن في كل الفروع أسلوب فج وشراسة منقطعة النظير .
على كل حال لفتت نظري إعلانات عن وظائف شاغرة على لوحات جدارية لا تتجمهر عندها المتقدمات على غير عادتهن، بل يقتربن منها متحمسات ثم ينظرن إليها شزرا ويبتعدن اقتربت منها لأقرأ .. فإذا بهذه الوظائف في مناطق غريبة نائية لم أسمع بها حتى في نشرات الأحوال الجوية، فقد كان أقصى ما نصل إليه طقسا (العبيلة وشوالة وشرورة والنماص والمويه)
إلا أنني ورغم هذا فكرت في الهجرة إلى هناك معللة لنفسي ( مفاز باللذات إلا الجسور) لتبدأ رحلة الألم والغرابة الحقيقية في حياتي.
وفي خضم استماتتي للحصول على وظيفة سمعت من البعض عن أسماء كثيرة تحقق لك حلم الوظيفة أو النقل مقابل مبلغ من المال يبدأ من العشرة آلاف حتى الثلاثين حتى أخبرتني إحدى الصديقات أنها مستعدة لأن تعمل خيرا لوجه الله تعالى وتدلني على أحد هؤلاء رغم السرية التي أحاط نفسه بها، لم نكن نملك المال إلا أنني طلبت من أبي أن يستدين من أحد ما وأعيده من راتبي لاحقا إلا أن أبي رفض بشدة وقال إن كنت مغفلة فلسنا كذلك ...أخبرت صديقتي بموقف أبي فأعطتني رقما وقالت حادثي هذا الرجل واعرفي منه ما إذا كان يستطيع تأخير المبلغ إلى ما بعد الوظيفة أم لا. استحسنت الفكرة وهاتفته .. كان خلوقا وطيبا، أخبرني أنه متبن لقضيتنا ويسعى إلى توظيف أكبر عدد من ( البنيات ) وهذا المبلغ الكبير ليس له بل للمسؤول الكبير الذي يقوم بالتوظيف، سألته عن إمكانية تأجيل المبلغ إلى ما بعد الوظيفة. اعتذر عن هذا في البداية ثم قال حسنا سوف أرى ولكن لابد من مقابلتك حتى تشرحين لي ظروفك جيدا وتوقعين لي ورقة أثبت بها حقي، قلت حسنا أين مكانك سوف نأتي أنا وأبي ... تدارك بقوله : لالا تعالي لوحدك أو مع السائق لأن شركائي إن رأوا والدك معك في المكتب سيلزمونك بدفع كامل المبلغ، احتقرته إلا أنني وعدته أن أنظر في الأمر.
أغلقت السماعة وذهبت إلى أمي أبكي، ارتميت على صدرها وقصصت لها القصة كاملة .. هدأت من روعي وأخبرتني أن هذا الحقير كان يعتقد أنه يحادث فتاة حمقاء لم يعلم أن ( عقلك يوزن عشرة من أمثاله ) أفهمتني أنها غلطتي ونصحتني أن أطلب حاجتي من الخالق وليس من المخلوقين.

wafei 26 / 07 / 2009 33 : 06 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

مذكرات مغتربة في الأفلاج (3)
إلى الأفلاج
حدقت في الورقة الكبيرة الملصقة على الحائط في مقر ديوان الخدمة المدنية.. إنها أماكن تواجد الوظائف الشاغرة تأملت كثيرا في مناطق توفر هذه الوظائف من باب التسلية، بدت غريبة علي جدا ولا أعرف أفي الشمال هي أم الجنوب بدأت بالقراءة العرين – المندق – الليث- فرسان – العيص – سكاكا... إلخ.
كنت أتساءل هل هذه الأماكن موجودة في المملكة؟
خاصة لمن هم مثلي لم يغادروا عتبة الباب إلا إلى المدرسة أو الجامعة أو إلى بيت جدي في أحسن الأحوال.
استوقفتني فكرتي المجنونة لبعض الوقت ولا بد من الجنون في حالة اليأس التي وصلت إليها... أربع سنوات من الوقوف في طوابير الخدمة المدنية دون جدوى.فماذا بعد؟ ما ادخرته من مكافآتي أيام الجامعة والتي يشكو البعض من أنها لا تكفيه صرفته ولم يتبق لي إلا بعض الريالات والتي أدعو الله أن يسعفني بالوظيفة أو الموت أو الزوج والأمنية الأخيرة تبدو مستحيلة التحقيق قبل أن تنفد هذه الريالات، ومن ناحية أخرى لا أريد أن أعود لأبي أمد يدي إليه كل أسبوع بعد أن أدركت كم كان فرحا باستقلالي عنه فحالته المادية ليست على ما يرام (كصحته تماما) وكان يعتقد أن مهمته تنتهي بوضعنا على أبواب الجامعة لتبدأ مهمتنا نحن في منحه بعض الراحة بعد عناء عمر بأكمله.
يا إلهي.. كم أشعر بالذنب، ليتني رزقت بزوج يخفف العبء عن أبي.
مرات كثيرة كنا نتمازح أنا وصديقتي ليلى عندما نقرأ عن غلاء المهور وأقول لها كم ستطلبين مهرا فتقول خمسة عشر ألفا فقط وأنت، فأقول ضاحكة سوف أسأله كم عندك ؟ لو قال عندي ألفا سأقول ( هات الثمانمئة وخل ميتين مصروف جيبك )
ترد عليّ ليلى ساخرة ( والله محدن درى عنك) ولو إني اعتقد أن لو أعطوك واحداً منحة بيحط عليك فلوس ويرجعك وتقهقه ضاحكة وأنا أكاد أموت حنقا وغيظا.
بعد عودتي للبيت هاتفت (ليلى) التي تقاسمني خبز المعاناة كما يقولون، أخبرتها بفكرتي ..وبشكل مباشر وسريع: ليلى أنا قررت.. سوف أقدم على وظيفة خارج المنطقة أو في المناطق النائية ولن أتراجع.. فكان ردها سريعا كذلك : دعينا نجرب حظنا، بصراحة لم أتوقع ردها بل اعتقدت أنها ستتخلى عني فأنا ليس لدي ما أخسره أما هي فمخطوبة لابن خالتها وتنتظر فقط أن ينهي دورته التدريبية في الرياض ويعود لتتم إجراءات الملكة والزواج، لا أعلم شيئا عن موقفه تجاه ما ستقوم به ليلى لكنه يعرف كل شيء بالتأكيد ، ذهبنا في اليوم التالي للاستفسار، نظرت إلينا الموظفة بنظرة احتقار ثم قالت: هل اخترتن المكان؟ قلنا نعم .. الأفلاج
لم نكن نعرف الأفلاج وأنا شخصيا لم أسمع بها إلا على لسان مذيع النشرة الجوية في القناة الأولى من قبل لكن ما شجعني على اختيارها أنني سمعت إحداهن تقول إنه مكان قريب من وادي الدواسر ونحن كما تعلمون مرتبطات عاطفيا بوادي الدواسر من أيام جغرافية المملكة والسؤال الذي مل منا وملينا منه: عددي أهم الأودية في المملكة. لم أفق من التفكير بوادي الدواسر إلا والموظفة المتقززة تمد لنا بورقة وهي تقول: خذي هذه الأرقام أنتي و ياها واتصلن وروحن في اليوم اللي يحددونه لكن، كل شيء كان غامضا إلا وضوح عزيمتنا.
في بيت ليلى .. افترشنا أنا وهي خريطة كبيرة جدا اشتريناها بما تبقى لدينا من نقود وجلسنا عليها نأكل سندويتشات الفلافل ونشرب البيبسي وننقل أبصارنا هنا وهناك على سطح الخريطة بحثا عن هذه المنطقة الغامضة التي ننوي الرحيل إليها بعد أن أقنعنا والدينا بالأمر الذي بدا لبعض الوقت ضربا من المستحيل، ومع آخر قضمة من الساندويتش وقعت أبصارنا على الأفلاج التي رحبت بتخصصاتنا أنا وهي اللغة العربية والكيمياء.
كل شيء تم بسرعة حتى قبولنا.. وطلبوا منا الحضور خلال خمسة أيام من إعلان الأسماء. كنا من أوائل المعينات على بند (105) التعيس الذي لم نكن نعرف دهاليزه المظلمة بعد ولم تشرح لنا موظفة الخدمة معنى هذا الرقم فقط قالت إن الراتب أربعة آلاف ريال فقط ولا يحق لكن طلب أي زيادة قبل خمس سنوات .

wafei 26 / 07 / 2009 34 : 06 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

مذكرات مغتربة في الأفلاج (4)
فندق نصف نجمة

وصلنا إلى محطتنا المرتقبة بحمد الله بعد رحلة برية متعبة استغرقت أكثر من ثماني ساعات كنا نقنع أنفسنا فيها بأننا جئنا لاستطلاع الوضع فقط، وبيني وبينكم لم أكن لأتراجع عن الوظيفة التي بت أكثر احتياجا لها من ذي قبل حتى لو كان الراتب ألفين فقط، أتدرون لماذا؟؟ لأنني سأنظر بتفاؤل إلى المستقبل وإلى ما بعد الألفين لأن الحاجة والاضطرار جعلاني متفائلة بالإكراه.
لا خيار أمامنا بعد أن شددنا الرحال وقد استوعبنا صدمة انعدام وسائل النقل الموصلة إلى هنا إلا باصات النقل الجماعي (عسانا ما ننحرم منها) حيث أبشركم لا مطار ولا قطار.
لم يتخلل هذه الرحلة الميمونة إلا بضع دقائق لأداء الصلاة أو تناول بعض الوجبات الخفيفة من بعض المطاعم القذرة النادرة على الطريق أو بعض البقالات وكنا نفضل تناول البسكويت المغلف والمياه المعدنية خوفا من الأمراض، وصلنا بعد أن تصفحنا طوال الطريق كتاب حياتنا أنا وليلى منذ أن كنا فتيات نعلق الأكياس على أكتافنا مملوءة بالمجلات القديمة تخيلا منا بأنها حقيبة مدرسية، ومنذ أن كنا نتقلب على فراش الأحلام مترقبات لأول يوم دراسي في حياتنا حيث نخشى من إغماض أجفاننا في أهم جزء من الحلم، لذلك نبقى متيقظات طوال الليل، منذ أن كانت أمهاتنا يفككن جديلاتنا ويعدن تضفيرها من جديد تحت إلحاحنا لكي نبدو في أجمل صورة وأروع هندام ونحن نتوجه إلى فصولنا الدراسية الصغيرة، وحتى بتنا نخشى من التخرج من الجامعة خوفا من اللحاق بطابور المترقبات إلى ما لا نهاية. نزلنا من الباص فبدا كل شيء حولنا غريبا، الوجوه والمكان واللهجة والملامح كل شيء.. لم أشعر إلا وأنا أقبض بشدة على ذراع أبي النحيلة، بدت ليلى أكثر شجاعة وتقبلا للوضع مني، تحدرت الدموع من عيني، خاطبتها: ليلى لا أريد وظيفة أرغب في العودة إلى بيتنا أرغب في العودة إلى أمي.. ضحكت ليلى التي تغلب عليها النكتة حتى في أصعب المواقف وقالتها بشكل كوميدي "أبأي سلمي لي على ماما" وددت لو أطبق كفيّ على رقبتها. إلا أنها هدأت من روعي بعض الشيء. وقفنا بعض الوقت في محطة الخالدية وهو اسم المكان الذي تتوقف فيه باصات النقل الجماعي في الأفلاج وهو المكان الأكثر نشاطا حيث محطة النقل الجماعي بين مغادر وقادم بالإضافة إلى مطعم كبير ومقهى للرجال وبقالة. مكثنا طويلا ونحن ننتظر سيارة أجرة حتى عرض سائق وانيت على أبي أن يوصلنا إلى وجهتنا فشكره أبي "ما ودنا نعطلك بس يا ليت تقول لي وين ألقى تاكسى" ضحك الرجل بصوت عال وقال وهو يغالب ضحكته يبدو أنكم من أهل الشرقية؟ قال أبي نعم، قال الرجل سيارة الأجرة عندنا هي هالوانيتات وأشار إلى سيارته، شعر أبي ببعض الإحراج إلا أنه ابتسم وهو يلتفت إلى والد ليلى هاتو الشنط يا بو إبراهيم.
ركبنا ثلاثة في الخلف أبي بجانب النافذة ثم أنا ثم ليلى وركب والدها بجانب السائق وكنت أشعر بجسم ليلى يهتز من شدة الضحك إلا أنها واضعة يدها على فمها، ثم همست في أذني قبل أن تواصل الضحك أجل ليموزين أبيض ولوحة مكتوب فوقها أجرة ها؟؟ وتعود للضحك من جديد.
كنت أتأمل المباني على جانبي الطريق لا مكان للفلل الفخمة هنا ولا للعمارات التي تزيد عن الثلاثة أدوار ولا للسيارات الفارهة، العمران بدائي جدا والبيوت بها الكثير من الأخطاء المعمارية الواضحة التي تستطيع اكتشافها بسهولة وكأن من قام برسم هذا المنزل أو ذاك طفل في الابتدائية. لفت نظري وأثار استغرابي بالفعل انتشار اسم ليلى بشكل كبير.. مخبز ليلى بقالة ليلى محل ليلى للحلويات، إلى أن عرفت لاحقا أن هذه المنطقة وسط الأفلاج تسمى ليلى.
طلب والد ليلى صديقتي من السائق أن يوصلنا إلى أفضل فندق في المنطقة، وعندما نطلب الأفضل فهذا لا يعني أننا من علية القوم ولكن الأفضل في منطقة بدائية كهذه سيكون الأقل سوءا على ما نتمنى. عاد الرجل المزعج للقهقهة من جديد (هو فندق واحد ما فيه غيره وهذا احنا وصلناه) وأشار بيده إلى بناء نصفه من الأسمنت ونصفه من الصفيح ويتكون من دورين وقال تفضلوا يا هلا والله ومسهلا بأهل الشرقية.
رأيته يرفض النقود التي أعطاه أبي وحلف ما ياخذها، قائلا انتو ضيوفنا وترى ما سوينا إلا الواجب. شكره أبي وجزّاه خيرا.

wafei 26 / 07 / 2009 35 : 06 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

مذكرات مغتربة في الأفلاج (5)
أنا وورقة الاختبار.. صداقة لم تتم

في السابعة صباحا كنا أنا وليلى في المدرسة التي وجهنا إليها وهي مجمع متكامل في قرية نائية، دخلنا إلى الإدارة لتسليم خطابات المباشرة، كانت فترة اختبارات نصفية، لكن انشغال الطالبات بالمراجعة أو المذاكرة لم يمنعهن من تصفح وجوهنا جيدا وعباءاتنا بنظرات فاحصة وسمعنا بعضهن يتمتمن "شرقاويات" ولم أعرف كيف خمنّ بهذا الأمر إلا لاحقا.
دخلنا الإدارة وسلمنا كانت المديرة من أهل المنطقة، لم نكن نعرف أنا وليلى عن سكان هذه المنطقة إلا ما قرأناه في الكتب وما رأيناه في التلفاز من الخشونة وحدة الطباع والعنصرية والكرم والفزعة، إلا أن هذه المديرة قلبت لدينا بعض المفاهيم التي كنا نعتبرها من المسلمات، فقد كانت دمثة جدا رقيقة الطباع هذا بالنسبة للانطباع الأولي عنها وقد لاحظنا الكثير فيما بعد ففي الوقت الذي توقع البعض منها نصرتهن والتعصب لهن لم تكن متعصبة إلا للحق.
أخذت من يدي خطاب المباشرة وما إن قرأت عن تخصصي حتى انفرجت أساريرها، قالت لغة عربية؟ جيتي بوقتك.. نظرت لها باستغراب ولم أنطق لكنها تابعت حياك الله يا شيخة بتنبسطين معانا إن شاء الله بس خذي قلم أحمر ويالله قولي لأم سعد توريك غرفة التصحيح اليوم تصحيح اختبار مادة النحو للصف الثالث ثانوي يدك معاهم عندي معلمتين مجازات وحده إجازة مرضية والثانية أمومة ومافيه إلا معلمتين بس، تلعثمت وارتعدت فرائصي بس يا أستاذه، لكن، أنا جديدة، ما أمداني وقبل أن أمطرها بسيل من الأعذار قاطعتني، أنت روحي بس والله بيسهلها ثم ابتسمت وقالت ذكرتيني بنفسي أول يوم باشرت فيه . أشارت لي بالذهاب لكني مازلت "مسنترة" أنتظر مصير ليلى المظلم، فكأن المديرة فطنت لهذا الأمر قالت لي وش تنتظرين وقعي بالدفتر وتيسّري وقعت وتحركت وأنا أسحب خطواتي سحبا وأقول في نفسي لو كنت متزوجة من عريس الغفلة "اللي مابعد شفت خشته" ما أتيت إلى هنا، حتى استوقفني صوتها. شيخة التفت للمديرة.. سألتني.. أفطرتي؟ ولا أعلم ما إذا قلت لا أو نعم.. المهم أنهم أصابوني بالغثيان لكثرة ما أصروا أن أشرب قهوتهم وأتذوق حلاهم.
وفي غرفة التصحيح كانت أغلب المعلمات من دول عربية.. فهن إما سوريات أو مصريات وكانت المعلمة التي أعطتني حصة من أوراق النحو مصرية اسمها الأستاذة عواطف في منتصف العمر تقريبا تعلوها هيبة ووقار يوحي لك بالرهبة، متمكنة جدا في مادتها العلمية كما وصفتها المساعدة موضي.
مسكت بأول ورقة وكانت يدي ترتعش بشكل قوي لم أفلح في إخفائه وكانت عيني طائشة في أنحاء الورقة وكأنني أواجه امتحانا صعبا. إلا أنني حاولت التماسك وكنت أختلس النظر إلى الأستاذة عواطف وأقول في نفسي يوما ما كانت مبتدئة مثلي وأنا يوما ما سأصبح مثلها وكلما صححت سؤالا طلبت منها بلطف أن تراجعه معي حتى لا أظلم الطالبة في درجتها فتنظر إلى الورقة وتعطي إيماءة بالموافقة وأحيانا تبتسم للاستحسان. وورقة تلو أخرى بدأ الخوف والارتباك يتبدد من داخلي ونشأت بيني وبين الورقة علاقة ودية جعلتني أرمي بنموذج الإجابة بعيدا وأعتمد على معلوماتي التي لا يستهان بها بالمادة. فأنا خريجة جديدة بالنسبة لها ومعلوماتي حديثة لم تنس ولم تهترأ. وهذا ما جعلني أكتشف خطأ فادحا في أول يوم وظيفي بالنسبة لي.
كان السؤال عن اسم الآلة والإجابة من أسماء المبالغة وقد اعتبرناه إجابة صحيحة بناء على نموذج الإجابة التي كتبته المعلمة بخط يدها، اكتشفت الخطأ وغلبتني الحيرة كيف أقول لمعلمة خبرتها فوق الثلاثين عاما بأنك ارتكبت خطأ فادحا وأنا (حيا الله) معلمة تحت التدريب.
ولم أشأ أن أوكل الأمر إلى الإدارة حتى لا أتعرض لسوء الفهم.
استجمعت شجاعتي، اقتربت من المعلمة مبتسمة قلت لها تصدقين أني جاوبت ورقة الأسئلة كاملة قبل رؤية نموذج الإجابة ما جعلني أطمئن إلى معلوماتي لكنني أخفقت في سؤال واحد أظنه صعبا ليتك خففت عن الطالبات وحذفته.. فسألت عنه وأريتها إياه. سألت عن الإجابة الخاطئة التي أجبتها أنا فأخبرتها بها.
ابتسمت وسحبتني من أذني مداعبة لي بالمصري طبعا (إنتي بتغلّسي عليه يابت؟؟)
أنتي صح يا شيخة وأنا غلط اعتذرت لها مليا وأحرجني تواضعها، طلبت منها عدم إخبار الإدارة بالأمر سنصلح الخطأ وسوف نعيد حساب الدرجات، فوافقت لكنها فاجأتني في حضور المديرة.. وأخبرتها بالأمر، نظرت إلي المديرة وكلها فخر واعتزاز. ومنذ ذلك اليوم وأنا أنتدب لتدريس الصف الثالث ثانوي تحديدا، حتى حصلت على شهادة المعلمة المتميزة على كامل المحافظة

wafei 26 / 07 / 2009 36 : 06 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 6 )
رقصة على طريق الموت

لم يكن في المدرسة التي تم توجيهنا إليها معلمات مغتربات غيرنا، فنحن الرعيل الأول أو الثاني في الاغتراب، حيث شهد عام 1420هـ تزايدا ملحوظا في أعداد المغتربات، لذلك حرصنا على الاستفسار عن الكثير من الأشياء بل عن كل شيء ومنها السيارة التي سوف تنقلنا من المكان المفترض إقامتنا فيه وحتى المدرسة حيث المسافة تستغرق خمسا وأربعين دقيقة في طريق مفرد وعر ومتعرج .
فلن يستطيع والدي ولا والد ليلى مرافقتنا يوميا إلى المدرسة، فصحتهما لم تعد تحتمل مثل هذا، وقد صارحت إحدى المعلمات بفكرتي بعد أن شاهدت بأم عيني صعوبة الطريق ووعورته وهي أن ننقل مقر إقامتنا إلى هذه القرية مادامت هي مقر عملنا ولكنها نصحتني ألا تقيم قريبا من المدرسة فهي قرية منغلقة لايقطنها إلا أهلها ولا يقبلون بوجود أجانب بينهم على الإطلاق، فضلا عن نقص الخدمات الضرورية التي تحتاجونها، فحتى سكان هذه القرية يذهبون إلى وسط الأفلاج للتزود باحتياجاتهم الضرورية، وكانت منيرة، من بنات المنطقة وتسكن في ليلى، على خلق عال وتملك طيبة لامتناهية، قالت لي اتركي هذا الأمر لي، اليوم سآخذكن بسيارتنا إلى مقر سكنكن حتى نعرف الطريق وبعدها ستكونان معنا، فهي سيارة تنقل أكثر من معلمة، وفرا جهد أبويكما فالطريق خطر، لا أريد أن أخيفكم لكن الطريق الذي يربط بين هذه القرية ووسط البلدة يسمى عندنا ب" طريق الموت". سعدنا جدا ليس لكوننا ممن سيسلكن طريق الموت يوميا ذهابا وإيابا بل سعدنا بمبادرتها وشكرناها ووافقنا بالطبع .
في اليوم التالي جاءت لنا منيرة وزميلاتها في الخامسة والنصف صباحا وكانت السيارة السوبر والتي تسمى عندهم ( الصالون ) بانضمامنا إليها تحتوي على 12 معلمة، فكانت المقاعد الأمامية للسابقات إلى التعاقد مع هذه السيارة أو للنخبة بمعنى أصح، وفي الخلف رفعت المقاعد واصطففنا في جلسة عربية محترمة تجعلنا أحيانا نصطحب معنا ترامس القهوة والحلا والشاي والفصفص لنتسلى طوال الطريق ومنا من تأخذ قسطا من النوم ريثما نصل .
كنا نخلع أحذيتنا قبل الدخول لنتخطى الجالسات في المقدمة لأن الأنظمة لاتسمح بفتح الباب الخلفي. كان أمرا متعبا جدا ولكنه كان متعبا أكثر بالنسبة لليلى نظرا لما تحمله من زيادة في الوزن أو لأنها " بطوطة " كما نسميها، إلا أن ضحكاتها المتواصلة والنكت التي تطلقها على نفسها وعلينا تخفف من معاناتنا ومعاناتها كثيرا، فمرة تطلب تعليق حبل في سقف السيارة كي نمسك به أثناء الصعود ومرة تفكر في إنشاء كوبري يمر من فوق الجالسات في المقدمة وأحيانا تكتفي بالتعليق " حشا راكبين غواصة حربية مو سيارة " فكنا جميعا نستعد لفاصل كوميدي ريثما تنقضي فترة ركوبنا .
ورغم وعورة الطريق إلا أن سائقنا لم يكن محترفا فكان يتجاوز السيارات كثيرا بلا مبالاة حتى أوشك بنا على الموت مرات كثيرة . هذا ماجعلنا نراقب معه الطريق خوفا على انفسنا .
وحدث أنه ذات مرة كان ينوي التجاوز فقد كانت أمامنا سيارة تسير ببطء شديد نظرا لحمولتها الزائدة .. وصفية السورية تقول له يالله يا أبو عبدالله الشارع فاضي ويأتي صوت ليلى من الخلف حط رجلك يابو عبد الله مافيه أحد ولكنه كان يتجاهل صفية وليلى من باب أنه مايسمع شور حرمة .
ثم حدد هو الوقت المناسب و انطلق متجاوزا بالسيارة وإذا به يفاجأ بشاحنة كبيرة لم يحسب حسابها فاضطرب المقود في يده وأوشكنا على الهلاك لولا أن الله سلّم . فسألته زوجته التي نطلق عليها
( المحرم ) والتي أثبتت أن المحرم قد يكون امرأة وليس بالضرورة رجلا . وهي التي كانت ترافقه في جميع مشاويره عاتبته بقولها وراك يابو عبد الله؟ قبل شوي قالوا لك اطلع ماطلعت . الله لايعمينا .

wafei 26 / 07 / 2009 37 : 06 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 7 )
والله وصار لنا باص

بعد عدة دقائق استغرقتها سيارتنا حتى تستقر من موجة تأرجح مرعبة على طريق الموت ، بادرت صفية بقولها ( بو عبد الله لازم يموتنا موتة معتبرة مو أي كلام.. يعني نصطدم بشاحنة كبيرة أوجه كثير من صدمتنا بكامري ) فانفجرت المعلمات بالضحك رغم أننا لم نفق من صدمتنا وخوفنا على أنفسنا وإذا بليلى تدندن في الخلف وبشكل هستيري كوميدي ( اثنتا عشرة معلمة ماتوا من أجل صالون ) على غرار ( أربعة عشر رجلا ماتوا من أجل صندوق ) وهي الجملة التي رددها أحد البحارة في مسلسل كرتوني للأطفال. وعرفنا لاحقا أن هذا السائق لم يمنح رخصة قيادة أصلا لأنه ضعيف النظر ولا يرغب بارتداء النظارة.
على كل حال لازلنا نحاول أن نسير بحياتنا نحو الاستقرار أو هذا ما نحاول القيام به في تجاربنا المتعددة في تغيير السكن والسائق ومواعيد رحلاتنا إلى الأحساء. وما ساعدنا على ذلك زيادة أعداد المغتربات بصورة سريعة وكثيفة مما خلق لنا بيئة بديلة يجمعنا فيها نفس الهدف وهو أن نجعل حياتنا أكثر راحة وأن نوجد أسبابا كثيرة للمتعة للقضاء على البؤس الذي تولده الغربة ، ومن الأمور الرائعة التي قامت بها المجموعة هناك بعد أن فاق عدد المغتربات من الشرقية بمناطقها المتفرقة ثلاثين معلمة وانضمت إلينا بعض المعلمات من حوطة بني تميم التي كان سائق النقل الجماعي ينادي على الركاب بعد وصولنا إليها بقوله ( الحوسة ) وكنا نعتقد جادين أنها منطقة تسمى الحوسة بالفعل حتى قال ذات مرة ( حوسة بني تميم).
فأدركنا مغزاه الساخر فثار عليه عدد من الركاب الشباب خاصة أنه مقيم وليس سعودي حتى ألزموه بالاعتذار علنا ، قامت هذه المجموعة بإيجاد باص مستأجر عوضا عن باصات النقل الجماعي التي تأخذنا إلى الأحساء على طريق العودة من نجران ويصادف في أحايين كثيرة عدم جود مقاعد لنا حيث نعود بخيبتنا وشوقنا بانتظار رحلة أخرى. لذلك فرحنا جدا بهذا الباص الذي أسموه باص المعلمات لكون الركاب جميعهن نساء ما عدا السائق وكنا نحن من الأعضاء الدائمين فيه واتفقوا على أن يغادر مزودا بالفرحة إلى الشرقية يوم الأربعاء ويعود محملا بالألم يوم الجمعة.
من ناحية أخرى.. عثرنا على شقة دائمة توفيرا لبعض النقود وكانت هذه الشقة في وسط محافظة الأفلاج أو في منطقة ( ليلى ) وسميت ليلى بهذا الاسم نسبة إلى ليلى عشيقة قيس بن الملوح فالأفلاج هو المكان الذي احتضن قصة العشيقين قيس وليلى وجبل التوباد مازال شاهدا على أحداث تلك القصة ، على كل حال وبعيدا عن قصص المحبين فشقتنا هذه لا تقل سوءا عن غرفة الفندق لكن هي الوحيدة التي استطاعت تلبية احتياجاتنا فهي شقة واحدة مصممة على جزأين وسيكون الرجال في قسم والبنات في القسم الآخر.
صاحب البيت رجل أرمل طاعن في السن رث الهيئة ثقيل السمع بعض الشيء كل يوم فجرا تسمع تهليلاته تخترق حواجز غرفنا وهو خارج إلى المسجد ، ينوي الزواج حسب ما ذكر لوالدي ووالد ليلى بعد أيام قلائل حيث مضى على وفاة زوجته وأم أولاده شهر وخمسة أيام ويرى أنها مدة طويلة.
جاء بزوجته ذات يوم بعد أن أتموا مراسم الزواج عائليا كما علمنا في بيت أهلها، زرناها بعد أسبوع لنبارك لها لكننا لم نصدق أعيننا..
كان عمرها تقريبا سبعة عشر عاما جميلة هادئة رقيقة الطبع.
سألتها ليلى بفضولها المعتاد لماذا تزوجتي هذا الرجل ؟ وهل يستشيرونكم قبل الزواج ؟ بكم سنة يكبرك ؟ وهل تفكرين في الإنجاب منه ؟ والكثير الكثير من الأسئلة المحرجة وكانت (هيا) هذا هو اسمها تكتفي بابتسامة لكنها عقبت في نهاية الأسئلة بو سعيد رجل طيب وسخي وما شفت منه إلا كل خير وأنا أحبه لأنه زوجي.. وفي نهاية اللقاء قالت زوروني سأكون وحيدة.. أهلي من ( الأحمر ) وهي بعيدة جدا من هنا وأبو سعيد شرط علي ما يوديني إلا مرة بالشهر.
سمعنا هاتفهم يرن فقلنا لها هل يستطيع أهلنا الاتصال بنا عن طريق هاتفكم ( قبل انتشار الجوالات ) تعبنا من التردد على كابينات الاتصالات. فرحبت ثم قالت بشاور أبو سعيد ولو أني متأكدة أنه بيوافق. فأصبحنا نستقبل كثيرا من اتصالات أهلنا على هاتفهم.

wafei 26 / 07 / 2009 38 : 06 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 8 )
وأخيرا انخطبت

ذات يوم وفور عودتي من المدرسة جاءني اتصال غريب وعاجل من أمي نزلت مسرعة تلعب بي آلاف الهواجيس.
هاتفتها وبمجرد أن سمعت صوتها اطمأن قلبي.. شعرت أنها سعيدة قالت مباشرة جاك معرس ياشيخة داخ راسي ولفت الأرض فيني.. إيش؟ حاولت استحي بس ما يمدي، مين هذا؟ وشلون؟ وهل أهله شايفيني من قبل ولاَّ لا؟
قالت لازم تجين عشان يشوفونك ولو أنهم يقولون إنهم شاريينا ويبون القرب. ما صدقت ودي أحد يرقعني بسماعة التلفون عشان أفوق أكيد هذا حلم.
وش يشتغل يا أمي؟ ترددت أمي قليلا ثم قالت هو موظف في شركة ألبان.
(طبعا قبل حملة خليها تخيس) بس رجال والنعم والكل يمدح فيه. ثم أخبرتني أنها أبلغت أبي بالأمر.
ذهبت مسرعة إلى ليلى كانت نائمة أشعلت كل الأنوار وأدرت جهاز التسجيل إلى أعلى مدى قامت متذمرة (وشفيك؟ انهبلتي إن شا الله؟) لم أكترث قلت لها الحياة من اليوم مشرقة مضيئة يكفي ظلاما وسوادا سوف ننام في النور. سأتزوج يا ليلى ردت ببرود ومن هالمقرود اللي بياخذك؟ قلت لها ليس مهما المهم أنه يحبني.. ردت ببرودها المعهود كذلك.. يحبك ولا يحب قريشاتك؟ ما يدري ذا الأهبل أنها تطير قبل 25 الشهر.
قتلت ليلى فرحتي.. خنقتها سألت نفسي، ماذا لو كان كلامها صحيحا؟ رددت عليها هو مو محتاج لي ولا لفلوسي لأنه موظف. لم تكترث قالت طيب ألف مبروك، اطفي النور يالله ياسندريلا نبي نرقد.
أمضينا هنا وقتا طويلا اشتقنا فيه لإخوتنا الصغار وأمهاتنا وصديقاتنا وحياة تركناها وكأنها لم تكن.
والدانا بدأ الملل يتسرب إلى نفسيهما بعد أن انتهت كل الحكايا والذكريات بعد أن أطلقا لها عنان البوح طوال الليالي التي خلت، ودواء أبي قد نفذ ولم نجده هنا وأخبرونا أن أقرب مكان للتزود بمثل هذه الأدوية هو الرياض وجاءت قصة خطبتي. فأصبح هاجس زيارة الأهل وشيكا لكن لم نكن نعرف كيف ومتى؟ وهل يوما الخميس والجمعة كافيان لزيارة ممتعة؟ بعد أن نخصم ثماني عشرة ساعة للطريق ذهابا وإيابا.
طلبنا من المديرة نصف إجازتنا الاضطرارية والتي كانت عشرة أيام ذلك الوقت حتى نبقى بين أهالينا أسبوعا واحداً على الأقل فوافقت بعد جهد جهيد.
عدنا على متن نفس الباص الميمون قبل أن يأتوا بباصنا المستأجر لكني لم أكن لأشعر بالوقت أو أحادث أحدا كنت أفكر بهذا الفارس الذي جاءني في وقت لم أتوقعه، وهل يا ترى سمع بي فأحبني أو أن أخواته شاهدنني في مكان عام فارتحن لي.... وكنت أتخيل ثوب العرس وشقتي والحفلة وأحذية المعازيم.. كل التفاصيل كانت حاضرة.
جاؤوا لرؤيتي ورأيته من النافذة فصعقت.. الشاب وسيم جدا أجمل مني كثيرا وأصغر مني بثلاث سنوات عاطل عن العمل على ما يبدو يدرس في إحدى المدارس الليلية للحصول على شهادة الكفاءة.
سألتهم لماذا أنا بالذات؟ قالوا هو ما يبي إلا مدرسة..... بس بشرط تكون رسمية مو متعاقدة ضحكت من الألم والحسرة أحسست بالغبن والقهر تمتمت في نفسي عاد هو من زين وجهه بعد عشان يتشرط. فاشل وله عين. أضافت أخته سيذهب معك إلى أي مكان إن أردت.
طلبت مهلة للتفكير، وخرجت محملة بكل إحباطات الكون ولن أقبل به، قبل اليوم كنت أتمنى أن أحظى بأي زوج، أي رجل يقبل بي أما الآن فلا أريد أن أتزوج برجل متسلق يبحث عن رجولته الضائعة في راتبي لن أتزوج بمن يتجاهل إنسانيتي ومشاعري وكل همه أن يتزوج ببقرة حلوب أو دجاجة بياضة تأتيه في نهاية كل شهر بغلة لا يحلم بها كإنسان فاشل انعدمت خياراته في الحياة. أخبرت أمي برفضي وحملت حقائبي وأقفلت راجعة من حيث أتيت وسط ذهول أمي التي حاولت أن تثنيني عن قراري وقالت حتى لو تزوجك لأنك معلمة فقط تأكدي يا ابنتي ستنشأ بينكما مع مرور الوقت مودة ورحمة تغلب كل المصالح، كلام أمي لم يقنعني ولم أغير رأيي فكانت الغربة والابتعاد عن نظرات أهلي ملاذا قاسيا لي.

wafei 26 / 07 / 2009 39 : 06 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 9 )
ماتشوف شر يابو إبراهيم

في ليلة بائسة قمنا فزعات من النوم على صوت أبي ياشيخة.. شيخة.. هرعت مسرعة إليه مابك يا أبي.....
شوفي لي رقم الإسعاف يابنيتي اتصلي عليهم.. خير يابوي وش فيه؟
أجابني وبه قلق لم يستطع إخفاؤه، أبو إبراهيم مادري وش فيه يبي له طبيب.
سمعت حوارنا ليلى خرجت من الغرفة مسرعة وقد التحفت بملاءة السرير تصرخ أبوي وشفيه.. دخلت هي لتطمئن على عمي أبو إبراهيم وأنا وقعت في حيرة مؤلمة لا أحد من الرجال (الشيبان) هنا يقود سيارة ولا نملك هاتفا.. فليس أمامنا إلا أن نوقظ أصحاب البيت وقد تجاوزت الساعة الثانية بعد منتصف الليل.
قال لي أبوي خلك عند زميلتك وخففي عنها وأنا أتدبر الأمر..
سمعنا صوت الباب وأبي يطرق بكل ما أوتي من قوة على أبي سعيد حيث ردوا عليه بعد ربع ساعة على الأقل وهاتف الإسعاف. أما أنا فقد أيقنت بعد مشاهدة عمي أبو إبراهيم أنه على شفير القبر. فقد كان متشنجا وقد تسمرت عيناه في السقف وتجمع حول فمه رغوة بيضاء لكنه كان يتنفس بقوة.
ما هي إلا دقائق حتى قدم أبي ومعه أبو سعيد ارتفع صوت أبي سووا طريق يا بنات صرخت ليلى لا.. مابي أخلي أبوي بقعد عنده. كان أبي يسأل عن إمكانية إيجاد سيارة أجرة لإسعافه إلا أن أبا سعيد قال لن تجد هنا تاكسي مهما حاولت على الأقل تمشي نص ساعة على رجليك.
كنا أنا وليلى نقف خلف الباب نسمع ما يقولون وصل الإسعاف وكان أبي يخاطب أبو إبراهيم طوال الوقت حتى حمله المسعفون قل لا إله إلا الله يابو إبراهيم اذكر الله.. اذكر الله يابو إبراهيم
لا تجزع.. قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا..
وأعتقد أنه كان يريد أن يتأكد ما إذا كان فاقدا للوعي أم لا.
امتد انتظارنا أنا وليلى حتى الثامنة صباحا وكانت في حالة يرثى لها وبين نوبة من البكاء وأخرى تسألني: شيخة برجع مع أبوي ولا بدونه؟ وش أقول لأمي؟ أقول لها أنا اللي قتلت أبوي؟ ورغم أني كنت أهدأ من روعها إلا أن أسئلتها تزرع الخوف أكثر في نفسي.
جاء أبي فقمنا إليه بسرعة.. كانت أسئلة ليلى متلاحقة وسريعة
قال لها اطمئني يا ابنتي إن شاء الله خير وبنوديك العصر تشوفينه.
يعني وش فيه ليش صار كذا؟
هنا لم يجد أبي طريقا للهرب.. جلطة خفيفة وعدت على خير تمر ما تضر إن شاء الله. سقطت ليلى على الأرض سكبت الماء على وجهها احتضنتها وبكينا طويلا.
العصر واجهت ليلى الحقيقة التي لا تقبل المواربة ولا التجزئة. شلل نصفي وعدم القدرة على النطق ولم يسمحوا لنا بالدخول لأنه كان في غرفة العناية المركزة.
ولأن عمي أبو إبراهيم ليس لديه أولاد وإبراهيم اسم تكنى به تيمنا وتفاؤلا بقدوم الولد الذي لم يأت. فإن ليلى اتصلت بأختها الكبرى وزوجها وأخبرتهما بالأمر كي يتدبروا أمر نقله إلى هناك.
كان أسبوعا كئيبا يخيم عليه الحزن لم تذهب فيه ليلى إلى الدوام وكانت تمر بحالة نفسية سيئة وتردد أنا السبب..
أما عمي أبو إبراهيم فقد نقل بسيارة إسعاف مستأجرة إلى الشرقية وكان يتحسن ببطء شديد.
عادت ليلى مع أهلها وتركتني أواجه الوحدة والهم والألم ويرعبني هاجس فقد والدي الذي هو الآخر يعاني من اعتلالات صحية.
كنت أطمئن على ليلى ووالدها بالهاتف استقرت حالته لكنه مازال مشلولا معتلا لا يستطيع الكلام أو الحركة.
عادت ليلى بعد غيابها الأسبوع الثاني على التوالي.. لكنها ليست ليلى التي أعرف واجمة طوال الوقت اختفت روح الدعابة والمرح من حديثها.. قالت لي تعرفين؟ لم أكن أنوي العودة مجددا لكن أخواتي أصررن علي، قلن إنه قضاء الله وشيخة أخت لك ووالدها والدك، قلت لها وهل كنت بحاجة إليهم لتدركي مثل هذا الأمر؟ لكننا أنا وأنت ياليلى نواجه مصيرا مظلما وإن لم نتحرك عاجلا سينتهي كل شيء.

wafei 26 / 07 / 2009 40 : 06 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 10 )
ست معلمات وكفيل

.. أخذت أذكر ليلى بما نسته على ما يبدو.
هل نسيت موعد أبي في آخر الشهر القادم ياليلى؟ سيجري عملية في ركبته ولن يستطيع العودة معنا..
إذا نقدم استقالاتنا يا شيخة.
أقول لك شيء؟ كنت متوقعة نتراجع ونفشل بس مو بهالسرعة.
أجبتها لن نستسلم بسهولة...
اسمعي.. أنا عرفت أنه فيه معلمات مغتربات جدد مثلنا يعني، موجودات في (ليلى) بكرة بسأل عنهن وبشوف هن كيف مدبرات أمورهن.
نظرت لي ليلى طويلا ثم قالت: وش تقصدين ننضم لهن يعني؟
إيه وش فيها؟ بس خلهن يوافقن قبل.
صمتت ليلى ولم تعقب.
سألت واستفسرت كثيرا طوال يومين ثم رتبت لي إحداهن موعدا مع باقي المجموعة.
ذهبنا أنا وليلى إلى مكان إقامة المعلمات اللواتي تعرفنا عليهن مؤخرا.. كان منزلهن أحسن بكثير من مقر إقامتنا وأكبر بل كان في منطقة جديدة عمرانيا عددهن أربع معلمات اثنتان من القطيف وواحدة من الهفوف ورابعة من قرى الأحساء وواضح جدا أن أمورهن أكثر استقرارا مني أنا وليلى.. وكانت معهن امرأة أخرى كن يقلن إنها زوجة كفيلنا.. تملكتني الدهشة واعتقدت أنهن غير جادات، همست ليلى في أذني سعوديات وكفيل؟؟
تبادلنا الكثير من الأحاديث وأبدين قبولا لنا وارتياحا ووافقن مبدئيا عل انضمامنا إليهن. حتى سألت ليلى.. وهل أزواجكن معكن بصفة مستمرة؟ أم يحضرون بالتناوب؟
أجابت إحداهن لم نأت برفقة أزواجنا معنا الكفيل علي زوج أم حسن، لم نفهم أنا وليلى بالضبط ماذا يعنين بالكفيل كما استغربن هن عدم معرفتنا أنا وليلى بهذا المصطلح (الكفيل)
قالوا هو رجل يأتي هو وزوجته معنا يقوم بكل شؤوننا من مراجعة إدارة التعليم إلى شراء احتياجاتنا إلى إيصالنا إلى أي مكان نريد وزوجته هي الوسيط بينه وبيننا.. إذا الحياة بالنسبة لهن بلا مشاكل. سألتهن هذه الخدمات التي يقدمها لكم الكفيل مقابل ماذا؟
ضحكت إحداهن قالت مقابل ماوراك ودونك.... لم أعقب فتداركت
شوفي..
يأخذ ألف ريال من كل واحدة منا شهريا بدون أجرة التوصيل للمدرسة التي قد تصل إلى 500 ريال حسب بعد المدرسة عن بيتنا. ونتقاسم فيما بيننا إيجار المنزل والغذاء والغاز وفواتير الماء والكهرباء والهاتف
قالت ليلى وماذا يتبقى من الراتب؟
ردت لا شيء بل قد نكون مديونات في آخر المطاف.
ونحن واقفنا على انضمامكما لنا لنخفف بذلك بعض التكاليف المادية فتقسيم إيجار المنزل مثلا على سبعة أشخاص أفضل بكثير من تقسيمه على خمسة.
لم يكن أمامنا خيار آخر.. أصبحت المعلمة المغتربة مصدر رزق لهؤلاء الباحثين عن وظيفة.
قمنا بنقل أثاثنا القليل ودفعنا لهن بالإضافة لمبلغ الكفالة مديونيات فرضنها علينا كمشاركتهن في شراء الفرن والغسالة والثلاجة وإلا فإن استخدام هذه الآلات سيكون محرما علينا. كان البيت كبيرا ولكل واحدة منهن غرفة مستقلة، ورغم وجود غرف إضافية إلا أننا قررنا أنا وليلى أن نقيم مع بعضنا في غرفة واحدة توفيرا للمصاريف وحتى لا نشعر بغربة مضاعفة في وسطهن.
سلمى من القطيف حادة الطبع ذات صوت عال ناقمة متذمرة أغلب الأوقات هجومية ودائما في شجار مع زوجة الكفيل لأنها تحاسبها على الهللات قبل الريالات متزوجة ولديها ابنتان تركتهما عند أمها وأتت بحثا عن مستقبل أفضل.
دلال من القطيف ورغم أنها تشبه سلمى في بعض صفاتها إلا أنها منطوية على نفسها ولا تخرج من غرفتها إلا نادرا، متزوجة ولديها ولد واحد، تأتي به أحيانا مع خادمتها.
زهرة من الهفوف ـ وسط الأحساء ـ متزوجة ولديها ولدان وابنتان، تعلو وجهها الشاحب مسحة من حزن دفين لا تبدده نكاتها وروجها المرحة وضحكاتها التي تبدو للوهلة الأولى وكأنها نابعة من القلب. لا تضع الميك أب إلا نادرا لا تهتم بنفسها ودائمة التفكير في أبنائها، مرهفة الحس وكثيرة البكاء.
حكيمة.. من إحدى قرى الأحساء غير متزوجة وعمرها تجاوز الثلاثين.
بشعة المنظر والمخبر دائما تغتاب الآخرين وتسعى بالنميمة وتدعو للمواجهة مما يؤدي إلى اصطدام الزميلات ببعضهن ونشوء حالة من العنف المضاد، ولو كان بالكلام فقط، إلا أنها متدينة ظاهريا دائمة التسبيح والاستغفار.

wafei 26 / 07 / 2009 41 : 06 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 11 )
حرب (حريم)

لإقامتنا في سكن المعلمات الكثير من المزايا الإيجابية كما أننا نعاني من سلبياتها في نواح أخرى، فمن إيجابياتها وجود السيارة التي تخدمنا في أي وقت ووجود من يتكفل بطلباتنا بالإضافة إلى الهاتف الذي نستطيع استخدامه بالبطاقة في أي وقت كما نستقبل عليه اتصالات الأهل .
أما السلبيات فهي كثيرة مثل عجز الراتب عن تغطية مصاريفنا لكثرتها وتشعبها، المعاناة النفسية نتيجة اختلاف بيئات المعلمات وعاداتهن وكثرتهن. عدم احترام خصوصياتنا من قبل زوجة الكفيل فهي ترى نفسها سيدة المكان. ومن حقها الأمر والنهي والانتقاد .
إلا أنها لم تكن تحضر جلسات السمر النادرة التي نقيمها في لحظات الصفاء بيننا فكانت فرصة سانحة جدا لممارسة ( الحش ) على أصوله فيها وفي زوجها الجشع بعد أن تأتي كل واحدة منا بما لديها من ( نقنقات ) كما نسميها فهذه تجهز الفشار وأخرى تحضر الفصفص وثالثة شيبس ورابعة بعض الحلويات وغالبا ما ننتدب زهرة لتحضير الشاي، فللشاي الذي تعده بخلطتها السرية كما تقول نكهة رائعة تدغدغ الذاكرة لتعود بنا إلى أحضان الأهل . ومن لطيف ما يحدث بيننا التلاعب بكلمات الأغاني وتحويرها بما يتناسب وحالتنا النفسية والاجتماعية في الغربة وترديد بعض الحداء الذي اشتهر محليا، حيث كانت زهره تغنيه وهي تجر قوس الربابة بشكل كوميدي ساخر والشجار الأزلي الدائم بين القطيفيات والأحسائيات والذي ينتهي بشكل ودي دائما حول بعض العادات الغذائية . فالقطيفية تتهم الحساويين بأنهم لا يستغنون عن الحب ( الفصفص ) والتمر، أما الحساوية فتطلق على القطيفيين وحوش الروبيان لأنهم يتناولونه دائما وتزعم أن رائحة القطيفي تسبقة دائما.
كل هذا يحدث وسط ضحكات الجميع وانقسامهن إما مع هذه أو مع تلك. وخلاف أزلي آخر بين الهفوفيات والقرويات والجميع من الأحساء حول اختلاف اللهجة وكل واحدة تزعم أن لهجتها هي الأصل وأنها الأقرب للفصحى. وبذلك نقتل الوقت الطويل الذي يقتلنا وحشة وغربة وشوقا. ومما يدور في جلساتنا الحديث الدائم عن طمع هذا الكفيل الذي فاق راتبه راتب معلمة بخبرة عشر سنوات ومع ذلك مازال يبحث عن المزيد. فكنت أتساءل لماذا لا نؤجر بيتا أصغر من هذا ونوفر فارق النقود في جيوبنا، فهذا البيت كبير جدا وبه ثلاث غرف خالية لا نحتاجها .
وكانت البنات يبدين تخوفا من عزمه على إحضار المزيد من المعلمات، لأن الوضع لا يحتمل أكثر من الموجودات حاليا وإلا فسنكون في مزاد علني أو سوق حراج، فاقترحت ليلى مفاتحة زوجته بالأمر فقلن إنهن تكلمن معها فقالت إنه لا يرغب بتغيير المنزل "واللي يعجبها تستمر معنا واللي ما يعجبها تستطيع المغادرة".
حتى جاء ذلك اليوم الذي فتحت علينا الباب زوجة الكفيل دون سابق إنذار وقالت "نسيت أعلمكن .. ترى بكرة بيجون ثلاث معلمات مريم وداد ونورة كلهن من الدمام وكل وحده بتأخذ غرفة". وأغلقت الباب مرة أخرى وسط ذهول الجميع.
جاءت المعلمات الجديدات وكنّ أنموذجا مغايرا لباقي المجموعة، متغطرسات مشاكسات ينظرن إلينا بدونية، ورفضن مشاركتنا في العمل المنزلي فقد كنا نتقاسم العمل بشكل يومي لغسل المطبخ وكنس الصالة والممرات، وعندما أخبروهن عن هذا الأمر قالت إحداهن نعم ؟؟ تبوني أغسل لكم الحمامات والمواعين هذا اللي ناقص".
هنا انبرت سلمى قالت: "اسمعي أنتي وياها إحنا الأسبق هنا، تحبون تمشون بأنظمتنا ولا انعزلوا عنا" ثم وجهت لنا الخطاب "يالله يا بنات".
وفي غرفتنا تولت إدارة التحريض حكيمة وكانت أفكارها "مو تطفش ثلاث معلمات إلا تطفش بلد بأكمله" ودخلنا في حرب ( حريم ).
مر أسبوع كامل ونحن نطوق الثلاث بحصار نفسي مؤلم مع استخدام بعض الأساليب القذرة من قبل بعض البنات القويات، حتى ضقن ذرعا فاستنجدت وداد بزوجها على ما يبدو، فسمعنا ليلة الخميس رنة جرس الباب في وقت غريب خرجنا من غرفنا نستطلع الأمر فإذا بوداد في كامل زينتها تتوجه للباب وتفتح لزوجها وتسلم عليه ثم تدخله إلى غرفتها بعد أن نبهت بأعلى صوتها ( زوجي فيه لا وحدة تطلع بخشتها وتقول ما سمعت).
فجأة وجدنا البنات جميعهن في غرفتنا وكل واحده تقول "النار ولا العار .. رجال غريب بوسطنا؟ اللي بيجي لزوجته يأخذها برا مو يدخل هنا". والحقيقة أن السبب الوحيد لهذا الاحتجاج هو الغيرة ولو أن الأزواج حضروا جميعا فلن يجدوا من يحتج سواي.

wafei 26 / 07 / 2009 42 : 06 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 12 )
النار ولا العار

خرجت سلمى من غرفتنا بعد نجاح اجتماع حفظ الكرامة العربي الطارئ. ورفست الباب على قسم الكفيل وزوجته فخرجت لنا أم حسن بسرعة وما أن خرجت لنا حتى اكتسحتها البنات بسيل من الكلمات بين شتم واحتجاج واعتراض حتى كلمنا الكفيل من خلف الباب خير يابنات وشصاير؟.. تكلمت سلمى:
اسمع يابو حسن أنا أكلمك بلسان خمس معلمات وأنا السادسة إحنا بنات عوايل، مايدخل غريب في وسطنا وكل وحده لو يدري زوجها ولا أبوها كان قلب عاليها واطيها.. يطلع زوج وداد الحين ولا بكره يجينا واحد من أهلنا ونطلع معه. وطبعا لن يضحي بست بقرات حلوب في سبيل واحدة .نفخ أوداجه وقال سووا طريق، عدنا بعد نجاح مخططنا إلى غرفتنا نرقب الأحداث من فتحة في جانب الباب.
دخل الكفيل أبو حسن إلى القسم الخاص بنا ووقف في وسط الصالة ونادى بأعلى صوته يا أبو أيمن.. أبوأيمن كان هذا زوج وداد فخرج من الغرفة وكأنهما أحسا بما قد دبر لهما قال له.. لا يا أبو أيمن كذا ما يصير... هالبنات أمانة عندي ومنهن زوجتك، ترضى أدّخل عليها أحد غريب؟ لم ينطق بكلمة فقط قال خلاص وصلت الفكرة وصلت، ونادى زوجته أعطيني شماغي وبرجع لك بعد شوي، وذهب مع كفيلنا.
هل سمع ضحكات الشماتة ؟ نعم أعتقد ذلك، لم نستطع إخفاءها.
أخذ زوجته وغادرا أسبوعا كاملا.
بعدها عادا ليأخذا زميلاتها نورة ومريم ويغادرون علمنا بعدها أنهم أحضروا لهم كفيلاً آخر وسكنوا بمفردهم في شقة قريبة.
في هذه الفترة وبعد مضي سنة تقريباً على اغترابنا أي في نهاية عام 1420هـ وبداية عام1421هـ بدأت وفود المغتربات في الزيادة، وبدأنا نتطلع إلى تغيير مجموعتنا إلى مكان أكثر راحة وخصوصية. لكننا لم نوفق حتى الآن بات الوضع مأزوما أكثر من ذي قبل وليلى أصبحت أكثر شرودا وصمتا بعد وفاة والدها يرحمه الله وتأجيل زواجها. كنا ننوي السياحة في أرجاء هذا المكان علها تطرد عنا بعض الضيق فكرنا بالذهاب إلى حديقة صغيرة وصفوها لنا أو إلى السوق، لكننا كنا متخوفات من الخروج فنحن لانعرف طبيعة المكان وأهله جيدا، على كل حال لاحظنا من خلال مدة إقامتنا هنا أن سكان الأفلاج في غالبهم الأعم ملتزمون جدا وهذا الأمر راق لنا كثيرا وأشعرنا بالراحة النفسية فلا تشاهد أحدا يمشي بالسيجارة علنا خوفا من محاربة المجتمع له ولا يمكن أن تشاهد متخلفا عن صلاة الجماعة في الشارع وقت الصلاة، وحتى فئة الشباب الذين عادة نجدهم في الشرقية يرتدون أحدث الموديلات ويجوبون الشوارع بسياراتهم التي تنطلق منها أصوات المسجلات عالية تجدهم هنا في الغالب يبحثون عن الرجولة الكاملة باكرا فهم يضخمون أصواتهم ويمارسون الوصاية على محارمهم وترتفع أصواتهم بالتوجيهات لأهل البيت، فضلا عن لباسهم العاقل جدا فهم عادة يرتدون الثوب القصير والغترة أو الشماغ بلا عقال ومن المواقف الطريفه التي حدثت لنا أنا وليلى أننا ذهبنا لزيارة هيا جارتنا وعندما طرقنا الباب فتح لنا طفل صغير في السادسة على مايبدو فلاطفناه بالكلام قالت له ليلى أخبارك ياعسول ؟؟ أجابها مقتضبا بخير ثم قالت له كفك يابطل ومدت يدها له، فرمقها بعينه غاضبا وهرب إلى الداخل.. لقد جرحت رجولته على مايبدو. أخبرتنا هيا لاحقا أنه يعتبر نفسه رجلا ،وقد استاء من تصرف ليلى.
كما أننا لاحظنا أن أغلب أهل الأفلاج لايستمعون للغناء و يدخلون أولادهم مدارس تحفيظ القرآن الكريم أما النساء فهن يرتدين عباءة الرأس والغطاء على الوجه وإن اضطرت المرأة للبس النقاب فيمكنها لبس نقاب يسمى (الصقر) وفيه تفتح دوائر صغيرة للعينين فقط فيكون شكل المرأة فيه كأنها صقر مقنع وبعضهن يغطين هذه الدوائر بغشاء شفاف أو مخرم، لكنني ألفته فيما بعد، وبعض النساء لا يرتدين البنطال لأنه محرم وفيه تشبه بالرجال .لذلك عندما دعتنا صديقتي شما أنا وليلى إلى بيتها لم نتشجع لتلبية دعوتها، لأننا شعرنا بالفارق الكبير بيننا وبينها واتفقنا أن نماطل شما حتى تنسى هذه الدعوة.

wafei 26 / 07 / 2009 43 : 06 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 13 )
معلمات بلا مبدأ

إلحاح شما في دعوتها لنا جعلني اعترف لها بمخاوفنا سيما وهي صديقتي المقربة، هذا الأمر جعلها تضحك كثيرا وختمت موشح الضحك بقولها (الله يقطع شيطانك يا شيخة، تعالوا بس وماجاكم بوجهي) سألتها هل ستدعين معنا أحداً؟ قالت ثلاث من صديقاتي بيعجبونكم.
وجاء اليوم الموعود وذهبنا نقدم رجلا ونؤخر أخرى، رنّت ليلى الجرس وفتحت لنا الخادمة، كانت شما تنتظر دخولنا وبمجرد أن رأيتها أصبت بالدهشة، كانت ترتدي بنطالا وبلوزة بلا أكمام، سلمنا عليها ودخلنا كانت صديقاتها بالداخل وصوت المسجلة يصدح، أطفأت شما جهاز التسجيل قالت مخاطبة صديقاتها هؤلاء شيخة وليلى اللواتي حدثتكم عنهن بدأت إحداهن تقلدنا بشكل لطيف ومهذب وقالت بلهجة شرقاوية مائعة ونحن نضحك يا هلا والله ومسهلا بهل الشرقية أسفرت وأنورت واستهلت وأمطرت ثم اتبعتها بأغنية(الهوى شرقي وقلبي هاوي الشرقية) فأكملناها معها ونحن نضحك في جلسة بناتية حميمية رائعة أحسسنا فيها بالألفة والانسجام لأول مرة ثم تعارفنا لاحقا ورأيت ضحكات وتعليقات ليلى التي اشتقت لها كثيرا.
صارحنا فيها بعضنا كثيرا، قالت لي إحدى صديقات شما مجتمعنا في الأفلاج مثل مجتمعكم في الشرقية مثل مجتمعات أخرى كثيرة تعاني من التناقض.. أنا أخي معلم بإحدى مدارس التحفيظ وإن سألته عن التدخين سيقول لك حرام وهو يدخن (الشيشة) وإذا ضحكنا منه قال كلكم تعلمون أن هذا ليس اختياري.. أبي ألبسني جلبابه بصفته مؤذناً في مسجد الحي. عقبت ليلى: كأنك تتكلمين عن زوج أختي هو كذلك يدخن المعسل في البيت أو في سفره إلى الدول العربية لكنه لا يجرؤ على إخبار أحد من أهله بالأمر وأختي تتفهم ذلك وإن كانت لا تشجعه خوفا على صحته.
اكتشفنا أن شما وصديقاتها يحملن نفس التطلعات والهموم والمعاناة، وموال لا ينتهي من الآمال والطموحات، ويجدن في الرياض متنفسا رائعا يمارسن فيه الحرية لبعض الوقت.
اتفقنا على أن نجتمع كل ليلة أربعاء في بيت واحدة منهن عرضنا عليهن المشاركة في الدورية فرفضن، قالت شما أنتن مغتربات واحنا أصحاب محل، الأمر أسهل بكثير بالنسبة لنا تقدرون تجيبون معكم ترامس الشاي والقهوة وأنتن جايات، كانت مزحة بالطبع، وإلا فلا أعتقد أن هناك كرما يوازي كرم أهل الأفلاج ممزوجا بطيبة لا متناهية خاصة عند أهل القرى ويتفوق أهل القرى على أهل المدينة بالسماحة وحسن النوايا وعدم التعصب الديني تحديدا. كنا في بداية اغترابنا لا نحب الأفلاج لأننا نعاني بها أما الآن فقد بتنا أكثر قدرة على قراءة مشاعرنا، نعم نحن لا نكره الأفلاج بل أحببنا فيها صديقات كثر. وفيها أماكن كثيرة احتضنت من لحظاتنا السعيدة التي سرقناها من جيوب الغربة ما يكفي لتحتل مساحة كبيرة من الذاكرة شئنا أو أبينا.كنا كمغتربات عنصرا غريبا على هذا المجتمع المحافظ ينظرون إلينا كمعلمات بلا قيم يسافرن بلا محرم ويسكنّ لوحدهن كنا نُحارب أحيانا كثيرة من قبل البعض، لكن مع مرور الوقت أصبحوا أكثر تفهما لظروفنا وأكثر تعاونا معنا أو لربما تعاطفا معنا، كانوا أيضا يعتقدون أن الحاجة المادية هي السبب الوحيد لهذه الغربة وكم كانوا مندهشين عندما عرفوا أن من بيننا من هي على استعداد لتدفع من جيبها لتحقق ذاتها وطموحها واستقلالها وإن كان عن طريق الغربة أيضا. نحن ندرك أن الأفلاج وأهلها لا ذنب لهم في شعورنا بالغبن والقهر عندما تُرفض إجازتي المرضية لأنها من الأحساء ويطلبون مني ألا أمرض إلا في الأفلاج ويخصم بعدها من راتبي، ولا ذنب للأفلاج وأهلها عندما أراجع مستشفى الأفلاج فلا أتلقى العناية الكافية في قسم الطوارئ وإذا طلبت مراجعة العيادات قالوا لا تستطيعين فتح ملف بدون ولي أمرك، ولا ذنب للأفلاج وأهلها عندما أتسلم خطابا من الإدارة في الرياض يفيد أنهم لايمانعون في نقلي إلى الأحساء بشرط تعجيزي وهو أن تستغني عني الأفلاج فيرد المسؤول عندهم وبناتنا يضيعون ؟ لا (ما نستغني).
فأشعر أنني أحمل ضياع الكون بأكمله بين جنبي وأغص بكلمة وأنا ؟؟؟ هل الضياع قدري ؟ فأبلعها لأنني أعرف الرد.. بكيفك ما حدن جابرك، استقيلي ومكانك ألف وحدة. فلتعذرني الأفلاج لأنها قدري المغترب، قد أحبها لاحقا وقد أتغزل ببساطة كل ما فيها وعفويته وقد يسحرني كل شروق شمس فيها يزفني كعروس إلى حيث الحلم بكلمة (أستاذة) يصبح حقيقة. لكنني الآن لا أحبها ولا أكرهها.
إنني أتوسل إليها أن تعيدني إلى البذرة التي غرستها في شرفة غرفتي قبل أن تموت عطشا فقد هرمت أمي ولا تستطيع الصعود لأعلى لتسقي نبتتي الذابلة حزنا على فراقي.

wafei 26 / 07 / 2009 44 : 06 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 14 )
الكفيل يتحول إلى سي السيد

منذ مدة ونحن نشعر بشيء غريب في هذا البيت، إشارات وإيماءات بين زوجة الكفيل وحكيمة لم نعهدها من قبل ولم نجد لها تفسيرا، شجارات دائمة بين كفيلنا وزوجته ونحن الذين لم نسمع لهما صوتا طيلة عام ونصف، إهمال أم حسن لبناتها وعدم اهتمامها بهن على غير العادة. مكوثها عندنا لفترات طويلة.
في إحدى الليالي دقت زهرة علينا باب غرفتنا، وعندما دخلت قالت شيء ما يحدث في هذا البيت لا نعرفه كأنها مؤامرة. قلت لها إذا حتى أنت تشاركيننا نفس الشعور
قالت نعم وإلا فلماذا تستدعي أم حسن حكيمة في الخفاء وتنفرد بها في القسم الخاص بهم؟ من متى هالحب؟ اللي نعرفه أنهم دائمات الشجار والملاسنات.
استغربنا أنا وليلى الخبر وكذبناه حتى توثقنا بأنفسنا
دلال سألت حكيمة وش عندها هالساحرة مناديتك؟ وش تبي؟
ردت حكيمة ببرود عازمتني على كوب شاي فيها شي؟؟ وذهلنا جميعا
وما زلنا نضرب أخماسا بأسداس حتى عادت حكيمة من إجازة اضطرارية أخذتها لمدة أسبوع.. لم نصدق ما رأت أعيننا كانت بكامل حليها وزينتها وباقي آثار الحناء في يديها، فركت ليلى عينيها وقالت ما شاء الله كأنك عروس جديدة قالت نعم تزوجت باركوا لي. وبين مصدقات ومكذبات انطلقت عبارات ألف مبروك مسبوقة بعلامة تعجب أكبر من حجم الحدث نفسه.تجرأنا.... جد والله تزوجتي؟ سألت زهرة
تضايقت حكيمة ثم ردت: إيه والله تزوجت ليش؟ ما أنفع؟ هنا أدركنا جدية الأمر قالت طبعا تنفعين ونص.
عقبت أنا آسفة ما عزمتكم لأنه كان عائلي وبسرعة بس أعوضكم إن شاء الله... سألنا من هو؟ ونزل اسم أبو حسن كالصاعقة فوق رؤوسنا
كفيلنا؟؟ سألناها بصوت واحد وضعت عينيها في الأرض ثم قالت نعم وذهبت إلى غرفتها.
تباينت ردود الفعل أنا دخلت في دوامة من الضحك الهستيري، ليلى اتسعت عيناها وتشكل لون وجهها بقوس قزح، زهرة زمت شفتيها ممتعضة وعقبت (اهو رجال والسلام) أما سلمى قالت حرام والله صعبه وين نودي وجهنا معلمة وجامعية تتزوج كفيلها أبو سادس ابتدائي سواق الباص مافكرت في كلام الناس؟ بدأت ليلى تغني لجورج وسوف وهي تضحك... كلام الناس لا بيقدم ولا يأخر كلام الناس ملامة وغيرة مش أكثر، تلقفتها زهرة أكيد طبعا غيرة لأنها متزوجة بروفيسور (أها بس) وهذي مفردة حساوية تعني فكونا بس ولا يكثر الهرج، دلال نطقت أخيرا: إذا لم تستح فاصنع ما تشاء.
في الأيام اللاحقة كنا نرقب وضع حكيمة وضرتها كانت علاقتهما سطحية جدا لكنها هادئة وكانت هي وأم حسن تتعاقبان على القيام بواجب هذا الرجل بشكل مقزز يصعب علينا تقبله.. إذا كان الدور على حكيمة تذهب لتقضي ليلتها معه في قسمه الخاص به بينما أم حسن تنام مع بناتها في غرفة حكيمة، وإذا كان الدور على أم حسن تغادر مع بناتها إلى القسم نفسه لتعود حكيمة إلى غرفتها الأولى.
كانت هناك حرب باردة بين الضرتين لا تخطئها أعيننا وأحاسيسنا كإناث وإن لم تدق طبول الحرب فيها حيث كانت حكيمة تتفنن في تدليل أبو حسن والتغنج له وإشعال البخور والطيب بينما لا تستطيع أم حسن مجاراتها لأنها تهتم بثلاث بنات صغيرات. وأصبحت حكيمة تلعب دور أم حسن في الاستبداد والتسلط بشكل أكثر ضراوة وشراسة مع أنها كانت من أشد الناقمين على ذاك الدور البشع.
ورغم أننا تعاطفنا كثيرا مع أم حسن ونحن نرى انكسارها الواضح إلا أننا وفي إحدى جلساتنا التي أصبحت حكيمة وضرتها تتغيبان عنها وجدنا لحكيمة بعض العذر فقد تقدم بها العمر ولم تتزوج وأبو حسن لمن هن في مثل سنها مكسب، قد تعطيه الكثير من المال لكنه سوف يعطيها السعادة وسوف يشعرها بأنوثتها التي تناستها أو نسيتها مع مرور السنين وقد تنجب منه أولادا يؤنسونها في سنوات عمرها القادمة، فلا بأس إن نزلت من برجها العاجي ومثلت دور الجارية وجعلت منه سي السيد، فهناك ما يستحق، لكن ما لم يخطر على بال أحد منا أن تنجب حكيمة لأبي حسن الولد الذي لم تنجبه زوجته الأولى بعد تسعة أشهر من الزواج، الزواج الذي أورث النار في رماد أم حسن وأشعل غيرتها فبدأت المشاكل تكبر وتستعصي على الكتمان بين الضرتين.



wafei 26 / 07 / 2009 45 : 06 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 15 )
فكرة مجنونة


بين الحين والآخر أعود إلى دفتر مذكراتي.. أقرأ ما كتبته وأدون بعض الأحداث الجديدة.. يا إلهي.. لا أكاد أصدق أن كل هذا يحدث لنا، لو لم أغترب ولم أعش وضعا صعبا كهذا الذي نحن فيه لأقسمت أن هذه اليوميات لكاتب بارع ذي خيال أدبي خصب، لأنها بالفعل تقترب جدا من الخيال وتكاد تتمرد على الواقع.. لكنه وللأسف الشديد ليس خيالا إنه واقع صعب مؤلم، واقع شكلته الغربة ورسمته الوحشة وكتب أحداثه تباين الناس واختلاف بيئاتهم وحاجاتهم ونفسياتهم فلا حول ولا قوة إلا بالله.
حتى وقت انتقالنا إلى بيت المعلمات هذا لم تكن الغربة قد أنشبت أظفارها فينا جيدا، فقد كنا لازلنا نستمتع ببعض الأنوثة لقد كان والدي ووالد ليلى يحملان عنا الحقائب والأغراض الثقيلة، لكن وبعد أن أتينا إلى هنا بات اعتمادنا على أنفسنا كاملا حيث نحمل حقائبنا وأمتعتنا بأنفسنا ودون مساعدة أحد، والمغتربات عادة يصنفهم المجتمع كرجال من ناحية القوة ويتم التعامل معهن على هذا الأساس فلا تجد أحدا من الرجال يعرض مساعدة كعادة السعوديين على مغتربة أبدا. ولا زلت أتذكر ما حدث ذات مرة من تعطل باص النقل الجماعي علينا في منتصف الرحلة حيث توقفنا على جانب الطريق المقطوع ننتظر مرور باص آخر ليحملنا وعندما جاء الباص اضطررنا لنقل أمتعتنا نحن المعلمات إلى الباص الآخر ولازلت أتذكر كم كانت ثقيلة فقد كنا عائدات بعد إجازة نصفية ونحمل معنا الكثير من أمتعتنا وملابسنا، ما جعلني انخرط في موجة حادة من البكاء بعد أن وصلنا إلى البيت ولم يستطع أحد إسكاتي قبل إفراغ زوادات القهر في ذلك اليوم. ومما زاد من معاناتنا هو أننا أصبحنا نسافر إلى الشرقية بشكل أسبوعي أو شبه أسبوعي بعد اعتماد الباص الخاص بنا حتى لا نبقى وحيدات فالجميع هنا يسافرون أسبوعيا. لكنني يجب أن اعترف أن من فوائد الغربة أنني أصبحت قوية نوعا ما، وسيئة الظن بالآخرين حتى يثبت العكس خاصة إذا كان هذا الآخر رجلا. كما أنني أجيد التصرف في أغلب المواقف التي تواجهني بعد أن كنت ممن يغرقون في شبر ماء.
على كل حال....
أصبح هذا البيت ( بيت المعلمات ) الذي اعتقدنا يوما ما أنه سيكون جنتنا في هذه الغربة المرة، جحيما لا يطاق، فلا ذنب لنا فيما يحدث وصارحنا أبو حسن برغبتنا في ترك المنزل وتغيير الكفيل إلى شخص آخر غيره متفرغ لنا لم تثقل كاهله مسؤولية زوجتين وأربعة أولاد. من حقنا أن نبحث عن الأفضل.
كنا قد بدأنا نعد العدة لترك المنزل والالتحاق بمعلمات أخريات بحثا عن الاستقرار خاصة وأن وضع الأفلاج بدأ في الانفتاح على الاغتراب شيئا فشيئا وأصبح الناس أكثر تفهما ووعيا ومرونة في التعاطي مع المغتربات وتكونت نظرة جديدة فيها الشيء الكثير من الاحترام للمعلمة المغتربة كونها تترك أهلها وأبناءها وتعيش وضعا أسريا صعبا لتقدم خدمة لبنات هذه المنطقة، خاصة وهم يلمسون مدى تفانينا فيما يوكل إلينا من أعمال وحرصنا على أن لا يؤثر وضعنا السيء على تحصيل طالباتنا العلمي. وكنا ذات ليلة مستلقيات في غرفة زهرة ونفكر بصوت مسموع فيما يمكن أن نقوم به لتعديل وضعنا المأساوي وكان النور الخافت محرضا على عمق التفكير.
فما زلنا نهذي أنا وليلى وزهرة ونبتكر الكثير من الطرق والأساليب للخروج من مأزقنا حتى قالت زهرة عندي فكرة مجنونة بعض الشيء وتنطلق من قاعدة (هي خاربة خاربة خلينا نعميها) وبعد أن ضحكنا قالت ليلى (أبشرك هي عميا خالصة بس مايمنع هاتي وش عندك قالت زهرة: بلا كفيل بلا بطيخ) جميعنا اعتدلنا في جلستنا وسألنا ماذا تقصدين؟ هنا بدأت بشرح فكرتها كقائد حربي يخطط للنصر. قالت ضحك علينا هذا الرجل وصدقناه.. كل ما يقوم به نستطيع نحن القيام به مع توفير ألف ريال من راتبنا. نظرت في أعيننا ولا زال السؤال (كيف) قائما. تابعت....
(إحنا في ديرة آل سعود الله يحفظهم ولا يغير علينا والدنيا أمان ونقدر نسكن لحالنا بس نشوف شقة تابعة لبيت يسكنه أصحابه مو بعمارة) وما عدا ذلك فهنا كل شيء بمكالمة هاتف يصلك إلى البيت من أول اسطوانة الغاز إلى المواد الغذائية.
راقت لنا الفكرة لكننا مازلنا متخوفات، قالت في مدرستنا معلمات يسكن لوحدهن منذ أول قدومهن (وما فيهن إلا العافية) وأنا سوف استعين بهن للحصول على كامل المعلومات التي تلزمنا لنعيش وضعا صعبا كهذا... بدورنا وضعنا الأمر على طاولة البحث والتمحيص والدراسة حتى وصلنا إلى نتيجة مفادها... توكلنا على الله.

wafei 26 / 07 / 2009 49 : 06 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 16 )

حريق في الذاكرة

في اليوم التالي لاتخاذنا قرار السكن بمفردنا كنا بانتظار اجتماعنا بعد العودة من المدرسة، فقد وعدتنا زهرة أن تأتي محملة بكل المعلومات التي نحتاجها من زميلاتها في المدرسة. وكان اجتماعنا بعد صلاة المغرب (ها وش سويتي؟) هذا السؤال الذي وجهته لزهرة، قالت كل خير.. جلست بكل ثقة وقالت "اسمعاني جيدا.. فيه شخص من سكان الأفلاج، ليلى طبعا.. يسمونه أبو المغتربات هذا يا بنات كما وصفته لي أكثر من معلمة شهم وخلوق ومتعاطف كثيرا معنا، والأهم من هذا وذاك أنه لا يبتز المعلمات ماديا، بل على العكس من ذلك هو يحتسب الأجر من الله فيما يقوم به من عمل ولا يتكلم في النقود أبدا، أنت قدّري ما يقوم به من عمل وأعطيه ما يستحقه من أجر. واسمه أبو رعد".
قاطعتها ليلى (وبعدين؟ هذا الرجال وش دوره في السالفة)
ردت زهرة هو السالفة كلها.
الآن نحن نرغب بالبحث عن شقة.. وسوف نوكل إليه هذا الأمر.
سألت ليلى: معقول؟؟ قالت زهرة سأحادثه الآن أمامكن. هاتفته زهرة سلمت وقالت له (عمي بو رعد أنا اسمي زهرة وأول مرة أكلمك وأخذت الرقم من صديقتي بعد ما أثنت عليك) أخبرته أننا نقيم مع كفيل ونرغب باستئجار شقة بمواصفات محددة. فقال لها حسنا وطلب مهلة للبحث عن الشقة. ثم أغلقت الهاتف. وقالت سننتظر.
طبعا كنا قد تعهدنا وقت التوظيف بالإقامة مع محرم إلا أن هذا الأمر لا يبدو منطقيا الآن وإلا لأصبح مقابل كل امرأة موظفة رجل عاطل عن العمل.
عقدنا اجتماعا طارئا وأعلمنا باقي الزميلات بما ننوي القيام به، فطلبت سلمى الانضمام إلينا، أما دلال فقد قالت أنا سأغادر هذا المنزل كذلك ولكن سوف أستأجر شقة مستقلة وسوف يأتي أخي ليقيم معي.. سألتها ليلى: هل هو موظف أم طالب؟ قالت بل موظف ويستعد للزواج لكنه طلب إجازة لمدة سنة لمرافقتي. كنت أهم بسؤال فضولي لماذا؟ إلا أن زهرة القريبة مني لكزتني فسكتّ. تمنينا لها التوفيق وطلبنا منها أن نكون على اتصال ببعضنا، فأكدت لنا أنها لا تستطيع الاستغناء عنا، كانت لغة غريبة بعض الشيء من دلال، فقد تعودنا منها جفاف العبارة.
في غرفتنا بدأت أنا بالكلام.. قلت (أصلا كنت متوقعة أن دلال ماتجي معنا وحدة معقدة ومنتهية) وقبل أن أكمل وضعت زهرة يدها على فمي وقالت يكفي يا شيخة ظلمتي نفسك.
بكيت طويلا في تلك الليلة عندما علمت من زهرة أن دلال كانت تفيض رقة وعذوبة، لها ضحكة صادقة وحضور رائع، عندما علمت أن دلال هذه كانت سفير الجمال والأناقة والرقي.. بكيت كثيرا عندما علمت أن دلال خسرت أختيها وكثيراً من عائلتها في حريق القديح الشهير وقد كان بيننا وبينه في ذلك الوقت بضعة أشهر فقط، حيث كان في الليلة الخامسة عشرة من ربيع الثاني عام 1420هـ. وكانت الصحف مازالت تنعي المفقودين وتواسي المصابين في هذا الحادث المروع، فقد بلغ عدد الضحايا في ليلة واحدة 76 حالة و400 مصاب أغلبهم نساء وأطفال. وكانت تعاني من أزمات نفسية حادة قبل قدومنا للسكن معها.
لم أستطع النوم في تلك الليلة.. تقلبت كثيرا، كنت أتوسد شوكا وألتحف بجمر. خرجت من غرفتي في الواحدة تقريبا، كانت غرفة دلال مضاءة، فطرقت الباب ففتحت لي وعلامات الاستفهام تملأ وجهها. نظرت في عيني، فقلت لها مباشرة سامحيني لكي أنام.
سامحيني لأنني ظلمتك، ولأنني تسرعت في الحكم عليك، سامحيني لأنني لم أعلم عن ظرفك شيئا.. ولم أقدم لك العزاء في من فقدتهم.
بدت وكأنني نكأت جرحا عميقا يؤلمها، وضعت يديها على وجهها وبدأت تبكي، قالت بهدوء وهي تحاول لملمة دموعها ادخلي يا شيخة دخلت، جلست هي على طرف سريرها بعد أن سحبت آهة عميقة.
قالت أنت حساسة كثيرا يا شيخة بحجم لطفك، لا عليك، لم أغضب منك حتى أسامحك، من يعرفك لا يمكنه إلا أن يحبك.

تحادثنا طويلا.. كلمتني عن هذا الحادث الشنيع وعن أختيها اللتين فقدتهما فيه وعن السنوات السعيدة التي قضينها معا. حادثتني عن أناس كثر فقدتهم في هذا الحادث المروع، وعن المشاهد التي تفوق الموت ألما وحسرة. أدهشتني دلال بإنسانيتها وهدوئها كثيرا، واستأت من نفسي أكثر. لكنها اعتبرت أن هذه الليلة هي بداية صداقة حقيقية بيننا.

/







وللمذكرات بقية سأوردها لاحقاً
/
/ مذكرات راائعه ابدعت الكاتبة في صياغتها وفي سرد احداثها و لامست الكاتبة من خلالها كبد الحقيقة
بالفعل مذكراات تستحق القراااءةوللمعلومية ! تم نشر هذه المذكرات في جريدة الوطن وتم نقلها الى هنا

:: me :: 26 / 07 / 2009 08 : 10 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
:blank::blank::blank:


يسعد صباحك وافي

:: me :: 26 / 07 / 2009 09 : 10 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
نقل موفق وافي
مذكرات رائعه وبها روح المغامره والصبر والنجاح ولأمل ايضا
وبصراحه لم أقرأها كلها الا بعض السطور من كل مذكره
ولكن كان عناء ومغامره منها ومن ليلى الذهاب للأفلاج من أجل ( 4 الآآف فقط )

أعجبني ماسأذكره هنا :
اقتباس:

أبي بجانب النافذة ثم أنا ثم ليلى وركب والدها بجانب السائق وكنت أشعر بجسم ليلى يهتز من شدة الضحك إلا أنها واضعة يدها على فمها، ثم همست في أذني قبل أن تواصل الضحك أجل ليموزين أبيض ولوحة مكتوب فوقها أجرة ها؟؟ وتعود للضحك من جديد
موقف جميل ولاينسى ومصاحبة اعز الناس في بعض المواقف بالفعل ذكرى رائعه
أعجبتني طريقة سرد معاناة ليلى بالحافله وتعليقاتها الملطفه للجو :laugh4:
اقتباس:

جاؤوا لرؤيتي ورأيته من النافذة فصعقت.. الشاب وسيم جدا أجمل مني كثيرا وأصغر مني بثلاث سنوات عاطل عن العمل على ما يبدو يدرس في إحدى المدارس الليلية للحصول على شهادة الكفاءة.
سألتهم لماذا أنا بالذات؟ قالوا هو ما يبي إلا مدرسة..... بس بشرط تكون رسمية مو متعاقدة ضحكت من الألم والحسرة أحسست بالغبن والقهر تمتمت في نفسي عاد هو من زين وجهه بعد عشان يتشرط. فاشل وله عين. أضافت أخته سيذهب معك إلى أي مكان إن أردت.
يافرحه ماتمت
وربي رحمتها الضعيفه
بس أختارت الصح ولم تربط حياتها مع شخص يبحث عن رجولته الضائعه على قولها

اقتباس:

مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 11 )
حرب (حريم)

يالله مسامرات روعه
بس الله لايعنينا بجد أستغرب وشلون تكبدوا هذا كله وهم بعيد عن اهلهم

هل هو المستقبل بالفعل !!


اقتباس:

وطبعا لن يضحي بست بقرات حلوب في سبيل واحدة
:laugh4::laugh4:

* * * * * *

يالله مذكره جدا رائعه
أستمتعت فيها كثيرا ياوافي
بس كانت نهايتها بعد التعب والتنقل من مكان لآخر وطلب الامان وتوفير المال
كانت كسب لصداقات بطريقه محزنه
بجد احيي صاحبة المذكرات
وأهنيئها على كفاحها وصبرها وتفاؤلها لطلب العلم وتقديمه رغم الظروف والمصاعب التى تواجهها
وافي
باخذ لي استراحه مع الكوفي حقي اللي برد وانا أقرأ
يعطيك الف عافيه
ولاتحرمنا من هيك شغلاات
بجد استمتع بهيك مذكرات
دمت لنا ..

wafei 26 / 07 / 2009 43 : 10 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
..............

...

يسعد صباحك مي

مذكرات جميلة برغم الحزن والمآسي التي تخللت بعض المواقف
ولكن سردها الجميل اضفى عليها لوناً آخر

والجميل فيها انها تتحدث عن مأساة حقيقية ووواقع عايشه نصف مجتمعنا


مش هيك يامي
؟

صباحك سكر

...

:: me :: 26 / 07 / 2009 22 : 11 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
اقتباس:

مش هيك يامي
؟
الا وربي هيك ياوافي
والله يعين
وصباحك خيي

القناص 26 / 07 / 2009 44 : 11 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
سلمت يداك وافي على النقل الرائع

عن جد موضوع شيق جدا وفيه فوايد كثيره

لم اقراءه كله ولكني سااعاود قراتها لانه يستحق ذالك

لك مني صادق ودي واحترامي

تقبل مروري المتواضع

تحياتي

الليث الابيض && 26 / 07 / 2009 13 : 03 PM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
تم حفظها

وإن شاء الله نقراها وقت الفضوه

غزالة الجنوب 26 / 07 / 2009 02 : 05 PM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

اضحك ودمعي حاير(ن) وسط عيني...
هذا لسان حالها وحال من هم امثالها..

لأصدقك القول احيانا تراودني فكرة ان اكون من المغتربات لاجد نفسي التي احيانا لاالمسها في بعض الظروف..
اريد ان اعرف من اكون وماذا استطيع ان افعل في ظل بعض التحديات التي تواجهني..
مع علمي المسبق بمعاناة مثل هذه المعاناة التي عاشتها كاتبة القصة..
ولاانكر خوفي الذي يتملكني لحظة التفكير في هذه الامور الا اني مازلت اتمنى تجربتها..

لاانكر اني عشت بعضها من خلال هذه القصة وامتعني سردها الرائع..
احيانا اللم يولد الموهبة وقد يكون بسبب ماعانته اخرجت لنا قصة لاتدري مالذي سوف تقدمه هذه القصة لها مستقبلاً..

وافينا امتعتنا بما نقلته..
يسعدك ربي..

عازف الإيقاع 26 / 07 / 2009 55 : 08 PM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
وافي /

تسلم يمينك على النقل الرائع

يسعدك ربي

wafei 26 / 07 / 2009 04 : 10 PM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
..............

...

شكراً للتشريف طال هجرك

ووقتاً ممتعاً اتمناه لك مع هذه المذكرات الجميلة


...

wafei 28 / 07 / 2009 09 : 07 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 17 ) إحساس لم يخطىء

غادرتنا دلال مع أخيها بعد فترة يسيرة وبقينا نحن في بحث دائم عن شقة مناسبة ومعنا أبو رعد لم يكل ولم يمل حتى وجدنا ضالتنا، شقة صغيرة وجديدة وفيها هاتف مستقل في الدور العلوي لأصحاب البيت الأصليين، انتقلنا أو لنقل هربنا من البيت الذي أصبح شيئا فشيئا بيئة طاردة مليئة بالمشاكل. حقيقة لم نشعر بفرق كبير، فكل شيء كما قالت زهرة يصلنا إلى البيت باتصال هاتفي، شعرنا بالاستقرار والراحة بشكل كبير، وفي أحد الأيام (الاثنين تحديدا) وبعد مكالمة هاتفية لزهرة مع أولادها كعادتها اليومية بعد عودتنا من المدرسة، ظهر عليها القلق والارتباك بدرجة كبيرة، هاتفت أحد السائقين وطلبت منه إيصالها إلى محطة النقل الجماعي، سألتها مابك؟ قالت قلبي يحدثني بوقوع مكروه لأحد أبنائي قلت لها هل هو مجرد إحساس فقط؟ قالت ابنتي تقول إن أخاها عاد من المدرسة مرهقا ونام وأنا أعرف ابني هذا جيدا، إنه ذو نشاط زائد ولا ينام عادة إلا إذا كان مريضا ثم حادثت ابنتي الصغرى فقالت إن أخي أصبح سمينا، في الواقع تسرب إلي شيء من القلق سألتها ووالدهم؟ قالت في وظيفته هو يعمل في الجبيل الصناعية وهم في الأحساء قلت: جدتهم، اطلبي منها أن تذهب لتطمئن عليهم. قالت والدتي شبه مشلولة ولا تستطيع الحركة وأرسلت لهم الخادمة التي عادت وأخبرتها أن أمورهم على مايرام.. قلنا لها إذاً الأمور طيبة ولله الحمد. لوحت بيدها متوترة (لالا لست مطمئنة، قلبي يحدثني بالشر).
لم أشعر أنا بالاطمئنان كذلك إلا أنني هدأت من روعها وساعدتها في إعداد حقيبتها وأنا أدعو لأولادها بالحفظ والسلامة بينما هي تستعد وتبكي بصوت مسموع.
جاء السائق في تمام الثانية. غادرت على عجل ولولا أن باصات النقل الجماعي تتأخر عن موعدها عادة لفاتتها الرحلة، فموعد مغادرتها الأصلي في الثانية والنصف. كنا في هذه الفترة بدأنا في اقتناء الجوالات على استحياء وذلك لغلاء ثمنها ولأنها لا تعمل في كل الأماكن لعدم وجود أبراج كافية، وكان أبي قد أهداني في آخر زيارة له هاتفا محمولا وشيئا آخر لن أخبركم ما هو الآن.. سيأتي الوقت المناسب لذلك. وزهرة لديها هاتف محمول كذلك حادثتها مرة واحدة في الطريق وطلبت منها أن تطمئننا على أولادها فور وصولها.
طال بي الانتظار فهاتفتها في الثانية عشرة مساء فلم تجب، نمت قلقة متوترة، وهاتفتها في اليوم الثاني ولم تجب كذلك وهاتفت منزلهم فأجابت ابنتها الصغرى قالت لي أمي في المستشفى مع أخي الصغير، سألتها مابه؟ قالت مدري. طلبت محادثة أختها التي تكبرها بعامين قالت إنها نائمة. أغلقت السماعة وقد زادت عندي حالة القلق. رن الهاتف في التاسعة مساء. كانت هذه زهرة ارتمينا ثلاثتنا على الهاتف فقد كانت زهرة الأخت الكبرى لنا.
حادثتها أنا. كان صوتها متعبا ونفسها متقطعا وشعرت بصوتها غارقاً في الألم مختنقاً بعبرتها. زهرة كيف حال ابنك؟ قالت نزيف داخلي ياشيخة وهو الآن في العناية المركزة.. كانت الشهقة التي أطلقتها أنا من أعماق الحسرة كافية لإعلام من حولي أن ابن زهرة ليس على مايرام. تمنينا له السلامة... لم أستحث عاطفة الأمومة الثائرة فيها ولم أسألها كيف؟ إلا أنها تدفقت كالبراكين حرارة وألما.
سقط ابني في المدرسة على رأسه ولم يعره أحد اهتماما. جاء إلى المنزل ونام. أرسلت له أمي مرارا من يستدعيه للغداء دون جدوى، لكن أختيه لاحظتا تورم وجهه وأنفه بشكل كبير.
وصلت للبيت في الحادية عشرة والنصف ليلا. ضربت الجرس وسمعوا صوتي عبر السماعة فتدافع أبنائي على الباب لأنهم لم يتوقعوا قدومي. أطل ابني الأصغر هذا برأسه فلم أعرفه يا شيخة
وجهه كان متورما، طمست كل ملامحه و تحول نصف وجهه إلى لون أزرق غامق، كانت أخته قد حادثت خالها، حملته وانطلقت به إلى الشارع لأطلب النجدة لابني من أي أحد من المارة، لكن أخي كان قد حضر فهرعت به إلى المستشفى وما أن وصلت حتى أخذه الأطباء من يدي وأدخلوه إلى غرفة الإنعاش وبدأت مكبرات الصوت تصدح لاستدعاء الأطباء المختصين، وبخني الطبيب، قال أين كنت عن ابنك منذ الساعات الأولى لإصابته؟ سكتت لثوان ثم تابعت.. الحمد لله هو الآن في تحسن دعواتكم له...
بحثت عن صوتي الضائع في حناجر الأسى فلم أجده، تمتمت بحشرجات تخنقها الدموع، نسأل الله أن يمن عليه بالشفاء ويلبسه لباس العافية ويقر عينك به، كوني قوية يازهرة، فالمؤمن عرضة للابتلاء.




مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 18 )
نفيدكم أننا (لانستغني)


منذ ذلك اليوم الذي غادرت فيه زهرة لابنها، لم تعد للدوام بشكل كامل وإنما كانت تأتي يومين أو ثلاثة لتقطع إجازة أو لتقدم تقريرا طبيا.. ورغم تحسن حالة ابنها الأصغر ولله الحمد بعد أسبوعين على الأقل من إصابته، إلا أن ابنها الكبير كان يعاني من اعتلالات صحية وكانت بصدد إجراء سلسلة من العمليات له. لكنها تحتاج إجازة طويلة لمرافقته، في ذلك الوقت لا تمنح إجازة بدون راتب إلا بموافقة المديرة حيث توقّع على عدم المطالبة بالبديلة.. ولا أعرف حقيقة لماذا لا يتم توفير البديلة براتب المعلمة الذي يأخذونه، لم تستغن المديرة فلديهم نقص في عدد المعلمات، كنا نرقب زهرة وهي تقترب من الموت شيئا فشيئا، عرفنا كيف يمكن للمرء أن يموت حبا.. كانت تأتينا يومين أو ثلاثة وهي في قلق دائم على أبنائها وتغيب مثلها لترافق ابنها المريض هنا أو هناك لأخذ استشارة طبية أو علاج، حتى ساءت حالتها جدا فبدأت تنتابها حالات من الإغماء في البيت والمدرسة وبدت ناحلة شاحبة وكأنها من عالم الأشباح.
وفي كل مرة تقدم طلب إجازة مشفوعا بكل التقارير التي تثبت خطورة وضع ابنها لإدارة التربية والتعليم يتم توجيهه إلى المديرة لترد بدورها (نفيدكم أننا لا نستغني عن المعلمة المذكورة) لتبلغ المعلمة برفض الإجازة بدون وجه حق. قدمت زهرة إجازة للمرة العاشرة وشرحت فيها ظروف ابنها وأرفقت المزيد من التقارير وتوسلت إليهم وإلى المديرة أن ترحم ابنها.
رق قلب المديرة على ما يبدو فوعدت زهرة خيرا، سألتها هل ستوافقين.. ردت يصير خير إن شاء الله. أكدت عليها زهرة سأغادر إلى أبنائي قالت لها المديرة، في أمان الله.
حملت زهرة أمتعتها وغادرت إلى أبنائها تودعها دموعنا وصلواتنا ودعاؤنا لها ولأبنائها بالشفاء والسلامة. وعادت الوحشة والغربة تنشب أظفارها بنا من جديد في غياب زهرة ولا ندري كيف سنحتمل غيابها عنا سنة كاملة (مدة الإجازة الاستثنائية).....
حركات النقل الخارجي السنوية.. هي الأمل الذي نعيش عليه سنة بأكملها نستفّ تراب الغربة وينهشنا ألمها، حتى إذا أعلنت الأسماء تبددت كل الآمال وتلاشت كل الأمنيات، لنجدد العهد مع الطموح سنة أخرى ونستنبت أملا آخر بعد أن نفيق من صدمة الإحباط، بدأت عزائمنا تفتر مع تمدد السنوات وقوانا تتهالك وتضعف، بدأ إصرارنا بالاضمحلال فلم تبق السنوات الثلاث في صبرنا من بقية..لم أكن أؤمن بوجود الواسطة حتى جاءتنا معلمة جديدة قبل صدور حركة النقل الكبرى ببضعة أشهر وكان أول سؤال سألتنا إياه، متى تصدر حركة النقل ؟ ضحكنا جميعا قلت لها أنا هنا منذ ما يقارب ثلاث سنوات ولم أنقل، فبالتالي من المبكر جدا بالنسبة لك أن تسألي هذا السؤال، ردت بكل بجاحة أصلا أنا في حكم المنقولة، لكن (لابد من هالشكليات.. لازم أداوم كم يوم)، لم نكترث لما قالت ولم نعبأ به.. حتى صدرت حركة النقل وكان اسمها وأختها ضمن المنقولات وفي وقت واحد وإلى منطقة واحدة. ذهلنا جميعا أنا وليلى وكثير من المغتربات اللواتي أتين بعدنا، لكني شخصيا لم أشعر تجاهها بالحقد قلت لهن لو كان عندي واسطة تنقلني فلن أفكر بصراحة في معاناة من هم أحق مني بالنقل. سأكون أنانية. سمعت البعض يدعو عليها وعلى من سعى لها في هذا النقل على حسابنا نحن، ومنا من تقدمت بشكوى للرئاسة العامة لتعليم البنات إلا أنه تم تجاهلها.
ومنذ ذلك الحين بدأت عندنا حالة من الإهمال واللامبالاة ولا أبالغ إن قلت من التلاعب أيضا.وتأكدنا بعد زيادة التعاميم التي تستهدف المغتربات في حملة جائرة ضدنا، أن أصحاب الضمائر اليقظة ماتوا ولم يتبق غيرنا لذلك قررنا وأد ضمائرنا واللحاق بركب الآخرين.
كانت معنا الكثير من المعلمات اللواتي يتغيبن أسبوعا بعد أسبوع وشهرا بعد شهر ثم يأتين مصطحبات معهن تقارير طبية كاذبة فيتم احتساب الإجازة (مرضية) ونحن المغضوب عليهن باسم الضمير، نغطي غياب فلانة وعلانة ونحمل فائض الحصص وندرس مناهج المتغيبات حتى بلغ نصاب الحصص لدينا 24 حصة وأحيانا تزيد باسم التعاون. حتى ضقنا ذرعا وأخذ الغبن والقهر منا كل مأخذ.

الليث الابيض && 28 / 07 / 2009 08 : 03 PM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
الوافي

اللحين الرواية مانتهت

وكم باقيلها جزء

وهل موجوده في النت كاملة ؟؟

غزالة الجنوب 28 / 07 / 2009 25 : 03 PM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

وقفة..

اذا لم تكن هناك حالة فقر شديدة تستدعي من الام ترك ابنائها..
هنا انا ضد هذه الوظيفة التي تجر الضياع للعائلة..



في انتظار البقية وافينا...

:: me :: 28 / 07 / 2009 02 : 09 PM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
المزيد

والنهايه


في أنتظارهما

المتهور 28 / 07 / 2009 19 : 09 PM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
روايـه ممتـعه

وبإنتظـاار البقيــه وقراءتها على روقـآآآن :(

::

تـُشكر ياعـسل


wafei 29 / 07 / 2009 04 : 07 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
.............

...


راجع لكم بس استنوا لين نشوف آخرتها مع بشائر المغتربة ومذكراتها

:deal2:


مذكرات مغتربة في الأفلاج ( 19 )
في آخر النفق.. ورقة بيضاء


كانت والدتي في هذه الفترة تشتكي من آلام مبرحة في صدرها وكانت تردد مقولتها سأموت وأنت بعيدة عني يا شيخة. إلا أنني أحاول أن أغرس فيها بذرة الأمل لتنتظر معي حصاد حركات النقل في آخر السنة والذي لن يأتي على ما يبدو، وكنت أردد بيني وبين نفسي لن أسمح لليأس باغتيال حلمي، الوظيفة حق من حقوقي بعد سنوات التعب والدراسة، لا دور لي في أني لم أكن بنت فلان من الناس حيث تعينت بناتهم في المكان الذي يرغبن فيه، ولا دور لي في أنني لم أمتلك واسطة تنقلني بعد بضعة أيام دراسية كما حصل مع إحداهن لكن بيدي أن أتشبث بحلمي وإنجازاتي وحقوقي، فأسمع صوت أمي خافتا متعبا يأتيني من الخلف.. حتى لو كنت أنا الثمن يا شيخة؟ فألتفت لها كي أحتضنها وأنا أشعر بالتداعي والوهن، لا يا أمي أنت القوة التي أستطيع بها عمل كل هذا، بدونك لاشيء من حلمي سيتحقق. لكن الأطباء يقررون بعد مدة أن يجروا لها عملية قلب مفتوح، لم تكن بحاجة لوجودي كما هي بحاجة إلى دعواتي فقد تركناها جميعا تواجه الموت والألم وحيدة في غرفة العمليات وبعدها في غرفة العناية المركزة لمدة عشرة أيام. وبعد أن أنهت مدة إقامتها في المستشفى كان لابد من البقاء بجانبها لبعض الوقت بعد عودتها للبيت سالمة بحمد الله، إلا أنني لم أكن أعرف كيف.... لقد استنفدت ما تبقى من إجازتي الاضطرارية وتجاوز غيابي متفرقا ما مقداره عشرة أيام تقريبا، لم يكن أمامي إلا الدموع التي أغرق فيها ليلا ونهارا وتوسلاتي للمديرة والتي لم تجد نفعا فكانت تقول لي إن كانت عندك مسؤولية تجاه أمك فلديك مسؤولية أيضا تجاه الطالبات.
لم أستطع إفهامها أن مسؤولية الطالبات تنوب عني فيها الكثيرات أما مسؤوليتي تجاه أمي فلا ينوب عني فيها أحد.. كانت صحة أمي تتدهور شيئا فشيئا، وأنا متشبثة بما قدمت من تضحيات حتى الآن ولا أرغب في التنازل عن وظيفتي، وحتى الإجازة الاستثنائية (بدون راتب) كانت مشروطة بموافقة المديرة التي لم ولن توافق عليها حتى لا تتحمل مسؤولية تأخر المناهج مثل كل المديرات هناك. ولكني لا أستطيع أيضا التخلي عن أمي. كانت آخر محاولة لي أن أرسلت أبو رعد لإدارة التعليم بخطاب شرحت فيه ظروفي الأسرية القاهرة. فسلمه للمسؤول وقال ساعدوها لأنها سوف تستقيل فما كان من ذلك المسؤول إلا أن فتح درج مكتبه وأعطاه ورقة بيضاء وقال إذا كانت لا تملك ورقة فهذه ورقة بيضاء فلتكتب عليها استقالتها، عاد ليخبرني بما حدث فأيقنت أنه لا فائدة وبدأت بالاستعداد نفسيا للاستقالة... فلا شيء يعدل أمي في كل هذا الكون، لابد أن أكون بجانبها. من جانب آخر فإن كل المعلمات يعرفن بما حدث لأمي ويسألن عنها وعني باستمرار كصورة من صور التلاحم في الغربة. وشعرن بالأسى عندما علمن بقرار الاستقالة. وذات يوم.. هاتفتني رباب إحدى زميلاتنا المغتربات ولكن في مدرسة أخرى، قالت لي هل تنوين تقديم استقالتك بالفعل؟ أجبتها نعم لن أتنصل من واجبي تجاه أمي حتى لو كان الثمن مستقبلي بأكمله.
قالت تريثي ولا تستعجلي، فعندي لك عرض رائع، أتمنى أن تستفيدي منه، سألت متلهفة ما هو؟ قالت خالي يعمل في وظيفة كبيرة في نفس المستشفى الذي نومت فيه والدتك وتعاطف معك كثيرا عندما سمعني أتكلم عنك. وهو الآن يعرض عليك المساعدة.. قال اطلبي منها أن تتصل بي على هاتف المستشفى..
اتصلت به مباشرة فالوقت ليس في صالحي، سلمت وعرفته بنفسي ولفت نظري مخاطبته لي طوال الوقت بأستاذة شيخة. قال زورينا في المستشفى وسوف أكلم أحد الأطباء ليمنحك إجازة لمدة أسبوعين، قلت بسرعة لست مريضة أمي هي المريضة قال أعلم لكن هذا هو الطريق الوحيد لتكوني بجانبها، وتحافظي على وظيفتك. إن رغبت.... وكما أخبرتكم فإن الغربة علمتني الكثير ومنها سوء الظن، قلت له بكل وقاحة.. وهذه الخدمة مقابل ماذا؟ صمت لبعض الوقت وكأنه صدم من جرأتي. ثم قال مقابل دعائك لي بظهر الغيب.

قلت أليس هذا الأمر حراما؟ قال أليس حراما أن تعاملن بلا إنسانية وكأنكن آلات لا تشعرن ولا تتألمن؟ إن كنت لا ترغبين بالمال فتصدقي به لكن لا تضحي بوظيفتك فقد قدمت الكثير من أجلها.. هذا رأيي وأنا محاسب عليه عند الله.. اسمعي يا بنتي الوظيفة حصنك بعد الله في زمن صعب كهذا، هي ضمان لك حتى لا تمدي يدك لأحد، أقدر تضحيتك من أجل أمك لكن أنت في مقتبل العمر وأمامك مشوار الحياة طويل قد تمضين شطرا كبيرا منه بدون أمك حفظها الله، كان صوته رخيما وهادئا كصوت أبي، كنت أستمع لكن دموعي كانت تنهمر كالسيل، حددت موعدا لزيارة المستشفى وأغلقت الهاتف.


/

غزالة الجنوب 29 / 07 / 2009 17 : 12 PM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 

اوتش على كلمتها له واوتش على رده الي يبكي الصخر في لحظاتها هي...

كمل بسرعة وافينا.....:stare:

الليث الابيض && 29 / 07 / 2009 01 : 02 PM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
مذكرات رائعة

ننتظر بفارغ الصبر تكملة الأجزاء

:: me :: 29 / 07 / 2009 55 : 02 PM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
:shifty:
:shifty:

wafei 01 / 08 / 2009 09 : 04 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
/




مذكرات مغتربة في الأفلاج (20)
أنا لا أكذب ولكني أتألم





لم يكن أمامي إلا أن أوافق على عرض الدكتور أحمد خال رباب زميلتي، فهكذا عرض لا يمكن رفضه وقد أتى في وقته تماما. لذلك قررت أن أتغيب يوما واحدا ( بعد غد الأربعاء ) عن المدرسة وأسافر لزيارتهم في المستشفى .

في الليل .. استلقيت على فراشي وقد خيم السكون على المكان بدأت باستعراض حياتي كشريط سينمائي منذ أول قدوم لي إلى هنا، خاطبت نفسي يا إلهي .. ماذا فعلت بنفسك ياشيخة؟ خسرت كل شيء في سبيل وظيفة .. ردت: لالا ليس من أجل الوظيفة بحد ذاتها بل من أجل إثبات ذاتي وشخصيتي وطموحي وحلمي أجبتها : كفى هراء هذا كلام نظري يتبخر دائما على أرض الواقع .. الحقيقة أنك الآن في ورطة كبيرة جررت لها المسكينة ليلى التي أخذت تؤجل زواجها سنة بعد أخرى على أمل النقل بل إنك فقدت حتى خيار التراجع .. ماذا كسبت يا شيخة من كل هذا ؟ والدتك المسكينة تنفض الغبار عن صورتك كل يوم وتلمعها جيدا ثم تحتضنها وتقبّلها وتضعها في مكان لائق، كما يفعلون مع الموتى تماما.

سنوات عمرك يسرقها الزمن سنة بعد أخرى دون زواج وحتى من تقدموا إليك رددتهم لأنهم طامعون براتبك أو كما أوهمتك هذه الوظيفة الشؤم .حتى أصبحت الآن أجمل عانس سيعرفها التعليم وأطلقت ضحكة ساخرة. ووالدك المسكين كل يوم يبكي بصمت لأنه ( عاجز ) عن مرافقتك و( عاجز ) عن تربيتك وردك عن هذا السخف كما قال له أخوك في آخر مشاجرة بينهما بسببك . بل إن أخاك قاطع والديه وأنت السبب كذلك .وماذا أيضا ؟؟ فقدت حتى احترام الآخرين لك. ففي كل ذهاب وأياب أنت عرضة للمعاكسات فهذا يرمي رقم هاتفه وآخر يحاول التقرب بالكلام المعسول أتعرفين لماذا ؟ لأنهم يرون أن لديك كل مقومات الانسياق وراء الوهم. تملكين مطلق الحرية وتسكنين لوحدك وتقيمين بلا محرم، إذا فأنت متسيبة ولقمة سائغة لضعاف النفوس في نظر المجتمع حتى يثبت العكس . اعترفي يا شيخة لقد هزمت وستعودين محملة بالخسائر.. ألا زلت تحترمين نفسك بعد كل هذا ؟؟. نهضت واقفة على قدمي حتى أطرد عني كل هذه الأيادي التي تحاول أن تطبق على رقبتي، إنها تخنقني.

وضعت يدي على رأسي، الصداع يكاد يقتلني. ألتفت إلى ليلى لم تكن نائمة كانت كعادتها تتبادل رسائل الجوال مع خطيبها كل ليلة حتى يغلبها النعاس ،تمتمت في داخلي .. مسكينة ياليلى جنيت عليك باسم الصداقة .في اليوم التالي كنت في المستشفى لمقابلة الدكتور أحمد .. سألت عن مكتبه فأرشدوني إليه كان في الخمسين من عمره تقريبا ترك الشيب يتمدد كما يشاء في مساحات شعره الكثيف وعلى شاربه ربما إيمانا منه بأنه يزيده وقارا، إلا أنه كان وقورا ومحترما بما يكفي عرفته بنفسي فرحب وهو يتجه بنظره بعيدا عني، ثم سألني متى قدمت من الأفلاج؟ قلت البارحة، قال حمدا لله على السلامة ثم مد لي ورقة، قال إجازتك جاهزة .. عليها توقيعي وتوقيع طبيب آخر لم يتبق إلا توقيع وختم د/ طارق رئيس القسم، كان في إجازة يوم أمس لكنني أعلمته بالأمر أذهبي إليه، وصف لي مكتبه وقبل أن أغادر قال أتمنى أن تبلغي الوالدة سلامي وتمنياتي لها بالشفاء شكرته وغادرت، لكن الدكتور طارق هذا كان خبيثا جدا بالرغم من أن ظاهره لا يدل على ذلك، فتح الورقة ونظر إليها بشكل سريع، أمسك القلم وقبل أن يوقع نظر إلي بلا مبالاة قائلا بأسلوب فاتر.. ( قلتي لي منذ متى وأنتي تشتكين من الكلى؟) نظرت إليه ولم أجب وأحسست أن الدم يغلي في عروقي حنقا وغضبا . ثم عاد للسؤال ( ها ؟؟) لم أجب أيضا، عاد يسأل .. ( أقول منذ متى وأنتي تشكين من الكلى ياخالة ؟) لا أشك في أنه يعرف بالأمر لكنه يريد إذلالي ويريد أن يشاهد على الواقع كيف يكذب الناس كذبة مكشوفة .. هل أحقق له ما يريد وآخذ الإجازة ؟ لن أخسر شيئا سوى نفسي . سوف أحتقرها للأبد. قلت له ألم يخبرك دكتور أحمد بالأمر؟ قال بلى أخبرني (لكن مكتوب هنا أنو عندك مغص كلوي ) قلت ( تقدر تمسح اللي هم كاتبين وتكتب أني أكذب وما فيني شي بس أبي إجازة عشان أمي ) ومشيت وتركته، سمعته ينادي أستاذة يا أستاذة لكنني غادرت للبيت غارقة في دموعي، هاتفتني رباب ليلا تعتذر على لسان خالها وتطلب مني الذهاب مرة أخرى لاستلام الإجازة، وافقت لكنني أرسلت سائقا ووصفت له المكان وأتى لي بها بالفعل .

كانت الإجازة ثلاثة أسابيع وليست أسبوعين كما أخبرني، هاتفت الدكتور أحمد وشكرته مليا، واعتذر هو لي كثيرا عن موقف الدكتور طارق المستغرب .


/

فيض 01 / 08 / 2009 52 : 09 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
قول لنا رأيك ياوافي فيما تنقل زينة ولا موب زينة


عني أنا أدمنت هالمذكرات اتابعها في جريدة الوطن
بس خلوني اعلمكم هالسالفة عن هالكاتبة الضعيفة

ذاك اليوم دخلت موقعهم ومالقيت المذكرات مغيرين مكانها وانهبلت
قلت خليني اكتب اسم المرة في محرك البحث واشوف
يمكن ناشرتها بمكان ثاني كاملة
إلا واشوف العجب هههههههههه
أهل الأفلاج مسوين عليها مجلس في مجالسهم وحاشينها حش
والله اني رحمتها
بس شفت بعد ناس واجد مثلي تحبها وتتابعها

مشكور ياوافي نتابعها من هنا أريح

:: me :: 01 / 08 / 2009 24 : 03 PM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
اقتباس:

في الليل .. استلقيت على فراشي وقد خيم السكون على المكان بدأت باستعراض حياتي كشريط سينمائي منذ أول قدوم لي إلى هنا، خاطبت نفسي يا إلهي .. ماذا فعلت بنفسك ياشيخة؟ خسرت كل شيء في سبيل وظيفة .. ردت: لالا ليس من أجل الوظيفة بحد ذاتها بل من أجل إثبات ذاتي وشخصيتي وطموحي وحلمي أجبتها : كفى هراء هذا كلام نظري يتبخر دائما على أرض الواقع .. الحقيقة أنك الآن في ورطة كبيرة جررت لها المسكينة ليلى التي أخذت تؤجل زواجها سنة بعد أخرى على أمل النقل بل إنك فقدت حتى خيار التراجع .. ماذا كسبت يا شيخة من كل هذا ؟ والدتك المسكينة تنفض الغبار عن صورتك كل يوم وتلمعها جيدا ثم تحتضنها وتقبّلها وتضعها في مكان لائق، كما يفعلون مع الموتى تماما.
يـــاااااه ياوافي مااقسى لحظات المصارحه وتأنيب الضمير

لحظات جدا قاسيه بينك وبين ضميرك

wafei 02 / 08 / 2009 44 : 10 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
/



مذكرات مغتربة في الأفلاج (21)
وما جنيت على أحد


ما سوف أكتبه هنا في هذه الحلقة وفي الحلقة التي تليها تحديدا قد لا يروق للمغتربات كثيرا وقد يتهمنني بالكذب كما قد يتهمني الكثير بأنني أكتب من وحي الخيال وأنني متأثرة بأحد الأفلام الهندية.. فليقل الجميع ما يريدون لكنها الحقيقة التي ليس لها إلا وجه واحد يأبى إلا الظهور واضحا جليا مهما كان بشعا ومأساويا..
على كل حال فرحتي بالإجازة أنستني العناء الذي تكبدته من أجل الحصول عليها بقيت بجانب أمي ثلاثة أسابيع أعتني بها وألبي احتياجاتها وكانت أمي كل يومين أو ثلاثة تقول لي (روحي لشغلك يا بنتي لا يفصلونك) فأقول لها اطمئني أنا عندي إجازة لمرافقتك فتدعو أمي المسكينة بدعواتها الطيبة لمن منحني هذه الإجازة، تماثلت أمي للشفاء، واخضرّت حديقة منزلنا الصغيرة وعادت لها الحياة فأنا أسقي ورودي كل يوم. انتهت الإجازة وحزمت أمتعتي للرحيل.. ودّعت أمي وهي تحبس دموعها عني وغادرت إلى الأفلاج، فور دخولي إلى المدرسة أحاطت بي طالباتي (وجه الأفلاج المشرق) وفي عيونهن اللهفة فمنهن من عرفت بمرض أمي ومنهن من اعتقدت أنني مريضة ومنهن من تسأل عن السبب، وجدت لهن العذر جميعا في احتضاني وتقبيلي (عسى ما شر يا أستاذه طولتي الغيبة)، أحسست بإحساس غريب لأول مرة أجربه في حياتي أحسست بأنني في الخمسين من عمري وهؤلاء جميعا بناتي، كنت أود لو احتضنتهن جميعا وافترشنا الأرض لأستوعب أحاديثهن التي رفضت الانتظار حتى موعد الحصة (كيفها أمك يا أستاذه؟ صحيح معها القلب؟ وليه جيتي وتركتيها؟ فأرد (جيت عشانكم اشتقت لكم) فتنفرج أساريرهن ويمازحنني كالعادة لا يا أستاذة قوليها لنا بالشرقاوي كيف تقولونها فأرد باسمة (ولهت عليكم حيل) فيبتسمن ويرددن ضاحكات (واحنا ولهنا عليك) وتنهال أحاديثهن البريئة (راجعت لنا أستاذة أماني.. بس نفهم عليك أكثر)، (الاختبار كان صعب يا أستاذه) (كل يوم نقول الله يجيب استاذه شيخة بالسلامة)..


دخلت إلى الإدارة وكانت نظرات المديرة تتجه نحوي كقذائف من نار (تتحديني ياشيخه؟ ما عطيتك إجازة برضاي أخذتيها غصب؟ تدرين إنك ورطتيني في المناهج؟) فهمت مغزى حديثها وسبب غضبها قلت لها أولا كنت مريضه ثانيا أنا حملت مناهج زميلاتي وقت غيابهن فلا ضير إن حملن مناهجي وقت غيابي ثم إننا على أبواب الاختبارات وكنت قد أنهيت المناهج قبل مغادرتي ماعدا درساً من هنا ودرساً من هناك..

لكن المديرة منذ ذلك اليوم وهي تضع لي العقدة في المنشار، تتصيد علي الأخطاء وتكلفني بالكثير من الأعمال وتفتعل المشاكل وكنت أعد الأيام حتى تنتهي فترة الاختبارات ونعود إلى أهلنا، حتى جاء أسبوع ما قبل الإجازة وكان السائد هناك بين المديرات أن تغادر المغتربات فور انتهاء أعمالهن حتى لو انتهين من عملهن يوم الأحد. إلا أن هذا الأمر راجع لتقدير المديرة.

غادرت المغتربات جميعهن إلا أنا وكل يوم أقول لهذه المديرة المستبدة لا عمل لدي دعيني أغادر مع زميلاتي لم يتبق أحد معي في الشقة.. فترد (دوامنا ما انتهى)
حتى ليلى أنهت أعمالها يوم الاثنين لكنها رفضت أن تسافر مع كل المعلمات وتتركني وحيدة فلم يتبق في شقتنا غيري بعد أن سافرت سلمى..
بتنا آخر ليلتين وحدنا في الشقة نبكي حينا ونتضرع إلى الله حينا آخر وتلعب بنا الوساوس أحيانا كثيرة. لم أصدق أن اليوم هو الأربعاء حملنا أمتعتنا وغادرنا مع أبو رعد إلى مكان وقوف الباص، ركبنا.. تلفتنا يمينا ويسارا لا يوجد أحد سوانا. انتظرنا ربما يأتي أحد لكن دون جدوى فكل المعلمات غادرن منذ بداية الأسبوع. سألني أحد السائقين (ما تعرفون أحد جاي عشان ماننتظر عالفاضي) قلت لا. خاطب زميله: مشينا.


كنت حتى اللحظات الأخيرة أحادث نفسي بالعودة والانتظار لكن.. ماذا بعد؟ من سيأتي ليأخذنا؟ لا أحد. تحرك الباص.. استخرجت المصحف من حقيبتي وبدأت بتلاوة القرآن حتى أقتل الوقت والتفكير قبل أن يقتلاني. كنا في المقاعد الأخيرة ونرقب تحركات السائقين عن بعد.. وبعد مضي أربع ساعات كاملة بدأت أشعر بحركات غريبة بين السائقين، دار بينهما حديث هامس لعدة دقائق. أخبرت ليلى بما انتبهت له، لكنها قالت لي أنت واهمة، كل شيء طبيعي (وذولا عيال ناس ومن جماعتنا نعرفهم ويعرفونا) لكنها لم تقنعني بدأ الخوف يتسرب إلى نفسي، بعد بضعة دقائق جاء أحدهما إلى الخلف سألنا (محتاجين شي؟) ارتعدت فرائصي.. قلت أنا لا.. قال.. ولا ماء؟ رددت متجهمة ولا شي شكرا.



wafei 02 / 08 / 2009 55 : 10 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
..............

...

شكراً للجميع للتشريف والمتابعة

- بالنسبة للمذكرات لمن سأل عن نهايتها .. علمها عند بشائر لكن اعتقد ان للمذكرات بقية ..

-
اقتباس:

قول لنا رأيك ياوافي فيما تنقل زينة ولا موب زينة

لو ماكنت زينة " بنظري " ماتابعتها كل هذه المتابعة ولاانتظرت نشر الجريدة مع كل اطلالة فجر

القصة رائعة ومحزنة ايضاً وسرد الأحداث اروع واللغة المستخدمة في كتابة القصة كانت جميلة جداً

واعجبت جداً جداً بأسلوب الكاتبة وبقلمها وفي مواقف كثيرة حزنت عليها جداً جداً .. وسلمي لي عليها امانه اذا تعرفيها وقولي لها نأمل ان لاتنتهي هذه المذكرات
ونأمل لها الدوام ولكاتبتها ولقلمها المزيد من التقدم .


...

غزالة الجنوب 02 / 08 / 2009 50 : 11 AM

رد: مذكرات : مغتربة في الأفلاج ...
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة wafei (المشاركة 804008)
..............


لو ماكنت زينة " بنظري " ماتابعتها كل هذه المتابعة ولاانتظرت نشر الجريدة مع كل اطلالة فجر

القصة رائعة ومحزنة ايضاً وسرد الأحداث اروع واللغة المستخدمة في كتابة القصة كانت جميلة جداً

واعجبت جداً جداً بأسلوب الكاتبة وبقلمها وفي مواقف كثيرة حزنت عليها جداً جداً .. وسلمي لي عليها امانه اذا تعرفيها وقولي لها نأمل ان لاتنتهي هذه المذكرات
ونأمل لها الدوام ولكاتبتها ولقلمها المزيد من التقدم .


...


كلنا وياها ومعها قلباً وقالباً...


الساعة الآن 12 : 09 AM بتوقيت السعودية

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
new notificatio by
9adq_ala7sas

[ Crystal ® MmS & SmS - 3.7 By L I V R Z ]