الموضوع: طيور الأمل
عرض مشاركة واحدة
قديم 03 / 09 / 2011, 38 : 03 PM   #1
عبدالله 12 
مدير المنتدى العام

 


+ رقم العضوية » 52810
+ تاريخ التسجيل » 17 / 04 / 2011

+ الجنسْ »

+ الإقآمـہ »

+ مَجموع المشَارگات » 2,588
+ معَدل التقييمْ » 1365
شكراً: 16
تم شكره 75 مرة في 68 مشاركة

عبدالله 12 غير متواجد حالياً

افتراضي طيور الأمل


يختلف الناس فيما بينهم من حيث تفاعلهم مع بعضهم البعض، فمنهم من يحرص على إنجاز ما يخصه فقط، ولا يعنيه ما يحدث للآخرين.
ومنهم من يُساعد الغير، ولكن تظل هذه المساعدة مشروطة بما سيحصلون عليه من الآخرين كمكافأة على أي عمل يقومون به،
وهناك من الناس من نذروا أنفسهم للمبادرة بالمساعدة بدون الانتظار لأي مقابل، وإنما يقومون بذلك حباً في عمل الخير ومساعدة الآخرين.
وقد كنت أظن إلى وقت قريب بأنه لا يوجد من ينازع الفئة الأخيرة في المبادرة بالتخفيف عن الآخرين، ولكني وجدت ما أظنه قد تفوق على هؤلاء ولو بدرجة بسيطة، وذلك عندما توجهت قبل أيام إلى منزل قريب ليّ توفي أبنه الذي تخرج من الجامعة قبل عدة أشهر، وذلك لمرافقة قريبي وجثمان ابنه مع عدد كبير من الأقارب والمعارف إلى المسجد للصلاة عليه قبل دفنه،
وقبل أن أواسي الأب بابنه الذي لم يتم دفنه بعد، إذا به يبادرني بابتسامة واضحة مرحباً بي مستفسراً عن أحوالي.
ولم يكن أمامي إلا أن اجيبه على سؤاله بعد أن قبلت رأسه وواسيته بوفاة ابنه.
لقد بهرني ترحيبه بي وسؤاله عن أحوالي وهو في موقفه الذي لا يُحسد عليه وأنا بعمر أحد أبنائه، ثم أخذت أتأمله بعد ذلك وهو يستقبل المواسين قبل الدفن وبعده فوجدته صامداً لا تغيب الابتسامة عنه كثيراً وهو يتقبل العزاء في ابنه.
كم أكبرت فيه هذه القوة والجلادة التي يصر من خلالها أن يبتسم وأن يُظهر الوجه الحسن للآخرين على الرغم مما يشعر به من آلام بداخله نتيجة لفقده لفلذة كبده وهو في ريعان الشباب.
ولم أجد وصفاً لحالة ذلك القريب النبيل سوى الوصف الذي ذكره الشاعر الكبير عمر أبو ريشه رحمه الله في عجز البيت التالي:
لا تســــأليني ما ترجـــوه أغنيتـي
بعض الطيور تغني وهي تحتضر
حيث أورد الشاعر صفة غريبة لدى طيور "الأوز" التي عادة ما تغني وقت موتها، واظهر المفارقة العجيبة بين الغناء وهو عنوان الفرح في الغالب وبين الاحتضار وهو علامة الموت،
ليس من السهولة أن يبتسم الإنسان ويرحب بك وأبنه مسجى أمامه إلا من كان في منتهى النبل والكرم . . .
لقد تعلمت من ذلك الرجل درساً مهماً وهو أن نحرص على إسعاد غيرنا ولو كان ذلك على حساب جروح لا زالت تنزف بدواخلنا، فكم هم رائعون أولئك الذين تغرد طيور الأمل على شفاههم.
إن منح العطاء سواء أكان مالاً أو جاهاً أو ابتسامة أو حتى نفحة أمل هو من محاولات إشاعة الحب بين الناس ونشر المودة بينهم.

  رد مع اقتباس